بواسطة :
22-03-2015 08:56 صباحاً
7.0K
المصدر -
متابعات - الغربية :
أثار هجوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بشأن موقفهم من الأزمة السورية و" تنظيم الدولة" العديد من التساؤلات ، عن الموقف التركي الغامض حيال سوريا والحرب على الإرهاب ، فرغم تراجع الدور التركي عن دعم الثورة السورية ، عاد أردوغان ليهاجم إزدواجية الغرب في التعامل مع الأزمة الإنسانية في سوريا في الوقت الذي يُتهم فيه* بإنشاء "الديكتاتورية" في بلاده وبقمع الاحتجاجات وبدعم الإرهاب ، ليطرح علامات استفهام بشأن أسباب الحراك التركي بعدما تراجع دوره الداعم للثورة السورية منذ بدايتها بسبب تغير التوزانات والتحالفات الدولية، وعما إذا كان محاولة للتغطية عما يحدث في الاحتجاجات المثارة ضد الرئيس التركي بشأن سياساته وسعيه لفرض تعديلات دستورية جديدة.
*هجوم أردوغان
ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وبـ إرهاب " تنظيم الدولة في* هجوم وصفهمها فيه بأنهما رأسان لـ " كماشة " واحدة ، موجهًا هجومه للولايات المتحدة والدول الأوروبية لإغلاق أبوابهما أمام السوريين النازحين من جحيم الحرب والإرهاب في سوريا ، ليساهموا في تحويل البحر الأبيض المتوسط إلى مقبرة للسوريين – على حد قوله.
وأردف أردوغان قائلاً" أبواب أمريكا باتت كالجدران المؤصدة أمام اللاجئين الهاربين من المعارك في سوريا" ، مُضيفًا "الدول التي تقيم الدنيا ولا تقعدها في حال نزف أنف أحد مواطنيها، ظلوا متفرجين أمام تحول البحر الأبيض المتوسط إلى مقبرة للاجئين السوريين".
واعتبر أردوغان أن هذه الدول لا تبحث إلا عن مواطنيها المنضمين للتنظيم ، تاركة ورائها ما يقوم به التنظيم من إرهابه من قطع للرؤوس وارتكاب المجازر والجرائم بحق البشر والحضارة .
وفي مقارنته بين ممارسات التنظيم والنظام السوري قال أردوغان عنهم " وجهان مختلفان لمفهوم ومنطق مشلول واحد، وهم في الأصل رأسان لكماشة واحدة يستخدمها عقل مدبر واحد" .
جدير بالذكر أن الجيش التركي *تمكن من تنفيذ عملية عسكرية خاطفة داخل الأراضي السورية، الأحد الموافق 22 فبراير، لنقل رفات مؤسس الدولة العثمانية سليمان شاه، وإجلاء 38 جنديا تركيا، كانوا يحرسون الضريح في محافظة حلب شمالي سوريا، حيث قتل جندي تركي في المهمة.
على الجانب الأخر، تتهم السلطات السورية نظيرتها التركية بتقديم الدعم للمعارضة السورية المسلحة، التي تصفها دمشق بـ"الجماعات الإرهابية المسلحة"، وتسهيل مرور المقاتلين عبر أراضيها، الأمر الذي تنفيه تركيا، مؤكدة أن المساعدات التي توفرها تقتصر على المعارضة السورية المعتدلة التي اتفقت أنقرة مؤخرا مع واشنطن على تدريب عناصرها في تركيا من أجل قتال تنظيم الدولة.
مظاهرات مُنددة
منذ بداية الثورة السورية كان لتركيا وقطر موقف داعم للثورة والمعارضة السورية التي خرجت تطالب بإسقاط الأسد وتأسيس نظام جديد ، ولكن تلاشى هذا الدور بفعل عدة متغيرات كان أهمها :
أولا: غياب الحلفاء الذين يمكن الاعتماد عليهم لدعم الثورة السورية فأصبح الواقع السياسي والعسكري منقسم على نفسه.
ثانيًا: غياب التحالفات الدولية فقد كانت قطر بجانب تركيا في دعم الثورة السورية ، ولكنها تراجعت أمام بروز الدور السعودي وسقوط حكم الإخوان ، فضلا عن التقارب الأمريكي الإيراني كل ذلك ساهم في انحسار الدور التركي.
ثالثًا: الضغوط الداخلية التي يواجهها حزب العدالة والتنمية الحاكم ضد معارضيه ، دفعت باتجاه جعل الثورة السورية حمًلا ثقيلًا لاسيما في ظل الاتهامات الموجهة للحكومة التركية بإرسال الأسلحة للمعارضة السورية.
