المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
تقرير : هكذا أسقطت سياسة ألمانيا الغربية جدار برلين
بواسطة : 09-11-2014 06:04 صباحاً 9.5K
المصدر -  

الغربية - نواف العتيبي :

بقيت احتجاجات السياسيين الألمان الغربيين على بناء جدار برلين بلا جدوى. وعليه، فإنهم أقدموا على البحث عن سبل أخرى لكسر الستار الحديدي الذي قسم أوروبا.

عندما أقدمت قيادة جمهورية ألمانيا الديمقراطية ليلة الثالث عشر من آب/أغسطس عام 1961 على إغلاق الحدود بين شرق برلين وغربها وبناء جدار بينهما، وجد عمدة برلين الغربية آنذاك فيلي برانت نفسه مجبرا على إنهاء الجولة التي كان يقوم بها آنذاك في إطار حملته الانتخابية كمرشح للحزب الديمقراطي الاشتراكي لمنصب مستشار ألمانيا الاتحادية، وذلك لاطلاع سكان برلين والرأي العام العالمي على بناء الجدار ودعوة نواب برلمان برلين الغربية إلى اجتماع استثنائي أكد فيه أن: "حكومة برلين ترفع أمام العالم أجمع شكوى ضد الإجراءات غير الشرعية وغير الإنسانية التي اتخذها مقسمو ألمانيا".

وبطبيعة الحال، فإن المستشار آنذاك كونراد أديناور من الحزب الديمقراطي المسيحي أيضا خاض في تلك الأيام حملته الانتخابية. إلا أنه لم يتوجه إلى برلين إلا بعد تسعة أيام من بداية بناء الجدار واقتصر في يوم بداية بنائه على إلقاء كلمة إذاعية أكد فيها: "بالتعاون مع حلفائنا سنتخذ الإجراءات المضادة الضرورية."

إطلاق النار على اللاجئين من ألمانيا الديمقراطية

أصبح مواطنو برلين الشرقية وجميع الألمان في شرق البلاد مسجونين فجأة وراء جدار أحاط ببرلين الغربية كليا وبحدود شرق ألمانيا مع غربها. بل وقطعهم عن أقربائهم وأصدقائهم في الغرب. وبعد مرور 11 يوما فقط على بناء جدار برلين قُتل أول ألماني شرقي أمامه. وتشير الإحصاءات إلى إنه خلال الأسابيع العشرة الأولى من وجود الجدار لقي 15 شخص حتفهم.

المستشارة ميركل تشيد بسياسة برانت تجاه الشرق

سكان مدينة إرفورت يودعون فيلي برانت بعد لقائه هناك مع نظيره فيلي شتوف

من أراد تغيير الأوضاع، كان يجب عليه أولا أن يبحث عن سبل مناسبة لذلك. وعليه تبنى الناطق باسم فيلي برانت إيغون بار فكرة "التحول عن طريق الاقتراب". ورغم أن المحافظين رفضوا هذه الفكرة في البداية، فإنهم غيروا فيما بعد موقفهم بهذا الشأن. وأكدت مؤخرا المستشارة أنغيلا ميركل من الحزب الديمقراطي المسيحي: "بالإضافة الى مبدأ كونراد أديناور للاندماج في الغرب شكلت سياسة فيلي براندت تجاه الشرق الأساس الذي مكن فيما بعد المستشار هلموت كول من إجراء المفاوضات مع الاتحاد السوفياتي سابقا حول إعادة توحيد ألمانيا".

