العديد من كبار قادة الذكاء الاصطناعي يسعون جاهدين لتخفيف عامل الخوف وزيادة الحديث عن الأمل والإيجابيات.
المصدر - فايننشال تايمز - جون ثورن هيل من الواضح أن الشائعات حول فناء البشرية مبالغ فيها تماماً؛ فقادة الذكاء الاصطناعي لدينا، حتى الآن، بشر من لحم ودم، وليسوا روبوتات مدمرة، لذا، يجب التراجع عن نشر الخوف المفرط في هذه الصناعة.
وخلال العام الماضي، حصل من يطلق عليهم «المتشائمون»، الذين تنبأوا بأن الذكاء الاصطناعي الخارق قد يشكل تهديداً وجودياً للبشرية، على كثير من الاهتمام، حتى أن قلقهم دفع الحكومة البريطانية إلى استضافة قمة دولية للسلامة في مجال الذكاء الاصطناعي في «بلتشلي بارك» خلال شهر نوفمبر الماضي.
لذلك، من الواضح أن العديد من كبار قادة الذكاء الاصطناعي الآن يخفضون حدة المخاوف ويرفعون مستوى التفاؤل والدعاية الإيجابية. وقد يشير المتشككون إلى أن هذه الموجة الجديدة من التفاؤل التكنولوجي تتزامن مع جمع الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي أموالاً ضخمة، حيث تواصل هذه الشركات ضخ مليارات الدولارات لتطوير نماذجها.
وخلال الشهر الماضي، نشر سام ألتمان، المؤسس المشارك لـ«أوبن إيه أي» التي جمعت مؤخراً 6 مليارات دولار إضافية من المستثمرين، مقالاً بعنوان «عصر الذكاء الاصطناعي»، توقع فيه أن يحقق الذكاء الاصطناعي إنجازات مذهلة مثل: «إصلاح المناخ، وإنشاء مستعمرة فضائية، واكتشاف جميع أسرار الفيزياء».
وتم استقبال منح جائزتي نوبل منفصلتين في الفيزياء والكيمياء لفريقين، بينهما رواد الذكاء الاصطناعي جيفري هينتون والسير ديميس هاسابيس، باحتفاء كبير في الصناعة. وتحدث هاسابيس، المؤسس المشارك لـ«جوجل ديب مايند» التي طورت نظام «ألفا فولد» الذي قام بنمذجة 200 مليون بنية بروتينية، بحماس عن قدرة الذكاء الاصطناعي على تمكين العلم بسرعة رقمية.
وربما يكون أبرز مثال على هذا التحول في المزاج هو مقال من 15 ألف كلمة بعنوان «آلات الحب غير المشروط» نشره داريو أمودي، المؤسس المشارك لشركة «أنثروبيك»، الشهر الجاري. وكتب أمودي: «الخوف أحد المحفزات، لكنه ليس كافياً، نحن بحاجة إلى الأمل أيضاً».
وفي مقاله، اعترف أمودي بالمخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي، لكنه ركز على الإمكانيات التحويلية للذكاء الاصطناعي الخارق، الذي يدعي أنه قد يظهر في أقرب وقت بحلول عام 2026.
ويشبه أمودي هذا الذكاء الاصطناعي بـ«دولة من العباقرة داخل مركز بيانات»، ويعتقد أنه يمكن أن يسرع التقدم في مجالات عديدة بشكل كبير. وهذه الابتكارات الثورية، بحسبه، ستقوم بـ«ضغط» القرن الحادي والعشرين. وكتب: «أعتقد أن معظم الناس يقللون من حجم التأثير الجذري الذي قد يحدثه الذكاء الاصطناعي».
وبأسلوب متفائل، يجادل أمودي بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسرع بشكل كبير وتيرة الاكتشافات العلمية، ما سيساعدنا على علاج العديد من الأمراض وإطالة العمر إلى 150 عاماً. ويتكهن أمودي أيضاً بأن «وزارات المالية والبنوك المركزية التي يديرها الذكاء الاصطناعي» قد توزع الموارد العالمية بشكل أكثر كفاءة، ما يساعد دول جنوب الصحراء الأفريقية على تعزيز معدلات النمو الاقتصادي بأكثر من 10%. كما أنه تصور أن الذكاء الاصطناعي قد يحسن من الحوكمة المجتمعية ويعزز المؤسسات الديمقراطية بدلاً من تقويضها.
