لم يعد منزل «لورنس العرب» التاريخي في مدينة ينبع موجوداً في الذاكرة إلا لدى قلة من كبار السن والمعمّرين الذين يتناقلون من إلى آخر قصة ضابط يدعى لورنس الإنكليزي، سكن منزلاً صغيراً قبل نحو 100 عام، ومظهره وهو يتنقل في أحياء وأسواق ينبع بالملابس العربية، وتحديداً بثوب المحاريد والعباءة والغترة والعـقال المقـصب ويتوسطه خنجر. يتداول الناس في تلك الحقبة الزمنية سر وجود شخص يدعى لورنس العرب ضيف الشريف، ونسج البعض القصص والحكايات حول شخصيته الغامضة، التي سيطر عليها الخيال والفنتازيا، وكان منزله الذي يقطنه في أشهر أحياء ينبع يطلق عليه «السور»، أو الحي الذي تسكنه في تلك الفترة أغلب الأسر الكبيرة وعلية القوم في ينبع. المنزل لا يزال موجوداً في حاله الأصلية، إلا أن أركانه تأثرت بحكم الزمـن والعوامل المناخية. وطوال عقود لم يكن أمر المنزل يهم أحداً، إلا أن إعادة تأهيل وترميم عدد من المباني والمواقع المهمة في المنطقة التاريخية في ينبع أخيراً من جانب هيئة السياحة والآثار، ومطالبة عدد من المهتمين بالتراث والمتخصصين في السياحة بالاهتمام بمنزل «لورنس» وترميمه، أعادتا الحياة إلى المنزل وساكنه القديم. ويقع ضمن المنطقة التاريخية، التي يراد منها أن تكون وجهة سياحية نظير ارتباطها بالفترة التي قضاها لورانس في ينبع في العهد العثماني. وقال الباحث التاريخي صالح السيد وفقا لصحيفة «الحياة»: «كان أول وصول لتوماس إدوارد (لورنس العرب) إلى ينبع في تشرين الثاني (نوفمبر) 1916، بعد تعيينه ضابط ارتباط بين القوات البريطانية والعربية مطلع القرن الماضي، قبيل اندلاع الثورة العربية آنذاك، وكان قادماً من معسكر الشريف فيصل بن الحسين في قرية الحمراء بوادي الصفراء، وأرسل معه 14 رجلاً من جماعة الشريف عبدالكريم بن بديوي لإيصاله إلى ينبع». وأقام «لورنس» حينها في ضيافة حاكم ينبع عبدالقادر العبدو ومكث بها أربعة أيام، موضحاً أن المنزل الذي نزل فيه «لورنس» لا يزال قائماً حتى اليوم، وكان ملكاً لإحدى الأسر المعروفة بينبع، مشيراً إلى أن المنزل صغير، يتكون من طابقين وغرفة نوم ومجلس صغير، وكانت مساحته تبلغ 50 متراً مربعاً، فيما يطل على ثلاث جهات، الجنوبية وتشرف على السوق القديم، والشمالية وتطل على مقبرة ينبع القديمة، والغربية التي تطل على البحر والميناء التجاري لينبع. وتردد «لورنس» على ينبع كثيراً، وظهر المنزل في الصورة التي التقطها «لورنس» شخصياً من كاميرته، ويقع المنزل في حي السور بين منزل السيد حامد سيبيه ومنزل لطفي مقدم.
المصدر -