المصدر -
سهير الغالي
الاخصائية الاجتماعية الصحية *بلبنان
اعترافاً بحقوق الطفل المعوّق وإيماناً بطاقاته وقدراته المحددة، كان للخدمة الاجتماعية الدور البارز في هذا المجال لتكريسها النظريات والمبادئ التي تعترف بحق الطفل المعوق وتساعده على التكيّف والاندماج مع البيئة المحيطة به ليصبح على قدم المساواة مع الأطفال الآخرين . وللخدمة الاجتماعية في مجال رعاية المعوّقين الأهداف التالية .
1-الهدف العلاجي:
مساعدة الأفراد والجماعات على تحديد مشاكلهم وحلها أو على الأقل تخفيف من حدتها، تلك المشاكل التي تنجم عن خلل في التوازن بينهم وبين المحيط الاجتماعي.مثلاً ، تهيئة المؤسسات من خلال توفير الفرص التعليمية والمهنية والبرامج التأهيلية، إضافة إلى تأهيل الطرق والمواصلات، بما يناسب احتياجات المعوقين لتقدم لهم أفضل الخدمات.
و مساعدتهم على الاستفادة من قدراتهم وإمكاناتهم ، ومواهبهم بما يخدم الخطة العلاجية لهم ولفتح قنوات الاتصال والتواصل مع بيئتهم لإعادة التوازن ولتحقيق القبول الاجتماعي لهم بالدرجة الأولى .
2-الهدف الوقائي:
تحديد المكان الذي قد ينجم عنه خلل في التوازن بين الأفراد والجماعات من جهة ومحيطهم الاجتماعي من جهة أخرى ، محاولة لمنع حصول هذا الخلل في التوازن.مثلاً ، اكتشاف العجز المبكر لحالات الإعاقة والتدخل المبكر لها .
3-الهدف الإنمائي:
هو البحث عن الطاقات القصوى عند الأفراد والجماعات والمجتمعات ، بهدف تنشيط هذه الطاقات وتعزيزها. مثلاً ، الاستفادة من قدرات المعوقين وتوظيفها في مكانها المناسب وتوفير فرص العمل لهم بهدف إشراكهم في عملية التنمية الاقتصادية في وطنهم .
استناداً إلى هذه الأهداف، و لكي يتمكن الأخصائي الصحي الاجتماعي من تحقيق أهداف الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية المعوقين لا بدّ من أن تتكامل الاختصاصات المتنوعة ضمن فريق عمل مختص .ويتكون هذا الفريق من : معالج فيزيائي، معالج نطق ، والطبيب المختص.إن للأخصائي الصحي الاجتماعي أدوار متعددة في ميدان رعاية المعوّقين، ومنها دوره في عملية دمج الطفل المعوّق في المدرسة العادية.
دور الأخصائي الصحي الاجتماعي في عملية الدمج:
إن الأخصائي الصحي الاجتماعي يهدف إلى إعادة التوازن وإحداث التغيير في البيئة وتحقيق العدالة الاجتماعية. وينطلق في عمله من خلال ثلاثة محاور أساسية وهي:
التدخل الاجتماعي مع الفرد والأسرة.
التدخل الاجتماعي مع الجماعة.
التدخل الاجتماعي مع المجتمع المحلي.
ويستخدم الأخصائي الصحي الاجتماعي في مجال رعاية المعوّقين كافة أساليب التدخل الاجتماعي مع الفرد والأسرة، والجماعة والمجتمع المحلي، وهو عبارة عن تقنيات علمية مثال دراسة الحالة، دراسة التاريخ الاجتماعي للفرد والأسرة ، المقابلة، للوصول إلى حل المشاكل التي تواجه المعوّق على الصعيد الشخصي والأسري والمجتمعي.
