المصدر - أ.ف.ب نظرة مستقبلية مشرقة لكن يجدر التعامل مع إرث من المديونية المفرطة والنمو منخفض الجودة وأفق جيوسياسي معتم
كلما ألقيت نظرة هذه الأيام على الاقتصادات والأسواق وجدت أنها يتجاذبها نقيضان فيما يبدو، فمن ناحية ثمة نظرة مستقبلية أكثر إشراقاً تعزز آمالاً برخاء مستدام، وعوائد جذابة على الاستثمار، واستقرار مالي حقيقي، لكن في الناحية المقابلة تجد إرثاً من المديونية المفرطة، والنمو منخفض الجودة، وسلسلة من السياسات الخطأ. يجب إذن التعامل مع ذلك، فيما نعمل على الابتعاد عن توجهات الإدارة الاقتصادية المستنزفة، التي تفشل في الوصول بنا إلى رخاء دائم وشامل، بما يتماشى ورفاهة كوكبنا.
لحسن الحظ يمكننا إدارة أغلبية العبء التاريخي، أما بالنسبة للأمور التي لا يمكن إدارتها، فالاستجابات التي تأتي في الوقت الملائم من القطاعين العام والخاص، بإمكانها أن تخضعها للإدارة، ولنبدأ بالآفاق الاقتصادية، حيث تتوقع البلدان المتقدمة، وهي محقة، عاماً من تراجع التضخم، واقتراضاً أقل تكلفة، وتمويلاً أكثر وفرة، ويعني ذلك كله تحسناً في القدرة على تحمل التكاليف، وزيادة في الرهن العقاري المتاح للأسر، فيما ستستفيد الشركات من سهولة أكبر في الوصول إلى التمويل السوقي بتكاليف أقل على نحو ملحوظ مقارنة بمعايير الاقتراض.
والتحدي الذي يواجه القطاعين يكمن في التعاطي مع الإرث، الذي خلفته الأعوام الماضية، حيث لم يشعر القطاعان بعد بكامل تداعيات دورة الرفع القوي لسعار الفائدة من جانب المصارف المركزية، كما أن ديون الأسر ارتفعت إلى مستويات قريبة من تلك المثيرة للقلق، وسيحتاج «جدار استحقاقات» الديون الذي يلوح في الأفق، وينتظر الشركات إلى إعادة تمويل بشروط أقل تفضيلاً من التي سبق لها، واتفقت عليها.
ولا تكفي قوة الطلب المدعومة بسوق عمل متعافية، لضمان إدارة هذه التحديات التاريخية، كما أن صناع السياسة مقيدون أيضاً.
والحيز المالي المتاح للحكومات محدود بسبب العجز المرتفع، والديون، وإعادة التمويل الأكثر تكلفة. من جانبها ستكون المصارف المركزية التواقة إلى عدم إطالة قائمة كبيرة من أخطاء السياسيات بين عامي 2021 و2023 مترددة في خفض أسعار الفائدة بقوة.
علاوة على ذلك ثمة إدراك متزايد بأن التحفيز بالنمط القديم ليس صعب التنفيذ فحسب، بل أيضاً أقل قبولاً حالياً، بالنظر إلى أننا نعيش عالماً يتسم بمرونة غير كافية في قطاع العرض بالنسبة للسلع والخدمات، وهو أحد أوجه الضعف، التي فاقمتها الصدمات الجيوسياسية.
ورغم بعض النقاط المشرقة في آسيا ودول الخليج، إلا أن العالم النامي يفتقر إلى القدرة على العمل باعتباره محركاً عالمياً للنمو يمكنه المساعدة في رفع الأعباء المستفحلة للديون، وهذا أكثر لفتاً للنظر في الصين، فقد تم إحراز بعض التقدم في التركيز على «نمو الجودة»، من خلال التركيز على التطور التكنولوجي والطاقة الخضراء والانتقال نحو مزيد من الأنشطة، التي يقودها المستهلك المحلي، ولكن هناك ضغوط هائلة لتشغيل محرك النمو القديم، الذي يقوده القطاع العام، الذي يتغذى على الديون، ويفتقر إلى الكفاءة ويخلق عواقب غير مقصودة.
