المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 26 ديسمبر 2024
مؤذّن الحرم المكّي بالوراثة.. الشيخ محمد معروف "بدأتُ رفع الأذان من فوق سطح منزلنا!"
بواسطة : 26-12-2015 02:06 صباحاً 78.8K
المصدر -  *علم *من أعلام الاسلام *وعلم من أعلام المملكة العربية السعودية" مؤذن المسجدالحرام " * *الذي وافته المنية اليوم *رحمه الله *بعد أن خدم الاسلام من خلال منبر الحرم *الشريف *صادعا بصوته الشجي كل انحاء مكة المكرمة . اليوم ننقل لكم تلك المقابلة التى تحدث فيها عن *نفسه رحمه الله *. *  
من داخل أروقة المسجد الحرام، يصدح الشيخ محمد سراج معروف بصوته الجميل، فهو أحد عمالقة المؤذنين في الحرم المكي الشريف، وعمره الحالي يقارب 59 عاماً، وقد تسلَّم راية الأذان عن عائلته بالوراثة، ورفع أول أذان له بالحرم المكي وهو لم يتجاوز اثني عشر ربيعاً عندما ألمّت بوالده وعكة صحية وطلب منه رفع الأذان نيابة عنه.. وقد كان لـ«المجتمع» هذا الحوار الخاص معه، فإلى التفاصيل: < حدثنا عن نشأتك، ومتى وكيف بدأت الأذان في الحرم؟ - نشأتُ في عائلة مكية، وورثت الأذان في الحرم المكي الشريف عن جدي الرابع عبدالرحمن (يرحمه الله)، ثم عن جدي الثالث عبدالله، ثم عن جدي الثاني عبدالرحمن، ثم عن جدي الأول عبدالرحمن ثم عن والدي سراج، حيث تسلمتُ راية الأذان عن عائلتي، وأعتبر الفرع الخامس من السلالة. وتعود قصة دخولي لمهنة الأذان في الحرم المكي إلى موقف طريف، وهو أن الوالد كان في يوم من الأيام يستعد لأذان العصر بالحرم، وكنت في صحبته، ولدى صعودنا لسلم المنارة والتي كانت تُعرف في ذلك الوقت بالمنارة «الصماء»، لم يستطع الوالد أن يرفع الأذان لشعوره بضيق في التنفس نتيجة مرض كان قد ألمَّ به، حينها طلب مني رفع الأذان وأنا ابن 12 ربيعاً، أي قبل 47 عاماً من الآن، فرفعتُ أول أذان لي بالحرم، وفي تلك الفترة لم تكن مكبّرات الصوت قد دخلت الخدمة. وبعد خمس سنوات من أول يوم رفعتُ فيه الأذان في الحرم المكي، خرجت مع والدي مرة أخرى لرفع أذان صلاة المغرب في الحرم، وكان والدي مسرعاً لتأخره عن الموعد، ولدى وصولنا إلى منارة الملك عبدالعزيز التي انتقل إليها الوالد بعد إدخال مكبرات الصوت في الحرم، لم يستطع أن يرفع الأذان لمرضه، فقمتُ برفع الأذان للمرة الثانية بالحرم، وبعدما فرغتُ ذهبتُ أنا ووالدي لأداء الصلاة بجانب شيخ المؤذنين في تلك الفترة الشيخ يعقوب شاكر، وبعد أن انتهينا من أداء الصلاة سأل الشيخ يعقوب والدي عن الذي قام بالأذان، فلما علم أنه أنا، قال لوالدي: «إذا شعرت بالتعب والإجهاد مرة أخرى، فلا توكل أحداً آخر غير محمد تحت أي ظروف من الظروف». استمر وضعي على هذه الحال فترة طويلة إلى أن تحول الوالد إلى منارة «باب العمرة» القديمة، والتي كانت تأخذ جزءاً من صحن الطواف قبل أن يتم إزالتها مؤخراً، وترجع «المكبرية» (مكان الأذان) إلى الوراء قليلاً، وبات يرفع الأذان من «المكبرية» الموجودة في الوقت الحالي. وعندما توفي والدي عام 1402هـ، تم تعييني بشكل رسمي عام 1403هـ، وقبل هذا التاريخ كنت أؤذن نيابة عن الوالد بشكل غير رسمي. كما أن لدي أخوَيْن مؤذنَيْن: أخي «أحمد» الذي استطاع أن يؤذن في الحرم مرتين، ونبرته تشبه نبرة أهل المدينة، وأخي «أيمن» مؤذن مسجد الخيف في مشعر منى أثناء موسم الحج.
