المصدر -
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة المسلمين بتقوى الله سبحانه، وعدم الاغترارَ بالأماني والآمال، فأنتم على وَشَكِ النُّقْلةِ والارتحال .
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي القاها اليوم بالمسجد الحرام : أشرَفُ ما في الإنسان قلبُه، وهو سيدُ أعضائِهِ وقائدُها، وصلاحُ قالَبِه بصلاحِ قلبه، وفسادُه بفساده، عن النُّعمانِ بنِ بشيرٍ رضي اللهُ عنه عن النبي ﷺ أنه قال: ( إن في الجسد مُضغة، إذا صَلَحَت صَلَح الجسدُ كُلُّه، وإذا فَسَدَت فَسَدَ الجسدُ كُّلُّه، ألا وهي القلب) أخرجه البخاريُّ ومسلم .
وأضاف فضيلته : القلب مَصدرُ القوة، ومُستقَرُّ الروح، ومُستودَعُ الإيمان، وهو موضعُ نظرِ الربِّ ومَحَلُّ رِضاه، وهو عُدةٌ لصاحبه إن سَلِم يومَ الوُفودِ على مولاه، قال النبيُّ ﷺ: (إن الله لا ينظرُ إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) أخرجه مسلم .
وأكد أن تعاهُدُ القلبِ ورعايتُه، وإصلاحُه وتطهيرُهُ ووِقايتُه: واجب مُحَتَّم، وأمرٌ عند الله معظَّم، وبه فوزُ العبدِ ونَجاؤُه، وسَعْدُهُ وهناءة، وهل النعيمُ إلا نعيمُ القلب وهل العذابُ إلا عذابُ القلب ألا وإن لذلك وسائلَ وأسبابا، وطُرقًا وأبوابا، فأولها وأولاها: الإخلاصُ لله تعالى، بأن يُعلِّقَ العبدُ قلبَه بربه سبحانه، ويكونَ له قولُهُ وعملُهُ وتركُه، ويَبْرأَ مما سواه من المخلوقات.
وأوضح أن مما يُصلحُ القلبَ فعلُ الطاعات، مِن فرائضَ وواجباتٍ ومُستحبات؛ فإنها تُنوِّر القلبَ وتجلُوُه، وتُثَبِّتُه وتُقوِّيه، وبضدِّها المعاصي والذنوب؛ فإنها تُظلِمُ القلبَ وتُغويه، وتُمرِضُهُ وتُردِيه، قال المصطفى ﷺ: (تُعرَضُ الفتنُ على القلوب كالحصير عودًا عودا، فأيُّ قلبٍ أُشرِبَهَا نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلبٍ أَنكرها نُكِتَ فيه نكتةٌ بيضاء، حتى تصيرَ على قلبين: على أبيضَ مثلِ الصَّفا، فلا تضرُّهُ فتنةٌ ما دامت السماواتُ والأرض، والآخرُ أسودُ مِربادًّا كالكُوزِ مُجَخِّيا، لا يَعرفُ معروفًا ولا يُنكرُ منكرًا إلا ما أُشرِبَ مِن هواه) أخرجه مسلم .
وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن ذِكرُ الله جِلاءٌ للقلب، وروحٌ يَحيا به، ونورٌ يستضيء بقَبَسِه، وهو له كالغِذاء للجسد، والماءِ للزرع، وجاء رجلٌ إلى النبي ﷺ فقال: (يا رسول الله: إن شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت علي، فأخبرني بشيء أتشَبَّثُ به) فقال عليه الصلاةُ والسلام: (لا يزالُ لسانُك رَطْبًا من ذكر الله) أخرجه أحمدُ والترمذيُّ وحسَّنه ومَن غَفَلَ أو ألَمَّ بخطيئة فلْيلْهَجْ بالاستغفار؛ فإنه مَمحاةٌ للذنب، ومَطهرةٌ للقلب، قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: (إنه ليُغانُ على قلبي، وإني لأستغفرُ اللهَ في اليوم مئةَ مرة) أخرجه مسلم .
