المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 3 مايو 2024
بواسطة : 09-03-2017 04:22 صباحاً 28.1K
المصدر -  

مؤيد سعيد الغامدي ، شاب سعودي طموح وله قصة مميزة وتجربة ناجحة وحافلة بالإنجازات والمشاهد المنوعة يرويها لنا عن مرحلة الإبتعاث التي توج فيها مؤخرا بحصوله على درجة البكالوريوس في تخصص "هندسة الكهرباء والإلكترونيات" ويعمل حاليا بمسمى ( مهندس حقل ) في إحدى الشركات الأمريكية للخدمات النفطية التي تتعاقد معها أرامكو السعودية .. وللإطلاع على قصة "الغامدي" عن الإبتعاث ونواحي عدة يرويها لنا عبر سلسة (غرب مع المبتعثين) كالتالي:

 

والدي معلم "الرياضيات" ووالدتي معلمة "العلوم"

أنا من سكان محافظة الطائف ، تربيت بها وترعرعت بين جبالها ووديانها ، محب للعلوم الرياضية واعشق كرة القدم وأحرص على ممارستها لأجل الرياضة وأيضاً لإشباع الشغف بهذه المستديرة ، كذلك أنا محب للهندسة والطبيعية، فوالدي معلم رياضيات ووالدتي معلمة علوم، فجمعت هذه التخصصات بين دراسةً وثقافة ، وعن نفسي فأنا شخص مغامر لا أحب الخوض في النقاشات الجدلية التي لا طائل منها سوى إضاعة الوقت ومحاولة انهاء النقاش منتصرًا ، ولا أحبذ أن أكون في تجمعات، فحينها تحكم الحاضرين "سيكولوجية" الجماهير الغير منطقية وإن كان من بينهم المهندس، الطبيب والفيلسوف؛ فكلهم سواء في تلك الحالة.

الكهرباء و "عصب القرن"

درست الكهرباء التي هي عصب هذا القرن وتوهجه وقرنين سابقين ، كانت في بدايات القرن الثامن عشر طاقة غير متحكم بها، وكانت تستخدم الكهرباء الساكنة في عروض السيرك لإبهار الجماهير.

تطورت فيما بعد واكتشف المجال الكهرومغناطيسي على يد العالِم البريطاني "مايكل فاراداي" ليرصف الطريق من بعده لمبدأ عمل المولدات، المواطير والمحولات الكهربائية ، *ترجمت مبادئ "فاراداي" إلى معادلات رياضية بواسطة العالم الاسكتلندي "جيمس ماكسويل" ليبتدأ بذلك ثورة تكنلوجية لا زلنا نحصد ثمارها حتى يومنا هذا.

تخصص الحاسب و "تدارك والدتي خطأي"

كمعظم الطلاب في مملكتنا؛ لم أكن أعلم أي تخصصٍ أدرس ، حيث أنهيت المرحلة الثانوية بمعدل مرتفع من مدرسة حكومية، ولأن التوجيه لم يكن بالمستوى المطلوب بالرغم من تشجيع معلّمِي الرياضيات والفيزياء ، تقدمت بأوراقي إلى جامعة الطائف واخترت تخصص الحاسب ليس اقتناعًا به ولكنها مشورة صديق وتسرّع متلهّف لقضاء إجازته الصيفية بعد سنة دراسية طويلة وشاقة.

تداركت والدتي خطأي وأخبرت أخي الأكبر بأن ما أنا بصدد دراسته ليس من المفترض أن يكون طموح طالب أنهى ثانويته بامتياز ، وفعلاً أشار علي أخي أن أدرس الهندسة في كلية ينبع الصناعية، لم أكن أعرف عن ينبع حينها إلا فنّها الشعبي.

مدينة ينبع و"بداية التخصص"

أخذت بتلك المشورة وذهبت الى ينبع ودرست بها ثلاث سنوات في تخصص القوى الكهربائية وحصلت على شهادة الدبلوم ، لم يكن ذلك كل الطموح فتقدّمت لمرحلة البكالوريوس في نفس الكلية حيث أن نظامها هو ان تنهي الدبلوم أولًا وتحصل على شهادتها وإن كان معدلك يؤهلك لإكمال البكالوريوس تتقدم مرة أخرى وتكمل الدراسة.

الإبتعاث ( وميض لاح في الأفق ) ..

