المصدر -
عندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية، الرفع الجزئي لعقوباتها الاقتصادية والتجارية المفروضة على السودان منذ عقدين، كان أحد أقوى مبرراتها هو اتفاقهما على «التعاون في محاربة الإرهاب».
وهو تبرير يطرح سؤالا بشأن احتمال قبول الخرطوم أن تلعب دور «الشرطي» في حرب واشنطن على الإرهاب، بمنطقة الشرق الأوسط، أجاب عنه أكاديمي سوداني في الولايات المتحدة بأن السودان لن يمانع في سبيل إقناع واشنطن برفع بقية العقوبات، وشطبه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وطبقا لتصريحات مسؤولين كبار من البلدين، فإن رفع العقوبات الاقتصادية كليا، مع الإبقاء على عقوبات عسكرية أخرى، تم بناء على مفاوضات حول خارطة طريق من 5 مسارات في صدارتها «محاربة الإرهاب».
اليوم، بينما تستعد الخرطوم للتعاون مع واشنطن في محاربة «الجماعات الإرهابية»، فإن واحدة من أولوياتها هو شطبها من «القائمة السوداء»، وفقا لما صرح به مدير المخابرات السوداني، محمد عطا، أول أمس السبت.
ففي مؤتمر صحافي مشترك مع وزراء الخارجية والدفاع والمالية، للكشف عن المفاوضات مع واشنطن خلال الشهور الـ6 الماضية، قال عطا: «لدينا تعاون أصلا مع واشنطن في محاربة الإرهاب منذ ما قبل عام 2000، لكن في عام 2015 تذمرنا، وقلنا لهم إنه لا يمكن أن نتعاون وأنتم تضعونا في هذه القائمة».
اتفاق ما بعد سبتمبر
لكن طرأ تغير في العلاقة بين البلدين، عقب هجمات 11 من سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، التي تبناها تنظيم القاعدة، حيث أبرمت الخرطوم مع واشنطن اتفاق تعاون في محاربة الإرهاب.
في يوليو 2014 هددت الخرطوم بـ»مراجعة» الاتفاق، باعتباره «يتناقض» مع إدراجها في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو وصف استخدمه عطا مرة أخرى في مؤتمره الصحافي، أول أمس.
«جيش الرب»
وسط هذه المعطيات، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في حسابها الرسمي على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»، أمس الأحد، أن «السودان أصبح أخيرا شريكا مهما في مواجهة جيش الرب للمقاومة (أوغندا)، وتنظيم الدولة والتهديدات الإقليمية الأخرى».
وكان وقف الدعم المفترض من الخرطوم لـ»جيش الرب»، وهي جماعة أوغندية متمردة تصفها واشنطن بالإرهاب، واحدا من شروط الإدارة الأمريكية لرفع العقوبات، وفقا لما قاله وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، في المؤتمر الصحافي.
غندور، الذي ترأس الجانب السوداني في التفاوض مع واشنطن حول بنود خارطة الطريق، قال إن الطرف الأمريكي «اقتنع» بأن الخرطوم لا تدعم جيش الرب، الذي تتنقل قواته بين أوغندا والكونغو الديمقراطية وجنوب السودان وإفريقيا الوسطى.
ورغم الأهمية التي توليها واشنطن لمحاربة «جيش الرب»، حيث تنتشر منذ سنوات قوات أمريكية في المنطقة، لتتبع زعيمه جوزيف كوني، فإنها تعول بشكل أكبر على السودان لتحجيم تمدد تنظيم الدولة في جارته الشمالية الغربية ليبيا. وقال مدير المخابرات السوداني، خلال المؤتمر الصحافي: «سنظل نكافح الإرهاب، ونحن جاهزون لأي نتائج»، قبل أن يشير عطا إلى استراتيجية حكومته التي «لا تعتمد فقط على الإجراءات الأمنية، بل على حوار ومعالجات فكرية واجتماعية، لاجتثاث التطرف من جذوره».