وفي الأسواق المالية لا بد للحماس المرتبط بالارتفاعات الجديدة في أسواق الأوراق المالية، في عدد متزايد من الدول المتقدمة، أن تتم موازنته مع تهديد تشكله مجموعة أصول شديدة المديونية، تم تقييمها بطريقة مبالغ فيها بشكل كبير. والمثال الأكثر أهمية هنا بالطبع هو العقارات التجارية، حيث تجري عملية إعادة التقييم الأقل للمشروعات، التي تم التعهد بتمويلها في أوج انخفاض أسعار الفائدة، ببطء شديد. ولحسن الحظ تشكل هذه المشكلة خطراً محدوداً على الاستقرار المالي إجمالاً، ومع ذلك فكلما استغرق المستثمرون المثقلون بالديون وقتاً أطول لإدراك واقعهم المؤسف طال أمد انتظار الصناديق المستعدة للاستثمار، خشية أن يلوثها الاعتراف فيما بعد بخسائر ضخمة غير محققة، كلما ازداد أيضاً خطر انتقال العدوى إلى فئات الأصول المجاورة.
إن من شأن اتخاذ خطوات أقوى للتغلب على أعباء الديون وتجديد نماذج النمو أن يساعد في تمهيد الطريق نحو التغلب على الأخطاء السابقة، واستغلال الفرص المستقبلية.
إنه مسار لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق: أولاً؛ إجراءات حكومية في الوقت المناسب للمساعدة في إتاحة محركات جديدة للنمو. وثانياً؛ تحلي بعض الأسر والشركات والمستثمرين بقدر أكبر من الواقعية لإدراك أننا لن نعود إلى عالم تسوده أسعار فائدة منخفضة غير حقيقية. وثالثاً؛ تشكيل شبكات أمان أفضل لحماية أولئك الأكثر ضعفاً في المجتمع، ورابعاً الإسراع بإعادة هيكلة الديون غير القابلة للسداد.
لقد ازدادت هذه التحديات صعوبة جراء الوضع الجيوسياسي الذي يشتد قتامة، ويغذي التفتت، ويطلق العنان لرياح الركود التضخمي ويعرقل التعاون الدولي، وهذا ليس مهماً فقط للتوقعات الاقتصادية، فقد وصلت الحروب المستمرة إلى مرحلة الغليان، وأدت إلى فقدان مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء لأرواحهم وسبل عيشهم ومنازلهم، وتتضاءل دائماً هذه الصراعات الاقتصادية والسوقية أمام مثل هذا القدر من المعاناة العميقة.
كلما ألقيت نظرة هذه الأيام على الاقتصادات والأسواق وجدت أنها يتجاذبها نقيضان فيما يبدو، فمن ناحية ثمة نظرة مستقبلية أكثر إشراقاً تعزز آمالاً برخاء مستدام، وعوائد جذابة على الاستثمار، واستقرار مالي حقيقي، لكن في الناحية المقابلة تجد إرثاً من المديونية المفرطة، والنمو منخفض الجودة، وسلسلة من السياسات الخطأ. يجب إذن التعامل مع ذلك، فيما نعمل على الابتعاد عن توجهات الإدارة الاقتصادية المستنزفة، التي تفشل في الوصول بنا إلى رخاء دائم وشامل، بما يتماشى ورفاهة كوكبنا.
لحسن الحظ يمكننا إدارة أغلبية العبء التاريخي، أما بالنسبة للأمور التي لا يمكن إدارتها، فالاستجابات التي تأتي في الوقت الملائم من القطاعين العام والخاص، بإمكانها أن تخضعها للإدارة، ولنبدأ بالآفاق الاقتصادية، حيث تتوقع البلدان المتقدمة، وهي محقة، عاماً من تراجع التضخم، واقتراضاً أقل تكلفة، وتمويلاً أكثر وفرة، ويعني ذلك كله تحسناً في القدرة على تحمل التكاليف، وزيادة في الرهن العقاري المتاح للأسر، فيما ستستفيد الشركات من سهولة أكبر في الوصول إلى التمويل السوقي بتكاليف أقل على نحو ملحوظ مقارنة بمعايير الاقتراض.
والتحدي الذي يواجه القطاعين يكمن في التعاطي مع الإرث، الذي خلفته الأعوام الماضية، حيث لم يشعر القطاعان بعد بكامل تداعيات دورة الرفع القوي لسعار الفائدة من جانب المصارف المركزية، كما أن ديون الأسر ارتفعت إلى مستويات قريبة من تلك المثيرة للقلق، وسيحتاج «جدار استحقاقات» الديون الذي يلوح في الأفق، وينتظر الشركات إلى إعادة تمويل بشروط أقل تفضيلاً من التي سبق لها، واتفقت عليها.