أنهيت في البكالوريوس فصل دراسي، في منتصف ذلك الفصل؛ لاح في الأفق وميض تجربة جديدة، حيث أعلنت المؤسسة التقنية عن فتح برنامج الابتعاث للحاصلين على شهادة الدبلوم لإكمال درجة البكالوريوس في الخارج ، وتقدمت على البعثة وأتم الله أمري بأن قُبلت في البعثة وانسحبت من برنامج كلية ينبع الصناعية لدرجة البكالوريوس واكملت دراستي في بريطانيا.

معرفة ثقافة اي مجتمع تكون من خلال هذه المشاهدات ..

في بريطانيا منذ لحظة وصولك المطار، يأسرك درجة التنظيم العالية واحترام الصف ، ولذلك يقال " ذا أردت أن تعرف ثقافة مجتمع ما إذا كانت راقية؛ فشاهدهم هل هم يحترمون الصف أم لا ".

أيضًا؛ لا يمكنك عدم الانتباه الى خدمة العملاء المميزة في جميع مناحي يومك ، فأنت كمرتادٍ لذلك المطعم، وعميل لذلك البنك ومستخدم لشركة الاتصالات تلك تشعر بحفاوة وتقدير كبيرين.

يبتسمون لك .. لكن سرعان ما تتعرى تلك المظاهر عندما تنغمس في مجتمعهم !

من الناحية الاخرى، الموظفون هناك يكونون كالآلات المتحركة التي تعمل على مدار السنة لأجل لقمة عيش وحياة كريمة دون أن يراعى حقهم الإنساني ، على سبيل المثال لا الحصر "موظف المتجر" تجده يرسم ابتسامة مصطنعة لكل من يخدمه لكي يحافظ على عمله بغض النظر عن مشاعره والتي يتركها جانبًا بمجرد أن يخطو إلى مقر عمله .. *في البداية تسحرك روح العمل لديهم وتظن أنهم فعلا يبتسمون لك، لكن سرعان ما تتعرى تلك المظاهر عندما تنغمس في مجتمعهم ، فـهم بذلك جمعوا بين نقيضي السلب والإيجاب في حالة واحدة.

المبتعث و "الإنغماس في ثقافة المجتمع" وفق هذه الشروط

الإبتعاث تجربة جديدة في جميع مناحي الحياة، تواجه ليس فقط ثقافة تلك الدولة التي ستبتعث لها بل ثقافات متعددة حيث الطلاب من جميع انحاء العالم يأتون لتحصيل درجة علمية من جامعات العالم العريقة. لذلك كما ذكرت؛ هي فرصة للتعرف على ثقافات مختلفة بجانب الثقافة السائدة لبلد الابتعاث ، وهنا انصح كل مبتعث أن ينغمس في ثقافة البلد الذي سيذهب إليه ولكن داخل إطار الشريعة الإسلامية والتي بوجهة نظري تنادي وتعزز جميع الايجابيات التي نراها في العالم الغربي وبالطبع ترفض جوانبها السلبية ، كما أيضًا انصح الطلاب المبتعثين أن يعرفوا قوانين البلد التي سيبتعثون إليها لمعرفة حقوقك وواجباتك تجاه تلك القوانين ، وأشير أيضا أن أذكر من ناحية السكن، أن تحاول أخي المبتعث في مرحلة اللغة على الأقل أن تعيش بين عائلة لكي تمارس اللغة التي تتعلمها في المعهد؛ لأن اللغة مهارة والمهارة يجب ان تمارس لكي تُتْقٓن ، أيضا لابد أن تشارك في نشاطات المعهد التي يرتبها اسبوعيّا سواءً نشاط داخل المعهد أو خارجه؛ لأنه سيكسر بعض الحواجز اللغوية التي لا تود أن تدخل الجامعة وهي لا تزال أمامك. عند دخولك الجامعة تذكر دائمًا أنك تتحدث لغتين بعكس أبناء ذلك البلد.

