المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

  • ×
الأربعاء 31 ديسمبر 2025
من الخيال إلى العلم، رحلة طاقية الإخفاء.
د.هاشم بن محمد الحبشي
بواسطة : د.هاشم بن محمد الحبشي 31-12-2025 12:31 صباحاً 1.1K
المصدر -  
لطالما كان حلم الاختفاء حبيس الخيال والأساطير، وتجسد في الثقافة الشعبية العربية عبر طاقية الإخفاء التي اشتهرت في أفلام الفنان إسماعيل ياسين. ما كان مجرد خيال كوميدي أصبح اليوم موضوعًا بحثيًا جادًا في عالم المواد الفوقية (Metamaterials)، حيث يمكن التحكم في مسار الضوء وحني الموجات الكهرومغناطيسية حول الأجسام لخلق وهم بصري للفراغ والاختفاء.

يعتمد مبدأ التخفي الحديث على توجيه الضوء حول الجسم بدلاً من إخفائه بالطرق التقليدية مثل الامتصاص أو الانعكاس. تصنع المواد الفوقية هندسيًا لتثني الموجات الضوئية بسلاسة، كما يلتف النهر حول صخرة، قبل أن تعود إلى مسارها الأصلي. نتيجة ذلك، يصل الضوء إلى عين الناظر دون أي تشويش، فيحدث وهم الفراغ وكأن المكان خالٍ تمامًا.
أبحاث DARPA تمثل نقلة نوعية من التخفي في زوايا محددة إلى محاولة تحقيق فعالية عبر نطاقات أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي.
شيفرة النانو9630:
تقدم شيفرة النانو9630 إطارًا تأمليًا وفلسفيًا لفهم تحول المادة والطاقة، ويمكن تفسير عملية الاختفاء الضوئي عبرها كالتالي:
9️⃣ إعادة الموجات والتحول: الموجات الضوئية تعود للالتقاء بعد الالتفاف حول الجسم، مع إعادة تشكيل الصورة كما لو كان المسار خاليًا.
6️⃣ التشكّل البنيوي: بناء الغلاف أو الهيكل الهندسي الذي يسمح بتوجيه الضوء بسلاسة.
3️⃣ الاهتزاز والطاقة: المرحلة التي تتفاعل فيها الموجات الضوئية مع بنية المواد الفوقية، وتتكسر لتغيير مساراتها.
0️⃣ حالة الإمكانية: الحالة النهائية للفراغ أو الغياب الظاهري الذي يراه الناظر.
التطبيقات العملية والتحديات:
تمتد فوائد هذه التقنية إلى مجالات متعددة، منها:
الاستشعار والتصوير: تطوير عدسات وكاميرات طبية وعلمية خالية من التشوهات.
الاتصالات والبصريات: تحسين توجيه الإشارات الضوئية في الألياف البصرية وتصميم مكونات بصرية فائقة الدقة.
التقنيات العسكرية والأمنية: تقليل البصمة الرادارية أو البصرية للأجسام الحساسة.
لكن، يظل الاختفاء الكامل لأجسام كبيرة الحجم تحديًا علميًا وهندسيًا، بسبب صعوبة تصنيع مواد فوقية تتحكم بجميع أطوال موجات الضوء وزوايا النظر المختلفة.
الخاتمة:
لقد انتقل حلم الاختفاء من عالم الكوميديا إلى مختبرات الفيزياء التطبيقية وعلم وتقنية النانو. بينما لا تزال الأبحاث في مراحلها الأولى، فإن القدرة على تجميد الضوء وثنيه وتحويل مساره تمثل خطوة ملموسة نحو جعل الخيال العلمي واقعًا يمكن اختباره علميًا.

بقلم دكتور هاشم محمد الحبشي : عالم وباحث في علم وتقنية النانو، شيفرة النانو0369 ـ جدة ـ المملكة العربية السعودية وعضو الهيئة العلمية العليا للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، عضو هيئة مجلس العلماء العرب.