المصدر -
من المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى أدنى مستوياته في العام 2016 نتيجة لبلوغ الآثار المترتبة على تراجع أسعار النفط على موازنات الدول وإيراداتها إلى ذروتها، بحسب تقرير صادر أمس عن شركة «كامكو للاستثمار» الكويتية.
ومن المتوقع ارتفاع الإيرادات النفطية وغير النفطية في المستقبل بفضل ارتفاع الإنتاج النفطي، إضافة إلى تكريس الجهود لتطوير القطاع غير النفطي. وقد أدى الانتعاش الجزئي في أسعار النفط إلى تسجيل ارتفاع طفيف في نسبة ميزان الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016 مقارنة بالتوقعات السابقة. وسوف تكون المملكة العربية السعودية أكبر الدول المساهمة في العجز بنسبة %83 في العام 2016، حيث بلغ العجز الحالي ما نسبته %6.6 من الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام. من جهة أخرى، تظل مستويات الدين في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة المملكة العربية السعودية وقطر والكويت عند مستويات هامشية، مقارنة بالمعايير الدولية. وعلى الرغم من ذلك، فإنه من أجل تمويل العجز المتوقع في المستقبل، حتى تلك الدول التي تتطرق بشكل متزايد لأسواق الدين الدولية، ولأن الملاءة المالية لدول مجلس التعاون الخليجي لا تزال قوية نسبيا، فإن ذلك من شأنه أن يساعد في الحد من التكلفة الإجمالية لإصدار الدين.
التضخم
كما يبقى التضخم ضمن الحدود المثالية بالنسبة لكافة دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن يفوق ارتفاع الأسعار معدلاته التاريخية في العام 2016 بحوالي %3.6، إلا أنه من المتوقع أن ينخفض إلى %2.6 في العام 2017. هذا ولا يزال الإقراض الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي مرتفعاً من خلال مواصلة البنوك طرح تسهيلات ائتمانية مع وجود تأثير محدود وخاص بدول بعينها على السيولة. وتتجه حكومات دول مجلس التعاون الخليجي كافة نحو تنفيذ ضريبة القيمة المضافة اعتباراً من العام 2018، فيما يعد من وجهة نظرنا خطوة في غاية الإيجابية، وفقا لتقرير «كامكو».
التوقعات
على الرغم من أن معدلات النمو الاقتصادي والتوازن المالي لدول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط قد تراجعات إلى مستويات غير مسبوقة من قبل، إلا أن بحوث كامكو تعتقد بأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى بذل الجهود والمبادرات من جانب كل دولة على حدة، وما لذلك من فوائد كامنة على المدى الطويل. وقد بدأ اعتبار تحويل الاستثمارات نحو القطاعات غير النفطية كسبيل لتحقيق النمو المستقبلي. كما تواصل الحكومات متابعة الخطط البديلة للطاقة نظراً لفوائدها بعيدة المدى. ويجري الآن تخفيض الدعم المرتبط بالطاقة وترشيد الاستهلاك بمعدل أسرع بكثير، والتي كانت سيتم استبعادها في ظروف أخرى أخذاً في الاعتبار سياسة التهدئة. إضافة إلى ذلك يتم استعجال تنفيذ المشاريع ويتم مراقبتها لتجنب أي تأخير، على أنه من المرجح أن يتم استكمال المشروعات المستقبلية الرئيسية فقط.
الضرائب
كما يجري تطبيق الضرائب على المستوى الإقليمي، بالإضافة إلى تطبيق بعض الضرائب على مستوى المشروعات نفسها، مثل مشروع السكك الحديدية على سبيل المثال. وتم الإعلان عن خطط التحول الاقتصادي، كما شوهد من إعلان المملكة العربية السعودية لرؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني والتي ستكون بمثابة خارطة طريق للنمو الاقتصادي في المستقبل. علماً بأنه من المقدر تراجع نمو القطاع النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنه على الرغم من ذلك فإن تأثير تقليص الإنتاج على العائدات النفطية سوف يكون ضئيلا للغاية، ومن المتوقع أن يقابله مكاسب ارتفاع أسعار النفط الناتجة عن هذا القرار.
المخاطر الرئيسية
قد يؤدي تراجع الإنفاق الحكومي على بعض المشاريع غير الضرورية إلى فقدان بعض المكاسب على المدى الطويل. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يمكن أيضا أن يكون لها تأثير على أنشطة المشروعات بما قد ينتج عنه تأخر تسليمها، كما قد يؤثر على التوظيف. إلى جانب أن مخاطر تصاعد التوترات الجيوسياسية الناتجة عن الصراعات الإقليمية الجارية في منطقة الشرق الأوسط من شأنه أن يضعف معنويات المستثمرين. كما أن تباطؤ الصين وتأخر الانتعاش في أوروبا قد يؤثرا على معدلات النمو عالمياً. حيث إن معدلات النمو العالمية تعد حالياً في أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية ويجب أن تسترد عافيتها تدريجياً على المدى القريب لتجنب وضع ضغوط إضافية على المنطقة.
ولا يزال تحدي خلق فرص عمل في القطاع الخاص لمقابلة النمو المتزايد لقطاع الشباب قائماً، لذا تعكف حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على اتخاذ مبادرات توفير فرص العمل للمواطنين في القطاع الخاص وتحسين الإنتاجية في القطاع العام. كما يتعين رصد الضغوط الواقعة على كافة أنواع الموارد بما في ذلك الغذاء، والمرافق (المياه والكهرباء) والعقار الناتجة عن تزايد التعداد السكاني.