مواقف يجب تجنب الخوض فيها

المواقف كثيرة؛ ولكن ما يستحق الذكر منها وسأتحدث إجمالا وليس عن الحالة لكي يستفيد من بعدي هي حول "النقاشات الدينية والأخلاقية" قد تتعرض لها وخصوصا في مرحلة اللغة إما بقصد إحراجك واحراج ثقافتك المسلمة المحافظة التي أتيت منها امام الطلاب أو من غير قصد كنقاش عرضي ينتهي بلحظته. لذلك؛ أنا انصح اخواني الطلبة المبتعثين أن يتجنبوا الخوض في تلك النقاشات إن أمكن أو التجهيز له بإدراك وإلمام إذا ما كان الموضوع سيتم مناقشته في الصف لممارسة اللغة. وهذا نادرًا ما يحدث أن يكون النقاش الديني هو نقاش الصف لممارسة اللغة ولكن ربما يحدث. الموضوع في صلبه ليس محرجًا ولكن قذف الشبهات والأمور الخلافية لتكون موضوعًا وأساس النقاش هو ما يجعل الشخص المسلم العادي غير قادر على مجاراة الموضوع وينتهي الأمر بالإحراج.

هذا الخطاء أنا وقعت فيه ..

دائمًا ما تگون الخطوة التالية بعد مرحلة البكالوريوس هو البحث عن وظيفة أو إيجاد فرصة أكاديمية أخرى لإكمال الدراسات العليا .. أشغر الآن منصب مهندس حقل (Field Engineer) في إحدى الشركات الأمريكية للخدمات النفطية التي تتعاقد معها أرامكو ، لذلك أنا أنصح الطلاب المبتعثين قبيل تخرجهم أن يعدوا سيرتهم الذاتية ويتواصلوا مع الشركات قبل التخرج لأجل لا تطول المدة بين التخرج وبين إيجاد الوظيفة .. هذا الخطأ وقعت فيه أنا *.. ومكثت ما يقارب ال ٨ شهور حتى وجدت فرصتي ، ولكن إذا لم تكن الأمور مثالية ولم تجد الوظيفة فاعمل على تطوير ذاتك إما بالدورات الحضورية الشخصية أو على المنصات الإلكترونية.

ورش العمل في الجامعات و "أهميتها"

تجربة رأيتها في الجامعات البريطانية ليست شخصية، ولكني أراها باستمرار في جامعتي؛ وهو أن الجامعة تعمل وِرش عمل لطلاب المدارس ويكون القائمين على هذه الورش طلاب جامعيين من مختلف التخصصات، يقومون بشرح التخصص وتطبيقاته العملية لهذه الفئة الناشئة؛ أسوأ نتائج هذه الورش هو أن الناشئ يكون قد كوّن قاعدة بيانات اساسية لمختلف التخصصات، أما أفضلها فيكون قد قرر أي تخصص سيدرسه عندما يلتحق بالجامعة.

توقف الإبتعاث إلى بريطانيا في هذه المرحلة لهذا السبب

بريطانيا تعتبر من أكبر الدول التي تحتضن الطلاب المبتعثين السعوديين، وفي فترة من الفترات أوقف الإبتعاث إلى المملكة المتحدة بسبب التكدس. أما فيما يخص إجتياز هؤلاء الطلاب لمراحلهم الاكاديمية فمن خلال فترتي في الجامعة، فطلاب البكالوريوس من دفعتي جميعهم اجتاز المرحلة وبتقديرات متفاوتة لا تقل عن الجيد جدًا. يسبقهم ويلحقهم طلاب الماستر والدكتوراه .. وبالنسبة لي فالإبتعاث هي تجربة كاملة وليست محصورة فقط على التحصيل الأكاديمي. من خلال احتكاككَ بالمجتمع البريطاني تتعلم منهم احترام الوقت والنظام والجودة والإخلاص في أداء الأعمال.

السيرة الذاتية وأهميتها للخريجين ..

مع الاوضاع الاقتصادية الراهنة يوجد بعض الصعوبات لذلك المتخرج يجب أن يتميز ببعض العلاوات التي تسجل في السيرة الذاتية مثل الدورات كما ذكرنا آنفًا ليتمكن من دخول المقابلة الشخصية. هناك تلك الشركات الناشئة والتي تريد توظيف متخرجين جدد لذلك أنا أقول؛ لا تقبل براتب دون المتوقع إلا إذا كنت ستعمل في نفس تخصصك، ذلك لأن الشهادة بعد ذلك تكون قد فقدت قيمتها الحقيقية وسيكون النظر إلى خبراتك العملية فيما إذا أردت أن تنتقل لفرصة أفضل.

هذه هي علاقة المبتعث والطالب السعودي مع محيطه العلمي والإجتماعي في بريطانيا ..

