رغم القرارات الداعمة لتشجيع عمل المرأة في القطاع الخاص، فإن واقع نسبة مشاركتها في القوى العاملة لا تزال ضعيفة ودون المأمول، بسبب العوائق التي صاحبت تنفيذ هذه القرارات، ويأتي في مقدمتها عمل المرأة لساعات طويلة تصل إلى 10 ساعات. وكشف موظفات لـ»المدينة» أن عمل المرأة لساعات طويلة كان له آثار نفسية واجتماعية عليهن وعلى كل أفراد الأسرة؛ لغيابهن الدائم عن أزواجهن وعن تربية أولادهن وتلبية احتياجاتهم، مما اضطر بعض الزوجات الموظفات اللاتي يعملن لساعات طويلة إلى تقديم استقالاتهن من العمل، الأمر الذي يجعل هناك هدرًا اقتصاديًا إذا ما قورن بحجم الإنفاق المالي على تعليمها مع مساهمتها بالتنمية. استراحة للصلاة وللعمل وتحدثت المستشارة والناشطة الاجتماعية في حقوق المرأة فاطمة قاروب قائلة: «منذ اعتماد عمل المرأة في القطاع الخاص كان المتفق عليه ثمان ساعات عمل، ولكن بعد ذلك اختلفت النظرة فأصحاب الشركات يعملون بثمان ساعات فعلية خارجة عن استراحة الصلاة واستراحة الموظفة لتصبح بذلك عشر ساعات عمل وهذا غير منطقي. وتساءلت قاروب لماذا لا يطبق ست ساعات عمل فعليه وساعتين تقسم ما بين استراحة الموظفة واستراحة الصلاة؟، وأضافت: عمل عشر ساعات فيه استنزاف للموظفة واستهلاك لها فهناك شركات اتجهت مؤخرًا إلى توظيف موظفة واحدة من الساعة الثانية ظهرًا حتى الساعة الحادية عشر ليلاً، بهذا صاحب العمل وفر راتب موظفة أخرى، وهذا لا يعقل لأنه يجب الأخذ بالمواصلات وبأن المرأة لا يصح أن تبقى خارج المنزل عشر ساعات، فهناك التزام لأسرتها وهذا النظام لا يخدمها ولا يساعدها في عمل الموازنة بين الأسرة والعمل، وبذلك سيدفعها هذا النظام إلى التخلي عن أحدهما ولا يخفى عليكم محدودو الدخل فهناك من لديها التزامات مالية يجب عليها قضاؤها من خلال العمل والحصول على أجر معين لتسد هذه الالتزامات، فمثلا هناك طالبات انتساب يضطررن للعمل من أجل سداد رسوم الدراسة، وهذا النظام سيقلل من استفادتهم من نظام العمل مما يدفعهن إلى التخلي عن فكرة الدراسة والعمل أو العكس. وأبانت أنها تحدثت في هذا الموضوع الذي تمخض عنه حملة «كفاية إحراج» مع أصحاب الشركات، وكان الرد الموحد «نحن ننتظر قرارًا وزاريًا لتنظيم ساعات العمل». وتستطرد قاروب: «حتى نظام الإجازات أصبحت الشركات تستغل سماح وزارة العمل للشركة إعطاء الموظفة إجازة سنوية ما بين ثلاثين يومًا أو واحد وعشرين يوما، فما كان من الشركات إلا أن منحت الموظفات الإجازة الأقل والمقدرة بواحد وعشرين يومًا بحجة أنها تمنح الموظفة ساعتين استراحة. ورأت الناشطة الاجتماعية أن يتم إلزام هذه الشركات بساعات الدوام الثمانية حفاظًا على عمل المرأة وحماية هذه الشركات من التسرب الوظيفي لأن عمل المرأة واجب اجتماعي ووطني ويجب على كل القطاعات التعاون والتكامل مع المرأة العاملة لمساعدتها في تحقيق التوازن بين متطلبات العمل ومتطلبات الأسرة، فإذا قضت المرأة يومها كاملاً خارج المنزل لا تستطيع قضاء حاجياتها ولا إنهاء بعض موضوعاتها المتعلقة بالدوائر الحكومية. المتزوجة أول المتضررات وأضافت أماني القرني مسؤولة موارد بشرية بإحدى العلامات التجارية: إن الكثير من الموظفات معترضات على هذا الموضوع وأنا شخصيًا اعترضت عليه