على إثر فيضانات جدة في نوفمبر2009م، قادت ملاك المطيري، فتاة الـ 15 عاماً سيارة لتنقذ أفراد أسرتها من الموت غرقاً الذي خطف 120إنساناً. مرت الأحداث وطواها النسيان، وكأن الإنسان ضمن سلامة الظروف وعدم تكرار هذه الفواجع! تتكرر حالات متنوعة لقيادة المرأة السعودية بين فترة وأخرى، تختم بمحاسبة قانونية وصرخة إعلامية صغيرة تخمد بعد أيام معدودة، فهل تنتهي القضية؟! لن أستطرد في ذكر الحوادث الخطرة المعاصرة جراء منع المرأة من القيادة، فالحديث هنا عن ما بعد ذلك. فقد حان الوقت لمعالجة هذا الحال بقرارات حاسمة وواضحة بهذا الشأن، يكفل للمرأة حقها ويضمن سلامة عيشها، ويحميها من استغلال أصحاب مشاريع النقل الخاص والعام، كما يؤمن لها سبيلاً للتصرف في الطوارئ، أو حتى للخروج للتنفيس والتنزه «لأنها ببساطة إنسان له احتياجاته كما للرجل تماماً». إن الضغط على وضع المرأة السعودية -اليوم- التي تعتبر شريكة للرجل في صناعة القرار والإنجاز، يزيد من احتمال حالات تمردها وخروجها عن النظام المعمول به، لأنها أصبحت مؤمنة بكفاءتها ودورها الكبير في البناء المجتمعي والوطني، وهذا يدفعها للمطالبة بما يضمن الاعتراف بها كمواطن له حقوقه الكاملة كالرجل. العلاقة التبادلية بين عامة الشعب وأصحاب القرار ضرورية لضمان توحيد الأهداف لبناء وطني شامخ، يتحقق ذلك بإعطاء جميع الأفراد حقوقهم الإنسانية الطبيعية دون تمييز، ما يدفع المواطن رجلاً كان أو امرأة إلى التفاني في خدمة المجتمع والأرض. وعلى العكس، فإجحاف حق أحد الفئات من المجتمع، يعمل على تحجيم نشاط هذه الفئة واضمحلال مشاركتها وسكون حراكها البناء، لينعكس سلباً على نهضة المجتمع وتقدمه. مشاريع التنمية والتطوير، التي ضمّت مجالات عدة، لا يمكنها أن تؤدي دورها كاملاً مع الإبقاء على اعتبار المرأة شخصاً ناقص الأهلية وغير قادر على تحمل مسؤوليته كاملة، فالتطوير والتنمية يأتي شاملاً لأسلوب الحياة لأفراد المجتمع ككل، وتطوير جزء بينما تجميد الآخر يعتبر خللاً في عملية التطوير ذاتها. الحقيقة، أن تكرار محاولات القيادة النسائية بين فترة وأخرى، دلالة على الحاجة الملحة لهذا المطلب الضروري في الحياة، والتعاطي معه بإنسانية وعدالة سبيل للخروج من هذه المخالفات والتجاوزات على الأنظمة، وتأسيس لثقافة احترام القانون وعدم التعدي عليه أو مخالفته، لهذا; فالقانون يجب أن ينظر بعين العدل والإنسانية لحاجة المرأة الحقيقية لهذه القيادة. إن موضوع قيادة المرأة السيارة ليس حديث العهد، والجدل حوله طال كثيراً، ولاتزال محاولات بعضهن قائمة ولايزال القرار صامتاً. والخلاصة، إن المرأة السعودية قدمت ما يمكنها في هذا الشأن، ويبقى القرار هو الفيصل والقادر على إنهاء القضية وإغلاق ملفها إلى الأبد، لتنتقل حركة التنمية لقضايا المرأة لمرحلة تالية.