بواسطة :
05-03-2015 11:51 مساءً
9.0K
المصدر - نقلًا عن نون بوست*
أثارت مدونة توم ريكس “الدفاع الأفضل” جدلاً كبيراً بعد أن جاءت كإجابة على سؤال جيم غوريليحول حملة أفغانستان: “لماذا فشلنا في تجريد أعدائنا- الأشخاص الذين شاركوا بنشاط عدائي ضد قواتنا- من قوتهم؟”، وربما ليس من المستغرب أن العديد من الردود قد اتجهت إلى القول أن القوات الأمريكية قد خسرت فعلاً في أفغانستان.
بالنسبة لي أقول، أنه يجب علينا أن نفترض ابتداءاً أن “تجريد أعدائنا من قوتهم” هو المعيار الذي نستطيع من خلاله تقييم نجاح أو فشل العمل العسكري في أفغانستان، وأعتقد أن هذا المعيار يجب أن يشكل أساس تحليل الصراع الحالي ضد ما يسمى بالدولة الإسلامية، وبناء عليه تكون إجابتي على السؤال هي بالآتي:
الحرب لها مدلولان، الأول هو مدلول وصفي، ومن خلاله توصف الحرب بأنها حالة تتجاوز عتبة معينة من العنف، وهذه العتبة تشمل النزاعات مثل العراق وأفغانستان، والمدلول الثاني هو المدلول الحقيقي، وهو يشير إلى الطريقة المعينة التي يتم فيها استخدام القوة لتحقيق هدف سياسي معين، وإن الفهم الافتراضي للجيوش الغربية للمدلول الحقيقي للحرب لا يزال يتبع فكر كلاوزفيتز، حيث يشير الأخير في الصفحة الافتتاحية لكتابه الشهير “في الحرب”، أن تجريد العدو من قوته بقتل إرداته وروحه المعنوية من الناحية النظرية، هو الهدف الحقيقي للحرب.
ولكن عندما كتب كلاوزفيتز هذا، كان يعني بذلك نمطاً محدداً جداً من الحرب، وهو النمط الذي يتم فيه استخدام القوة في السياق النابليوني، أي سياق المعارك الحاسمة التي تتضمن استسلاماً غير مشروط، وشرح كلاوزفيتز في كتابه الاستخدامات الأكثر محدودية للقوة، وأشار أنه كلما طغت الاعتبارات السياسية على الاعتبارات العسكرية في الحرب، كلما كان الهدف السياسي الأكثر واقعية هو تطبيق نظريته حول الحرب النابليونية الحاسمة التي تسعى لهزيمة العدو بشكل حاسم.
ولكن برأيي، يعتبر مفهوم تجريد العدو من قوته ضيق جداً لتحليل نجاح الحملة الأفغانية، لأن هذا المفهوم يفترض أن الهزيمة الحاسمة للعدو هي فقط معيار النجاح، وأي شيء آخر يعني الفشل، وهذا يستبعد نجاح استخدام القوة العسكرية في الظروف التي تكون فيها الهزيمة الحاسمة للعدو غير واقعية.
في أفغانستان، كما في العراق، عندما انتهت المرحلة التقليدية من الحرب، لم يعد من الممكن التفرقة ما بين أوامر الحملة الأمريكية والأوامر التي تنفذها الحكومة الأفغانية الفاسدة على السكان الذين خاب أملهم من هذه الحرب، وفي أفغانستان أصبح الوصول إلى نتيجة حاسمة –بالمعنى السابق- عبارة عن وهم كبير، أولاً لأن مهمتنا كانت تستهدف تغيير الانتماءات السياسية للشعب، والتي هي عرضة للتطور والتغير مما جعل هذه المهمة أزلية وبدون نهاية، وثانياً، لأن المنطقة لم يكن فيها قوة واحدة متماسكة يمكن اعتبارها عدو ليتم تجريدها من قوتها في المقام الأول.
