بواسطة :
31-07-2014 08:55 صباحاً
9.4K
المصدر -
**
خطاب الملك محمد السادس للشعب المغربي في الذكرى 15 لاعتلائه عرش المملكة المغربية
*
هسبريس من الرباط- سلمان المالكي:
قال الملك محمد السادس، في خطاب وجهه اليوم إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى 15 لاعتلائه عرش المملكة، إن الخلاف ليس قدرا محتوما، وهو أمر طبيعي في كل التجمعات، فالاتحاد الأوروبي مثلا ، كان ولا يزال يعرف بعض الخلافات بين أعضائه، إلا أنها لا تصل حد القطيعة".
وأبدى العاهل المغربي أسفه في "التمادي في الخلاف لتعطيل مسيرة الاتحاد المغاربي"، في إشارة واضحة إلى الجزائر، معتبرا أنه "مهما كان حجم هذا الخلاف، فإنه لا يبرر مثلا استمرار إغلاق الحدود"، قبل أن يؤكد أن "الوضع بلغ حدا لا يفهمه ولا يقبله المواطن المغاربي".
ولفت الملك محمد السادس إلى أن عددا من الذين التقى بهم خلال جولاته وزياراته إلى عدد من الدول الشقيقة، كانوا يسألونه باستغراب عن أسباب إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر، ويطلبون رفع الحواجز بين الشعبين.
وزاد العاهل بأن "جوابه كان دائما أن المغرب مافتئ يدعو، منذ أزيد من ست سنوات، لإيجاد حل لهذا الوضع الغريب"، مبرزا أن "كل المبادرات المغربية الجادة، تقابل بتعنت ورفض ممنهج، يسير ضد منطق التاريخ والشرعية، ويتنافى مع حقوق شعوبنا في التواصل الإنساني والانفتاح الاقتصادي".
ودعا الملك إلى مواصلة اليقظة والتعبئة الجماعية لاستباق مناورات خصوم الوحدة الترابية، وقال ""نجدد الدعوة لمواصلة اليقظة والتعبئة الجماعية، واتخاذ المبادرات اللازمة، لاستباق مناورات الخصوم، فلا مجال للانتظار أو التواكل، ولردود الفعل ".
وأكد الملك، في خطاب العرش، حرصه على مواصلة انخراط كل القوى الحية للبلاد في الدفاع عن المصالح العليا للوطن وفي مقدمتها الوحدة الترابية "التي ستظل أسبقية الأسبقيات"، وكذا الالتزام بمبادرة تخويل الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا".
سياسة متناسقة تجاه إفريقيا
وتطرق الخطاب الملكي أيضا، في محور السياسة الخارجية للمملكة، إلى مكانة إفريقيا بالنسبة لدبلوماسية المغرب، حيث أكد التزامه بنهج سياسة متناسقة ومتكاملة، تجاه الأشقاء الأفارقة، ترتكز على الاستثمار المشترك للثروات، والنهوض بالتنمية البشرية، وتعزيز التعاون الاقتصادي".
وأورد الملك "إننا نؤمن بأن إفريقيا قادرة على تحقيق نهضتها، غير أن ذلك لن يتحقق إلا بالاعتماد على أبنائها، وعلى قدراتها الذاتية"، مشيرا إلى ما سبق أن قاله في أبيدجان: إن إفريقيا مطالبة بأن تضع ثقتها في إفريقيا".
واعتبر العاهل المغربي أن زياراته إلى عدد من الدول الإفريقية، وحجم ونوعية الاتفاقيات التي تم توقيعها تؤسس لنموذج متميز من الشراكة جنوب جنوب، التي نريدها تضامنية وفعالة".، قبل أن يشدد على التزام المغرب بالتعاون الثلاثي والمتعدد الأطراف من أجل شراكات متوازنة وذات النفع المتبادل مع دول الشمال".