وبينما يقر بأن التنبؤ بالمستقبل لا يتعدى كونه «مجرد تخمينات»، يعترف أمودي أن العديد من القراء قد يعتبرون مقاله «خيالاً عبثياً». ومع ذلك، فإن أفكاره تقدم لمحة مثيرة حول المستقبل الذي يتخيل كبار التنفيذيين في مجال الذكاء الاصطناعي أنهم يعملون على بنائه.
وبالنظر إلى الوتيرة المذهلة لتطور الذكاء الاصطناعي، سيكون من التهور رفض هذا النوع من التفكير المستقبلي تماماً، وفي هذه الأوقات القائمة، نحن بالتأكيد بحاجة إلى جرعة منعشة من التفاؤل.
ومع ذلك، تثير هذه النقاشات حول مستقبل مشرق بفضل الذكاء الاصطناعي في ذهني ذكريات عن الجدل النظري الماركسي-اللينيني الذي قضيت وقتاً طويلاً في دراسته بالجامعة. فقد كان الشيوعيون الأوائل يعتقدون أن قوى هائلة ستعيد تشكيل المجتمع بشكل لا مفر منه، بغض النظر عن التدخل البشري.
من العبث محاولة مقاومة المستقبل، لأنه سيأتي سواء أردنا ذلك أم لا، ولكن، كما نعلم، لم تتكشف الأمور في التاريخ بهذه الطريقة. وسيكون من الظلم أن نلمح إلى أن أمودي أو مؤيدي الذكاء الاصطناعي الآخرين يتبعون عقيدة عمياء مماثلة. ففي الواقع، لقد حذروا بشكل صريح من عدم اليقين والمخاطر المرتبطة بهذه التكنولوجيا. لكن يبدو أنهم يرتكبون خطأ متشابهاً في افتراض أن الإنسانية ستتكيف مع القوى الخارجية، وهي التكنولوجيا في هذه الحالة، بدلاً من العكس.
بلغة الإنترنت، قد يحتاجون إلى الابتعاد قليلاً عن مكاتبهم لـ«العودة إلى الواقع»، أو على الأقل انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية في الخامس من نوفمبر.
لا شك أن الذكاء الاصطناعي قد يعود بفوائد عظيمة على البشرية، لكنه لا يستطيع تصحيح جميع عيوب البشرية، وربما لا ينبغي لنا حتى أن نرغب في ذلك. و«من مثل هذا الخشب الملتوي، لا يمكن صنع أي شيء مستقيم تماماً»، كما قال الفيلسوف إيمانويل كانط. وينطبق هذا الدرس على كم الطامحين في تقويم الإنسانية، سواء كانوا ثواراً بلشفيين أو مناصرين للذكاء الاصطناعي.
وخلال العام الماضي، حصل من يطلق عليهم «المتشائمون»، الذين تنبأوا بأن الذكاء الاصطناعي الخارق قد يشكل تهديداً وجودياً للبشرية، على كثير من الاهتمام، حتى أن قلقهم دفع الحكومة البريطانية إلى استضافة قمة دولية للسلامة في مجال الذكاء الاصطناعي في «بلتشلي بارك» خلال شهر نوفمبر الماضي.
لذلك، من الواضح أن العديد من كبار قادة الذكاء الاصطناعي الآن يخفضون حدة المخاوف ويرفعون مستوى التفاؤل والدعاية الإيجابية. وقد يشير المتشككون إلى أن هذه الموجة الجديدة من التفاؤل التكنولوجي تتزامن مع جمع الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي أموالاً ضخمة، حيث تواصل هذه الشركات ضخ مليارات الدولارات لتطوير نماذجها.
وخلال الشهر الماضي، نشر سام ألتمان، المؤسس المشارك لـ«أوبن إيه أي» التي جمعت مؤخراً 6 مليارات دولار إضافية من المستثمرين، مقالاً بعنوان «عصر الذكاء الاصطناعي»، توقع فيه أن يحقق الذكاء الاصطناعي إنجازات مذهلة مثل: «إصلاح المناخ، وإنشاء مستعمرة فضائية، واكتشاف جميع أسرار الفيزياء».
وتم استقبال منح جائزتي نوبل منفصلتين في الفيزياء والكيمياء لفريقين، بينهما رواد الذكاء الاصطناعي جيفري هينتون والسير ديميس هاسابيس، باحتفاء كبير في الصناعة. وتحدث هاسابيس، المؤسس المشارك لـ«جوجل ديب مايند» التي طورت نظام «ألفا فولد» الذي قام بنمذجة 200 مليون بنية بروتينية، بحماس عن قدرة الذكاء الاصطناعي على تمكين العلم بسرعة رقمية.