كان يوجد في أفغانستان شرائح يمكن اعتبارها عدوة والتي يمكن –أو يجب بالأحرى- هزيمتها بشكل حاسم، مثل الخلايا الجهادية الكبرى، ولكن في الواقع يوجد على الأرض العديد من المتمردين الذين هم في الواقع مجرد مجرمين، وضد هؤلاء يكون مفهوم الهزيمة الحاسمة غير مناسب، كونه لا يمكن بحال من الأحوال هزيمة الإجرام بشكل حاسم وكامل لأنه سيعود إلى الظهور من جديد، وعلاوة على ذلك، فإن العديد من هؤلاء المجرمين يسعون لتحقيق أهداف محلية، وليس لديهم مصلحة في الاستيلاء على حكومة كابول، كونهم يعيشون في كنفها سعداء ككائنات طفيلة، أما الجزء الأخر من المتمردين فهم من السكان المحليين الذين لهم مطالبهم المشروعة تجاه الحكومة الفاسدة، وإن محاربة هؤلاء وتحقيق الهزيمة الحاسمة ضدهم ليس فقط مفهوم غير مناسب، بل إنه أيضاً مفهوم مدمر للمجتمع بشكل كامل، لذا مفهوم النجاح هنا يجب أن يتمثل في تمكين وتقوية هذه الجماعات لا ضربها.
باختصار، إن الفكرة المتمثلة أن النجاح في محاربة حركات التمرد يعني بالضرورة خوض المعركة الحاسمة وتجريد جميع المتمردين من قوتهم، هي فكرة قادرة فقط على تشويه الصورة لإعطاء نتائج فاشلة، رغم أن سياسات محاربة التمرد غير الحاسمة أثبتت بالفعل نجاحها في تحقيق السلام.
وتبقى القضية الأوسع نطاقاً تتمثل باتباع النهج السابق لحل النزاعات الأخرى المعاصرة، وهل اتباع هذا النهج في مكافحة التمرد سيكون خاطئاً أم صحيحاً في ظل عدم تحقيقه لنتائج حاسمة.
دعنا نعالج أحد الآراء التي تقول أن الجيش الأمريكي كان ليحقق نتيجة حاسمة لو كان غادر أفغانستان في عام 2002، بعد أن هزم تقليدياً حركة طالبان وتنظيم القاعدة وأبعدهم عن كابول، ولو ترك علاج القضايا الأمنية الأخرى على كاهل الحكومة الأفغانية، ويمكننا أن نسأل أصحاب هذه الحجة، ماذا لو كان على الجيش الأمريكي أن يعود مرة أخرى إلى أفغانستان في وقت لاحق؟ هل هذا الدخول من شأنه أن يغيّر من تقييم النتيجة الحاسمة التي حققها في عام 2002؟ في الحقيقة إن الإجابة على هذا التساؤل غير حاسمة، والجواب يعتمد كلياً على منظور نطاق النزاع الذي تصفه بأنه قد نجح، فهل يكفي فقط أن نشير إلى النجاح العسكري بأنه تجريد العدو من قوته، أم يجب أن ننظر إلى النجاح العسكري من منظور الأسباب السياسية التي استدعت أساساً استخدام القوة؟
يبدو لي أن علينا أن نشمل تحقيق الأهداف السياسة في تقييم الحسم من عدمه في النتيجة العسكرية، وإلا فإن استخدام القوة يصبح مفصولاً عن الغرض السياسي، وبناء على هذا الأساس، أستطيع أن أجيب الذين يقولون أنه كان يتوجب على أمريكا اتباع سياسة مكافحة الإرهاب بدلاً من نهج مكافحة التمرد في مرحلة ما بعد عام 2002 في أفغانستان، أنه مهما كانت حيثيات تأثير سياسية مكافحة الإرهاب على العدو، فإن نهج مكافحة الإرهاب كان ليتعارض مع الأهداف السياسية المرسومة في أفغانستان، وفي هذه الحالة تكون المشكلة الحقيقية هي في السياسة الخارجية، وليست في نهج مكافحة التمرد.
