المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

  • ×
الأربعاء 10 ديسمبر 2025
ابتسام عبدالله البقمي شمس السرد القصير التي عبرت اللغات واحتوت القلوب
حامدالطلحي - سفير غرب
بواسطة : حامدالطلحي - سفير غرب 18-10-2025 07:39 مساءً 14.9K
المصدر -  
في سماء الأدب السعودي، تتلألأ أسماء تصنع حضورها بوهجٍ صامت وتترك بصمتها في الذاكرة الثقافية دون ضجيج.
ومن بين هذه الوجوه المضيئة، تبرز الكاتبة والقاصة ابتسام عبدالله البقمي، التي جعلت من الحرف طريقًا للدهشة، ومن الكلمة نافذةً تُطلّ على أعماق النفس الإنسانية، فغدت واحدة من أبرز الأصوات النسائية في السرد السعودي الحديث.

من رحم اللغة إلى ضوء الحكاية

ولدت ابتسام البقمي في بيئةٍ تعتز بالهوية واللغة، فاختارت العربية بيتًا ومسارًا، وتخرّجت في جامعة أم القرى متخصّصةً في اللغة العربية وعلومها.
لم تكتفِ بالتحصيل العلمي، بل شقّت طريقها في الميدان الأدبي لتصبح عضوًا مؤسسًا في مجلة فرقد الإبداعية الإلكترونية التابعة لنادي الطائف الأدبي، وهي المجلة التي تمثّل أحد أبرز المنابر الثقافية في المشهد السعودي.

بدأت البقمي مسيرتها في المجلة رئيسةً لقسم التحقيقات الأدبية، حيث قدّمت عبره حوارات وتحقيقات تنبض بالحياة وتستجلي خفايا الإبداع لدى الكتّاب والمثقفين.
ثم تحوّل القسم لاحقًا إلى قسم "قضية العدد"، وهو من أهم أقسام المجلة الفكرية، فتولّت رئاسته بجدارة، محرّكةً عجلة الحوار الثقافي بقلمٍ واعٍ وإدارةٍ متزنة تجمع بين الفكر والتنظيم.

لاحقًا، كُلّفت برئاسة قسم العلاقات العامة لفترة وجيزة، قدّمت خلالها لمساتها الإنسانية والإدارية، قبل أن تُغادر المجلة لانشغالها بأعمالها الأدبية والثقافية الأخرى، لكنها بقيت في ذاكرة المجلة وجهًا مؤسسًا لا يُنسى، وركيزةً من ركائزها الأولى.

صوتٌ قصصيّ يهمس بعمق الحياة

لم تكن ابتسام البقمي كاتبة تقليدية؛ بل تمارس الكتابة كفعل تأمل، وكأنها تنصت لنبض الأشياء ثم تكتبها على الورق.
اختارت القصة القصيرة جدًا لتكون مجالها الأثير، فصاغت نصوصًا مكثّفة تفيض بالمعنى رغم قِصرها، وتختصر المشهد الإنساني في ومضةٍ تترك أثراً لا يُمحى.

من أعمالها البارزة

اضطراب (2010)

لا تزال الإشارة حمراء (2017)

عطر لازوردي، العمل الذي تجاوز الحدود، إذ تُرجِم إلى أكثر من عشرين لغة عالمية، ولاقى رواجًا في الأوساط الأدبية العربية والعالمية، حتى أصبحت البقمي من الأصوات السردية السعودية التي حملت رسائل الوطن إلى القارئ في ضفافٍ بعيدة.

بين الضمائر والإشارات فلسفة الحرف عند البقمي

في مقالاتٍ نقدية نشرتها صحيفة عكاظ، وُصفت ابتسام البقمي بأنها “تكتب بانسيابٍ متدرّجٍ يولد من رؤيتها للعالم وماضيها الكتابيّ، لتقدّم نصوصًا تومض أكثر مما تُسرد”.
كتاباتها أشبه بوميضٍ داخليٍّ لا يطفأ، فيها من الشعر ما يفيض بالعاطفة، ومن الفلسفة ما يفتح أسئلة الحياة.
لا تركّز على الأحداث بقدر ما تُبرز الصمت بين الكلمات، وتجعل من القارئ شريكًا في إعادة تشكيل النص، وكأنها تقول له: أنا أكتب لتفكر،
لا لتقرأ فقط.

وجه أدبي مشرّف للثقافة السعودية

ابتسام البقمي ليست مجرد كاتبة، بل سفيرة أدبٍ سعوديٍّ راقٍ، وعضو فاعل في المجلس الدولي للإبداع ونادي القصة العالمي.
شاركت في ملتقيات ثقافية عديدة داخل المملكة وخارجها، ورفعت راية الأدب النسائي السعودي بحضورٍ متزن يجمع بين الفكر والذوق والهوية.
كما تركت أثرًا طيبًا في الوسط الثقافي بالطائف خاصة، حيث تميّزت بتعاملها الهادئ، وحرصها على تقديم الجيل الجديد من الكتّاب والكاتبات في المجلة التي أسست لبناتها الأولى.

ختامًا
إن الحديث عن ابتسام البقمي هو حديث عن أنثى سعودية كتبت بوعيٍ وجمالٍ ومسؤولية، فجمعت بين العلم والأدب، وبين الحرف والخلق، وبين الفكر والإنسان.
هي وجهٌ أدبيٌّ مضيء يستحق أن يُذكر في سجل «وجوه مشرقة»، لأنها أضاءت طريق السرد النسائي برصانةٍ أدبيةٍ وعمقٍ إنسانيٍّ لا يُنسى