المصدر - واشنطن بوست الأميركية:
قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية: إن الحرب في سوريا تسببت في كارثة لقرابة 200 ألف شخص يعيشون في شرق حلب، لكن أكثر فئة سكانية تعاني من ويلات الحرب هم كبار السن، الذين يواجهون ظروفا صعبة للغاية، فبعضهم يختار أو يُطلب منه تقديم التضحيات لأفراد الأسرة الأصغر سنا، أو يتركون لمواجهة مصيرهم بمفردهم بعد فرار الأبناء والأحفاد إلى بلدان أخرى.
وأشارت الصحيفة إلى أحد قاطني حلب، يبلغ من العمر 70 عاما، وقالت: إنه كان يستمتع بالتقاعد قبل اندلاع الحرب، ويجد نفسه محاصرا في شرق حلب، تدمر الغارات الجوية الحي الذي يعيش فيه، بينما يجبره الحصار الوحشي الذي يفرضه النظام السوري على تناول أقل القليل من الطعام، ليوفر ما يكفي لباقي أفراد الأسرة، ليزداد شعور الرجل بالضعف والخوف والعجز.
وتنقل الصحيفة عن بكري عبيد الذي يعمل في أحد البعثات الإنسانية في المناطق المحاصرة من حلب قوله: «السكان مجبرون على تقديم التضحيات، وهذا يشمل في كثير من الأحيان كبار السن، الذين يعانون من الإهمال».
حلب، أكبر المدن السورية قبل الحرب، أصبحت ساحة المعركة الأكثر أهمية في الصراع الذي بدأ في عام 2011، وأسفر عن مقتل أكثر من 400 ألف شخص وتشريد الملايين، وتحاول قوات النظام السوري استعادة المناطق الشرقية من حلب بعد أن سيطر عليها الثوار في عام 2012، حيث يعتبر النظام السوري استعادة هذه المناطق بمثابة انتصار كبير.
وتقول الصحيفة: إنه خلال الأشهر الأخيرة قامت الطائرات الحربية التي يستخدمها نظام بشار الأسد وحليفته روسيا باستهداف المستشفيات والمنازل في المدينة المحاصرة، وساعد على تفاقم الوضع الإنساني نقص الغذاء والوقود بسبب الحصار الذي تفرضه القوات الموالية للنظام، التي لا تزال تسيطر على الأجزاء الغربية من المدنية.
وأضافت: إن عمال الإغاثة في شرق حلب يؤكدون أنه بات من المستحيل توفير أدوية علاج أمراض القلب والسكري والروماتيزم وغيرها من الأمراض، التي عادة ما ترتبط بكبار السن. بل إن المرافق الطبية التي تواجه ضغطا يفوق طاقتها، تجد نفسها مضطرة في كثير من الأحيان لصرف كبار السن الذين يعانون تلك الأمراض، نظرا لوجود عدد هائل من الحالات الأكثر إلحاحا، مثل الإصابات بشظايا وغيرها من الجروح الناجمة عن الحرب.
يقول بابلو ماركو مدير عمليات الشرق الأوسط لمنظمة أطباء بلا حدود: إن الوضع أصبح سيئا للغاية، لأن هناك أقل من 36 طبيبا فقط مستمرون في العمل في شرق حلب، ولا توجد سوى وحدة واحدة لغسيل الكلى صالحة للعمل، مضيفا أنه في حالة توقف هذه الوحدة عن العمل فإن هذا سيعني المزيد من حالات الوفاة، «الأطباء ليس لديهم الوقت والإمكانات لرعاية الأمراض المزمنة، التي إذا لم تعالج بشكل صحيح، فسوف تنتهي بالوفاة في غضون أسابيع وأشهر».
وتنقل الصحيفة عن عامل الإغاثة عبيد، تأكيده أن كبار السن في ظل استمرار الحصار أصبحوا يعتبرون أنفسهم عبئا على أسرهم. في بعض الحالات كان على الأسر اتخاذ تدابير متطرفة، والتخلي عن أفراد الأسرة الأكبر سنا في المدينة، وهذا يتناقض مع تقاليد المجتمعات العربية، حيث من المعتاد أن يعيش كبار السن مع أبنائهم حتى الموت.
وأضاف: «في الكثير من الحالات، يرفض كبار السن مغادرة منازلهم، وهو ما يعني أن باقي أفراد الأسرة الذين يضطرون للفرار إلى بلدان أخرى يتركون الكبار وحدهم لمواجهة مصيرهم».;