المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 7 يونيو 2025
حوار "غرب" مع الكاتبة القطرية نجاة علي .. حين تكتب القيم بأجنحة الطفولة والحكمة
محمد بن العبد مسن -سلطنة عُمان
بواسطة : محمد بن العبد مسن -سلطنة عُمان 05-06-2025 01:52 مساءً 2.2K
المصدر -  في رُكنٍ هادئ من زوايا الأدب القطري، تنبت كلمات شفيفة تُشبه الضوء حين ينسكب على صفحة ماء، هناك تجلس الكاتبة نجاة علي، تحمل في يدٍ كتابًا، وفي الأخرى رؤية.

بين اللغة العربية ورفيقتها الإنجليزية، وبين الحكاية والرسالة، تكتب نجاة علي، لا لتملأ فراغًا، بل لتبذر وعيًا وتنثر امتنانًا.

التقينا بها في حوارٍ دافئ، تفتح لنا فيه نوافذ من فكرها، وتجعل من الحرف جسراً إلى الإنسان والطفولة والهوية.

سيدة نجاة، نبدأ من الأهم: لماذا تكتبين؟

نجاة علي:
("لأني أؤمن أن الكلمة بذرة، وإن كُتبت بإخلاص، فإنها ستنبت أثرًا. أكتب لأُعزز القيم، لأُحيي التسامح، لأجعل من الامتنان ثقافة، ومن الهوية سؤالًا نعيد طرحه على أنفسنا بوعي، ومن الطفولة ساحة للتنشئة على المعاني السامية").

من “الامتنان: ثقافة حياة” إلى “من أنا؟” مرورًا بقصص سالم… كل عنوانٍ في أعمالك يبدو كأنه لافتة نحو فكرة أعمق.

نجاة علي:
("تمامًا، “الامتنان: ثقافة حياة” هو أكثر من عنوان؛ هو دعوة لتغيير زاوية النظر. الامتنان ليس شعورًا لحظيًا، بل أسلوب حياة. أما “من أنا؟” فهو سؤال لا ينبغي أن يُغيب عن أي إنسان، خصوصًا في زمن تسطح فيه الانتماء وفُقد فيه التوازن بين المحلي والعالمي. أما “سالم والسلحفاة” و*“سالم والدولفين”*, فهي محاولتي لترسيخ القيم البيئية والاجتماعية في وجدان الأطفال، بطريقة سردية قريبة منهم").

كتبتِ بالعربية والإنجليزية، ما الذي منحكِ هذا الخيار الثنائي؟

نجاة علي:
("لأن الرسائل الجيدة لا يجب أن تبقى حبيسة لغة واحدة. نحن جزء من العالم، وعندما أكتب للأطفال أو عن قضايا مجتمعية، فإنني أطمح أن تصل الفكرة إلى أوسع مدى، العربية هي القلب، والإنجليزية هي الجسر").


لنتحدث عن “التطوع والمسؤولية المجتمعية والتنمية”… هذا عمل يبدو في ظاهره تخصصي، لكنه يحمل نفَسًا أدبيًا في طرحه.

نجاة علي:
("لأني أرى أن التنمية لا تكتمل دون حسّ إنساني، وأن التطوع ليس ترفًا بل واجب. كتبت هذا الكتاب بطريقة تجعل القارئ يرى نفسه معنيًا، لا متفرجًا. وحرصت أن أضع بين السطور نبضًا يلامس كل من يؤمن بأن التغيير يبدأ من الذات").

قصص الأطفال التي تحمل اسم “سالم”، هل هي شخصية رمزية أم تمثل طفولتك أو أحد معارفك؟

نجاة علي:
("“سالم” هو كل طفل عربي، فيه شيء من البساطة، والفضول، والبراءة، والدهشة، أردته صديقًا للقارئ الصغير، يتعلم معه، ويخوض تجارب تنمّي وعيه وتحفّزه ليكون فاعلًا في بيئته ومجتمعه").

("في قصة “سالم والدولفين”, حاولت أن أُبرز من خلالها عمق الهوية القطرية التي تتجذّر في علاقة الإنسان بالبحر، ذلك البحر الذي شكّل جزءًا من تراثنا وثقافتنا وقصص أجدادنا. كما سعيت لزرع الوعي البيئي في نفوس الأطفال، وتسليط الضوء على المخاطر التي تهدد الكائنات البحرية في قطر، كالتلوث البلاستيكي الذي يتسبب في اختناق الدولفين والسلاحف والأسماك").

("فالقصة ليست فقط عن صداقة طفل ودولفين، بل عن مسؤولية وطنية وإنسانية لحماية بيئتنا البحرية، والحفاظ على إرثنا الطبيعي من العبث والإهمال. إنها رسالة محبة وانتماء، وسعي لغرس القيم التي تجعل الطفل واعيًا بجذوره ومسؤوليته").

ما رسالتك للقارئ العربي، صغيرًا كان أم كبيرًا؟

نجاة علي:
("أقول: اقرأ لتتأمل، لا لتستهلك. اجعل من الكتاب صديقًا لا وسيلة عبور لامتحان أو لحظة فراغ. والامتنان، لا تنسوه… فإنه يفتح نوافذ النور").

كلمة أخيرة تختمين بها هذا اللقاء؟

نجاة علي:
("الحياة أقصر من أن نعيشها بلا أثر. أكتب لأبذر هذا الأثر، وكل قارئ يحمل كتبي بين يديه، هو شريك في هذه الرحلة").

في نهاية هذا اللقاء، خرجتُ وأنا أُدرك أن الكُتّاب الحقيقيين لا يكتفون بالكلمات، بل يسكبون أرواحهم في الحروف.

نجاة علي ليست فقط كاتبة؛ إنها صوت يحمل رسالة، ويد تمتد لتزرع القيم في قلوب الأجيال.