المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 18 أبريل 2024
إنخفاض أسعار النفط قد يدفع السياسات المالية لدول الخليج نحو التقشف
بواسطة : 26-10-2014 07:51 صباحاً 9.3K
المصدر -  

الغربية ـ زيد العتيبي :

يؤجج الهبوط الحاد لأسعار النفط مخاوف دول منتجة للنفط حول العالم على ميزانيتها وسياستها المالية، وسط قلق متنام بشأن الحركة السعرية الهبوطية للخام. وبدت تلك المخاوف في دول الخليج أكثر إلحاحا في ظل اعتماد ميزانياتها على الخام لتمويل الجزء الأكبر من الموازنات العامة للبلاد.

وهبط سعر خام برنت إلى أدنى مستوياته في 47 شهرا منتصف الشهر الحالي، لينزل عن 84 دولارا للبرميل مع ضعف النمو العالمي. وسجل النفط أكبر خسائره اليومية في أكثر من ثلاث سنوات أيضا بعد أن خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للطلب العالمي على الخام لعامي 2014 و2015. وتلقي زيادة المخزونات الأميركية بظلالها على أسعار الخام. وأظهرت بيانات للحكومة الأميركية زيادة كبيرة في مخزونها، الأمر الذي أحبط تعافيا لأسعار النفط التي سجلت أدنى مستويات سعرية خلال الأعوام الأربعة الماضية. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية يوم الأربعاء الماضي إن مخزونات الخام ارتفعت إلى 7.11 مليون برميل متخطية تنبؤات المحللين بزيادة قدرها 2.7 مليون برميل، وكانت هذه ثاني زيادة أسبوعية على التوالي في مخزونات الخام الأميركي.

وأظهر تحليل لميزانيات الدول الخليجية الست أن السيناريو الأكثر سوءا هو انخفاض أسعار النفط دون مستوى 75 دولارا للبرميل، حيث ينتظر أن يؤدي هذا لتغيير على المدى القريب في السياسات المالية لبعض دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى المدى المتوسط في بعض البلدان الأخرى. وتوقع محللون لـ«الشرق الأوسط» أن يؤثر انخفاض أسعار النفط على الدول الخليجية بدرجات متفاوتة وفقا لاعتماد الحكومات على النفط في تمويل الميزانيات، وإن كانت معظم البلدان ستشهد تأثرا فوريا في معدلات الإنفاق العام، مع احتمال لجوء بعض الدول إلى تسييل أصول مملوكة لها لتمويل العجز المنتظر.

والنفط يشكل ما يربو على نصف الناتج المحلي لدول الخليج مجتمعة بنسبة 49 في المائة، وتمتلك دول مجلس التعاون أكبر احتياطي نفطي عالمي يقدر بـ486.8 مليار برميل، بما يعادل 35.7 في المائة من إجمالي الاحتياطي العالمي من النفط، وما نسبته 70 في المائة من إجمالي الاحتياطي العالمي لأوبك، وفق آخر التقارير الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية.

وتعتمد موازنات الدول الخليجية بشكل كبير على سعر برميل النفط في احتساب موازناتها العامة، حيث يحدد سعر البرميل ما إذا كانت الموازنة ستحقق فائضا أم عجزا في نهاية السنة المالية. وتهتم الدول المنتجة للبترول بصفة عامة بسعر تعادل برميل النفط مع ميزانيتها، وهو سعر برميل النفط الذي تحتاجه كل دولة حتى لا تشهد ميزانيتها عجزا ماليا وتضطر إلى الاستدانة أو استخدام موارد أخرى كالاحتياطات المالية لتغطية وسد العجز.

وتختلف تقديرات سعر التعادل بين الجهات والمنظمات، فعلى سبيل المثال فإن صندوق النقد الدولي قدر سعر تعادل السعودية العام الحالي عند 85 دولارا للبرميل، فيما يضع البنك الأهلي التجاري السعودي هذا السعر في مستويات 87.5 دولارا للبرميل، ويضعه مصرف «أبيكورب» المملوك للدول العربية المصدرة للبترول بنحو 95 دولارا، فيما تشير تقديرات «دويتشه بنك» الألماني إلى أن تقديرات أسعار النفط اللازمة لتحقيق التوازن في ميزانيات 2014 تبلغ في الكويت 75 دولارا للبرميل، وفي الإمارات 70 دولارا، وفي السعودية 93 دولارا، وفي قطر 65 دولارا، وفي سلطنة عمان 102 دولار، والبحرين 119 دولارا.

ويظهر تحليل «الشرق الأوسط» لميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي حلول الكويت بالمرتبة الأولى خليجيا من حيث الاعتماد على النفط الذي شكل نحو 64 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام المالي المنصرم، فيما احتلت دولة قطر المرتبة الثانية في تلك القائمة حيث بلغت نسبة القطاع النفطي من الناتج المحلى نحو 54 في المائة. وجاءت عمان في المرتبة الثالثة بين تلك الدول حيث هيمن القطاع النفطي على 49 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وحلت المملكة العربية السعودية في المرتبة الرابعة بين تلك القائمة بنسبة 47 في المائة، فيما جاءت الإمارات في المرتبة الخامسة من حيث إسهام القطاع النفطي بنسبة بلغت 33 في المائة، وحلت البحرين المركز الأخير في القائمة بنسبة 28 في المائة.