وقال: إذا أقبل العبدُ على القرآن تلاوةً وعملاً وتدبُّرًا رقَّ قلبُهُ وراق، وحَفَّه الخيرُ والضياءُ والإشراق، كيف لا! وكتابُ الله هو الهُدى من الضَّلالة، والمُبدِّدُ لظُلَمِ الجَهالة، وهو الشفاءُ من الأسقامِ البدنيةِ والقلبية، والعِصمةُ في الأمورِ الدينيةِ والدنيوية .
وأبان الدكتور بندر بليلة أن لله في أكوانه آياتٌ ظاهرات، ومُعجزات باهرات، تشهدُ بعظمة الخالقِ وجمالِ الخلق، وتدعو إلى التدبُّر والتبصُّر واليقين, ألم تَروا إلى هذه الأرض التي منها تُخلَقون، وعليها تعيشون، وعلى ظَهرها تدرُجون، وفي بطنها تُدفنون جعلها اللهُ بِساطًا ومِهادًا وقرارًا، وقدَّر فيها الأرزاقَ والأقواتَ إنعامًا منه وإفضالاً واقتدارا، ثم شاء سبحانه فزلزلها إعذارًا وإنذارا و إن تَزلزُلَ الأرضَ مَدعاةٌ لتَزَلْزُلِ القلبِ ويَقَظَتِه، ولينِه بعد قَسوتِه، تعظيمًا لله ووَقارا، وإخباتًا له وانكسارًا، وبُعدًا عن مَناهيه، وتلمُّسًا لمَراضيه .
وقال فضيلته: لقد فُجع الناسُ بما جرى في بعض ديار المسلمين من الزلازل المدمِّرة، والرَّجَفَات المُروِّعة، ولله سبحانه الحمدُ على ما قدَّر وقضى، يبتلي بالسراء والضراء، ويختبِرُ في المنع والعطاء، ويَعِد الصابرين بالرحمة والهُدى والصلوات، وله الحكمةُ البالغةُ والرحمةُ السابغةُ في البَلايا والمصيبات، وإنا لنرجو منه سبحانه أن يجعل أولئك المنكوبين في حِزره وضَمانه، وكَنَفِه وإحسانه، وأن يشفيَ مرضاهم، ويُداويَ جرحاهم؛ ويرحمَ موتاهم .
وأضاف: لقد كانت هذه البلادُ المباركةُ المملكةُ العربيةُ السعوديةُ خيَر مِعوانٍ في هذا المصاب الجَلَل، فمَدَّت أياديَ العون والعَطاء، وغَدَت للمضرورين منه روضَ خيرٍ وسَحابَ نَدى، فشكر اللهُ لخادمِ الحرمينِ الشريفينِ وسموِّ وليِّ عهدِهِ ما أَمرا به ووجَّها، وأحسن إليهما، وأجزل لهما الأجرَ والثواب، ولا يَفَتْكم أيها الموفَّقون أن تُصيبوا من هذا الخير، برفِدِ المصابين في ذاك الحدث ومساعدتهم من خِلال الجهاتِ الرسمية، واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ ما في عون أخيه .
وفي المدينة المنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ أحمد بن طالب المسلمين بتقوى الله قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ))
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله عزوجل جعل التائب محبوبا قال سبحانه وبحمده ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )) .
وأضاف فضيلته أن الله تعالى عند ظن العبد به ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله يقول الله تعالى ( أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )
وتابع فضيلته أن باب التوبة مفتوح قال جل من قائل (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى . أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ .إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا . نَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) .
وبين فضيلته أن الاستغفار لازم التوبة وبابها قال عزوجل ((رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) .
وأفاد إمام المسجد النبوي ان النبي صلى الله عليه وسلم استغفر لأمته ففي الحديث عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : ( لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طِيبَ نَفْسٍ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِي ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ ، وَمَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ " . فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ . قَالَ : فَقَالَ : لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيَسُرُّكِ دُعَائِي " قَالَتْ : وَمَا بِي لَا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ . قَالَ : " وَاللَّهِ إِنَّهَا لَدَعْوَتِي لِأُمَّتِي فِي كُلِّ صَلَاةٍ ) .
أضاف إمام وخطيب المسجد النبوي أن الاستغفار استرسال للسماء وإمداد بالمال والبنين ومتاع حسن وقوة في البدن وتودد للرحيم قال جل من قائل (( فَقُلْتُ سْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا )) .
