المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ بن حميد:يوصي المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه
بواسطة : 04-08-2017 06:00 مساءً 5.8K
المصدر -  أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه .
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام " الدنيا مرآة الأخرة وضرتها ، فكل ما في الدنيا من سعادة ولذة ونعيم يذكر بنعيم الجنة ، ولذيذ عيشها ، وما في الدنيا من ألم وشقاء وبؤس يذكر بعذاب النار ، وسوء مصير أهلها ، مبيتاَ أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ جعل في هذه الدار أشياء كثيرة تذكر بدار الغيب المؤجلة الباقية ، من أزمنة وأمكنة وأحوال ، ففي بعض الأماكن والديار من لذيذ المطاعم والمشارب وجمال المناظر ما يذكر بنعيم الأخرة ، ومن الأزمان ما يذكر بطيب الجنة وبردها ، كزمان الربيع وأوقات الأسحار ونسيم الرياض.
وأضاف فضيلته أن النعيم والراحة يدل على كرم الخالق ولطفه ورحمته وفضله وإحسانه ، أما النقم والشدائد فتدل على شدة بطشه وقهره وانتقامه ، مبيناً أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن النار اشتكت إلى ربها فقالت : يارب أكل بعضي بعضا ، فأذن لها بنَفَسين : نفسٍ في الشتاء ، ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر ، وأشد ما تجدون من الزمهرير " .
وأشار إلى أن حرارة الحمى من أعظم المذكرات ففي الحديث : " الحمى كير من جهنم ، فنحوها عنكم بالماء البارد " .
وأبان أن السلف كانوا يتأسفون على ظمأ الهواجر ، ويقولون نصوم في الحر ليوم أشدَّ حرا ، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : " لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحر الشديد وإن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر ، وما في القوم صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة ".
وأفاد فضيلته أنه إذا كانت المشقة في طريق العبادة فإنه يثاب عليها ، والأجر على قدر النصب ، كم من الموفقوين الذين يجعلون من هذه الأجواء الحارة بابا عظيما واسعا للمعروف والإحسان فيتوجهون إلى ربهم بالدعاء الصادق ان يقيهم وإخوانهم حر جهنم ، وحر يوم الوقوف ، موضحاً أن الصيف يذكر بنعمة الله بالماء البارد ، والهواء البارد حيثما تحل وحيثما ترحل ، مما يسر الله لأهل هذا الزمان ، ما يخفف عنهم هجير الرمضا ، ويطفئ لهيب القيظ ، في المنازل والأسواق والمساجد والمراكب والمكاتب والمدارس وفي كل المرافق فلله الحمد والمنة .
وقال إنه ينبغي مراعاة حفظ الظل وأماكن الاستظلال للناس في المرافق العامة ، فيحرم إفسادها بتقذيرها ، وتنجيسها ، وإلقاء القمامة والقاذورات فيها ، وفي الحديث : " اتقوا اللعانين قالوا : وما اللعانان يارسول الله ؟ قال : الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم " .
وأوضح فضيلته أنه نٌهي عن سب الحر ، أو التلفظ بالكلمات المسيئة على وجه التذمر والتسخط وعدم الرضا ، فالحر خلق من خلق الله ، فهو داخل في سب الدهر الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : قال الله :" يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر ، بيدي الليل والنهار ".
وقال فضيلته " إنه يجب على جميع المسلمين أن يجعلوا من هذه الأجواء الحارة بابا واسعا للمعروف ، والتعاون ، والرفق ، فتأملوا ، واشكروا ، وتعاونوا ، وارفقوا ، وأحسنوا " .

