أظهرت دراسة نسوية جديدة أن من أهم معيقات وصول النساء إلى المستوى التعليمي الذي يطمحن إليه التزويج المبكر، ومن ثم سوء الأوضاع الاقتصادية، فالعادات والتقاليد، وتمركزت الإناث في التخصصات ذات الطابع الاجتماعي التربوي وإعداد المعلمين ويعود ذلك إلى أن هذه التخصصات تعتبر بمثابة امتداد لما تقوم به الفتيات أو النساء من مهمات تقليدية ملقاة على عاتقهن. جاء ذلك خلال ورشة عمل إعلان نتائج دراسة لمركز شؤون المرأة "واقع التمكين الاقتصادي للمرأة في قطاع غزة" التي نظمها المركز بحضور عدد من الباحثين والباحثات والأكاديميين والاكاديميات والنشطاء في مجال حقوق المرأة والإنسان. وافتتحت الورشة منسقة الأبحاث والمعلومات في المركز، هداية شمعون وقالت: "في بداية العام تم طرح مسابقة بحثية من أجل إعطاء فرص بحثية لإجراء أبحاث تتعلق بقضايا المرأة لإثراء المعلومات لواقع المرأة الفلسطينية، ولتحفيز الباحثين والباحثات لإجراء الأبحاث والكشف عن أبرز المشاكل التي تواجه المرأة". وفي كلمة الافتتاح أكدت آمال صيام، مديرة المركز على أنه منذ تأسيس مركز شؤون المرأة كان أول مجالات اهتمامه هو بالحركة البحثية والمعلوماتية الخاصة بالنساء، وكان أول نشاط هو تدريب الباحثات على عمل الأبحاث التي تتعلق بقضايا المرأة، ومنذ ذلك الوقت أصبح لدى المركز رصيد كبير من الأبحاث النسوية القيمة. وقالت صيام: "منذ ثلاث سنوات بدأ المركز بطرح فكرة المسابقات البحثية بين الباحثين/ات، ووقع الاختيار هذا العام على فكرة التمكين الاقتصادي للمرأة لأنه الطريق للتمكين السياسي والاجتماعي وتحقيق المشاركة الفاعلة في المجتمع* للمرأة الفلسطينية لكي يحقق فرص عادلة ومتساوية في المجتمع، وليضمن وصول حقيقي للمرأة في مواقع صنع القرار. وتتحرى الدراسة واقع التمكين الاقتصادي للمرأة في قطاع غزة، ومؤشراتها والعقبات السائدة، وسبل التعزيز الاقتصادي للمرأة في ظل خصوصية الحالة الفلسطينية إدراكا بأهمية توظيف التنمية كآلية من أجل تحصيل الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وخلال الورشة استعرض الباحث، غسان أبو منديل نتائج الدراسة حيث أوضح أن من أبرز المعيقات التي تواجه النساء في الالتحاق بالعمل هي: ارتفاع معدلات البطالة في المجتمع، والتمييز في القبول للالتحاق بالعمل، والزواج المبكر، المعيقات الاجتماعية والموقف المحافظ من خروجهن للعمل. وكشف أبو منديل أن 43.8% من النساء اللواتي أخذن قروض قد مكن اقتصادياً، ويرجع الباقي عدم تمكينهن إلى: الركود الاقتصادي، وارتفاع سعر الفائدة، وتدخل الأهل وسوء الإدارة، وأن من أهم الأسباب في عدم حصول النساء على قروض هي: تعارض القروض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وارتفاع نسبة القائدة، وعدم وجود كفلاء، والإجراءات البنكية المعقدة. وكشفت الدراسة أن 27.9% من المبحوثات يملكن منزل أو جزء من منزل، 23.6% يملكن مجوهرات، 17% يملكن أموال، 10.9% يملكن أرض، 3.7% يملكن سيارة، 3.2% يملكن مشروع تجاري كما أن 38.5% من النساء لا يملكن أي من الممتلكات السابقة، وما تزال ظاهرة حرمان المرأة من الميراث موجودة في المجتمع الفلسطيني بقطاع غزة، حيث يجري في بعض الأحيان استغلال المرأة وإجبارها على التنازل عن حقها في الميراث بطرق مختلفة، فقد تبين 50% من المبحوثات لم يحصلن على حقوقهن في الميراث. وأظهرت عن وجود فجوة بين الجنسين في السلطة القضائية، حيث لم يتجاوز نسبة القاضيات 12% من إجمالي عدد القضاة في قطاع غزة في العام 2012، وتشير بيانات نقابة محامي فلسطين للعام 2012 إلى أن نسبة المحاميات المزاولات للمهنة لا تتجاوز 15% من إجمالي عدد المحامين، ولا يعكس تمثيل النساء في النقابات العمالية الفلسطينية حجم المشاركة في سوق العمل، ولا تتجاوز نسبة التمثيل في قطاع غزة 4.2%، هذه المشاركة الضئيلة تتناقص بشكل ملحوظ في المناصب القيادية في هذه النقابات. وخرجت الدراسة بتوصيات مهمة خاصة السياسات العامة للحكومة، وللمرأة الفلسطينية والجمعيات النسوية، والتعليم، وعمل المرأة وكان أهمها: أنه عند وضع السياسات والإجراءات بالنسبة لتمكين المرأة التأكيد أنها ليس مجرد إجراءات فنية بل هو أيضاً تغير لثقافة التمييز، وأن التمكين الفردي يتماشى مع التمكين الجماعي، فلا يمكن الفصل بين تمكين المرأة اقتصادياً وتمكين جميع المواطنين. وتفعيل البرامج الخاصة بالمرأة في الاستراتيجيات الوطنية المعتمدة، منها استراتيجيات التخفيف من الفقر، والإسراع بتقديم وإقرار استراتيجية النهوض بالمرأة وإعداد خطط قطاعية من قبل الوزارات المعنية لضمان تنفيذها بما يحقق الأهداف المردودة، و إصلاح المؤسسات الاقتصادية والقانونية لتحقيق المزيد من فرص المساواة بين الجنسين، وإزالة الهوة بين القوانين والواقع التطبيقي لضمان التطبيق الجيد لبعض القوانين المنصفة من النواحي الإدارية والقضائية. كما أوصت بصياغة وإعداد وتنفيذ استراتيجية لمواجهة الموروثات الثقافية والاجتماعية السلبية تجاه قضايا وأدوار المرأة في المجتمع، التي تعيق تمكين المرأة اقتصاديا في قطاع غزة، التعاون مع المنظمات المختلفة لتنشيط العمل وتطبيق المساواة بين المرأة والرجل وإشراك المرأة في كافة الأنشطة التي تساعد في تنمية المرأة ورفع مستواها، والتنسيق والتعاون مع المنظمات النسوية في العالم للاستفادة من تجارب هذه المنظمات، وتشجيع النساء للانتساب إلى الجمعيات والأحزاب السياسية، والمشاركة فيها ليكسبن الثقة بالنفس بأنهن شريكات في الوطن.** إضافة إلى زيادة الإنفاق الحكومي على التعليم والتدريب والتأهيل وكل ما من شأنه زيادة الفرص أمام النساء في العمل وتبوء مراكز صنع القرار، العمل على الحد من تسرب الإناث من التعليم الأساسي وخاصة في المناطق الفقيرة، والتركيز على محو أمية المرأة ثقافياً، وإنشاء شبكة تكاملية بين المؤسسات التنموية والتمويلية والنسوية لدعم وتطوير ومتابعة النساء صاحبات المشاريع الصغيرة لضمان استمرارية مشاريعهن وتمكينهن اقتصادياً.