والسبب في تعارض نهج مكافحة الإرهاب مع الأهداف السياسية، يرجع إلى طبيعة النزاع في أفغانستان، فبالنظر إلى أن المسلحين هناك لا يتبعون أساليب الحرب التقليدية، فهذا يعني أن محاربتهم ستتم من خلال الاعتماد على الميليشيات، التي يمكن وصفها ببسطة أنها ليست ديمقراطية، وطالما أن الأهداف السياسة الخاصة بأمريكا كانت تتطلب تحقيق الإصلاح الديمقراطي، فلا يمكن أن تستعمل نهج مكافحة الإرهاب الذي يعمل على تمكين الميليشيات، علماً أن الديمقراطية وحقوق المرأة ومكافحة المخدرات على سبيل المثال، ما زالت توصف بأنها كانت طموحات الأهداف السياسية للتحالف، بعد أن كانت هذه الاهداف تتمثل ظاهرياً بهزيمة وتعطيل وتفكيك تنظيم القاعدة في عام 2009.
ولكن هل كانت حملة مكافحة التمرد التي اقتضتها أهداف السياسة المثالية قادرة على تحقيق هزيمة حاسمة؟ كلا، كون النتائج الحاسمة لم تكن ممكنة في الحملة الأفغانية في المقام الأول نظراً للأهداف السياسية لهذه الحملة، وكون الأمن على المدى الطويل في أفغانستان يعتمد على قضايا أبعد من هزيمة العدو، ولأن العدو ذاته في أفغانستان ليس كياناً متماسكاً واحداً يمكنك أن تهزمه وتجرده من قوته بالمعنى التقليدي.
بالطبع، يمكنك تجاهل كل ما تقدم، وفرض النتيجة العسكرية على المتمردين المسلحين، من خلال قتلهم مع المدنيين الذين يختبؤون ضمنهم، وهو ما فعلته سري لانكا في الحرب الأهلية عام 2009، وأجدت هذه السياسة نفعاً، ولكنها كانت وحشية وغير أخلاقية ولم تعالج المظالم السياسية الأساسية اللازمة لتحقيق سلام طويل الأمد، والجيوش الغربية لا تستعمل أصلاً هذه السياسة.
ولكن إذا لم نتمكن من استخلاص نموذج ثنائي (نصر أو هزيمة) من الحملة الأفغانية، فكيف سنقوم بتحليل الحملة؟ من وجهة نظري، أي نهج لمكافحة التمرد –عدا أسلوب سري لانكا- يمكن أن يُفهم على أنه محاولة لإغراء مجموعة من الأنصار، بما في ذلك أجزاء من العدو، للاشتراك في سرد معين، أو قصة سياسية معينة، وبالنسبة لأفغانستان، كانت هذه القصة السياسية هي “لا تحاربوا الحكومة الأفغانية”، وبالطبع فإن بعض أجزاء العدو لن يقتنعوا بهذا السرد، وهؤلاء يجب علينا أن نجردهم من قوتهم، واستخدام القوة العنيفة ضدهم، أما أن نقوم باستخدام القوة العنيفة بمواجهة جميع المتمردين، فهو أمر غير صحيح سواء على الصعيد الأخلاقي أو على صعيد ضعف الموارد لهذا العمل، وإن الفشل في التمييز بين الأنواع المختلفة للمتمردين كان المشكلة الرئيسية في بداية الحملة الأفغانية، حيث كنا نعامل جميع الذين يطلقون النار علينا على أنهم من قادة طالبان، وتصرفنا وكأن جميع المتمردين هم كتلة واحدة وعدو واحد، وانتهى الأمر بنا للسباحة ضد التيار، وفتحنا على أنفسنا باب تمرد واسع.
العديد من المتمردين، مثل فصائل المخدرات في هلمند، استخدمت العنف بسبب سياسة الحكومة الأفغانية في مكافحة المخدرات، والتي لولاها لكان جنوب أفغانستان يمكن أن يكون أقل عنفاً بكثير، وليس من المستغرب أن تعمل سياسية مكافحة المخدرات في اقتصاد قائم على تجارة الأفيون، على تضخم حجم التمرد وحمل المقاتلين للسلاح ليدافعوا عن مورد رزقهم، خذ على سبيل المثال، الأمير محمد اخوندزاده، الذي انقلبت جماعته لمحاربة الحكومة الأفغانية بعد أن تم عزله من منصب حاكم اقليم هلمند نتيجة لجرائم تتعلق بالمخدرات.