وبما أن دراستنا تتمحور حول دمج طفل الشلل الدماغي في المدرسة سنعرض دور الأخصائي في هذه التجربة، دون التطرق إلى دوره في المدرسة ومع الفريق الطبي التأهيلي:
و يمكننا حصر دوره في عملية الدمج فيما يلي:
1- دوره مع الإدارة:
إن للإدارة في المدرسة دور كبير لتقبل فكرة استقبال طفل معوّق (طفل الشلل الدماغي) واقتناعهما بمفهوم الدمج، خاصة أن هذه العملية تحتاج إلى متطلبات وإمكانيات خاصة لتوفير عناصر نجاحها مثل غرفة مصادر، وسائل إيضاحية تتعلق بحالة المعوّق وتجهيزات هندسية محددة للمبنى المدرسي.كما أن للإدارة دور في تحضير المعلمين للتعامل مع الطفل المعوّق داخل الصف.لذلك يقوم الأخصائي الصحي الاجتماعي بالتعرف على إمكانيات الإدارة، على مدى استعدادها لمتابعة هذه العملية ومدى توفيرها لفرص إنجاحها، مما يحتّم عليه أن يبني معها علاقة ثقة وتعاون لمواجهة الصعوبات التي ستتعرض لها في عملية دمج طفل الشلل الدماغي. بناءً على ذلك، يتوجب عليه أن:
- يساعد الأخصائي الصحي الاجتماعي الإدارة و يعرّفها على متطلبات الدمج، عبر التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية من مؤسسات اجتماعية تأهيلية، مؤسسات تمويلية، وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية، وغير ذلك…
-أن يتعرف الأخصائي الصحي الاجتماعي على طفل الشلل الدماغي لتحديد احتياجاته والاضطرابات التي يعاني منها،تبعاً لحالته (خفيفة أو متوسطة) بالتعاون مع طبيبه المختص، أهل الطفل و الفريق الطبي الذي يقوم بمعالجته (إذا دعت الحاجة ) .و ذلك كله لمناقشة حالته مع الإدارة و الهيئة التعليمية لوضع برنامج ملائم لتطوير قدراته والتمكن من تعليمه .
2- دوره مع الهيئة التعليمية :
يقع على الهيئة التعليمية عبء كبير في العملية التعليمية، لذلك على الأخصائي الصحي الاجتماعي أن يقدّم لها الدعم، لذلك يتوجب عليه أن:
- يتعرف على الهيئة التعليمية و على قدرتها و مدى قبولها للطفل المعوّق داخل الصف، ويحدد مدى معلوماتها عن موضوع الدمج من خلال المقابلة الجماعية والمناقشات .
- يعدّ الأخصائي الصحي الاجتماعي دورة تحضيرية لتزويد المعلمين، بمعلومات حول الشلل الدماغي، أنواعه، و الصعوبات التي يعاني منها الطفل، التدريبات اللازمة لوصوله إلى الاستقلالية في المدرسة،والتكيّ ف مع نفسه ورفاقه، أي الدمج وأهميته و فوائده و انعكاسه على حياة الطفل النفسية و الاجتماعية .
- يركز الأخصائي الصحي الاجتماعي على دور الهيئة التعليمية في عملية متابعة حالة الطفل المعوّق و منحه الوقت الكافي أو ضرورة اللجوء إلى استشارته لحل المشاكل الطارئة بالتعاون مع أهل الطفل المعوّق و الإدارة و الفريق الطبي.
- يوجه الأخصائي الصحي الاجتماعي عبر إرشاداته و نصائحه الهيئة التعليمية حول كيفية التعامل مع الطفل المعوّق في المدرسة، باعتباره فرداً بحاجة إلى دعم مثل الأطفال الآخرين. فالهدف هو التركيز على ما يستطيع الطفل المعوّق القيام به، أكثر من التركيز على الإعاقة نفسها.
- يتابع الأخصائي الصحي الاجتماعي الهيئة التعليمية ويبني علاقة ثقة وتعاون واحترام معهم، كونه أحد أفراد الفريق التعليمي ليتمكن من القيام بدوره و لتدعيم مواقفهم واتجاهاتهم تجاه الطفل المعوّق ( طفل الشلل الدماغي).
3- دوره مع الطفل المعوّق:
- يتعرف الأخصائي الصحي الاجتماعي على الوضع الصحي للطفل المعوّق ولا سيما الأسباب التي أدت إلى الإعاقة، عوارضها وآثارها، كما يتعرف على مدى إمكانية التأهيل عند الطفل وقدرته على الدمج في المدرسة العادية بالتعاون مع الأهل، والطبيب المختص وفريق العمل المؤلف من معالج فيزيائي، وتأهيل نطق، ومعالج انشغالي.