وأمام تزايد التهديدات الأمنية، وخاصة بمنطقة الساحل والصحراء، جدد الملك الدعوة لضرورة التصدي الجماعي للتنظيمات الإرهابية التي تجد في عصابات الانفصال والاتجار في البشر والسلاح والمخدرات، حليفا لها، لتداخل مصالحها، والتي تشكل أكبر تهديد للأمن الإقليمي والدولي.
أوروبا وأمريكا وروسيا
وبخصوص العلاقات مع الاتحاد الأوربي، أكد الملك محمد السادس أن الوضع المتقدم، الذي يجمع بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يشكل مرحلة هامة في طريق توطيد شراكة مغربية أوروبية منصفة ومتوازنة".
وأوضح العاهل المغربي، في ذات خطاب العرش، أن "الوضع المتقدم الذي يجمع بلادنا بالاتحاد الأوروبي، ليس غاية في حد ذاته، وإنما يشكل مرحلة هامة في طريق توطيد شراكة مغربية أوروبية، نريدها منصفة ومتوازنة".
ولم يُخْف الملك في أن المغرب يولي أهمية كبرى لنجاح المفاوضات الجارية، من أجل التوصل إلى اتفاق للتبادل الحر شامل وعميق، كإطار للتقارب أكثر بين المغرب وأوروبا، ولإدماج الاقتصاد المغربي في السوق الداخلي الأوروبي".
وتطرق الخطاب أيضا إلى العلاقات التاريخية التي تربط المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية، معربا عن التزام الملك بتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، ولا سيما من خلال إيجاد آليات جديدة لدعم اتفاق التبادل الحر، ومواصلة الحوار الاستراتيجي.
وأشار إلى ما أضفاه لقاء الملك مع الرئيس باراك أوباما، في نونبر الماضي، من دينامية قوية على هذه الشراكة، بدأت تعطي ثمارها، سواء على الصعيد الثنائي أو على مستوى تطابق المواقف ووجهات النظر بخصوص قضايا التنمية والأمن بإفريقيا".
وتعزيزا لسياسة الانفتاح وتنويع الشراكات، شدد الملك محمد السادس حرصه على توطيد العلاقات العريقة، التي تجمع المملكة المغربية بكل من روسيا الفيدرالية، وجمهورية الصين الشعبية، والتي من المرتقب أن يزورهما خلال الأسابيع المقبلة.
إدانة للعدوان الإسرائيلي
ولم يكن للملك أن ينسى، في شق السياسة الخارجية بخطاب العرش، إدانته القوية للعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة"، مشيرا إلى تقديم المغرب دعما ماديا لضحايا هذا العدوان، وفتحه المستشفيات المغربية أمام الجرحي والمصابين منهم، وذلك إسهاما في التخفيف من معاناتهم، في هذا الظرف العصيب".
وذكر الملك محمد السادس بالتوصيات القوية التي أصدرتها لجنة القدس، بمناسبة انعقاد دورتها العشرين، بمدينة مراكش، دعما لمفاوضات السلام، وحفاظا على الهوية الروحية والحضارية للقدس، من الانتهاكات الإسرائيلية اللا مشروعة".
ولفت الخطاب إلى أن تلك الدورة عرفت أيضا اعتماد الخطة الاستراتيجية الخماسية لعمل وكالة بيت مال القدس الشريف، لدعم القطاعات الحيوية، من خلال مشاريع مضبوطة في برمجتها ووسائل تمويلها، مبرزا حرصه على مواصلة الوكالة لأعمالها الميدانية، وتقديم الدعم المباشر والملموس لهم، والتجاوب مع احتياجاتهم الملحة.
وتطرق الخطاب إلى الوضع الكارثي الذي تعرفه عدد من الدول العربية، موضحا أن الأزمة بكل من سوريا والعراق، ليست إلا تجسيدا لهذا الوضع الخطير، الذي تغذيه السياسات الإقصائية والصراعات المذهبية والطائفية، وهو ما يؤدي إلى مضاعفة حجم المأساة الإنسانية، التي يعانيها هذان الشعبان".
*