وقال تقرير لمعهد أكسفورد للطاقة، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن المملكة العربية السعودية ستحقّق عجزا في موازنتها في حال تراجعت أسعار النفط إلى 83 دولارا للبرميل. وأضاف المعهد في تقريره أن وصول سعر البرميل النفط إلى 83 دولارا للبرميل سيؤدي إلى حدوث عجز قدره 56.8 مليار دولار، مضيفا أنها قد تحتمل انخفاض أسعار النفط في المدى القريب، بفضل تراكم الأصول الأجنبية الكبيرة لديها.

وقال جياس جوكينيت، اقتصادي أول لدى معهد الصيرفة العالمي، إن «هبوط أسعار النفط سيلقي بظلاله مباشرة على الإيرادات والفوائض المالية للدول الخليجية، ولكن مع الوضع في الاعتبار خصوصية كل دولة من حيث حجم الإنتاج والفوائض المالية الموجودة فعليا والتي يمكنها رفد موارد الميزانية في مثل تلك الأوقات التي تنخفض فيها أسعار النفط».

وحققت دول مجلس التعاون فائضا ماليا ناهز الـ147 مليار دولار خلال عام 2013، فيما سجلت البحرين عجزا ماليا بلغت قيمته 1.3 مليار دولار.

وجاءت على رأس قائمة الأعلى بالفوائض المالية بين دول التعاون المملكة العربية السعودية بنحو 55 مليار دولار، مستحوذة على نحو 37 في المائة من إجمالي الفائض المالي لدول الخليج العام الفائت. بينما جاءت دولة الكويت في تلك القائمة في المرتبة الثانية بفائض مالي بلغ نحو 34.1 مليار دولار، مثلت ما نسبته 23 في المائة من الإجمالي. وحلت ثالثا دولة الإمارات بفوائض قدرت بنحو 29.7 مليار دولار مستحوذة على 20 في المائة من إجمالي الفوائض. واستحوذت دولة قطر على المرتبة الرابعة بنسبة 17 في المائة حيث بلغت فوائضها هذا العام نحو 25.3 مليار دولار، وحلت بالمرتبة الأخيرة سلطنة عمان بنحو 4 مليارات دولار مثلت نسبة 3 في المائة.

وتظهر حسابات «الشرق الأوسط» بلوغ فوائض الميزانية في دول الخليج الست مجتمعة نحو 10.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2013. وفي حال احتساب أسعار النفط عند مستوى 75 دولارا للبرميل في المتوسط لدول المجلس فإن تلك الفوائض قد تتراجع إلى 8.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في 2014. ويضيف جوكنيت أنه «في دولة على غرار السعودية لن نرى عجزا في الميزانية على المدى القريب على الرغم من معدلات الإنفاق المرتفعة على المشروعات الحكومية في ظل وجود رصيد قوي من الاحتياطيات الأجنبية، وقد يمثل الأمر معضلة لدول أخرى على غرار سلطنة عمان والبحرين حيث ينتظر أن نرى تباطؤا في وتيرة الإنفاق الحكومي خلال الفترة المقبلة».

وتاريخيا، لم تنج دول الخليج من عجز الموازنة في أوقات انخفاض أسعار النفط. وتشير بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2004 إلى أن العجز بموازنات الدول النفطية في عامي 1998 و1999 كان ملحوظا، ففي السعودية بلغ 8.8 في المائة و6 في المائة على التوالي، وفي الكويت لنفس العامين كان 4.6 و13.5 في المائة، وفي الإمارات 16.1 و14.5 في المائة.

ويقول أرغون شوكالا، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط لدى «ماكسويل ستامب»، إنه «طالما تميز إنفاق الدول الخليجية بالسخاء في الفترة التي ارتفعت فيها أسعار النفط ووصلت لذروتها على مدى الأعوام الماضية، وقد نرى تراجعا في السياسات المالية لدول المجلس على مدار الأعوام المقبلة، مع الوضع في الاعتبار أن الهبوط في أسعار النفط قد يدفع بعض الدول إلى اللجوء إلى الاحتياطيات الضخمة أو ربما تسييل أصول مملوكة لها بالخارج».

ووفقا لمعهد الصيرفة الدولية فقد ارتفعت معدلات الإنفاق لدول الخليج بنسبة بلغت 8.2 في المائة في عام 2013، مقارنة بالعام السابق عليه، في ظل توقعات بنموها بنسبة تبلغ 4.8 في المائة في 2014. ويضيف شوكالا ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول تأثير عجز الميزانية في حال حدوثه على دول مجلس التعاون، قائلا «سيختلف التأثير بكل تأكيد من بلد إلى آخر، لكننا قد نرى رفعا في برامج الدعم عن الطاقة، وهو ما سيصاحبه ارتفاع الضغوط التضخمية».

وترى وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني أن الآثار المترتبة على تراجع أسعار النفط ستكون بين محايدة وسلبية للعديد من الدول الخليجية. وأضافت الوكالة أن انخفاض الأسعار سيؤثر على جودة الائتمان السيادي بدرجات متفاوتة وتحديدا لدول البحرين وعُمان الأكثر عرضة للتعديل نحو الانخفاض المحتمل لتصنيفاتها السيادية بسبب تراجع إنتاج النفط فيهما.