المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 23 أكتوبر 2025
من حلم عباس بن فرناس إلى الطائرة الذكية، كيف غيرت أنابيب الكربون النانومترية والذكاء الاصطناعي مستقبل الطيران.
غرب - التحرير
بواسطة : غرب - التحرير 23-10-2025 07:09 مساءً 1.6K
المصدر - إعداد الدكتور هاشم محمد الحبشي  [JUSTIFY] إعداد الدكتور هاشم محمد الحبشي – عالم وباحث في علم وتقنية النانو، شيفرة النانو9630 ـ وعضو الهيئة العلمية العليا للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، عضو هيئة مجلس العلماء العرب.

من حلم الشاعر إلى عقل الآلة

قبل أكثر من أحد عشر قرنا، وقف عباس بن فرناس على جبل في الأندلس، مرتديا جناحين صنعهما بيديه من الخشب وريش الطيور، ليحاكي حلم الإنسان القديم بالتحليق. لم يكن بن فرناس مجرد شاعر أو فيلسوف، بل كان عالمًا ومهندسًا سابقًا لعصره، فهم أن الطيران ليس ضربًا من السحر، بل نتيجة لتفاعل المادة مع الحركة والهواء. وعندما ألقى بنفسه في الفضاء، كان يختبر بعقله ما نسميه اليوم "هندسة الطيران التجريبية".

اليوم، وبعد مرور أكثر من ألف عام، تحقّق حلمه على نحو يفوق الخيال. لم تعد أجنحة الطائرات تصنع من الخشب أو الألمنيوم، بل من ألياف الكربون وأنابيب الكربون النانومترية (CNTs)، ولم يعد الطيار وحده من يتحكم بالطائرة، بل تشاركه الخوارزميات والذكاء الاصطناعي في صنع القرار. فما بدأه بن فرناس بالحلم والجرأة، يُكمله اليوم العلم والذكاء الاصطناعي بدقة ووعي.

الهيكل الخارجي، جسم الطائرة الذكي

الألياف الكربونية تمثل نقلة نوعية في هندسة هياكل الطائرات. فهي:
· أخف بنسبة تصل إلى 50% من الألمنيوم.
· أكثر مقاومة للإجهاد والتآكل.
· تمنح حرية تصميم هندسي ديناميكي لتقليل مقاومة الهواء.

ويسهم دمج أنابيب الكربون النانومترية في الألياف في زيادة الصلابة الميكانيكية والتوصيل الحراري والكهربائي، مما يجعل جسم الطائرة قادرًا على استشعار وتوزيع الجهد والحرارة بشكل ذاتي. إنها طائرة تمتلك "جسمًا ذكيًا" يستجيب للمؤثرات الفيزيائية في الزمن الحقيقي.

الأجنحة والمحركات، بين المادة والذكاء

باستخدام المواد النانومترية في الأجنحة والمراوح:
· تُرفع كفاءة المحرك بنسبة تصل إلى 15%.
· تُقلل الضوضاء والاهتزاز.
· تُحسَّن مقاومة التآكل ودرجات الحرارة العالية.

ويجري حاليًا دمج أنظمة ذكاء اصطناعي في تصميم الأجنحة لتتعلم من تدفق الهواء أثناء الطيران، فتُعدّل زواياها ذاتياً لتحقيق أقصى رفع بأقل مقاومة، في ما يعرف بـ "الأجنحة المتكيفة بالذكاء الاصطناعي" (AI-Adaptive Wings).

الأنظمة الداخلية، مقصورة ذكية بإحساس إنساني

الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على القيادة؛ بل يشمل:
· إدارة الإضاءة والضغط والحرارة تلقائيًا لضمان راحة الركاب.
· تحليل بيانات الرحلات السابقة لتحسين توزيع الأحمال.
· مراقبة المكونات الداخلية بالألياف الذكية واكتشاف الأعطال قبل وقوعها.

وتسمح المواد المركبة النانومترية بخفة مذهلة في الأجزاء الداخلية، مما يقلل وزن الطائرة ويزيد كفاءتها في استهلاك الطاقة.

الإلكترونيات والمستشعرات، الجهاز العصبي الرقمي

تمثل أنابيب الكربون النانومترية قفزة في تصنيع الدوائر الإلكترونية والمستشعرات الذكية، حيث تتيح:
· تصميم أنظمة استشعار عالية الحساسية للإجهاد والحرارة.
· تطوير شبكات كهربائية ذاتية الإصلاح.
· إنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي مدمجة تتعلم من البيانات الميكانيكية للطائرة نفسها.

فالطائرة الحديثة أصبحت أشبه بكائن حي ذكي، تمتلك جلدًا حسيًا من المواد النانومترية، وعقلًا رقميًا من الخوارزميات.