ورغم تراجع الدور التركي في المرحلة الأخيرة ، عاد ليطفو على السطح حيث تزامن هجوم أردوغان مع انطلاق الذكرى الرابعة للانتفاضة على الرئيس السوري، والتي تظاهر *فيها اليوم مئات الأشخاص في باريس تحت شعار " لا للأسد " و" لا لتنظيم الدولة" ، وهتف المتظاهرون “كلنا معكم، اصمدوا ايها السوريون”، ، كانت تلك المظاهرة التي دعت منظمات غير حكومية فى ساحة “لاريبوبليك”، وسار المتظاهرون حتى مقر البلدية فى العاصمة الفرنسية.
من جهته قال منذر ماخوس سفير الائتلاف الوطنى السورى المعارض فى باريس "الانتفاضة كانت سلمية تماما فى البداية، الا ان النظام دفع باتجاه عسكرتها، كما اطلق سراح نحو 900 متطرف كانوا فى سجونه انضموا الى التنظيمات الجهادية لتشويه صورة الانتفاضة".
لا شك أن هجوم أردوغان كان له تأثير كبير على تحريك الجاليات السورية لتفعيل قضيتها التي انطمست تحت وطأة التحالفات والانقسامات ، ليبدو أردوغان وكأنه يقود مسيرة الثورة السورية من جديد رغم المظاهرات والاحتجاجات المعارضة لسياساته ، لاسيما من قبل الأحزاب المعارضة التي تُندد بسياسات الشرطة التركية القمعية في فض المظاهرات.
احتجاجات تركيا
على الجانب الأخر ، تشهد تركيا أزمة اقتصادية وسياسية خانقة تمثلت في الهبوط الحاد لسعر الليرة التركية مقارنة بالعام الماضي ، ووفقًا لخبراء اقتصاديين جاءت تصريحات أردوغان ضد مسؤولي الاقتصاد لتفاقم الأزمة ليصفوا تصرفاته وتصريحاته بـ " المتهورة" ، في وقت تعتمد فيه تركيا على تمويل أجنبي بقيمة تتجاوز 200 مليار في السنة، منها 5.5 مليارات من الاستثمارات المباشرة السنة الماضية فقط.
وفي ظل التطورات الحالية لا يبدو أن الليرة التركية ستتعافى قريبًا فالمستقبل السياسي يخيف المستثمرين الأجانب في ظلّ اتجاه تركيا إلى تغيير نظام الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في يونيو / حزيران المقبل، حيث ينوي أردوغان في حال فوز حزب «العدالة والتنمية» الحاكم بغالبية المقاعد البرلمانية، تغيير الدستور والانتهاء من النظام الحالي، لتعزيز صلاحيات موقعه.
يضاف إلى ذلك الاحتجاجات التي تشهدها تركيا بسبب تدهور الخدمات ورفض السياسات التركية الحالية، ومساعي النظام الحاكم لتعزيز بقائه بالتعديلات الدستورية التي ينوي القيام بها.
وعنها قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان،إن الدستور الجديد الذي يمنحه مزيدا من الصلاحيات لن يؤسس لـ"ديكتاتورية" في البلاد ، مؤكدًا بأن التغيير حتمي لبناء تركيا الجديدة حيث يسعى الرئيس التركي الذي انتخب رئيسًا في أغسطس بعد أكثر من عقد في منصب رئيس الوزراء، في الحصول على صلاحيات تنفيذية رئاسية تشبه التي يتمتع بها الرئيس في النظام الأمريكي.
وبين هذا وذاك تأتي تصريحات أردوغان ليثير التساؤلات عما وراء هجومه الإعلامي لأمريكا والدول الأوروبية لمواقفهم الصامتة أمام جرائم نظام الأسد وتنظيم الدولة ، في وقت تراجع فيه دعم تركيا للثورة السورية لاختلاف وتغير الموازين الدولية ، وربما جاءت الاحتجاجات لتحويل الأنظار عن الاحتجاجات والأزمات التي تواجهها تركيا ولا سيما الرئيس التركي المتهم من معارضيه بالديكتاتورية ، ليتأرجح هجوم أردوغان على الغرب بين تصعيد التوتر الدولي الصامت أمام استمرار مجازر النظام السوري وربطه بإرهاب تنظيم الدولة *وبين المراوغة بشأن الأزمات الداخلية بتركيا.