المصدر - تقرير : هيئة المساحة الجولوجية:
الزلازل التاريخية
ذكرت مصادر تاريخية أنه على أقل تقدير عبر الألف سنة الماضية وقعت زلازل شعر بها الأهالي في داخل حدود المملكة العربية السعودية، وقد عُرفت أماكن وقوعها بشكل تقريبي جداً نظراً لانخفاض عدد السكان وقلة السجلات في الماضي. تشير الإحصاءات الحالية إلى أن السجلات التاريخية حول الأنشطة الزلزالية غير مكتملة إلى حدٍ كبير، حتى بالنسبة للزلازل التي بلغت قوتها 6 درجات أو أكبر من ذلك. ومن الأحداث الموثقة بشكل جيد وقوع أحد الانفجارات البركانية، أو تدفق الحمم البركانية في حرة رهاط قرب المدينة المنورة في عام 654 هـ (1256م)، الذي صاحبه نشاط زلزالي ملحوظ ولا تزال هذه المنطقة تشهد نشاطاً زلزالياً منخفضاً حتى الآن. ومن المعروف أن آخر حدث زلزالي هام هو زلزال "حقل" الذي وقع عام 1995 م في خليج العقبة (بقوة 7.3 عزم زلزالي) نجم عنه أضرار كبيرة أثرت على المدن الواقعة على جانبي خليج العقبة، وشعر به الناس على بعد مئات الكيلومترات. كما أن الزلازل التي تبلغ قوتها 6 درجات وتحدث على طول محور البحر الأحمر، لا يشعر بها أهالي المدن الواقعة على جانبي البحر الأحمر، إلا أنها قد تشكل خطراً محسوساً على البنية التحتية.
وفي الآونة الأخيرة، وقع زلزال متوسط في عام 2009 قوته 5.4 درجة في حرة الشاقة (لونيير) إلى الشمال من مدينة ينبع، مرتبط بنشاط الجسم الصهاري في أعماق القشرة الأرضية الضحلة، وعلى الرغم من انه لم تحدث سوى أضرار طفيفة في الممتلكات، إلا أنها تشير إلى احتمال حدوث بعض المخاطر المرتبطة بالزلازل في الدرع العربي .
الأنشطة الزلزالية في المملكة العربية السعودية وما حولها
يوضح الشكل أدناه توزيعات البؤر الزلزالية التي يزيد قوتها عن درجتين على مقياس ريختر في قائمة الزلازل بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية خلال السنوات حتى عام 2009م، إن تحديد مواقع الزلازل التاريخية (قبل استخدام الأجهزة المتطورة) يكون في الغالب عرضة للأخطاء الواضحة المتعلقة بموقعه، ربما بما يزيد على مساحة 100 كيلومتر لبعض الأحداث، حيث تعتمد دقة مواقع وأعماق البؤر الزلزالية المحددة بأجهزة الرصد الزلزالي على عدد المحطات والمسافة بين الأحداث الزلزالية ومحطات رصدها ومدى التغطية بعدد كاف من المحطات من جميع الجهات، لذا تقوم هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بتركيب العديد من محطات الرصد الزلزالي الجديدة والمجهزة بأحدث المعدات في المملكة، ويجري تحديث البيانات والمعلومات الزلزالية باستمرار.
يعكس النشاط الزلزالي عام 2009م حدوث البؤر الزلزالية في اتجاهات محددة نظراً للتحسن الكبير في دقة المواقع المحددة في السنوات الأخيرة مع ازدياد وتحديث محطات شبكات الرصد الزلزالي في المملكة العربية السعودية. وبصرف النظر عن المستوى المرتفع المتوقع للنشاط الزلزالي على طول حدود الصفيحة الرئيسية، تجدر الإشارة إلى أن هناك نشاطاً زلزالياً منخفض المستوى ومستمراً في منطقة الدرع العربي، كما يوجد نشاط زلزالي ملحوظ بمنطقة حرة الشاقة (لونيير) ، على بعد حوالي 120 كلم إلى الشمال الشرقس من مدينة ينبع. وبما أن هذه منطقة نشاط زلزالي مستمر منذ بدأ الرصد الزلزالي عام 2007، إلا أنها قد تعرضت لنشاط زلزالي ملحوظ في الآونة الخيرة مرتبطاً بنشاط الجسم الصهاري في النصف العلوي من القشرة الأرضية.
البؤر الزلزالية في المملكة العربية السعودية وحولها في كل السنوات
حتى عام 2010
الهزات الأرضية في حرة الشاقة (لونيير)
منذ أواخر عام 2007 حدثت حشود من الهزات الأرضية بلغت أكثر من ثلاثين ألف هزة في حرة الشاقة (لونيير) ، وهي حقل من االطفوح البركانية البازلتية تابعة للعصر الجيولوجي الهولوسيني , وتقع غرب المملكة العربية السعودية شمال شرق مدينة ينبع.
حدثث معظم الأنشطة الزلزالية الأخيرة بالقرب من تقاطع القواطع الممتدة على طول ساحل البحر الأحمر (غير نشطة إلى حد كبير) مع أحد الصدوع التحويلية للبحر الأحمر الممتدة داخل سحل البحر الأحمر، كما تمدت بعض هذه الصدوع التحولية إلى داخل الدرع العربي ووتقاطع مع شبكة من صدوع تابعة لعصر ما قبل الكمبري. على الرغم من أن الكثافة السكانية متناثرة في المنطقة، وأقرب مدينة هي العيص التي تبعد أكثر من 40 كيلومتراً من المركز الرئيسي للنشاط الزلزالي، فقد أنشئت شبكة محلية صغيرة فيها 12 أجهزة محطات رصد زلزالي واسعة المدى لقياس الزلازل في المنطقة لرصد النشاط الزلزالي.
