المصدر - غرب ـ واس
أكد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ, أن ما من خير إلا دلّنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم, ولا بابًا من أبواب الجنة إلا أرشدنا إليه, علمنا الأحكام وربّانا على السنن .
وبين الدكتور عبدالله آل الشيخ في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض, أن حياة الإنسان لا تخلو من نوم ويقظة يتقلب فيها كما يتقلب بين الليل والنهار, والنوم حالة عجيبة وآية من آيات الله, يقول سبحانه ( وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ), مشيرًا إلى أن النوم حدث مهم يستعد له الإنسان بالوسائل والفرش والأثاث والوسائل والأحوال, ويمضي الإنسان ثلث عمره في النوم, ولذلك جاءت الإرشادات النبوية لنزداد في الأجر لتكون عونًا لنا للقيام لصلاة الفجر .
وأوضح فضيلته أن من أعظم هذه الوصايا أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يكره الحديث بعد العشاء والنوم بعدها, حيث جاء في حديث أبي برزة : ” كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء ويكره الحديث بعدها ” . وقال : ” إن الوتر من أهم النوافل وأكدها, فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص عليه ويداوم عليه سفرًا وحضرًا وقد أكد عليه النبي صلى الله عليه وسلم خاصةً لمن خشي على نفسه عدم الاستيقاظ في آخر الليل, جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : ” أوصاني خليلي بثلاث أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر وركعتيّ الضحى وأن أوتر قبل أن أنام” , ومن أعظم هذه الوصايا حرصه صلى الله عليه وسلم على الحفاظ على حياة الإنسان, ومن هذه الأمور ما جاء في الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” أطفئوا المصابيح وأوكئوا الطعام والشراب وأغلقوا الأبواب “, قال ابن بطال رحمه الله وأمره صلى الله عليه وسلم بإغلاق الأبواب حتى لاتدخل الشياطين وتؤذي المؤمنين, ويقول صلى الله عليه وسلم : ” لاتدعو النار وانتم تنامون “, وفي هذا يقول النووي وهذا عام في كل نار “.
وأضاف فضيلته : ” من هذه الإرشادات العظيمة نهيه صلى الله عليه وسلم عن المبيت على ظهر بيت ليس له حاجز, يقول عليه الصلاة والسلام : ” من بات على ظهر بيت ليس له حجار فقد برأت منه الذمة “, ومن هذه الإرشادات غسل اليدين من أثر الطعام والشراب, يقول صلى الله عليه وسلم : ” من نام وفي يده غمر فلم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه “, وكذلك الوضوء عند النوم, يقول عليه الصلاة والسلام : ” إذا أوى أحدكم إلى مضجعه فليتوضأ وضوئه للصلاة “, والوضوء حتى ولو كان الإنسان جنبًا, جاء عنه صلى الله عليه وسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ” سأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم أينام احدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ “, قال النووي ولو كان على طهارة لكفاه ذلك لأن المقصود هو النوم على طهارة لأنه قد يموت في تلك الليلة فيموت على طهارة وحتى يكون ذلك أصدق لرؤياه “.
وأشار إلى أن من هذه الوصايا العظيمة أمره بنفض الفراش قبل النوم والتسمية يقول عليه الصلاة والسلام : ” إذا أوى أحدكم الى فراشه فليأخذ داخله إزاره ولينفض بها فراشه وليسم فإنه لا يدري ماذا خلفه من بعده “, ومن أعظم هذه الوصايا كذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن نوم الأشخاص متجاورين جاء في الحديث : ” مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع “.
وأكد الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ, أن للوصية أهمية عظيمة خاصة في ضبط الحقوق والمحافظة عليها ولذلك جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ” ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده “, وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النوم على البطن, جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام ” إنها نومة يبغضها الله”, وفي الحديث الآخر ” إنها رجعة أهل النار”, مشيرًا إلى أن من هديه عليه الصلاة والسلام النوم على الشق الأيمن, جاء في الحديث ” إذا أويت الى فراشك فتوضئ ثم اضطجع على شقك الأيمن”, وكذلك وضع اليد تحت الخد عند النوم كان من هديه صلى الله عليه وسلم انه يضع يده تحت خده .
وتابع فضيلته يقول : ” إن هذه بعض الوصايا العملية, وإليكم بعض الوصايا القولية, فاحرص يا رعاك الله على حفظها وتردادها ومن أعظمها وأهمها قراءة آية الكرسي, جاء في حديث أبي هريرة الطويل ” فإذا أويت الى فراشك فاقرأ آية الكرسي فلا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح”, قال النبي صلى الله عليه وسلم ” ذلك الشيطان صدقك وهو كذوب”, ومن ذلك ما ارشد به النبي صلى الله عليه وسلم علي وفاطمة حينما سألته فاطمة أن يعطيها خادمة لما لقته من مشقة في الرحى فقال صلى الله عليه وسلم “ألا أخبركما بخير من ذلك كله إذا أويتما الى مضجعكما فكبرا أربعة وثلاثين وسبحا ثلاثة وثلاثين وحمدا ثلاثة وثلاثين فذلك خير لكما من ما سألتما”, ومن وصاياه صلى الله عليه وسلم وادعيته التي كان يحافظ عليها كان يقول “بسم اللهم أموت وأحيا”, وإذا استيقظ قال “الحمد الله الذي أحياني بعد مماتي واليه النشور” .
