المصدر - الغدر والخيانة من أحط الصفات، وأسوأ الأخلاق، ولا تسود الخيانة في الناس إلا انتشر فيهم الخوف، فلا يأمن بعضهم بعضا؛ ولذا جاءت شريعة الله تعالى آمرة بالأمانة والوفاء، ناهية عن الغدر والخيانة ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ وفي آية أخرى ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ .
ولما كانت سنة الله تعالى في عباده أن يوجد فيهم الخونة الغدارون ولا سيما في العهود والمواثيق فإن الله عز وجل خذر المؤمنين منهم، وبين كيفية التعامل معهم ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾.
ولعل اشهر من عرف بالغدر والخيانة ونقض العهود والمواثيق هم اليهود وواقعنا اليوم يشهد بهذه الحقيقة .*** فلا يعاهدون عهدا إلا نقضوه، ولا يسالمهم قوم إلا غدروا بهم، ولا يحسن إليهم أحد إلا أساءوا إليه، (أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ) .*ولعل فعل بنو قريظة مع المسلمين بالمدينة يحكي مثال واقعيا يدل على خبثهم في كل زمان ومكان .
لقد كان من سياسة النبي صلى الله عليه وسلم أول هجرته للمدينة أن وادع اليهود فيها، وعاهدهم بميثاق بين فيه ما لهم من الحقوق وما عليهم من الواجبات .
والتزم المسلمون بهذا العهد والميثاق؛ لأن من شيمتهم الوفاء والأمانة وكيف لايكون كذلك وهذا دين يتعبدون الله به .
وأخطر ما نقضت اليهود من العهود، وأشده ضررا على المسلمين، وأكثره خسة ودناءة وغدرا فعلة بني قريظة؛ إذ إن مقتضى المعاهدة معهم أن يشاركوا المسلمين في دفع خطر المشركين عن المدينة وقد حاصروها بأعداد كثيفة في غزوة الأحزاب، ولم يكتف اليهود بخذلان المسلمين في هذا الوقت العصيب، والتخلي عنهم في هذا المأزق الحرج، بل دعتهم نفوسهم الخبيثة التي تنضح بالغدر، وتقطر بالخيانة، دعتهم إلى طعن المسلمين في ظهورهم، وخفرهم في نسائهم وذراريهم، وممالأة المشركين عليهم، ويا له من موقف عصيب، ويا لها من خيانة لا نظير لها البتة.
ولما تسامع *الناس بخبر الغدر هذا، وخافوا على من في الحصون من النساء والأطفال من غدر اليهود، أراد النبي صلى الله عليه وسلم الاستيثاق من غدرهم، فأرسل الزبير والسعدين ابن معاذ وابن عبادة رضي الله عنهم، فرجعوا مؤكدين خبر نقض قريظة للعهد، وعظم بلاء المؤمنين، واشتدت محنتهم، وأصبحوا يواجهون عدوا شرسا يحاصر المدينة ، ويعالجون منافقين يخذلون ويرجفون، ويبثون الشائعات والأكاذيب، ولا يدرون ما يصنعون باليهود وهم داخل الحصون عند النساء والأطفال وقد تنكروا للمسلمين، وانحازوا للمشركين .
وحمل سعد بن معاذ رضي الله عنه في قلبه على بني قريظة بسبب خيانتهم القبيحة رغم أنهم كانوا حلفاءه وأقرب الناس إليه في الجاهلية، ولما جرح رضي الله عنه في الأحزاب ونزف وخشي أن يموت قبل أن يرى عذاب الله تعالى في بني قريظة، فدعا الله تعالى قائلا (اللهم لا تُخْرِج نَفْسي حتى تَقَرَّ عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطر قطرة).
استجاب الله تعالى لدعوات المؤمنين وخذل الكافرين والمنافقين، فردَّ بقدرته وحكمته ورحمته المشركين على أعقابهم، وصدَّع تحالف اليهود معهم بشكوكٍ ألقاها في قلوب الفريقين، وتوفيقٍ منه سبحانه لنعيم بن مسعود رضي الله عنه في الوقيعة بينهم وقد أسلم ولم يعلموا بإسلامه، فعادت أحزاب المشركين خاسرة خائبة إلى مكة، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ووضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار فقال: وضعت السلاح فوالله ما وضعته؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين؟ قال: ها هنا، وأومأ إلى بني قريظة) فأذن عليه الصلاة والسلام في الناس:(لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة).