الروح الجماعية في المجتمع البريطاني وخصوصا في المرحلة الأكاديمية تكاد تكون مفقودة؛ هذه ليست سلبية على كل الأحوال. لذلك تجد الطلاب السعوديين والذين بطبعهم اجتماعيين تكون تجمعاتهم مع اقرانهم السعوديين والعرب بصورة عامة ، أما بالنسبة للطالب السعودي في نظر الجامعة، هناك أمثلة مشرفة لنا كسعوديين وهناك على النقيض أمثلة تسيء للطالب السعودي. لذلك لا أحبذ التعميم فكل طالب يستطيع أن يعمل الفارق الايجابي وإن كان من قبله قد أساء وبالمثل أيضاً من الناحية الأخرى

أبردين عاصمة النفط الأوروبية "وهذه أبرز صعوبات المبتعثين"

الصعوبات المالية بالنسبة للمتزوجين هي ما يزعجهم أغلب الأحيان. فمدينة مثل أبردين التي درست بها؛ يقارن غلاءها المعيشي بـ العاصمة الانجليزية لندن بالرغم من البعد الجغرافي والاقتصادي بينهما. ولكن لأن أبردين هي عاصمة النفط الأوروبية؛ فوجود شركات النفط وموظفيها والذين يتقاضون مبالغ عالية مقارنة ببقية سكان المدينة يجعل منها مدينة باهظة الغلاء من كل النواحي.

الملحقية الثقافية في بريطانيا وهذا الموقف لي معهم ..

تقوم الملحقية بالاهتمام برعاياها بإرسال بريد الكتروني عن حالة طقس غير معتادة، تجنب أماكن سيقوم بها مظاهرات وما إلى ذلك من هذه الأمور. أما عند الاستفسارات عن طريق بوابة الملحقية فحدث عن التخبط ولا حرج. من الممكن أن تتلقى ردًّ لا يناسب استفسارك وهذا حصل معي. ليس فقط لا يناسب استفسارك بل هو نسخ ولصق من استفسار سابق لدرجة أن الرد بدأ بـ عزيزتي الطالبة!!!

أمّا إذا أردت أن تتّصل بهم؛ فأحسن الله فيك العزاء.

نادي الطلبة السعودي في مدينة "أبردين" ومساعدتهم لنا

نادي الطلبة السعودي في أبردين كان له الفضل بعد الله في كثير من الأمور ، *كانوا لا يتوانون في تقديم المعونة والخدمة لأي مبتعث جديد ،من ضمنها في حالتي؛ وعن أماكن السكن الجيدة، شركات الاتصالات الأفضل، أسهل البنوك في فتح الحساب وليس لديهم تعقيدات؛ كل ذلك وأكثر لم يكن ليتم لو الله أولا ثم أعضاء هذا النادي.

أيضا من الأشياء المميزة في هذا النادي أثناء فترتي على الأقل، لم يتقدم أحدًا ليقول أنا سأكون رئيسًا للنادي ، بل كان الاختيار يقع على شخص تم التصويت له ، كما لا يتوقف الأمر عند ذلك فتجد جميع اعضاء النادي يقومون بأمور هي من مهام رئيس النادي وأعضائه ولكنهم جميعهم يعلمون أن هذا المنصب هو تكليف وليس تشريف والتكاتف هو من سيبقي هذا النادي للطلاب الجدد.

وبشكل عام الأندية الطلابية مهمة أولًا للمبتعثين الذين لديهم اطفال حيث ان بعض الاندية تنظم صفوفًا دراسية لتعليم اللغة العربية والثقافة الاسلامية لأطفالها ، وأن مردَّ هذا الطفل وذاك أن يعود إلى بلده وأنت كأب أو أم لا تود/ين أن يعاني طفلك في اتصاله بأقرانه عندما يعود ، النادي الطلابي أيضا مفيد للاجتماعات الدورية بين المبتعثين أنفسهم رجالًا ونساء ومن ضمن الفوائد التي أراها مهمة هي الفائدة التي ستعود للمبتعث الجديد؛ حيث تتسهل لك شئون حياتك بشكل أسرع من أن تخوضها بمفردك .. على سبيل المثال لا الحصر: الأماكن التي يمكنك السكن فيها والأماكن التي يجب ألّا تسكن فيها، الأماكن الخطرة ليلاً وكل ما يتعلق بسلامة المبتعث فدورهم في ارشاد المبتعث الجديد مهم ومهم جدًا.