- يتعرف الأخصائي الصحي الاجتماعي على وضع الطفل المعوّق في الأسرة، وضعه النفسي الاجتماعي، أحوال الأسرة الاقتصادية، كل ذلك لأخذه بعين الاعتبار في عملية الدمج.
- يحضّر الأخصائي الصحي الاجتماعي الطفل المعوّق للدخول إلى المدرسة، مثلاً:
من خلال مشاهدة فيلم يروي قصة معوّق دخل إلى المدرسة وتابع دراسته بنجاح مع أطفال عاديين، ويعرّف الفيلم عن شكل المدرسة وكيفية التنقل فيها.
يقوم الأخصائي الصحي الاجتماعي بدعوة الأهل في بداية العام الدراسي باصطحاب طفلهم المعوّق لزيارة المدرسة بهدف التعرف على الصف والمعلمات والاختلاط مع الأطفال العاديين في الملعب لتكوين تصوّر إيجابي عن وضعه حين سيدخل فيها إلى المدرسة.
يعطي الأخصائي الصحي الاجتماعي الطفل المعوّق معلومات عن الصعوبات التي ستواجهه خلال العام الدراسي، مثلاً، عدم قدرته على الحركة والتنقل بالشكل الطبيعي، وبأنه مختلف عن الأطفال العاديين، وأنه بحاجة إلى رعاية خاصة ومتابعة خارج المدرسة والتأكيد على إمكانية تقدمه واستمراره إذا أراد ذلك.
يتابع الأخصائي الصحي الاجتماعي الطفل المعّوق ويساعده في تخطي الصعوبات ، و إشراكه في حل المشكلة.
يدرب الأخصائي الصحي الاجتماعي المعّوق على السلوك الاجتماعي اللائق والمقبول بالتنسيق مع المعلمة ومع الأهل لمساعدته على التكيف في المدرسة وفي الحياة الاجتماعية.
يعتمد الأخصائي الصحي الاجتماعي أسلوب المناقشة والجلسات الجماعية، والنشاطات الهادفة مع الطفل المعوّق وذلك لدعمه ولتعزيزه ثقته بنفسه ولتغيير اتجاهاته السلبية وتوظيفها إيجابيا، والتي تساعده على تغيير موقفه من الإعاقة وصولاً به إلى مبدأ التقبل والتكيّف.
4- دوره مع الأطفال العاديين:
يستخدم الأخصائي الصحي الاجتماعي بالتعاون مع الهيئة التعليمية، مختلف الوسائل الإيضاحية لتحضير الأطفال العاديين لاستقبال طفل الشلل الدماغي داخل الصف، مثال على ذلك، مشاهدة فيلم عن حياة طفل معوّق، توزيع كتب رسم وتلوين عن موضوع الإعاقة، ورواية قصص مصوّرة، واعتماد الحوار والمناقشة والتعبير الخطي من قبل الأطفال لمعرفة نظرتهم تجاه الطفل المعوّق.
يشجع الأخصائي الصحي الاجتماعي الأطفال العاديين على دعم الطفل المعوّق نفسياً واجتماعيًا من خلال التحدث معه ومساعدته لتخطي الصعوبات التعليمية واللعب معه وزيارته في المنزل وبناء علاقة طبيعية سليمة معه.
يضع الأخصائي الصحي الاجتماعي برنامج زيارات إلى المؤسسات الاجتماعية لاصطحاب تلاميذ المدرسة إليها بهدف تقبل وجود طفل معوّق في المدرسة ، وللتعرف على نمط حياة الطفل المعوّق والصعوبات التي يعاني منها ،وأهمية احترامهن، وتقديم يد العون له.
5- دوره مع أهل الطفل المعوّق:
- يتعرف الأخصائي الصحي الاجتماعي على الأهل ويبني علاقة متينة معهم تقوم على أساس المشاركة والاحترام والثقة المتبادلة، وذلك عن طريق الاتصال الدائم بهم وزيارتهم كلما دعت الحاجة.
-إقامة اجتماعات دورية شهرية، وحسب احتياجات المعوّق والقدرات، تضم الأهل والمعلمات لتقييم وضع الطفل المعوّق ولاقتراح بعض التعديلات في التعامل معه.