وهذا يدل على أن غزو بني قريظة واستئصال شأفتهم جاء الأمر به من عند الله عز وجل عن طريق جبريل عليه السلام، وليس فعلا فعله النبي عليه الصلاة والسلام وأقره الله تعالى عليه، بل إن جبريل عليه السلام أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم وضع السلاح والاغتسال قبل إيقاع العقوبة بالخونة المجرمين من يهود بني قريظة، وأخبره أن الملائكة عليهم السلام لم يضعوا أسلحتهم.
خرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وقد بعث عليا رضي الله عنه على مقدمة الجيش ومعه اللواء فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم، واشتد البلاء قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر فأشار إليهم أنه الذبح، قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ- وكان رضي الله عنه حليفا لهم فظنوا أن يحابيهم ويخفف الحكم عليهم- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انزلوا على حكم سعد بن معاذ فنزلوا وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ فأتي به على حمار عليه إِكاف من ليف قد حمل عليه فقال رضي الله عنه:(قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم) *فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنزلوه، فأنزلوه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: إن هؤلاء نزلوا على حكمك، قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، قال عليه الصلاة والسلام: حكمت بحكم الله عز وجل، فقتل رجالهم وكانوا بين ست مئة وتسع مئة، إلا من أسلم منهم حقن إسلامه دمه، وسبيت نساؤهم وذرياتهم، وقسمت في المسلمين.
فكان هذا العقاب الشديد مناسبا لجرمهم الشنيع، في نقض العهد *في أصعب موقف، وأشد ساعة، ولو أن مظاهرة اليهود للمشركين، وخيانتهم للمسلمين تمت على ما أرادوا، ودخل المشركون المدينة، وتمكن اليهود من نساء المسلمين وأطفالهم لأبادوهم عن بكرة أبيهم، أفإن سلم الله تعالى المؤمنين، ورد المشركين، وأنزلت العقوبة الشرعية بالخونة الغادرين يجد المسلم حرجا في نفسه من حكم الله تعالى، فيتذكر حال اليهود وهم يقتلون، ولا يستحضر حال المسلمين لو تمكن منهم المشركون بسبب خيانة اليهود. ولمن في قلبه أدنى حرج من ذلك عبرة وعظة فيما يفعله اليهود في أهل فلسطين، من الغدر والخيانة، ونقض العهد، وقصد الآمنين والنساء والأطفال بالقتل والترويع، وهدم الدور على أصحابها، ولا يكاد يمر يوم دون أن يقتلوا نساء وأطفالا، فهل يعي هؤلاء حقيقة العقيدة .
ولما كانت سنة الله تعالى في عباده أن يوجد فيهم الخونة الغدارون ولا سيما في العهود والمواثيق فإن الله عز وجل خذر المؤمنين منهم، وبين كيفية التعامل معهم ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾.
ولعل اشهر من عرف بالغدر والخيانة ونقض العهود والمواثيق هم اليهود وواقعنا اليوم يشهد بهذه الحقيقة .*** فلا يعاهدون عهدا إلا نقضوه، ولا يسالمهم قوم إلا غدروا بهم، ولا يحسن إليهم أحد إلا أساءوا إليه، (أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ) .*ولعل فعل بنو قريظة مع المسلمين بالمدينة يحكي مثال واقعيا يدل على خبثهم في كل زمان ومكان .
لقد كان من سياسة النبي صلى الله عليه وسلم أول هجرته للمدينة أن وادع اليهود فيها، وعاهدهم بميثاق بين فيه ما لهم من الحقوق وما عليهم من الواجبات .
والتزم المسلمون بهذا العهد والميثاق؛ لأن من شيمتهم الوفاء والأمانة وكيف لايكون كذلك وهذا دين يتعبدون الله به .
وأخطر ما نقضت اليهود من العهود، وأشده ضررا على المسلمين، وأكثره خسة ودناءة وغدرا فعلة بني قريظة؛ إذ إن مقتضى المعاهدة معهم أن يشاركوا المسلمين في دفع خطر المشركين عن المدينة وقد حاصروها بأعداد كثيفة في غزوة الأحزاب، ولم يكتف اليهود بخذلان المسلمين في هذا الوقت العصيب، والتخلي عنهم في هذا المأزق الحرج، بل دعتهم نفوسهم الخبيثة التي تنضح بالغدر، وتقطر بالخيانة، دعتهم إلى طعن المسلمين في ظهورهم، وخفرهم في نسائهم وذراريهم، وممالأة المشركين عليهم، ويا له من موقف عصيب، ويا لها من خيانة لا نظير لها البتة.
