المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 4 مايو 2024
بواسطة : 28-04-2017 04:06 صباحاً 30.6K
المصدر -  المزيد من المغامرات والمواقف مع مذكرات الدكتور "أحمد الظفيري" وقصته في الصين يروي أحداثها لنا عبر "غرب الإخبارية" وهذه الحلقة الثانية في السطور التالية:   وصلت بكين في الساعة العاشرة ليلا وذلك في تاريخ ٢١-٨-١٩٩٨م ، وكانت أخر رحلة تصل مطار بكين .. عندها دخلت صالة استقبال المسافرين .. في "مطار بكين" كان المطار صغير جدا ويذكرني بمطار (القيصومة في المملكة) وذلك لصغر حجمة ولاحظت أن المطار شبه فارغ .. عند دخولي صالة استقبال الزائرين كنت الوحيد الذي يحمل الملامح الاجنبية ، وكنت أمشي خلف الصديق الصيني الذي تعرفت عليه في مطار "هونغ كونق" وذلك خلال الاصطفاف في شباك الجوازات .. عندما تم ختم الجواز خرجت مع الصديق الصيني وذلك لمساعدتي للحصول على تاكسي وأبلغت التاكسي أن يوصلني للجامعة ، عندها ودعت الشخص الصيني وأخذت تليفونه للتواصل مستقبلا ، وبعدها انطلقت سيارة التاكسي من المطار الى الجامعة وكان طريق المطار قديم جدا من خط واحد ذهابا وإيابا وكان الطريق مظلم ولا توجد أي أضواء إنارة للطريق ((سبحان الله أما الأن فالوضع تغير خلال "عشرين سنة" واصبح الطريق كبير وفخم جدا أما المطار فأصبح من المطارات التي يضرب بها الامثال وهي فرصة للإنسان أن يتعلم من الاخرين )). كنت وأنا في التاكسي انظر باستغراب للبيوت القديمة جدا لان الطريق من المطار الى المدينة تحيط به الكثير من القرى والكثير من الاشجار وكان الطقس حار ، عندها دخلنا المدينة كانت الشوارع فارغة والسيارات قليلة لأن اهل بكين في تلك الفترة ينامون في وقت مبكر .. لقد وصلت إلى الجامعة في الساعة 11.00 ليلا وهي "جامعة اللغات الاجنبية" كان الوقت متأخر وادخلني التاكسي الى داخل الجامعة بجانب مبنى كبير لم اعرف ما هو ، نزلت من التاكسي وأعطيته مبلغ 200 كواي أي ما يعادل 20 دولار امريكي وتركني وذهب .. جلست على كرسي بجانب المبنى ولم يكن أحد في الجامعة لأن أغلب الطلبة لم يعودوا بعد من بلدانهم لأنها فترة إجازة. جلست لوحدي وانا انظر مستغرب من الوضع الذي أنا به ! فقلت في نفسي ماذا اعمل هنا؟! هل أنا فعلا في الصين .. هل أنا في حلم .. صدقوني أنني أوهمت نفسي أنني أحلم وأنني الان بين أهلي طبعا يطلق على هذا في علم النفس (الصدمة) لأنني في بلد بعيد جدا ولوحدي ولا اتكلم اللغة الصينية ولا الانجليزية وجالس لوحدي في الجامعة ولا يوجد سكن ولم أكل منذ يومين حقيقة الامر اصابني التبلد والخوف الشديد .. بعدها نمت على الكرسي لأني لا أعرف اين اذهب والجامعة كانت شبه مظلمة فكان الحل هو النوم الى الصباح .. كانت الليلة التي نمت بها على الكرسي جميلة والطقس حار فكنت أنظر الى السماء وادعوا الله ان ييسر امري .. بعدها بلحظات نمت نوما عميقا من شدة التعب ، واستيقظت لصلاة الفجر وأقولها حقيقة لم أعرف موقع القبلة للصلاة .. قال تعالى: ((ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله)) صليت بحسن النية لأنني لا أعرف موقع قبلة الصلاة ، وجلست إلى الصباح .. وفي الساعة الثامنة ظهرت الحركة في الجامعة فكان هناك بعض الطلبة الصينيين وبعضهم اصحاب الملامح الاسيوية حقيقة الامر لم استطع ان أفرق بينهم فالصيني والكوري والياباني كلهم متشابهين بالنسبة لي. في الصباح كنت جائع جدا لم أكل لمدة تزيد عن 30 ساعة ولا اعرف اين يباع الاكل ،*والله الوضع كان جدا جدا سيء .. وفي الساعة العاشرة صباحا رأيت شخصا ذو "ملامح عربية" أنظر به وينظر بي ..*فسلمت عليه وانا في شك من ان يكون عربي ، فرد علي السلام وكانت لكنته من أهل الشام عندها شعرت أن هذا الشخص نزل علي من السماء .. كنت فرحا جدا فرحة لا توصف فسجدت في الارض لله شاكرا له نعمته ، وسلمت علية بحرارة لا توصف .. فقال لي: من أي بلد؟ قلت له: من السعودية .. فأستغرب من وجود طالب سعودي في الصين يدرس على حسابه الخاص ، فعرفني بنفسه أنه من سوريا وانه طالب يدرس اللغة الصينية وانه باقي على تخرجه سنة .. فشرحت له وضعي وانني لم أنم منذ يومين واريد مكان انام فيه ، فأخذني للمبنى الذي جلست بجانبه وكان ذلك المبنى هو سكن الطلبة الاجانب .. وعندما اخرجت قبولي الدراسي له اعطاه لمسؤولي السكن وعلى الفور اعطاني غرفة في الطابق 14 وهو أخر طابق .. ولم يأخذ مني مسؤول السكن أي مبالغ مالية حتى انتظار فتح أبواب الدراسة .. فشكرت الاخ السوري جزاه الله الف خير .. عندها استأذني لأنه كان في رحلة سفر لمدينة اخرى وانه بعد يومين يعود ، طبعا سألته اين يباع الطعام؟ فوصف لي أن هناك بقالة صغيرة خلف المبنى تبيع بعض الاكل ونصحني بالابتعاد عن اغلب المأكولات لأنها تحتوي علي زيوت الخنزير فشكرته جدا ، كنت وقتها مرهق وابحث عن مكان للنوم وقلت انام ساعة وانزل لشراء الاكل ، ولكن عندما نمت في الغرفة استيقظت متأخرا في الساعة 7:00 ليلا .. نزلت اسفل المبنى وانا ابحث عن مكان البقالة ولكن للأسف وجدتها مغلقة لانهم في تلك الفترة يغلقون الساعة السادسة .. كنت اريد ان اكل بأي طريقة فلم اجد أي سوق او بقالة او مطعم مفتوح ، رجعت لغرفة الجامعة وخلال فتحي لباب الغرفة وإذا بشخص يخرج من الغرفة المجاورة نظر بي وقال لي الاخ عربي؟ وقلت نعم وكانت لهجته ثقيلة وقال انت طالب جديد؟ فقلت نعم ، فقال انا محمد اخوك من العراق اذا محتاج أي مساعدة .. قلت له بالله هل يوجد مطعم او أي شيء انا جائع ولم اكل ومستعد ان ادفع كل ما املك من اجل وجبة اكل .. نظر بي وقال لا تقلق يا اخي .. ادخلني غرفته ورحب بي في الصين وقال ان لديه "خبز وشاي" ما رأيك؟ قلت جزاك الله ألف خير .. عندها قدم لي الخبز والشاي وأعتذر مني وقال إن واجبي للضيافة أكبر ولكن لا يوجد لديه في الثلاجة إلا الخبز والشاي .. فقلت له اشكرك من كل قلبي لحسن الضيافة وبعدها بدأت أكل .. احسست انني اكل اجمل واطيب ما اكلت في حياتي ، والله إلى الان وانا بعد مرور هذا الزمن البعيد اشعر بطعمها ، قلت الحمد الله أن وفقني الله بالتعرف على هؤلاء الاخوة ، قال لي إن الجامعة تمتلك عدة بقالات وتفتح من التاسعة صباحا الي السادسة ليلا وافهمني الوضع الدراسي بالجامعة وطريقة التسجيل وانه في تاريخ ٢٥-٨-١٩٩٨سوف تفتح الجامعة للتسجيل في الفصل الدراسي الاول وانه يوجد استاذ صيني يتكلم اللغة العربية موجود في مكتب خدمة الطلبة الاجانب وهو المسؤول عن الطلبة العرب ، وانه يجب ان افتح حساب بنكي ، فسألته إذا يوجد طلبة سعوديين فقال لا .. جزاه الله الف خير لأنه وجهني وسهل علي الكثير من الامور وأوضح لي اين تباع الخضرة واللحوم الاسلامية وانه توجد مطاعم صينية مسلمة واكلها حلال .. عندما تم فتح مكتب الطلبة لخدمة الاجانب ذهبت لإكمال اوراقي الدراسية عند الاستاذ الصيني وكان اسمه باللغة العربية الاستاذ زكريا .. وهنا ممكن البعض يستغرب من ذلك ولكن في الصين الجامعات المتخصصة باللغات يوجد بها اساتذة صينيين يتكلمون بجميع اللغات فإنه على سبيل المثال بالنسبة للطلبة العرب يوجد استاذ يتحدث اللغة العربية وبالنسبة للطلبة الروس او اليابانيين او المتحدثين باللغة الانجليزية فيوجد ايضا أساتذة يتحدثون بهذه اللغات .. حيث ساعدني الأستاذ زكريا بالتسجيل ودفعت الرسوم الدراسية .. بعدها عرفت كيف اشق طريقي وبدأت عامي الدراسي الاول في اللغة الصينية وكان ذلك في تاريخ ٢-٩-١٩٩٨ وكانت اللغة صعبة جدا علي ولكن كنت ابذل ما استطعت من الاجتهاد لأتعلم اللغة الصينية .. وفتحت حساب بنكي في بنك الصين حقيقة الامر