وبشدة، مشيرة إلى أن تطبيق هذا القرار يؤثر على المرأة بصفة عامة والمتزوجة بصفة خاصة، لأن هناك التزامات أسرية ووظيفية، واستبعدت القرني أن تصب مثل هذه القرارات في صالح العاملة ولا صاحب العمل، لأنها ستؤدي إلى التسرب الوظيفي الذي بدأ في الانتشار بين موظفي الشركات الخاصة، لافتة إلى أنها تحدثت سابقا مع إدارتها فأخبروها أن هذا قرار دولة ولا نستطيع تغييره إلا بقرار وزاري. وطالبت القرني بمراعاة صعوبة الموصلات ومراعاة بُعد المنزل عن مكان العمل، وأحيانًا بعض الموظفات تعود إلى المنزل بالتاكسي، لافتة إلى أن عشر ساعات دوام كثيرة جدًا فيها استهلاك للصحة وأنها انتقلت من عملها السابق بسبب معضلة ساعات الدوام الطويلة. الاستقالة من العمل وقالت لمعة مطر -أخصائية تدريب في إحدى أكبر الشركات-: «إن عمل المرأة عشر ساعات يعتبر فترة طويلة جدًا ولا أحد يقبل بأن تقضي زوجته أو شقيقته أو أمه كل هذا الوقت خارج المنزل»، مشيرة إلى أن القرار ضار على الموظفات خصوصًا إذا كانت فترات إجازة أو تخفيضات فمن الصعب أن تقضي الموظفة عشر ساعات واقفة على قدميها. وأشارت إلى أن القرار دفع الكثير من الموظفات إلى الاستقالة، فأصبح بعضهن يفضل البقاء في المنزل عن العمل عشر ساعات، وهذا القرار متعلق بوزارة العمل فلا يمكن أن تتهاون به الشركات ولو بطريقة ودية بين الموظفات، فمن الممكن أن تقوم وزارة العمل بجولة على المعارض وتسأل الموظفات عن ساعات عملهن وهنا تكون المشكلة كبيرة على الشركات، وقالت: «لا يوجد أي حوافز أو مميزات تدفع الموظفات للرضوخ والبقاء عشر ساعات عمل». وعلقت إحدى البائعات بأحد المراكز التجارية قالت: «إن قرار العمل لعشر ساعات يجري العمل به منذ وقت طويل وهو نظام سيء جدًا به الكثير من الإرهاق النفسي والجسدي»، لافتة إلى أن الكثير من الموظفات متضررات من هذا النظام. التسرب الوظيفي وأضافت: «سبق أن تناقشنا مع إدارتنا بخصوص هذا الموضوع، كما تم مناقشة موضوع بدل الموصلات لأن المرأة المتزوجة والمرأة التي تعاني من المواصلات أول المتضررات من هذا القرار، ولكن كان الرد أنه ليس لهم أي علاقة بهذا طالما أنه لم يصدر به قرار وزاري حتى في الحالات الطارئة مثل المطر أجبرنا على الدوام ولساعات طويلة دون أي تقدير». من جانبه أوضح نائب رئيس لجنة الموارد البشرية بالغرفة التجارية عبدالله عطية الزهراني، أن تحديد ثمان ساعات لعمل المرأة سيساهم في إنتاجية المرأة والمنشأة أما إذا طبق بطرق أخرى فلاشك أن هذا سيؤدي إلى تقليص الإنتاجية داخل المنشأة الواحدة، وأضاف: إن المنشأة يجب أن تقدر ظروف المرأة العاملة، خصوصًا فيما يتعلق بموضوع المواصلات فتوفر المنشأة لهم المواصلات، وأضاف: «لا أتوقع أن أصحاب المنشآت ينظرون من باب توظيف موظفة واحدة لتوفي في راتب موظفة أخرى خصوصًا في ظل تطبيق السعودة الحقيقة لا الوهمية وصندوق تنمية الموارد البشرية يدعمهم في الراتب والمكافآت، وقال أيضا: ليس منطقيًا أن أغلق المعرض الساعة التاسعة ليلاً والسوق بأكمله يغلق الساعة الحادية عشرة ليلا، وبخصوص اعتراض بعض الموظفات على هذا القرار قال: أي قرار قبل تطبيقه يتم عمل تصويت له أو استبيان لمعرفة رأي الجمهور في استفادتهم منه، فلا أظن أن القرار أتى من فراغ.