ولما تسامع *الناس بخبر الغدر هذا، وخافوا على من في الحصون من النساء والأطفال من غدر اليهود، أراد النبي صلى الله عليه وسلم الاستيثاق من غدرهم، فأرسل الزبير والسعدين ابن معاذ وابن عبادة رضي الله عنهم، فرجعوا مؤكدين خبر نقض قريظة للعهد، وعظم بلاء المؤمنين، واشتدت محنتهم، وأصبحوا يواجهون عدوا شرسا يحاصر المدينة ، ويعالجون منافقين يخذلون ويرجفون، ويبثون الشائعات والأكاذيب، ولا يدرون ما يصنعون باليهود وهم داخل الحصون عند النساء والأطفال وقد تنكروا للمسلمين، وانحازوا للمشركين .
وحمل سعد بن معاذ رضي الله عنه في قلبه على بني قريظة بسبب خيانتهم القبيحة رغم أنهم كانوا حلفاءه وأقرب الناس إليه في الجاهلية، ولما جرح رضي الله عنه في الأحزاب ونزف وخشي أن يموت قبل أن يرى عذاب الله تعالى في بني قريظة، فدعا الله تعالى قائلا (اللهم لا تُخْرِج نَفْسي حتى تَقَرَّ عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطر قطرة).
استجاب الله تعالى لدعوات المؤمنين وخذل الكافرين والمنافقين، فردَّ بقدرته وحكمته ورحمته المشركين على أعقابهم، وصدَّع تحالف اليهود معهم بشكوكٍ ألقاها في قلوب الفريقين، وتوفيقٍ منه سبحانه لنعيم بن مسعود رضي الله عنه في الوقيعة بينهم وقد أسلم ولم يعلموا بإسلامه، فعادت أحزاب المشركين خاسرة خائبة إلى مكة، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ووضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار فقال: وضعت السلاح فوالله ما وضعته؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين؟ قال: ها هنا، وأومأ إلى بني قريظة) فأذن عليه الصلاة والسلام في الناس:(لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة).
وهذا يدل على أن غزو بني قريظة واستئصال شأفتهم جاء الأمر به من عند الله عز وجل عن طريق جبريل عليه السلام، وليس فعلا فعله النبي عليه الصلاة والسلام وأقره الله تعالى عليه، بل إن جبريل عليه السلام أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم وضع السلاح والاغتسال قبل إيقاع العقوبة بالخونة المجرمين من يهود بني قريظة، وأخبره أن الملائكة عليهم السلام لم يضعوا أسلحتهم.
خرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وقد بعث عليا رضي الله عنه على مقدمة الجيش ومعه اللواء فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم، واشتد البلاء قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر فأشار إليهم أنه الذبح، قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ- وكان رضي الله عنه حليفا لهم فظنوا أن يحابيهم ويخفف الحكم عليهم- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انزلوا على حكم سعد بن معاذ فنزلوا وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ فأتي به على حمار عليه إِكاف من ليف قد حمل عليه فقال رضي الله عنه:(قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم) *فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنزلوه، فأنزلوه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: إن هؤلاء نزلوا على حكمك، قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، قال عليه الصلاة والسلام: حكمت بحكم الله عز وجل، فقتل رجالهم وكانوا بين ست مئة وتسع مئة، إلا من أسلم منهم حقن إسلامه دمه، وسبيت نساؤهم وذرياتهم، وقسمت في المسلمين.
فكان هذا العقاب الشديد مناسبا لجرمهم الشنيع، في نقض العهد *في أصعب موقف، وأشد ساعة، ولو أن مظاهرة اليهود للمشركين، وخيانتهم للمسلمين تمت على ما أرادوا، ودخل المشركون المدينة، وتمكن اليهود من نساء المسلمين وأطفالهم لأبادوهم عن بكرة أبيهم، أفإن سلم الله تعالى المؤمنين، ورد المشركين، وأنزلت العقوبة الشرعية بالخونة الغادرين يجد المسلم حرجا في نفسه من حكم الله تعالى، فيتذكر حال اليهود وهم يقتلون، ولا يستحضر حال المسلمين لو تمكن منهم المشركون بسبب خيانة اليهود. ولمن في قلبه أدنى حرج من ذلك عبرة وعظة فيما يفعله اليهود في أهل فلسطين، من الغدر والخيانة، ونقض العهد، وقصد الآمنين والنساء والأطفال بالقتل والترويع، وهدم الدور على أصحابها، ولا يكاد يمر يوم دون أن يقتلوا نساء وأطفالا، فهل يعي هؤلاء حقيقة العقيدة .