كانت التحويلات المالية في تلك الفترة معقدة جدا وسوف اسرد لكم مشكلتي مع البنك في السطور القادمة .. بعدها ذهبت (للسفارة السعودية في بكين) للتعرف على الاخوة في سفارة المملكة في بكين واشرح لهم وأنني طالب جديد ، حقيقة الامر استغرب الاخوة في السفارة لقدومي للصين لوحدي ومدى الصعوبات التي واجهتها وجزاهم الله ألف خير لانهم أبلغوا سعادة السفير السابق (يوسف مدني) رحمه الله واسكنه فسيح جناته .. وقابلت سعادة السفير أنذاك ورحب بي وشجعني وطلب مني إن احتجت لأي مساعده وشدد علي بضرورة تواجدي بسبب قرب زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي كان في وقتها أمير الرياض سابقا خلال زيارته في حينها إلى بكين .. ولله الحمدالله الذي أنعم علي فرصة للسلام علي مليكي سلمان حين كان أمير الرياض .. ومرت السنة الاولى بحلاوتها ومرها .. وكنت خلال تلك الفترة اذهب كل اسبوع للاخوة في السفارة للتعرف عليهم جزاهم الله الف خير فالله يعلم أنهم وقفوا معي موقف رجولي لاتنساه ذاكرتي ومنهم من قدم لي المساعدة المعنوية والمادية وهم (خالد الدباس - خالد الاسمري - نواف المطيري - فهد الزومال - فهد البشري - مدحت النيباري) .. وأخص أخي العزيز على قلبي نائب الملحق العسكري "هلال الزهراني" الذي كان اكثر من أخ لوقوفه معي إلى أن تخرجت جزاه الله وجزاهم ألف خير فالذي ينسي فضل الناس لا خير فيه .. وانتقلت بعد سنة الي جامعة الطيران في بكين وبدأت عامي الدراسي للسنة الاولى تخصص هندسة الاتصالات وكانت سنة مليئة بالمفاجئات .. أذكر في السنة الدراسية الاولى الفصل الثاني من الدراسة تم تحويل مبلغ مالي بإسمي للبنك في الصين وتمرمرت بشدة من اجل سحب المبلغ فالمبلغ لم يتم تسليمي إياه لمدة شهر وذلك بسبب خطأ بحرف واحد والمبلغ يحتاج مدة سبعة أيام للوصول فكان المبلغ يذهب ويرجع ذهابا وإيابا إلى أن استلمته بعد شهر ولله الحمد .. ومرت الأيام والسنين بلمح البصر ، وفي عام 2002م زار صاحب السمو الملكي الامير "سلطان بن عبدالعزيز" رحمه الله الصين وكنت وقتها في السنة الثالثة على حسابي الخاص وكان لي شرف السلام عليه وله كل الفضل في ضمي للبعثة الدراسية في مرحلة البكالوريوس رحمه الله واسكنه الجنة يارب ، وكان ذلك في عهد السفير "عبدالرحمن البشر" الذي هو الان سفير المملكة في الامارات .. بعدها تخرجت من الجامعة في عام 2004م وكنت احمل معي ما تعلمته في الجامعة من بعض العلوم وكان يدور في رأسي أول خطة عمل أردت بها أقدمها لبلدي وهو مشروع الطائرة من غير طيار أو مايطلق عليه: unmanned aerial vehicle UAV drone وكنت احمل بعض مصادر التكنولوجيا ، ولكن للأسف لم يكتب لهذا المشروع النجاح في تلك الفترة من عام 2004 (( وإنني اشجع الشباب لتعلم اساسيات هذا العلم وخاصة الذين يدرسون في الصين وذلك من أجل بلادنا حفظها الله من كل مكروه والارتقاء بها للمستقبل وايضا بذل الجهد الكبير من إجل الاصطفاف قيادة وشعبا من اجل المضي قدما للخطة 2030 بإذن الله )) في تلك الاثناء زرت صديقي العزيز "خالد الدباس" في وزارة الخارجية للسلام عليه وسبحان الله الاقدار والارزاق يكتبها الله بالأسباب .. فخلال زيارتي له كان هو يعمل في قسم شؤون المتعاقدين في الخارجية ولاحظت عنده الكثير من المراجعين للبحث عن وظائف تعاقد .. فقال لي أنت أول سعودي خريج بكين لماذا لا تقدم على وظيفة متعاقد في السفارة السعودية في بكين .. فساعدني جزاه الله الف خير وادخلني على الامير "خالد بن سعود" جزاه الله الف خير لفعل الخير بأن ساعدني على العمل في السفارة وأكن له كل الاحترام والتقدير فالدال على الخير كفاعله .. ولله الحمد تم قبولي في العمل في سفارة خادم الحرمين الشريفين في بكين عام 2005 وهنا تبدأ قصة أخرى من قصص بكين ..