وأكد الشيخ بن حميد أن من من ثوابت هذه الدولة المباركة منذ أن استرعاها الله على الحرمين الشريفين – خدمة ، وعناية ، ورعاية ، وتشريفا ، وتكريما ، وتكليفا - إبعادَ الحج عن أي تشويش على مظهر هذه الوحدة الإسلامية التي تعيشونها ، أو التعكير على الغايات السامية التي تنشدونها من ذكر الله ، والتزود من البر والتقوى ، أنها لا تمنع أحدا قصد هذا البيت مهما كان موقفه السياسي ، أو توجهه المذهبي ، ومعاذ الله أن تصد أحداً قصد البيت الحرام أو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل هو محل الترحيب والإكرام ، ومن الثوابت ان المملكة لا تزايد على أداء المسلمين أيا كانت جنسياتهم ومذاهبهم ، من كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فهي مملكة استطاعت عبر تاريخها المجيد وعبر كل المواسم أن تتعامل مع كافة الانتماءات الإسلامية ، وهم جميعا ينعمون برغد العيش ، وجليل الخدمة ، وجميل الترحاب ، ومن الثوابت أيضاً أن الحج والديار المقدسة ليست ميدانا للعصبيات المذهبية ، فلا دعوة إلا لله وحده ، ولا شعار الا شعار التوحيد ( لبيك اللهم لبيك ) ، فلا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤذي مسلما أو يروع أمنا ، فهو في حرم الله ، المحاط بالهيبة والتعظيم الذي لا يسفك فيه دم ، ولا ينفر فيه صيد ، ولا يعضد فيه شجر ، تسخير إمكاناتها المادية ، والبشرية ، ورسم الخطط ، والبرامج لإعمار الحرمين الشريفين وخدمتهما ، وخدمة قاصديهما ، وبذل كل السبل من اجل راحتهم وأمنهم ، فإن لديها - ولله الحمد والمنة - الإمكانيات ، والكفاءات ، والقدرات ، على إدارة هذه المناسبة الإسلامية العظيمة ، وتقديم أفضل الخدمات ، وأكملها لضيوف الرحمن من غير تمييز ، وهي لا ترجو منة ، ولا جزاء ، ولا شكورا ، بل ترجو ثواب الله ، ثم اداء مسؤوليتها نحو اخواننا المسلمين .
وشدد فضيلته على أن موقف المملكة الحازم في المنع الصارم من أن يحول الحج إلى منابر سياسية تتصارع فيها الأفكار ، والأحزاب ، والطوائف ، والمذاهب ، وأنظمة الحكم ، مما يعني بلا شك الانحراف الخطير عن أهداف الحج وغاياته .

وأكد فضيلته على أن البلاد لا تسمح باستغلال الدين ، ومواسم العبادة ، وتجمعات المسلمين في المشاعر المقدسة لأغراض مسيسه ، وصرف الأنظار عن معاناة يعيشها من يعيشها ، ومشكلات واقع فيها صاحبها ، فالفريضة المقدسة مبعدة ومنزهة عن كل هذه الأغراض ، فتسيس الشعائر لن يجلب خيرا لأمتنا ، وأحوال الأمة خير شاهد في ظروفها وخلافاتها ، والمملكة هي المؤتمنة بفضل الله على ضيوف الرحمن ، وخدمتهم ، ورعايتهم وهي ملتزمة كذلك ومسؤولة عن اتخاذ كل التدابير الحازمة والصارمة للحفاظ على أمن البلاد ، وأمن الناس ، والمواطن ، والمقيم ، والعاكف والباد ، والحاج ، والزائر ، والمعتمر ، وأمن البلاد وأمن المقدسات لا يسمح بأي عمل أو تصرف يعكر هذه الأجواء الإيمانية ، أو يضر بالمصالح الخاصة ، أو يمس احترام مشاعر المسلمين .
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام ان حكومة خادم الحرمين الشريفين ـ حفظها الله ـ ، ورجال دولته ، وشعبه ، يبذلون الغالي والنفيس في خدمة الحرمين الشريفين وخدمة قاصديهما حجاجا ، وعماراً ، وزواراً ، قربة إلى الله وشعورا بالمسؤولية ، برهان ذلك ما تقر به عين كل مسلم من الأعمال ، والخدمات ، والانجازات ، والتسهيلات منذ دخول الحجاج والمعتمرين مداخل البلاد ومنافذها الجوية ، والبرية ، والبحرية ، مما يراه ويشاهده ضيوف الرحمن ، وكل قاصد لهذه الديار المقدسة ولسوف يرون المزيد والمزيد إن شاء الله ، داعياً فضيلته الجميع تقدير ذلك والتفرغ للعبادة ، واستغلال أوقاتهم أياماً ، وساعات ، ودقائق ، لينالوا فضل الحرمين الشريفين ، وبركتهما لعل الله ان يتقبل منهم ، ويتجاوز عن سيئاتهم ، ويمنحهم قبولا إلى يوم يلقونه .