المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

  • ×
الثلاثاء 23 ديسمبر 2025

باحث سعودي جعل من التراث غير المادي مشروعًا معرفيًا ومن اللهجة وثيقة تاريخية

من اللهجة إلى الوثيقة: كيف أعاد خالد الحميدي الاعتبار لتراث الطائف
حامدالطلحي - الطائف
بواسطة : حامدالطلحي - الطائف 22-12-2025 11:05 مساءً 3.5K
المصدر -  
تقرير ثقافي - وجوه مشرقة

في زمنٍ تتسارع فيه التحوّلات، وتذوب فيه الخصوصيات المحلية تحت ضغط العولمة، يبرز دور الباحثين الميدانيين بوصفهم خط الدفاع الأول عن الذاكرة، وعن التفاصيل الصغيرة التي تصنع هوية المكان. ومن بين هذه الأسماء، يلمع اسم خالد علي الحميدي، كأحد أبرز المهتمين بتراث الطائف ولهجات قبائلها وتاريخها الاجتماعي والثقافي.
لم يتعامل الحميدي مع اللهجة بوصفها كلامًا دارجًا عابرًا، ولا مع التراث باعتباره ماضيًا ساكنًا، بل انطلق من قناعة راسخة بأن اللهجة وثيقة، وأن العادة سجل، وأن الذاكرة الشعبية لا تقل قيمة عن المخطوطات الرسمية.
من التعليم إلى البحث التاريخي
يحمل خالد الحميدي درجة البكالوريوس في التربية من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وهو أحد منسوبي الإدارة العامة للتعليم بمحافظة الطائف. وقد شكّل التعليم لديه أرضيةً صلبة لفهم المجتمع، ومفتاحًا لقراءة التحولات الثقافية، قبل أن يتجه بوعيٍ عميق إلى البحث في التاريخ السعودي، مستندًا إلى المنهج الميداني، والرواية الشفوية، والربط بين الإنسان وبيئته.
التراث غير المادي… الذاكرة التي لا تُرى
تميّزت بحوث الحميدي بتركيزها على التراث غير المادي، ذلك الجانب الخفي من التاريخ الذي يتجلى في اللهجات، والحكايات، والعادات، وأنماط العيش، وأنظمة الري، والعلاقات الاجتماعية. وهو ما جعله يسهم في عددٍ من البرامج والمشاريع الوطنية المعنية بحصر هذا التراث وحفظه.
وقدّم في هذا السياق بحوثًا منشورة، من أبرزها:
«تاريخ سباقات الخيل السعودية في الطائف»
«عيون وخرزات الطائف – نظام الري الفريد منذ القدم في الطائف»
وهما نموذجان لبحثٍ جمع بين الوثيقة، والمشاهدة، والتحليل التاريخي.
ثقة المؤسسات وحضور اليونسكو
نال الحميدي ثقة الجهات الثقافية، فكان:
عضو الجمعية التاريخية السعودية
عضو الهيئة الاستشارية لترشيح الطائف ضمن المدن المبدعة لدى المنظمة العربية للثقافة والعلوم (اليونسكو)
أمين اللجنة البحثية لحصر التراث غير المادي التابعة لهيئة التراث بوزارة الثقافة
باحثًا مشاركًا في برنامج السجل الوطني لحفظ التراث غير المادي
كما شغل صفة سفير جمعية سفراء التراث بالعاصمة الرياض،
وسفير جمعية التراث غير المادي بمنطقة مكة المكرمة،
في دلالة واضحة على حضوره العلمي وثقة المؤسسات بعمله.
الإعلام بوصفه أداة توثيق
إيمانًا منه بأن التراث لا يُصان في الأدراج، قدّم الحميدي محتوى تاريخيًا وثقافيًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشارك بمقالات وتحقيقات في الصحف المحلية، وأعدّ وقدم تقارير تلفزيونية عن السياحة وتاريخ الطائف وتراث المملكة لصالح القناة الأولى والإخبارية السعودية.
كما شارك في تقديم برنامج «الصيف والناس» في التلفزيون السعودي لثلاث دورات متتالية، وأسهم في تغطية مناسبات ثقافية وأدبية وتعليمية، جعلت من الإعلام امتدادًا طبيعيًا للبحث، لا منصة استعراض.
منجز أدبي وتكريم رسمي
في عام 1998م، حقق خالد الحميدي المركز الأول في المسابقة الأدبية التي نظمتها منظمة اليونسكو عن تلخيص ونقد كتاب «الأيام» لعميد الأدب العربي طه حسين، في إنجاز يعكس قدرته النقدية والأدبية.
كما شارك في المعجم الشعري لمدينة الطائف بعنوان «الشوق الطائف حول قُطر الطائف» للأستاذ حماد السالمي، بنصوصٍ تغنّت بالطائف المأنوس، نال على إثرها درعًا تكريميًا من أمير منطقة مكة المكرمة آنذاك.
ونظير جهوده في صيانة الذاكرة الوطنية، حصل على تكريم رسمي من هيئة التراث التابعة لوزارة الثقافة ضمن المحافظين على التراث الوطني.
خاتمة
إن تجربة خالد علي الحميدي تؤكد أن التراث لا يُحفظ بالحنين وحده،
بل بالبحث، والتوثيق، والعمل الميداني،
وبالقدرة على تحويل اللهجة إلى وثيقة،
والحكاية إلى سجل،
والمكان إلى هويةٍ حية.
هو واحدٌ من أولئك الذين أعادوا الاعتبار للطائف،
لا بوصفها مدينةً جميلة فحسب،
بل ذاكرةً تستحق أن تُصان… وتُروى