بواسطة :
16-04-2014 08:10 مساءً
8.0K
المصدر -
نورة العمرو:
*
**** كثر اللغط خلال الأسبوعين الماضيين عن الحقيقة الوبائية لبؤر جدة وتضاربت الآراء حول مفاهيم أساسية في علم الوبائيات وبدأ الإفتاء الصحي من دون مرجعية علمية واضحة لتتكامل هذه العوامل منتجة تربة خصبة للشائعات.*
هل نحن على أعتاب وباء؟ لا أحد يملك الإجابة، نفيا أو تأكيدا، سوى وزارة الصحة حيث أنها الجهة التي تملك بيانات البؤر دون سواها من القطاعات الصحية الأخرى وأيضا لغياب النقابات المهنية الصحية والجمعيات الأهلية الصحية كجمعيات حقوق المرضى والتي غالبا ما تساهم في تقييم واقع التفشيات والأوبئة بأنظمة ترصدها المتوازية مع نظام ترصد الأوبئة التابع لوزارة الصحة كما هو حاصل في دول العالم المختلفة.**
وبما أننا لا نملك هذا البعد الغائب من ترصد الفاشيات والأوبئة فليس لنا سوى وزارة الصحة وبياناتها الإعلامية كمصدر لتقييم الوضع الراهن بخصوص بؤر جدة والرياض.
*
*ذكرت وزارة الصحة بأن وضع بؤر جدة مطمئن ولا يعد وباء وهو ما نأمل بأن يكون صحيحا حتى مع الارتفاع السريع في أعداد الحالات في مدة قصيرة، وذكرتُ هنا أن هذا ما نأمله من دون تأكيده أو نفيه لأن وزارة الصحة لم تقم بتدعيم بياناتها الإعلامية بالإثباتات بأنه ليس تفش أو وباء.*
ما هو تعريف الوباء على أي حال؟ هل هو ١٠٠ حالة خلال يوم مثلا؟ صرحت وزارة الصحة مرارا وتكرار بأن حالات كورونا ضمن المعدل الطبيعي، ولكن ما هو المعدل الطبيعي؟
تصريح وزارة الصحة صحيح لو أنها قامت بتعريف "المعدل الطبيعي"، ففي علم الوبائيات لا يوجد ما يسمى المعدل الطبيعي للأمراض، حيث أن المعدل الطبيعي هو انعدام حدوث المرض وتحقق الصحة بمفهومها الشمولي.*
*ومع ذلك، سنفترض أن الوزارة تقصد مستوى المرض المرجعي (مستوى التوطن) والذي تعرفه منظمة الصحة العالمية كعدد الحالات المتوقع في مجتمع محدد ووقت محدد، ويعرفه مركز التحكم بالأمراض الأمريكي بعدد الحالات المتوقع في مجتمع محدد او منطقة جغرافية محددة أو موسم محدد.*
إذا ما هو العدد "المتوقع" لحالات أي مرض؟ قام مركز التحكم بالأمراض الأمريكي بشرح مفصل لكيفية تحدد العدد المتوقع اعتمادا على نوع المرض وانتشاره، فعلى سبيل المثال، حالة واحدة من شلل الأطفال أو الطاعون تعد تفشيا ووباء لأنها تعد أمراض نادرة أو تم القضاء عليها ويندرج تحت هذا التصنيف الأمراض المعدية الجديدة كفيروس كورونا، وعلى الجانب الآخر فإن هناك أمراض انتشارها واسع كالانفلونزا الموسمية والتي قد تعد تفشيا عندما تزداد نسبة زيارات المواطنين والمقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية للعيادات الخارجية بسببها عن ٢٪ من العدد الكلي للزيارات، علما بأن ال ٢٪ هو أحد المؤشرات التي تستخدم مع ٥ مؤشرات أخرى لتحديد مستوى الانفلونزا المرجعي الوطني الأمريكي، أما في المملكة فإننا لا نملك أي إحصائية وطنية عن الانفلونزا الموسمية ونشاطها.*
*متى ما تم تحديد المستوى المرجعي للمرض والعدد المتوقع للحالات فإن تعريف التفشي أو الوباء من عدمه يعد إجراء روتينيا فكل ما تحتاجه وزارة الصحة هو مقارنة عدد الحالات في المجتمع (أو المرفق الصحي) المحدد بالزمان (الموسم) المحدد وتشخص الواقع.*
ومع ذلك، فإنه من المهم فهم معنى التفشي والوباء، فكلاهما زيادة عدد الحالات عن المستوى المرجعي للمرض للمكان والزمان المحدد ولكن الوباء عادة يطلق على التفشي الذي يمتد على رقعة جغرافية أوسع كمناطق أو دول.*
*نعود للسؤال المهم الآن، هل ما يحصل في بؤر جدة حاليا هو تفشي أو وباء؟
* نحن نعلم أن الحالات في ازدياد ولكن لا نعلم ما هو المستوى المرجعي لكورونا والذي استندت إليه وزارة الصحة في تطميناتها، فالمستوى المرجعي المتوفر لكورونا في جدة، مثلا، خلال شهر ابريل منذ تسجيل أول حالة في العام ٢٠١٢ هو صفر اعتمادا على البيانات الإعلامية في موقع وزارة الصحة.
ذكرت وزارة الصحة تطمينا أن الفيروس لا ينتقل بسهولة بين البشر، وهو تطمين صحيح بناء على بؤر كورونا السابقة والتي تم فحص تسلسل الفيروس الجيني حينها وأظهر مؤشرات ضعيفة على استدامة الانتقال من إنسان إلى إنسان، ولكن لا يمكن الاعتماد على ذلك وخصوصا أن التسلسل السابق مر عليه عام كامل ومن بؤرة مختلفة وكما هو معروف في أبجديات علم الفيروسات، فإن الفيروسات تتطور وتتحور جينيا مع كل بؤرة جديدة.
* ولذلك فإن الاعتماد على على تسلسل جيني قديم والإعتقاد بأن السبب الرئيسي لبؤر جدة المتعددة هو ضعف إجراءات مكافحة العدوى في المستشفيات من دون إجراء تسلسل جيني للفيروس من كل بؤرة حالية لا يدعم التطمين السابق.*
من المؤكد أن وزارة الصحة هي الوحيدة التي تملك الأدلة لتدعيم تطمينها ولا يملكه سواها وكل ما تحتاجه هو إضافتها لبياناتها الإعلامية وحينها نقول بصوت واحد استمعوا لوزارة الصحة فقط!