وتعود المحاولات الأولى للاقتراب من الشرق إلى الحكومة الائتلافية من الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي في الفترة بين عام 1966 وعام 1969 والتي تولى فيلي برانت فيها منصب وزير الخارجية. وتولى برانت عام 1969 منصب المستشار في حكومة مكونة من الحزب الديمقراطي الاشتراكي والحزب الليبرالي، مما مكنه من انتهاج سياسة جديدة تجاه الشرق. ودار الأمر هنا بشكل خاص حول إيجاد تسوية مؤقتة مع الاتحاد السوفياتي والدول التي كانت تدور في فلكه، والانتقال إلى سياسة انفراج في أوربا بدون حل القضية الألمانية قبل ذلك. وعقد برانت، استنادا إلى هذا النهج، اتفاقية مع الاتحاد السوفياتي واتفاقية ثانية مع بولندا. وحصل أول لقاء قمة ألماني ألماني عام 1970 في مدينة إرفورت الشرقية بين برانت ورئيس حكومة ألمانيا الديمقراطية فيلي شتوف.

قرض بمليارات الماركات

تم عام 1972 التوقيع على اتفاقية أسست للعلاقات بين الدولتين الألمانيتين. وصدرت في نفس الوقت "رسالة بشأن الوحدة الألمانية" أوضحت أن جمهورية ألمانية الاتحادية تتمسك بهدف إعادة توحيد ألمانيا. ورغم أن ولاية بافاريا المحافظة رفعت

اجتماع بين رئيس الوزراء في ولاية بافاريا فرانز جوزيف شتراوس ورئيس الحزب والدولة إريش هونيكر

شكوى ضد هذه الاتفاقية إلى المحكمة الدستورية بحجة تناقض الاتفاقية مع مطلب إعادة توحيد ألمانيا. إلا أن قضاة المحكمة رفضوا هذه الشكوى.

وبعد ذلك بعشر سنوات، اقدم رئيس الوزراء في ولاية بافاريا فرانز جوزيف شتراوس بالذات على التعامل مع ألمانيا الديمقراطية، رغم أنه كان معروفا كعدو لدود لها، فعلما بأن الدولة المجاورة في الشرق وقعت في أزمة مالية شديدة، فإنه توسط لمنحها قرضا بقيمة مليارات الماركات الغربية. ومقابل ذلك سحبت ألمانيا الديمقراطية جزءا من ألغامها المزروعة على حدودها الغربية.

المجتمع الدولي يقبل كلا الدولتين

مهدت اتفاقية 1972 الطريق أمام اتخاذ خطوات عديدة، فقد أصبحت الدولتان الألمانيتان عضوين في الأمم المتحدة. كما أنهما اتفقتا على فتح ممثليتين دائمتين لهما. وعلاوة على ذلك شاركتا في مؤتمر هلسنكي حول الأمن والتعاون في أوربا. ووقع هلموت شميت كخلف لفيلي برانت في منصب المستشار عام 1975 على الوثيقة الختامية للمؤتمر، شأنه في ذلك شأن رئيس دولة ألمانيا الديمقراطية إريش هونيكر. وتنص هذه الوثيقة على الاعتراف بمبدأ احترام الحدود واحترام حقوق الإنسان.

بداية فترة الالتئام

عندما تولى هلموت كول، من الحزب الديمقراطي المسيحي منصب المستشار عام 1982، أصبح الامتعاض من تقسيم ألمانيا ملحوظا بقوة. ورغم ذلك، فإن ألمانيا الاتحادية تمسكت بسياستها تجاه ألمانيا الديمقراطية. وفي عام 1987 استقبل كول نظيره إريش هونيكر في زيارة رسمية له إلى ألمانيا الاتحادية. وقد خصصت ألمانيا الاتحادية أموالا لألمانيا الديمقراطية لدفعها بذلك إلى الإفراج عن سجناء فيها من مناهضي نظامها وحتى من أولائك الذين فشلت خططهم في الهرب.

وبعد سقوط جدار برلين في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1989 أنهى المستشار كول زيارته إلى بولندا التي قام بها في ذلك الحين قبل الموعد المحدد للتوجه إلى برلين، حيث تحدث مع سكان برلين جنبا إلى جنب مع المستشار السابق فيلي برانت. وذكر برانت بهذه المناسبة مقولته المشهورة: "برلين ستعيش والجدار سيسقط". وأكد برانت بحضور كول: "أشكر الله لمشاركتي في شهود التئام أنحاء أوروبا من جديد".

*

*