وربما يكون أبرز مثال على هذا التحول في المزاج هو مقال من 15 ألف كلمة بعنوان «آلات الحب غير المشروط» نشره داريو أمودي، المؤسس المشارك لشركة «أنثروبيك»، الشهر الجاري. وكتب أمودي: «الخوف أحد المحفزات، لكنه ليس كافياً، نحن بحاجة إلى الأمل أيضاً».
وفي مقاله، اعترف أمودي بالمخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي، لكنه ركز على الإمكانيات التحويلية للذكاء الاصطناعي الخارق، الذي يدعي أنه قد يظهر في أقرب وقت بحلول عام 2026.
ويشبه أمودي هذا الذكاء الاصطناعي بـ«دولة من العباقرة داخل مركز بيانات»، ويعتقد أنه يمكن أن يسرع التقدم في مجالات عديدة بشكل كبير. وهذه الابتكارات الثورية، بحسبه، ستقوم بـ«ضغط» القرن الحادي والعشرين. وكتب: «أعتقد أن معظم الناس يقللون من حجم التأثير الجذري الذي قد يحدثه الذكاء الاصطناعي».
وبأسلوب متفائل، يجادل أمودي بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسرع بشكل كبير وتيرة الاكتشافات العلمية، ما سيساعدنا على علاج العديد من الأمراض وإطالة العمر إلى 150 عاماً. ويتكهن أمودي أيضاً بأن «وزارات المالية والبنوك المركزية التي يديرها الذكاء الاصطناعي» قد توزع الموارد العالمية بشكل أكثر كفاءة، ما يساعد دول جنوب الصحراء الأفريقية على تعزيز معدلات النمو الاقتصادي بأكثر من 10%. كما أنه تصور أن الذكاء الاصطناعي قد يحسن من الحوكمة المجتمعية ويعزز المؤسسات الديمقراطية بدلاً من تقويضها.
وبينما يقر بأن التنبؤ بالمستقبل لا يتعدى كونه «مجرد تخمينات»، يعترف أمودي أن العديد من القراء قد يعتبرون مقاله «خيالاً عبثياً». ومع ذلك، فإن أفكاره تقدم لمحة مثيرة حول المستقبل الذي يتخيل كبار التنفيذيين في مجال الذكاء الاصطناعي أنهم يعملون على بنائه.
وبالنظر إلى الوتيرة المذهلة لتطور الذكاء الاصطناعي، سيكون من التهور رفض هذا النوع من التفكير المستقبلي تماماً، وفي هذه الأوقات القائمة، نحن بالتأكيد بحاجة إلى جرعة منعشة من التفاؤل.
ومع ذلك، تثير هذه النقاشات حول مستقبل مشرق بفضل الذكاء الاصطناعي في ذهني ذكريات عن الجدل النظري الماركسي-اللينيني الذي قضيت وقتاً طويلاً في دراسته بالجامعة. فقد كان الشيوعيون الأوائل يعتقدون أن قوى هائلة ستعيد تشكيل المجتمع بشكل لا مفر منه، بغض النظر عن التدخل البشري.
من العبث محاولة مقاومة المستقبل، لأنه سيأتي سواء أردنا ذلك أم لا، ولكن، كما نعلم، لم تتكشف الأمور في التاريخ بهذه الطريقة. وسيكون من الظلم أن نلمح إلى أن أمودي أو مؤيدي الذكاء الاصطناعي الآخرين يتبعون عقيدة عمياء مماثلة. ففي الواقع، لقد حذروا بشكل صريح من عدم اليقين والمخاطر المرتبطة بهذه التكنولوجيا. لكن يبدو أنهم يرتكبون خطأ متشابهاً في افتراض أن الإنسانية ستتكيف مع القوى الخارجية، وهي التكنولوجيا في هذه الحالة، بدلاً من العكس.
بلغة الإنترنت، قد يحتاجون إلى الابتعاد قليلاً عن مكاتبهم لـ«العودة إلى الواقع»، أو على الأقل انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية في الخامس من نوفمبر.
لا شك أن الذكاء الاصطناعي قد يعود بفوائد عظيمة على البشرية، لكنه لا يستطيع تصحيح جميع عيوب البشرية، وربما لا ينبغي لنا حتى أن نرغب في ذلك. و«من مثل هذا الخشب الملتوي، لا يمكن صنع أي شيء مستقيم تماماً»، كما قال الفيلسوف إيمانويل كانط. وينطبق هذا الدرس على كم الطامحين في تقويم الإنسانية، سواء كانوا ثواراً بلشفيين أو مناصرين للذكاء الاصطناعي.