المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأربعاء 15 أكتوبر 2025
#تحت_الاضواء في غرب  :  مسيّرات تخترق العمق الروسي.. هل تغيرت قواعد الحرب؟
غرب - التحرير
بواسطة : غرب - التحرير 15-10-2025 12:05 صباحاً 1.9K
المصدر -  بعد أكثر من ثلاثة أعوام على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، يدخل الصراع مرحلة جديدة تتبدل فيها موازين القوة، لا بفعل الجيوش والدبابات، بل عبر المسيّرات الذكية التي أعادت رسم ملامح الميدان وأربكت العمق الروسي، حيث تمكنت كييف من ضرب أهداف عسكرية داخل العمق الروسي باستخدام سرب من الطائرات المسيّرة الصغيرة من نوع «منظور الشخص الأول» (FPV)، التي كانت بمثابة «كلمة السر» في نجاح هذه العملية.
وبين تصعيد متبادل وضغوط اقتصادية خانقة، تبدو الحرب وكأنها تتأرجح على حافة اللاحسم، بينما يترقب العالم ما إذا كان زمن المسيرات سيقود إلى تسوية مرتقبة أم إلى جولة جديدة من التصعيد المفتوح.

هجمات مكثفة

في الأسابيع الأخيرة، كثّفت روسيا هجماتها الجوية والصاروخية على المدن الأوكرانية، مستهدفة محطات الطاقة والمرافق الحيوية، بينما ردّت كييف بهجمات مضادة عبر مسيّرات بعيدة المدى اخترقت العمق الروسي، ووصل بعضها إلى منشآت نفطية وعسكرية حساسة.

هذا التصعيد المتبادل يفتح الباب أمام مجموعة من السيناريوهات المحتملة لمستقبل الحرب خلال المرحلة المقبلة. ويعد استمرار التصعيد الجوي والمسيّر أحد أكثر السيناريوهات ترجيحاً على المدى القصير، حيث يواصل الطرفان الاعتماد على المسيرات في إنهاك دفاعات الخصم وتدمير أهداف ذات طابع استراتيجي، مع تجنب الانخراط في معارك برية كبرى.

هذا المسار يعني مزيداً من الدمار للبنية التحتية، وتفاقم الأعباء الإنسانية، وارتفاع كلفة الحرب على روسيا، وأوكرانيا وداعميها، إضافة إلى انعكاس مباشر على أسواق الطاقة العالمية واستقرارها.

استمرار «اللاحسم»

خبير العلاقات الدولية والشؤون الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، د. أحمد سيد أحمد، يرى أن الحرب الروسية الأوكرانية تتجه نحو مزيد من التصعيد العسكري في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد التحول في الموقف الأمريكي من «سياسة الحوار» إلى «نهج المواجهة المباشرة» مع موسكو.

ويشير إلى أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي كان يميل سابقاً إلى تسوية واقعية تقوم على تبادل الأراضي، غيّر موقفه بعد قمة ألاسكا، ليتبنى خطاباً متشدداً ضد روسيا، وصفها فيه بأنها «نمر من ورق»، مع إعلانه فرض عقوبات جديدة وعزمه تزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك» بعيدة المدى تصل إلى 2500 كيلومتر، وهو ما يشكل نقلة نوعية في معادلة الصراع.

ويؤكد الخبير أن هذا التحول الأمريكي سيؤدي إلى إطالة أمد الحرب بدلاً من حسمها، إذ إن الدعم العسكري الغربي الكبير لأوكرانيا لن يغيّر موازين القوى الميدانية، لكنه سيمنع روسيا من تحقيق سيطرة كاملة على الشرق الأوكراني.

كما أن موسكو، بحسب رأيه، متمسكة بثوابتها الأمنية المتعلقة بعدم تمدد الناتو شرقاً أو نشر أسلحة استراتيجية على حدودها، وهي خطوط حمراء لن تتراجع عنها، مضيفاً أن الدولة العميقة في أمريكا تعارض التقارب الذي حدث في الفترة الماضية بين الرئيسين ترامب وبوتين، وتعمل على إطالة أمد الحرب.

تباين

ويؤكد أن التباين الحاد بين المواقف الروسية والأوكرانية، إلى جانب غياب الإرادة الدولية والرؤية السياسية الموحدة، يجعل فرص الحل السلمي ضئيلة للغاية، في حين تتجه الأطراف إلى رهان جديد على القوة العسكرية واستخدام المسيرات والهجمات على مصادر الطاقة كورقة ضغط متبادلة لفرض شروط التسوية مستقبلاً.

ويختتم د. أحمد سيد أحمد بالقول إن السيناريو الأقرب هو استمرار حالة «اللاحسم» سياسياً وعسكرياً، في ظل موازين قوى متعادلة، وتنامي سباق المسيرات بوصفها سلاح المرحلة الحاسمة في هذا الصراع الطويل.

هدنة الشتاء

ومن السيناريوهات المطروحة، التوصل إلى هدنة مؤقتة أو تجميد للقتال، فرغم أن المؤشرات الميدانية لا ترجّح وقف القتال قريباً، فإن بعض التحليلات الغربية تتحدث عن هدنة موسمية خلال فصل الشتاء، في ظل الضغوط الاقتصادية على موسكو وكييف، وتراجع الحماس الشعبي والسياسي في بعض الدول الأوروبية لاستمرار تمويل الحرب.

أيضاً من بين الاحتمالات المطروحة، تحقيق تقدم تكتيكي محدود لأوكرانيا عبر استخدام المسيرات والهجمات الدقيقة لاستعادة مناطق أو تعطيل خطوط إمداد روسية، غير أن هذا السيناريو يتطلب استمرار الدعم العسكري والاستخباراتي الغربي بوتيرة عالية، وهو ما يواجه عراقيل سياسية داخل عدد من العواصم الأوروبية.

حرب استنزاف

أما خبير العلاقات الدولية، د. طارق البرديسي، فيوضح أن عودة المسيرات الأوكرانية بقوة أعادت عنصر المفاجأة إلى الميدان، وأربكت العمق الروسي، مؤكداً أن «كييف» باتت تخوض ما يمكن تسميته بـ«حرب الاستنزاف الذكية»، التي تستبدل بالمعارك الواسعة ضربات دقيقة تستهلك الخصم من الداخل.

ويرى البرديسي أن الحرب أصبحت تتحرك بين التهدئة الخادعة والاستمرارية الواقعية على الأرض، في مشهد تتبدل فيه الخطط والتكتيكات بسرعة غير مسبوقة.

ويصفها بأنها نموذج مستحدث من الحروب الهجينة التي يصعب التنبؤ بمآلاتها أو ضبط إيقاعها الميداني والسياسي.

ويختتم الخبير بالقول إن المسيرات باتت تُعرّي منظومة الدفاعات الجوية الروسية وتضع القيادة في الكرملين أمام اختبارات صعبة، معتبراً أن «إحراج الدب الروسي» في هذا التوقيت لا يصب في مصلحة أي مسار تفاوضي، بل يغذّي روح المواجهة التي كان ترامب قد بشّر بإمكانية إنهائها، مشدداً على أن كل مسيرة تطير فوق الأجواء الروسية تزيد من تعقيد فرص الحل، وتدفع الحرب نحو جولات أكثر قسوة وابتكاراً في أدواتها.