حدث نشاطاً زلزالياً ملحوظاً يوم 19 مايو 2009م في حرة الشاقة (لونيير) شمال شرق مدينة ينبع، حيث تم تسجيل 19 هزة أرضية بلغت قوتها أكبر من 4 درجات على مقياس ريختر، بما في ذلك الزلزال الذي قوته 5.4 درجة على مقياس ريختر، وتسبب في خسائر طفيفة في الإنشاءات والمباني بمدينة العيص الواقعة على مسافة40 كلم جنوب شرق منطقة النشاط الزلزالي. وقد تم إسقاط البؤر الزلزالية لتسلسل الهزات الأرضية الرئيسة التي وقعت من تاريخ 13 مايو إلى 7 يونيو 2009 (حوالي 950 هزة) بشكل نقاط على صورة عرضها حوالي 36 كم في موقع Google Earth، المناطق الداكنة في الصورة توضح الطفوح البركانية المتدفقة (الحرّات). والألوان الأخرى تشير إلى قوى الهزات المسجلة، فيشير اللون الأزرق إلى الزلازل الصغيرة أقل من 2 درجة واللون الأزرق االتركواز إلى قوى الزلازل ما بين 2- 3 درجات، واللون الأخضر ما بين 3-4 درجات ثم الأحمر ما بين 4- 5 درجات ثم إلى أكبر حدث وهو الزهري ويُشير إلى الزلزال الذي حدث في 19 مايو والذي بلغت قوته 5.4 درجات على مقياس ريختر.
الزلازل في منطقة حرة الشاقة( لونيير) في 13مايو إلى 7يونيو 2009م
تم توقيع الهزات الأرضية على خريطة المشتقة الأولى العمودية للمجال المغناطيسي المرجعة إلى القطب بهدف ربط النشاط الزلزالي مع التراكيب النباتية للمنطقة، حيث يتضح أن المنطقة ذات الترددات المكانية العالية (تفاصيل عالية السعة) التي تغطي جزءاً كبيراً من وسط الصورة ترتبط مكانياً مع مناطق الطفوح البركانية السطحية التي تميل إلى أن تكون أكثر مغناطيسية من الصخور المحيطة فيها. تمتد منطقة النشاط الزلزالي بإتجاه الشمال إلى الشمال الغربي تقريباً بالتوافق مع إمتدادات لقواطع وصدوع واضحة تتجه إلى الشمال الغربي لهذه الصورة المغناطيسية. يرجع عمر هذه القواطع الإقليمية لحقب الحياة الحديثة التي نشأت خلال مرحلة التصدع الأولية التي حدثت في بداية إنفتاح البحر الأحمر. يبدو أيضا في الخرائط المغناطيسية أن هناك بعض الاتجاهات نحو الشمال الشرقي تقطع الحرات، وهذه قد تمثل استمرار نظام الصدع التحويلي الساحلي لنظام الصدع التحويلي البري. وبالتالي فإن النشاط الزلزالي الحديث قد يكون بسبب عودة النشاط لمناطق الضعف الواقعة في شبكة الصدوع المتقاطعة، على الرغم من أنه في مناطق أخرى يبدو أن نظام القواطع الساحلية غير نشط إلى حد كبير.
مقارنة خريطة المشتقة الأولى المغناطيسية العمودية المرجهة إلى القطب في منطقة حرة الشاقة مع بؤر الزلازل في الفترة من 13 مايو وحتى 7 يونيو 2009م.
أثناء الحدث الذي وقع في 19 مايو 2009، ظهرت تشققات سطحية بطول 8 كيلومترات في الجزء الشمالي من سطح حرة الشاقة، وقد أوضحت الصور الفضائية الأولية بالقمر الاصطناعي (InSAR) حدوث رفع في سطح الحرة، على مدى عشرات من الكيلومترات في المنطقة، مع حدوث أخدود خسفي مركزي، مع وجود انتفاخ بمنطقتين على جانبي القاطع الحديث وانخساف بينهما، وتم تحديد أبعاد هذه التشوهات، وقد كانت مفيدة في تحديد عمق الجسم الصهاري، حيث اتضح وجودها على عمق اقل من 5 كم، فيما أن عرض الجسم الصهاري حوالي 2 م تقريباً، مع ظهور مستويات ضحلة من الجسم الصهاري (بعمق حوالي 2 كم) ، مع حدوث توتر في القشرة الأرضية متجه نحو الشمال الشرقي في هذه المنطقة من حافة البحر الأحمر. ونحمد الله أن الصهارة لم تصل إلى سطح الأرض، وعلى الرغم من انخفاض في مستوى النشاط الزلزالي حالياً، فقد واصلت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية مراقبة المنطقة من كثب.
صورة مبدئية بالقمر الاصطناعي (InSAR) أنتجتها هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية، توضح حدوث ارتفاع في سطح الأرض وتشوهات مصاحبة للهزة الأرضية التي حدثت في 19 مايو 2009 م في حرة الشاقة (لونيير). حدث ارتفاع في سطح الأرض على نطاق واسع امتد لمسافة عشرات من الكيلومترات، مع حدوث أخدود خسفي مركزي يحده صدعين في منطقة الهزات الأرضية.