وأشار إلى أن من هذه الوصايا العظيمة أن الإنسان إذا فزع من نومه عليه أن يذكر الله, يقول عليه الصلاة والسلام : ” إذا فزع أحدكم من نومه فليقل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده وأعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربي أن يحضرون”, مبينًا أن للرؤى والأحلام آداب وأحكام فإذا رأى المسلم ما يكره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فليتعوذ بالله ولينفث عن يساره ثلاثًا وليتحول الى شقه الآخر فإن ذلك لا يضره .
وقال فضيلته : ” إذا انتبه المسلم من نومه فعليه أن يذكر الله ويصلي, جاء في الحديث : ” من تعار من نومه فليقل لا إله إلا الله وحده لاشريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير سبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال ربي اغفر لي, وإن دعى استجيب له وان توضأ وصلى قبلت صلاته”, ومن هذه الآداب أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرا العشر الأواخر من آل عمران, جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال ” نام النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ نصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ثم استيقظ فمسح النوم من وجهه فقرأ العشر الأواخر من آل عمران”.
ونوّه فضيلته بما للسواك من أهمية عظيمة عند النبي صلى الله عليه وسلم, قال حذيفة رضي الله عنه : ” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من نومه شاص فاه بالسواك”, مؤكدًا أن من أراد النشاط والقوة فعليه بذكر الله والوضوء والصلاة جاء في الحديث : ” إذا نام أحدكم عقد الشيطان عليه ثلاث عقد ينفث على كل عقدة أمامكم ليل طويل فارقد فان استيقظ وذكر الله انحلت عقدة وإذا توضأ انحلت عقدة وإذا صلى انحلت عقدة فأصبح طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلانا ” .
وأبان الدكتور عبدالله آل الشيخ, أن النفوس فطرت على حب الاستطلاع ومحاولة معرفة الغيب, ولذلك يذهب بعض ضعاف النفوس الى السحرة والكهنة من اجل معرفة الغيب فهيهات أن يحصل لهم ذلك لان الغيب إنما هو لله سبحانه وتعالى يقول سبحانه ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله), ولكن هناك بعض المبشرات من الرؤى يأتي بها الملك الموكل بذلك فحسبك بها من أهمية ما رواه عبادة بن الصامت قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال : ” ذلك الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له”, ولذلك فان إبراهيم الخليل عليه السلام رأى رؤيا عظيمة أن يذبح ابنه إسماعيل في الآية : ( قال يابني إني أرى في المنام إني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ), وكذلك يوسف عليه السلام في الآية (قال إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين قال يابني لاتقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا), مشيرًا إلى أن الناس في مجال الرؤيا ما بين مفرط ومفرط والمعبرون ما بين متعجل وما بين متأني والناس قد يكثرون من السؤال عن الرؤى حتى يغلب على سؤالهم عن الأحكام وهذا خطا كبير, وبعض الناس يفرط في ذلك ولا بعد الرؤيا شيئا .
وتابع فضيلته : ” إن الناس في الرؤيا على ثلاثة اضرب الرؤيا الصالحة واختزال الشيطان وحديث النفس جاء في الحديث ” الرؤيا على ثلاثة رؤيا صالحة وهي المبشرة واختزال الشيطان وحديث النفس”, وليحذر المؤمن من تلاعب الشيطان به, جاء إعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم قال إني رأيت أن راسي قد ضرب فتدحرج فاشتديت من ذلك فقال ” لاتخبر الناس بتلاعب الشيطان بك ” .
وأبان أنه إذا رأى المسلم ما يحب فعليه أن يحمد الله ويستبشر بها ويخبر بها من يحب وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله منها وليتعوذ من الشيطان ولينفث على يساره وليتحول إلى شقه الآخر ولا يخبر بها أحدا, والمسلم تكون رؤياه صادقة كما ذكر ذلك الإمام ابن القيم في مدارج السالكين, قال حتى تكون الرؤيا صادقة أن تكون صادقا مع الله محافظا على أوامره ونواهيه وأن تنام على طهارة مستقبلًا القبلة وأن تذكر الله حتى تغلبك عيناك فإن رؤياك تكون صادقة .
وأشار فضيلته إلى أنه مما يلاحظ على الناس أن كثيرًا من الناس يعبرون الرؤى ولا علم لهم بذلك لما بلغ سعيد بن المسيب ذلك قال أيلعب بالنبوة ,ومما يؤخذ على الناس في تعبير الرؤى إنهم يحرصون على التعبير فان كانت خيرا اغتروا بها وان كانت غير ذلك أمرضتهم, لما رأى بعض السلف الإمام مالك وهو يسير خلف النبي صلى الله عليه وسلم وخطوته على خطوته فلما بلغه ذلك بكى قال ذلك رؤيا المؤمن تسره ولاتغره .
ولفت الانتباه إلى أنه مما يلاحظ على الناس أيضًا الكذب في الرؤى وما علموا أن هذه كبيرة من كبائر الذنوب, قال صلى الله عليه وسلم ” من تحلم بحلم لم يره كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين وما هو بفاعل” .