أنا أعلم أن أموال الأفيون تمول حركة طالبان، ولكنها تمول أيضاً معظم اقتصاد جنوب أفغانستان؛ لذا رجاء فلنكف عن الحجة القائلة بأن تدمير الأفيون بطريقة أو بأخرى يصب في مصلحة القضاء طالبان بدون أن يؤدي إلى استعداء المنطقة بأسرها، كون الأثر الصافي لهذه السياسة ساعد طالبان بالمحصلة، لأنها ألقت مسؤولية إيجاد اقتصاد بديل عن الأفيون لجنوب أفغانستان على كاهل أمريكا، وهي مهمة شاقة للغاية ولا يمكن تجنبها، بمعنى آخر إن سياسات الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق المرأة التي تهدف إلى الحملة الأمريكية هي سياسات تطمح لتحقيق أهداف مشرفة، حتى لو كانت غير واقعية في أجزاء كثيرة من أفغانستان، أما سياسة مكافحة المخدرات، فلقد كانت إحدى السياسات الخارجية المدمرة وغير الضرورية، والتي عملت -قبل كل شيء- على قطع صلات حملتنا مع الجنوب الأفغاني، ولكن في وقت لاحق أصبحت حملتنا أكثر فعالية، وذلك عندما أصبح منظورنا وفهمنا للأمور أكثر دقة، وتوقفنا عن لعب دور المنظرين، ولكن نتائج السياسة الأولى أحدثت ضرراً بالفعل لم يعد من الممكن التراجع عنه، كون تفرقة الأنصار أسهل بكثير من استعادة ولائهم.
خلاصة القول هي أنه، كما هو الحال في العراق، كان هناك مجال لاستخدام القوة في ساحة المعركة في أفغانستان لهزيمة شرائح من العدو مثل الخلايا الجهادية، ولكن ليس لاستهداف الفلاحين المسلحين الذي كانت لديهم مظالمهم المشروعة ضد الحكومة التعسفية، ولكن نتيجة لحدود الحملة الواسعة -بالنظر إلى الأهداف السياسية- لم يعد من الممكن اختزال الحملة ضمن معركة حاسمة، كما لم يعد من الممكن تمييز الحملة الأمريكية -من الناحية النظرية- عن السلطات الواسعة التي تمارسها الحكومة الأفغانية، حيث كانت هذه السلطات تتجه ببساطة لتغيير انتماءات السكان السياسية، ولأن السياسة لا تنتهي، دخلنا في حرب طويلة مع عدم وجود نقطة نهاية واضحة، وعدم وجود أي تمييز واضح بين مرحلة السلمية السياسية وزمن الحرب العسكري للصراع الأفغاني.
وهنا اسمحوا لي بالعودة إلى المفهوم الأساسي الذي جعلنا نخطئ في تحليل الحملة الأمريكية على أفغانستان، إن كون الحملة تمثل حرباً من المدلول الوصفي، لا يعني بالضرورة أن يكون سيناريو النصر والهزيمة دائماً مطروح بالمعنى الحاسم، وإن محاولة إقحام النزاع الأفغاني ضمن المدلول الفعلي للحرب الذي يفترض تجريد العدو من قوته، هو الذي قادنا لمعاملة جميع المتمردين على أنهم جزء من عدو واحد يمكن هزيمته بشكل حاسم في ساحة المعركة، هذا الخطأ المفاهيمي أدى في نهاية المطاف إلى توسع التمرد، حتى قمنا بتغيير سياساتنا في وقت لاحق من الحملة، وأدركنا أن حركة طالبان ليست متراصة وواحدة، ولا ينبغي قتالها على هذا الأساس، كما أن هذا الخلط المفاهيمي هو الذي يخلق نقاشاً كاذباً حول سبب خسارتنا للحرب؛ فأفغانستان هي صراع ظهرت فيه نتائج غير مرضية نتيجة للسياسات والأهداف الغير واقعية التي كانت مرصودة لهذا النزاع، ولا أعتقد أن الجيش كان يستطيع تقديم نتائج أكبر بالنظر إلى سياق السياسة الخارجية الأمريكية.