< كيف تعلمت الأذان؟ - كنت في طفولتي من شدة تعلقي بالأذان واشتياقي له، أترقب وقت الصلاة، وأصعد إلى سطح منزلنا لرفع الأذان، ونتيجة لذلك ولله الحمد استطعت إتقانه، إلى أن جاء الوقت الذي أراده الله، ورفعت الأذان في جنبات الحرم المكي كما ذكرت آنفاً. < صف لنا شعورك وأنت تؤذن في المسجد الحرام. - أكون في منتهى السعادة وأنا في رحاب المسجد الحرام، فأنا دائم التفكر بهذه النعمة العظيمة التي أنعمها الله عليَّ، والتي ورثتها عن آبائي وأجدادي، ثم إنني حريص على أن أنال رضا الله عز وجل ثم رضا المسؤولين. < بصفتك مؤذناً بالحرم، ولديك ارتباط كبير به منذ صباك، ما أكثر ما تأثرت به من لقائك بالحجاج والمعتمرين؟ - غالباً، بعد الفراغ من الأذان وأداء الصلاة، وعند النزول من «المكبرية»، ألتقي مع مجموعة من الحجاج وضيوف المسجد الحرام، وأجد أنظارهم معلقة بهذا الإنسان الذي يسمعون أذانه، وكثير منهم يرغب في مقابلتي ومصافحتي، وطلب الدعاء مني لكوني موجوداً باستمرار في هذه البقعة الطاهرة، وهذه لا شك نعمة عظيمة حباني الله بها، تولِّد لدي شعوراً غامراً بالسعادة. < ألا ترى أن عدد المؤذنين الحالي قليل؟ - إذا صار انضباط حقيقي من قِبَل المؤذنين دون تأخير، فهذا العدد يفي بالغرض، فوجود ثلاثة مؤذنين في كل وقت كافٍ جداً.. أما في الماضي فكان العدد أكبر لتعدد المنارات في الحرم، وكان المؤذنون موزعين عليها، وكان المقام الشافعي الذي كان فوق «بئر زمزم» مخصصاً للمؤذنين الكبار، مثل الشيخ أسعد ريّس (يرحمه الله)، وقد كان أول من يبدأ في رفع الأذان، ثم يعقبه شيخ المؤذنين في تلك الفترة الشيخ يعقوب شاكر، ثم الشيخ صالح فيده، والشيخ عبدالله بصنوي. < كما تعلم الأذان مقامات، فما المقام الذي تستخدمه أنت؟ - المعروف أن الأذان في مكة يُستخدم فيه مقام «الحجازي اليماني»، ويُعرف الأذان في مكة بالأذان الحجازي، أما الأذان في المدينة فإنه يعرف بالأذان المدني. < ما أفضل مقام بالنسبة لك في الأذان؟ وهل تستخدم أكثر من مقام؟ - منذ فترة بسيطة سُمح لنا باستخدام مقامات أخرى غير الحجازي، ولكن بشرط ألا يكون فيها زيادة في اللحن أو إطالة عن الحركات الشرعية، وأن يتم تأديتها بصورة شرعية وبمعرفة كافية، فهناك كثير من المؤذنين أصبحوا يرفعون الأذان المدني من الحرم المكي لكن بدون إطالة. وهناك مقامات أخرى مثل «السيكا» و«المايا» و«البنجكة»، وهذه غالباً ما تكون في إقامة الصلاة، وفي التبليغ عن الإمام أثناء الصلاة، بالذات في الصلاة الجهرية، أما عن نفسي فأنا ولله الحمد لدي القدرة على رفع الأذان بمقامات أخرى غير المقام الحجازي، مثل مقام الصبا، وهذا نستخدمه عندما تكون السماء غائمة، وعند هطول الأمطار الخفيفة في وقت أذان العصر، حيث يجعل هذا المقام الصلاة أكثر روحانية. < ماذا عندما تسافر إلى دول أخرى، هل تؤذن بمقامات هذه الدول؟ - غالباً عندما نسافر نؤذن بالأذان المدني أو الحجازي فقط؛ لأن هذين الأذانين مميزان عن غيرهما، وذلك حتى يعرف الناس أنهما من مكة أو المدينة، فنحن نريد أن نُسمع الآخرين أذاننا؛ لأن الناس في الخارج تواقون لأن نذكرهم بأجواء مكة والمدينة. < هل تعمل بعمل آخر غير الأذان بالحرم؟ - نعم، كنتُ أعمل في وزارة الصحة بمكة المكرمة، وأمضيتُ فيها أكثر من 42 عاماً، قضيت منها ما يقارب 24 عاماً في منصب أمين صندوق في الوزارة، إلى أن تم إحالتي للتقاعد. < ماذا عن دراستك الأكاديمية؟ - وصلتُ في دراستي إلى المرحلة الجامعية، والتحقتُ بكلية الشريعة بجامعة أم القرى، وكان تخصصي «كتاب وسنة» في بادئ الأمر، قبل أن أتحول إلى تخصص «التربية الإسلامية»، وذلك بسبب قيام الجامعة في تلك الفترة باستحداث كلية جديدة وهي «كلية الدعوة»، وفصلها عن كلية الشريعة، وكنت على وشك إنهاء دراستي أثناء عملي كأمين صندوق في مستشفى «أجياد»، ولكن عند انتقالي إلى مديرية الشؤون الصحية وبُعد المسافة لم أستطع التوفيق بين عملي الجديد والدراسة، وهذا يرجع إلى طبيعة العمل في هذه المهنة، والتي تختلف عن أي عمل آخر، فكنت لا أستطيع مغادرة المكتب تحت أي ظرف من الظروف. < سمعنا أنك أذنت في الحرم النبوي، فهل هذا صحيح؟ - نعم، أذنتُ في الحرم النبوي، وكنت إذا ذهبت إلى المدينة أسلم على شيخ المؤذنين الشيخ عبدالله رجب (يرحمه الله)، وكان يرحب بنا دائماً، ويحرص على تشجيع مؤذني الحرم المكي على الأذان في الحرم النبوي، وأنا شخصياً كنت أتنقل بين منارات الحرم النبوي للأذان فيها، إضافة إلى أن مؤذني الحرم النبوي كانوا يبادلوننا الأدوار، بالأذان في الحرم المكي.. لكن مع الأسف انقطع هذا الأمر، وذلك بسبب قيام أحد زملائنا المؤذنين بالاستئذان من نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وكان الرئيس العام موجوداً معه، فرفض ذلك وقال لنائبه: «دع مؤذني مكة لمكة، ودع مؤذني المدينة للمدينة». < هل تفكر بأن يصبح أحد أبنائك مؤذناً في الحرم؟ - أتمنى من الله سبحانه وتعالى ألا يحرم أبنائي من هذه النعمة التي ورثتها عن آبائي وأجدادي، حيث لدي خمسة أبناء، ثلاثة منهم يتمتعون بأصوات عذبة وندية، وابني الأكبر مؤذن في مسجد بجوار المنزل.
/n