ولا تكفي قوة الطلب المدعومة بسوق عمل متعافية، لضمان إدارة هذه التحديات التاريخية، كما أن صناع السياسة مقيدون أيضاً.
والحيز المالي المتاح للحكومات محدود بسبب العجز المرتفع، والديون، وإعادة التمويل الأكثر تكلفة. من جانبها ستكون المصارف المركزية التواقة إلى عدم إطالة قائمة كبيرة من أخطاء السياسيات بين عامي 2021 و2023 مترددة في خفض أسعار الفائدة بقوة.
علاوة على ذلك ثمة إدراك متزايد بأن التحفيز بالنمط القديم ليس صعب التنفيذ فحسب، بل أيضاً أقل قبولاً حالياً، بالنظر إلى أننا نعيش عالماً يتسم بمرونة غير كافية في قطاع العرض بالنسبة للسلع والخدمات، وهو أحد أوجه الضعف، التي فاقمتها الصدمات الجيوسياسية.
ورغم بعض النقاط المشرقة في آسيا ودول الخليج، إلا أن العالم النامي يفتقر إلى القدرة على العمل باعتباره محركاً عالمياً للنمو يمكنه المساعدة في رفع الأعباء المستفحلة للديون، وهذا أكثر لفتاً للنظر في الصين، فقد تم إحراز بعض التقدم في التركيز على «نمو الجودة»، من خلال التركيز على التطور التكنولوجي والطاقة الخضراء والانتقال نحو مزيد من الأنشطة، التي يقودها المستهلك المحلي، ولكن هناك ضغوط هائلة لتشغيل محرك النمو القديم، الذي يقوده القطاع العام، الذي يتغذى على الديون، ويفتقر إلى الكفاءة ويخلق عواقب غير مقصودة.
وفي الأسواق المالية لا بد للحماس المرتبط بالارتفاعات الجديدة في أسواق الأوراق المالية، في عدد متزايد من الدول المتقدمة، أن تتم موازنته مع تهديد تشكله مجموعة أصول شديدة المديونية، تم تقييمها بطريقة مبالغ فيها بشكل كبير. والمثال الأكثر أهمية هنا بالطبع هو العقارات التجارية، حيث تجري عملية إعادة التقييم الأقل للمشروعات، التي تم التعهد بتمويلها في أوج انخفاض أسعار الفائدة، ببطء شديد. ولحسن الحظ تشكل هذه المشكلة خطراً محدوداً على الاستقرار المالي إجمالاً، ومع ذلك فكلما استغرق المستثمرون المثقلون بالديون وقتاً أطول لإدراك واقعهم المؤسف طال أمد انتظار الصناديق المستعدة للاستثمار، خشية أن يلوثها الاعتراف فيما بعد بخسائر ضخمة غير محققة، كلما ازداد أيضاً خطر انتقال العدوى إلى فئات الأصول المجاورة.
إن من شأن اتخاذ خطوات أقوى للتغلب على أعباء الديون وتجديد نماذج النمو أن يساعد في تمهيد الطريق نحو التغلب على الأخطاء السابقة، واستغلال الفرص المستقبلية.
إنه مسار لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق: أولاً؛ إجراءات حكومية في الوقت المناسب للمساعدة في إتاحة محركات جديدة للنمو. وثانياً؛ تحلي بعض الأسر والشركات والمستثمرين بقدر أكبر من الواقعية لإدراك أننا لن نعود إلى عالم تسوده أسعار فائدة منخفضة غير حقيقية. وثالثاً؛ تشكيل شبكات أمان أفضل لحماية أولئك الأكثر ضعفاً في المجتمع، ورابعاً الإسراع بإعادة هيكلة الديون غير القابلة للسداد.
لقد ازدادت هذه التحديات صعوبة جراء الوضع الجيوسياسي الذي يشتد قتامة، ويغذي التفتت، ويطلق العنان لرياح الركود التضخمي ويعرقل التعاون الدولي، وهذا ليس مهماً فقط للتوقعات الاقتصادية، فقد وصلت الحروب المستمرة إلى مرحلة الغليان، وأدت إلى فقدان مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء لأرواحهم وسبل عيشهم ومنازلهم، وتتضاءل دائماً هذه الصراعات الاقتصادية والسوقية أمام مثل هذا القدر من المعاناة العميقة.