- يعدّ الاخصائي الصحي الاجتماعي أمهات الأطفال المعوقين لدورة تدريبية يعرّفهن من خلالها على الإعاقة، أنواعها وأسبابها…، وإلى متطلبات عملية دمج طفلهم المعوّق إذا كانت إصابته خفيفة أو متوسطة وتحديد قدراته العقلية التي تمُكّنه من متابعة تحصيله الدراسي.
- يعرّف الاخصائي الصحي الاجتماعي الأهل على أهمية دورهم في رعاية الطفل المعوّق ومساعدته على التكيف كتعليم طفلهم المعوّق منذ الصغر، كيفية العناية بنفسه ومساعدته على الاستقلالية من خلال تدريبه على الأكل وارتداء الملابس و اكتساب مهارة النظافة.
- يعتمد الاخصائي الصحي الاجتماعي على تقنية دينامية الجماعة وذلك لينقل الأهل تجربتهم مع طفلهم المعوق إلى أهل الأطفال الآخرين، مما يخفف من شعورهم بالذنب ومن الشكوك التي تحيطهم ، وبالتالي التخفيف من شعورهم بأنهم سبب الإعاقة.
- يتابع الاخصائي الصحي الاجتماعي الطفل المعوّق داخل الأسرة ويحفز الأهل على بناء علاقة ثقة مع طفلهم المعوّق، وذلك لأهمية شعوره بالانتماء إلى أسرة تحبه وتعطف عليه دون إسراف، وتتعاون معه ككل لا يتجزأ لأن المطلوب هو الوصول إلى إنماء كامل الشخصية.
- يعرف الاخصائي الصحي الاجتماعي الأهل على المساعدات التي يستطيعون الحصول عليها من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية (بطاقة المعوّق التي تؤمن له خدمات مجانية صحية واجتماعية)، ومن خلال المؤسسات الاجتماعية التأهيلية والتربوية والصحية.
- يقوم الاخصائي الصحي الاجتماعي بتوعية الأهل حول الإعاقة والصعوبة التي يتعرض لها الطفل المعوّق وبضرورة القيام بالتحاليل والتدابير اللازمة لتجنب الإعاقة وتكرارها. كما يظهر أهمية اللجوء إلى العلاج والتشخيص المبكر للإعاقة للحد من تطورها السلبي.
- يبرز الاخصائي الصحي الاجتماعي للأهل أهمية متابعة طفلهم بالتعاون مع المعلمات داخل المدرسة ومع الفريق الطبي المؤلف من معالج فيزيائي، ومعالج النطق، والمعالج الانشغالي خارج المؤسسة، ويشكّل العامل الصحي الاجتماعي الوسيط بينهم لتحقيق التكامل في الأدوار ولإزالة المعوّقات التي تواجه عملية دمج طفل الشلل الدماغي في المدرسة.
- يشجع الاخصائي الصحي الاجتماعي الأهل حول مشاركة طفلهم المعوّق بالنشاطات الترفيهية والزيارات المنزلية والرحلات والنزهات والتسوق مثله مثل الأطفال الآخرين، لأنه يحتاج إلى تعزيز ثقته بنفسه بأن يكتسب نفس خبرات الأطفال الآخرين، وان يستطيع التكيف مع التغيرات التي تحيط به.
6- دوره مع أهل الأطفال العاديين:
- يقوم الاخصائي الصحي الاجتماعي بالتنسيق مع الإدارة حول سلسلة من اللقاءات الموجهة لكافة أهالي طلاب المدرسةحول موضوع دمج طفل الشلل الدماغي.
- يشكل الاخصائي الصحي الاجتماعي لجنة دعم من أهل الأطفال العاديين و إبراز دورهم في مساندة وجود طفل الشلل الدماغي في المدرسة.
7-دوره مع العاملين في المدرسة:
يُعلم الاخصائي الصحي الاجتماعي كل الموظفين والعاملين في المدرسة بالتعاون مع الإدارة باستقبال طفل الشلل الدماغي في المدرسة، وبضرورة حسن معاملته ومساعدته وفق إمكانياتهم، وتقديم ملاحظاتهم أو اقتراحاتهم للعامل الصحي الاجتماعي.
يزوّد الاخصائي الصحي الاجتماعي العاملين في المدرسة بالمعلومات حول الإعاقة والدمج وفق الحاجة.