المصدر -
كريم واد سياسي سنغالي؛ امتلك نفوذا واسعا خلال حكم والده الرئيس السابق عبد الله واد
، لكنه اعتقِل بعد خسارة والده في رئاسيات 2012 بتهمة الفساد وحُكم عليه بالسجن، ثم أُفرِج عنه بعفو رئاسي يوم 24 يونيو/حزيران 2016.
المولد والنشأة
وُلد كريم عبد الله واد يوم 1 سبتمبر/أيلول 1968 في العاصمة الفرنسية باريس لعائلة أبوها سنغالي وأمها فرنسية تدعى فيفيان واد.
الدراسة والتكوين
تلقى واد تعليمه الابتدائي والإعدادي في السنغال، ثم التحق بثانوية سين-مارتين في فرنسا لتحضير امتحانات شهادة الثانوية العامة في شعبة الاقتصاد. والتحق إثر نجاحه بـ"جامعة باريس 1" (بانتيون-سوربون) حيث حصل على شهادة بكالوريوس في علوم الإدارة، ونال سنة 1995 ماجستير في الهندسة المالية.
الوظائف والمسؤوليات
افتتح واد مسيرته الوظيفية بالعمل في القطاع المصرفي موظفا في شركة البنك السويسري بفرنسا، ثم في بنك "يو بي أس واربورغ" فيبريطانيا، واهتم بتقديم الاستشارات في مجال الأنشطة المنجمية فاعتمدته عدة حكومات أفريقية وشركات دولية استشاريا في هذا المجال.
التجربة السياسية
انخرط كريم واد -على هامش دراسته بفرنسا- في العمل السياسي، حيث كان مناصرا للحزب الديمقراطي السنغالي الذي أسسه وترأسه والده عبد الله واد. ونشط في قسم الحزب على مستوى فرنسا هو وشقيقته الوحيدة سندجلي.
عاد واد إلى السنغال سنة 2002 ليستعين بيه والده في تسيير السلطة إثر وصوله إلى سدة الحكم في الانتخابات الرئاسية المنظمة عام 2000، فعينه مستشارا مكلفا بتنفيذ المشاريع الكبرى. وقام بتأسيس إطار سياسي شبابي يوازي المنظمة الشبابية للحزب الحاكم.
برز إلى الواجهة بعد سنين من استقراره في السنغال حين عُين رئيسا للوكالة الوطنية المعنية بتنظيم القمة الحادية عشرة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في السنغال، مما بوّأه مكانة هامة داخل البلاد مكنته من ربط علاقات قوية بأمراء وقادة دول إسلامية عديدة.
أخفق كريم واد في الفوز بمقعد عمدة بلدية داكار في أول ظهور سياسي له في الانتخابات المحلية والبلدية عام 2009، فعينه والده في نفس السنة وزير دولة مكلفا بالطاقة والتجهيز، واحتل موقعا بارزا في هرم السلطة اتسع به نفوذه، خاصة بعد أن أضيفت لوزارته ملفات هامة من بينها الاستصلاح الترابي والنقل الجوي والتعاون الدولي.
شكل ظاهرة سياسية وإعلامية شدت انتباه الرأي العام السنغالي مما جعل بعض السنغاليين يلقبونه تندرا بـ"وزير السماء والأرض"، واعتبرت أوساط سياسية وإعلامية معارضة أن حالة كريم هي تعبير صارخ عن مستوى "الفساد" الذي وصل إليه نظام الرئيس واد.
حظي كريم واد بنفوذ كبير داخل الحزب الديمقراطي السنغالي الحاكم رغم أنه لم يكن يشغل صفة رسمية فيه، وتحدثت وثائق سرية للسفارة الأميركية بداكار سنة 2011 سربها موقع ويكيليكس عن سعي الرئيس واد لتهيئة كريم لخلافته في السلطة، لكن واد الأب نفى هذا الأمر ساعتها مستدركا أن من حق كريم الترشح لرئاسة البلاد في المستقبل بوصفه مواطنا سنغاليا.
تعرض أثناء وجوده في حكومة والده للكثير من الانتقادات بسبب تهم الفساد المنسوبة إليه، ومنها تهمة أخذ عمولة 15% من كل صفقة تعقدها الحكومة مع أي شركة خصوصية محلية أو أجنبية، إضافة لارتباطه بشركات أجنبية تعمل في البلاد، مثل شركة موانئدبي التي تدير صالة تفريغ الحاويات بميناء داكار، والبنك المغربي، وشركة الخدمات الأرضية بمطار داكار.
وبعد هزيمة والده في رئاسيات 2012 أمام المرشح ماكي صال -الذي أصبح رئيسا للبلاد- تعرض كريم واد يوم 15 أبريل/نيسان 2013 للاعتقال إثر تحقيق أجرته أجهزة المباحث في ثروته التي قاربت 1.4 مليار دولار. وجاءت عملية الاعتقال بعد ساعات من تقديم فريق واد القانوني ملفا من ألفي صفحة استجابة لأمر من محكمة مكافحة الفساد.
بدأت يوم 31 يوليو/تموز 2014 جلسات محاكمته بتهمة "الإثراء غير المشروع والفساد"، وفي 23 مارس/آذار 2015 حُكم عليه بالسجن النافذ ست سنوات وبدفع غرامة مالية بقيمة 209 مليون يورو، لإدانته بالإثراء غير المشروع أثناء وزارته في حكومة والده.
وقال رئيس المحكمة القاضي هنري غريغوار ديوب إن "الحقائق المتوفرة تؤكد إثراء واد غير المشروع"، مشيرا إلى أنه كان يخبئ أمواله في شركات خارجية تقع في الملاذات الضريبية بجزر فيرجن البريطانية وبنما.
لكن واد -المطلوب أيضا للتحقيق القضائي في فرنسا بسبب دعوى مرفوعة من الحكومة السنغالية ضده بتهمة اختلاس أموال عامة- أنكر التهم الموجهة إليه، وقال إن ثروته مكتسبة بصورة مشروعة من الشركات والعقارات التي يملكها.
لم تمنع الملاحقات القضائية أنصاره من التمسك به زعيما سياسيا، فوقع عليه اختيار الحزب الديمقراطي السنغالي المعارض يوم 21 مارس/آذار 2015 -قبل يومين من إدانته قضائيا وهو في السجن- ليكون مرشحه في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها عام 2017، وذلك بنيله أصوات 257 مندوبا من أصل 268 حضروا مؤتمر الترشيح.
أفرج الرئيس ماكي صال يوم 24 يونيو/حزيران 2016 عن واد -الذي يحمل الجنسيتين الفرنسية والسنغالية- بعفو رئاسي، رغم أنه يُعتبر من أبرز خصومه السياسيين.
تقف تحديات كبيرة أمام طموح كريم واد للوصول إلى السلطة، من أهمهما الأحكام القضائية الصادرة في حقه والتي تسقط عنه حقوقه المدنية والسياسية، والدستور السنغالي الجديد (تم الاستفتاء عليه في مارس/آذار 2016) الذي يمنع مزدوجي الجنسية من الترشح للرئاسة.