المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 25 نوفمبر 2024
وَلِيَ فيها مَآْرِبُ أُخْرى
بواسطة : 15-10-2015 09:20 صباحاً 13.3K
المصدر -  كتبه: أبو الليث عبد العزيز بن صالح الحَسَنِيُ الزَّهْرانِيّ   العصا رفيقتنا في كل مكان وخاصة للواثقين بأنفسهم والذين لا يجدون مَن يقودهم أو لا يتأثرون بمَنّ الآخرين. بناء على ذلك؛ تعالوا نتخيل مستقبل عصا العميان: 1 - هذه العصا ذكية فهي تأخذ مسحا ثلاثي الأبعاد لجسم المستخدم ولحجم قبضته وتتوافق مع طوله طيا أو امتدادا. 2 - في هذه العصا نظام ناطق وسماعات أُذُن لمخاطبة المستخدم وتوجيهه وتحذيره ولتلقي الأوامر منه صوتا وكتابة بأكثر من لغة التي من بينها العربية طبعا، لهذا النظام الخاص قدرة على المزامنة مع أنظمة الهواتف الذكية والحواسيب. 3 - تحتوي العصى على نظام تصوير ثلاثي حساس لتحذير المستخدم من أغصان الشجر المتدلية، والمنحدرات الصعبة، والمطالع التي قد تعرقله، والمسطحات المائية، والسبخات، والحجارة... 4 - في هذه العصا نظام ملاحي دقيق يستجيب لرغبة المستخدم في قيادته إلى الأماكن القريبة المرغوبة بحسب تصنيفها؛ مسجد، أو مطعم، أو دائرة حكومية، أو محطة نقل، أو مستشفى، وحتى بيته، ويمكن هذا النظام الجهات الأمنية من التعرف على مكانها في حال فقدانها أو سرقتها، كما يقدم إحداثيات في حال إصدار المستخدم استغاثة.. 5 - العصا مزودة بنظام صعْق خفيف لكل مَن أراد إيذاء الأعمى المستخدم لهذه العصا كما تقوم بتصويره وتوثيق أذيته للرجوع إليها وقت الحاجة. 6 - ترتبط العصا بدوائر الطوارئ الحكومية وبأقرب مقدم خدمات صحي ومزود إنترنت لتقديم المساعدة العاجلة أمنيا وصحيا للمستخدم. 7 - للعصا قدرة على قراءة لوحات السيارات وقراءة عدادات سيارة الأجرة، وكتابة معلومات وافية عنها من حيث اللون والشكل وتتنبأ بالموديل لحماية المستخدم من تعديات السائقين سواء وهو يعبر الطريق أو يستقل سيارة لإيصاله. 8 - العصا مزودة بماسح ضوئي لقراءة الوثائق المطبوعة كالفواتير والمستندات البنكية، كما أنها قادرة في جزء من الثانية على قراءة الأوراق النقدية بمجرد تمرير أي من وجهيها على حافتها مما يلي يد المستخدم. 9 - تحتفظ العصا بمعلومات كاملة عن المستخدم من حيث الاسم وأهم المعلومات الصحية عنه وعنوان بيته لمساعدته حال الطوارئ. 10 - في العصا شاشة صغيرة تنوب عن بطاقة الصراف يمكن تعريضها لنقاط البيع والدفع عن طريقها، كما أن فيها لوحة أرقام ناطقة فقط يستخدمها الكفيف لإدخال رقم بطاقته السري. 11 - لا تُفتَح لوحة الأرقام حتى تتعرف العصا على بصمة المستخدم فهي مزودة بنظام التعرف على البصمة؛ فبمجرد ضغطه بأصبعه على حافتها المواجهة ليده الممسكة بها ثلاث مرات يُفتَح له صندوق خيارات لاختيار الخدمة المناسبة. 12 - تقوم كاميرا العصا بتنبيه المستخدم أن هناك طفيليا يسترق النظر إليه وهو يمرر أوراقه النقدية على العصا أو يستخدم بطاقته، وهذا التنبيه آَلِيّ. 13 - العصا مزودة حساسات لحالة الجو وحرارته وضغطه واتجاه الرياح لتقديم نشرة جوية مختصرة للمستخدم عند الانطلاق، وهي مزودة أيضا بقياس درجة حرارة المستخدم وضغْطه لتقديم اقتراحات حول وضعه الصحي وهو يسير كما تقوم بإرسال إشارات إلى الجهات الإسعافية والقطاع الصحي الأقرب المتعامل معه في التأمين الصحي حال الطوارئ. 14 - العصا مصنوعة من مزيج من المُرَكَّبات المعدنية بحيث تكون ضد الصدمات مهما بلغت وضد الصدأ وغير قابلة للكسر، كما أنها خفيفة الوزن. 15 - بطارية العصا خفيفة الوزن وذات خلايا متعددة وتُشحن كهربائيا وشمسيا وتظل قابلة للعمل شهرين متتابعين بلا توقف. 16 - تتعامل العصا مع بصمة الصوت إذ يمكن للمستخدم مناداتها عند فقدانه إياها، وفي حال بحة الصوت فيستطيع التواصل معها من خلال رقم شريحة يتصل به من أي جهاز اتصال فتصدر صوتا من المكان الذي هي فيه. 17 - تقدم العصا للمستخدم حال مكوثه بعض الوقت للانتظار في أماكن مثل المطار والمراكز الصحية اتصالا بالنت لتزويده بأحدث الأخبار والمقالات، كما يمكنه وضع مقاطع صوتية ونصوص مقروءة للرجوع إليها في ذلك الوقت، ولا تعمل هذه الخدمة إلا في حال توقفه عن السير للانتظار. بعد هذه الميزات كلها؛ ما الأنظمة المنتظرة للتعامل معها وصولا إلى استفادة مثلى من كل إمكاناتها؟ : 1 - توزَع العصا على كل كفيف مجانا بواقع عَصَوَين كل عام ويُمنع بيعها، وتخضع لنظام تأمين ودعم فني مجاني أيضا، كما يُمنح المستخدم عصا بديلة في حال صيانة الأصيلة. 2 - لا يُكَلّف الكفيف عناء ذهابه لاستلام عصاه، بل تأتيه مع مندوب حكومي يتولى أيضا تدريبه عليها. 3 - تُعد هذه العصا إشارة مرور حال عبور الطريق، وكل سيارة لا تلتزم بالتوقف عند رؤية ضوء العصا المميز فسوف تُسجل معلوماتها لتطبيق الغرامات الرادعة، تماما ك"ساهر". 4 - توثيق العصا لأي أَذىً يتعرض له الكفيف يُعد دليلا للجهات الأمنية والقضائية سواء قام المستخدم برفع الدعوى على المؤذي أو قام شخص أو جهة بتولي الادِّعاء. 5 - كل قطاع صحي يرفض معالجة الكفيف بعد توثيق العصا تواصلها إلكترونيا معه يتعرض للمخالفات المنصوص عليها في النظام الصحي. 6 - شاشة العصا إذا لم يتعامل معها المتجر من خلال نقطة البيع الإلكترونية يُعد مخالفا لأنظمة التجارة. 7 - هذه العصا بما تحويه من أنظمة أمان مثل البصمة والكود وقراءة الوثائق تعد معرفا موثوقا به للمستخدم الكفيف في كل المصارف، ولا يحق لأي مصرف الامتناع عن خدمة الكفيف المستخدم لها حال طلبه للخدمة. 8 - تزود العصا الجهات البلدية بصور لتجمعات المياه والأشجار المتهالكة وتراكم النفايات.... ؛ لمساعدتها على تعبيد الطريق وتنظيفه وتهيئته لسير الكفيف وغيره، فإذا تكرر المشهد المصور بغير استجابة، فلدى العصا إيقونة في برنامجها التشغيلي يحول البلاغ إلى الدوريات الأمنية لتتخذ الإجراء المناسب. وقبل أن أصحو من حُلمي الجميل لا بد من الإشارة إلى مآرب هذه العصا السحرية: 1 - مَن يرى أن هذه العصا مستحيلة الوجود فلا أظنه قد أصاب كبد الحقيقة، فمَن كان يتوقع أن نعيش ثورة الاتصال العالمية هذه بأقل جهد ومال وبأوفر معلومات ومتلقين؟! 2 - مَن لا يظن أن أي دولة لن تتمكن من توفيرها للعميان القلة في شعبها فهو ظَنٌّ في غير محله؛ فهَهِيَ الدول الغربية تمنح كل كفيف أجهزة مجانية وكلابا مدربة بمبالغ تفوق المليون دولار، ثم إنها فرصة لمنافسة الوليد بن عبد الملك -رحمه الله- الذي رتب قائدا لكل أعمى. 3 - هذه العصا بتقنياتها المتطورة تكفي الكفيف إثقاله على المقربين منه، إن الكفيف يصل إلى مرحلة عمرية واحتياجات يمله عندها حتى أولاده وزوجته. 4 - قد يبدو من خلال عرْض المزايا والأنظمة المتعاملة لها أن فيها مزيد دلال للمكفوفين؛ قد يكون ذلك؛ ولكننا نعيش في مجتمع سرى فيه التفكك والنكران فبات كبار السن متروكين وهم مبصرون؛ فما الحال بالنسبة للمعاقين؟! 5 - قد يقول بعضهم: "لن تجد هذه العصا إلا في الجنة". مثل هذا القائل المتسرع لا بد أن يتذكر أن الكفيف الداخل للْجَنّة -جعلني الله وإياكم من أهل الفردوس الأعلى منها- لن يكون أعمى، إن العمى الحقيقي في الآخرة هو من صرف قلبه عن نور الله تعالى. 6 - ليت عقولنا المسلمة تكون السباقة لاختراع هذه العصا وتقديمها بوافر الاعتزاز هدية لكل محتاج في العالم، هنا نتحدى الغرب بعقول تؤمن أن كلابهم ليست حلا. 7 - هي في النهاية حُلم، وقد يتوفاني الله قبل تحقيقه، وقد يتحقق ما هو أكثر منه؛ لكنني أرجو من كل مَن كُتِبَتْ له الحياة بعدي ورأى هذا الحلم أن يذْكرني بدعوة. 8 - قد يقول قائل -وأظنه نحقا-: "لكَم أضجرتنا بالحديث عن المكفوفين؟، أما لك موضوع آخر؟!"، إنني أحاول -ما استطعت- إدخال القارئ الكريم إلى عالمنا المظلم المملوء بنور الرجاء، أحاول أن أفتح نافذة شفافة تطلون من خلالها على قلوبنا المبصرة، أحاول -على الأقل- أن تسمعوا صوت مشاعرنا وأفكارنا وأحلامنا، ومع ذلك؛ "سامحوني على الإزعاج". 9 - وأخيرا؛ بعد هذا التطواف في عالم قد لا يهم إخواننا المبصرين بل حتى المكفوفين غير المؤمنين بالعصا؛ أرجو أن يتأمل كل مبصر عينيه ويعرف عِظم قدرة الله في خلْقهما ثم يرفع يديه شكرا لله تعالى ويجتهد ألا يعصيه -سبحانه- بهما. *