معظم الصراعات المعاصرة، يتم إدراتها من خلال الشبكات في عصر المعلومات، وإن حروب العالم الحديث ليست ببساطة ذات اتجاهين “ربح أو خسارة”، حيث لا يمكن فيها للقوات الغربية تحقيق الانتصار بمعناه الحاسم، كما أنه لا يوجد عدو عاقل سوف يعمل على مواجهة الجيش الأمريكي في معركة تقليدية؛ لذا إذا كانت الولايات المتحدة تريد حقاً أن تخوض الحروب التي يمكنها الانتصار بها بالمعنى الحاسم فقط، فهذا يعني في واقع الأمر بقائها بعيدة عن الغالبية العظمى من الصراعات المعاصرة، بما قد يرتبه هذا البعد من آثار أمنية خطيرة، ولكن واقعياً جميعنا نعلم أن هذا لن يحدث، وأمريكا لن تبقى خارج صراعات العالم، وهذا يطرح قضية تتمحور حول كيفية تعريف أو توصيف استخدام القوة في صراع لن تكون حصيلته معركة حاسمة، وبالنسبة لي أقترح أن نستعمل مفهوم السياسة المسلحة كونه أكثر ملاءمة لتوصيف هذه القضية.
بناء على ما تقدم، لا أعتقد أنه من المفيد أن نصف المعركة ضد تنظيم القاعدة أو الدولة الإسلامية باسم “حرب”، لأننا من خلال هذا الوصف سوف “نخسر” معركتنا، لا يمكننا البتة أن نهزم القاعدة أو داعش* من خلال آلية ساحة المعركة فقط، نظراً لأن هذه التتظيمات هي أساساً أيديولوجيات؛ فعلى الرغم من أننا يمكننا تحقيق نجاحات ضد داعش والتعامل مع أجزاء من المشكلة من خلال العمل العنيف في ساحة المعركة، ولكن هذا لا يعني أن المعركة ككل ستكون نتيجتها حاسمة، في الواقع، يمكننا أن نعرف هذا النضال بشكل أفضل على أنه جهد سياسي طويل المدى – مع عناصر من السياسة المسلحة وإنفاذ القانون المحلي – بهدف استقطاب المناصرين ومنعهم من الانضمام أو مساعدة داعش، وإن النجاحات في هذا الصراع ربما لن تكون مرضية بشكل خاص، فعلى سبيل المثال نحن نعمل على تمكين الميليشيات الشيعية في العراق في خضم محاربتنا داعش.
أخيراً، دعونا نعود إلى السؤال الأصلي: هل انتصر الجيش الأمريكي أم فشل في أفغانستان؟
لا نعرف الإجابة حتى الآن، لأن الأحداث لم تنته بعد، وبدلاً من التكهن حول الطريقة التي ستتحول بها الأمور، دعونا نعترف بالوضع الراهن المتمثل بالتمرد المستمر في عموم محافظات البشتون ومناطق الشمال، وعلى الرغم من سوء هذا الوضع، إلا أنه لا يشكل تهديداً على وجود الدولة الأفغانية، طالما بقيت قوات الأمن الأفغانية –التي تعتمد على المساعدات الخارجية- صامدة من الانهيار.
أما إذا نظرنا إلى الناحية الأمنية بشكل عام، وأمن الغرب بشكل خاص كونه يعتبر الهدف الأساسي لهذه الحملة، يمكن القول عندها أن الحملة نجحت نجاحاً معتدلاً في الوقت الراهن، ولكن كان* يمكن -على الأرجح- تحقيق ذات النتيجة الحالية بتكلفة تقل بكثير عن التكلفة التي دفعناها، كما أنه كان يمكن تحقيق هذه النتيجة ضمن سياسات أقل طموحاً، فغني عن القول أن جهود مكافحة المخدرات فشلت فشلاً ذريعاً، أما بالنسبة لأهداف الديمقراطية والأهداف الاجتماعية، فليس لدي السلطة لتقييم نوعية حياة الفتيات الأفغانيات في ظل الدولة الأفغانية الفاسدة، ولكن من الواضح أن أهداف “غربنة” أفغانستان كانت غير واقعية بشكل كامل.
هل أشعر بالحزن العميق نتيجة للصراع الأفغاني الذي توسع وطال أمده ومات خلاله العديد من الأصدقاء نتيجة لعدم ترابط الأهداف السياسة مع الواقع؟ نعم. ولكن طالما لم تحتل طالبان كابول، لا أعتقد أننا خسرنا.