وفي الخطبة الثانية بين إمام وخطيب المسجد النبوي ان الله تعالى كريم رحيم يحب توبة العبد ويردها له ورحيماً بصعف الإنسان قال تعالى ((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ? وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا )) .
وتابع فضيلته أن الله تعالى قرن ربوبيته للعالمين برحمته فرحمته تنال بطاعته والتوبة من معصيته فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ( لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ) .
وأضاف ابن طالب أن اعظم الناس رحمة من صان نفسه عن مساخط الله وتعرض لنفحاته ورحماته عن ابنِ عمرَ، قالَ: ( إن كنَّا لنعدُّ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في المَجلِسِ الواحدِ مائةَ مرَّةٍ: ربِّ اغفر لي، وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ ) .
وختم فضيلته بأن ليس بين الله تعالى وأحد من خلقه قرابة ولا رحم ولكنه قائم بالقسط حاكم بالعدل يبين في ميزانه مثقال الذرة وأن العارفون علموا أنه ما استدر بمثل الاستغفار ولا استنزل مثل لسان الاضطرار ولا عرج مثل الصلاة والسلام على الصفي المختار .
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي القاها اليوم بالمسجد الحرام : أشرَفُ ما في الإنسان قلبُه، وهو سيدُ أعضائِهِ وقائدُها، وصلاحُ قالَبِه بصلاحِ قلبه، وفسادُه بفساده، عن النُّعمانِ بنِ بشيرٍ رضي اللهُ عنه عن النبي ﷺ أنه قال: ( إن في الجسد مُضغة، إذا صَلَحَت صَلَح الجسدُ كُلُّه، وإذا فَسَدَت فَسَدَ الجسدُ كُّلُّه، ألا وهي القلب) أخرجه البخاريُّ ومسلم .
وأضاف فضيلته : القلب مَصدرُ القوة، ومُستقَرُّ الروح، ومُستودَعُ الإيمان، وهو موضعُ نظرِ الربِّ ومَحَلُّ رِضاه، وهو عُدةٌ لصاحبه إن سَلِم يومَ الوُفودِ على مولاه، قال النبيُّ ﷺ: (إن الله لا ينظرُ إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) أخرجه مسلم .
وأكد أن تعاهُدُ القلبِ ورعايتُه، وإصلاحُه وتطهيرُهُ ووِقايتُه: واجب مُحَتَّم، وأمرٌ عند الله معظَّم، وبه فوزُ العبدِ ونَجاؤُه، وسَعْدُهُ وهناءة، وهل النعيمُ إلا نعيمُ القلب وهل العذابُ إلا عذابُ القلب ألا وإن لذلك وسائلَ وأسبابا، وطُرقًا وأبوابا، فأولها وأولاها: الإخلاصُ لله تعالى، بأن يُعلِّقَ العبدُ قلبَه بربه سبحانه، ويكونَ له قولُهُ وعملُهُ وتركُه، ويَبْرأَ مما سواه من المخلوقات.
وأوضح أن مما يُصلحُ القلبَ فعلُ الطاعات، مِن فرائضَ وواجباتٍ ومُستحبات؛ فإنها تُنوِّر القلبَ وتجلُوُه، وتُثَبِّتُه وتُقوِّيه، وبضدِّها المعاصي والذنوب؛ فإنها تُظلِمُ القلبَ وتُغويه، وتُمرِضُهُ وتُردِيه، قال المصطفى ﷺ: (تُعرَضُ الفتنُ على القلوب كالحصير عودًا عودا، فأيُّ قلبٍ أُشرِبَهَا نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلبٍ أَنكرها نُكِتَ فيه نكتةٌ بيضاء، حتى تصيرَ على قلبين: على أبيضَ مثلِ الصَّفا، فلا تضرُّهُ فتنةٌ ما دامت السماواتُ والأرض، والآخرُ أسودُ مِربادًّا كالكُوزِ مُجَخِّيا، لا يَعرفُ معروفًا ولا يُنكرُ منكرًا إلا ما أُشرِبَ مِن هواه) أخرجه مسلم .
وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن ذِكرُ الله جِلاءٌ للقلب، وروحٌ يَحيا به، ونورٌ يستضيء بقَبَسِه، وهو له كالغِذاء للجسد، والماءِ للزرع، وجاء رجلٌ إلى النبي ﷺ فقال: (يا رسول الله: إن شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت علي، فأخبرني بشيء أتشَبَّثُ به) فقال عليه الصلاةُ والسلام: (لا يزالُ لسانُك رَطْبًا من ذكر الله) أخرجه أحمدُ والترمذيُّ وحسَّنه ومَن غَفَلَ أو ألَمَّ بخطيئة فلْيلْهَجْ بالاستغفار؛ فإنه مَمحاةٌ للذنب، ومَطهرةٌ للقلب، قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: (إنه ليُغانُ على قلبي، وإني لأستغفرُ اللهَ في اليوم مئةَ مرة) أخرجه مسلم .
وقال: إذا أقبل العبدُ على القرآن تلاوةً وعملاً وتدبُّرًا رقَّ قلبُهُ وراق، وحَفَّه الخيرُ والضياءُ والإشراق، كيف لا! وكتابُ الله هو الهُدى من الضَّلالة، والمُبدِّدُ لظُلَمِ الجَهالة، وهو الشفاءُ من الأسقامِ البدنيةِ والقلبية، والعِصمةُ في الأمورِ الدينيةِ والدنيوية .
وأبان الدكتور بندر بليلة أن لله في أكوانه آياتٌ ظاهرات، ومُعجزات باهرات، تشهدُ بعظمة الخالقِ وجمالِ الخلق، وتدعو إلى التدبُّر والتبصُّر واليقين, ألم تَروا إلى هذه الأرض التي منها تُخلَقون، وعليها تعيشون، وعلى ظَهرها تدرُجون، وفي بطنها تُدفنون جعلها اللهُ بِساطًا ومِهادًا وقرارًا، وقدَّر فيها الأرزاقَ والأقواتَ إنعامًا منه وإفضالاً واقتدارا، ثم شاء سبحانه فزلزلها إعذارًا وإنذارا و إن تَزلزُلَ الأرضَ مَدعاةٌ لتَزَلْزُلِ القلبِ ويَقَظَتِه، ولينِه بعد قَسوتِه، تعظيمًا لله ووَقارا، وإخباتًا له وانكسارًا، وبُعدًا عن مَناهيه، وتلمُّسًا لمَراضيه .
وقال فضيلته: لقد فُجع الناسُ بما جرى في بعض ديار المسلمين من الزلازل المدمِّرة، والرَّجَفَات المُروِّعة، ولله سبحانه الحمدُ على ما قدَّر وقضى، يبتلي بالسراء والضراء، ويختبِرُ في المنع والعطاء، ويَعِد الصابرين بالرحمة والهُدى والصلوات، وله الحكمةُ البالغةُ والرحمةُ السابغةُ في البَلايا والمصيبات، وإنا لنرجو منه سبحانه أن يجعل أولئك المنكوبين في حِزره وضَمانه، وكَنَفِه وإحسانه، وأن يشفيَ مرضاهم، ويُداويَ جرحاهم؛ ويرحمَ موتاهم .
وأضاف: لقد كانت هذه البلادُ المباركةُ المملكةُ العربيةُ السعوديةُ خيَر مِعوانٍ في هذا المصاب الجَلَل، فمَدَّت أياديَ العون والعَطاء، وغَدَت للمضرورين منه روضَ خيرٍ وسَحابَ نَدى، فشكر اللهُ لخادمِ الحرمينِ الشريفينِ وسموِّ وليِّ عهدِهِ ما أَمرا به ووجَّها، وأحسن إليهما، وأجزل لهما الأجرَ والثواب، ولا يَفَتْكم أيها الموفَّقون أن تُصيبوا من هذا الخير، برفِدِ المصابين في ذاك الحدث ومساعدتهم من خِلال الجهاتِ الرسمية، واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ ما في عون أخيه .
وفي المدينة المنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ أحمد بن طالب المسلمين بتقوى الله قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ))
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله عزوجل جعل التائب محبوبا قال سبحانه وبحمده ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )) .
وأضاف فضيلته أن الله تعالى عند ظن العبد به ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله يقول الله تعالى ( أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )
وتابع فضيلته أن باب التوبة مفتوح قال جل من قائل (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى . أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ .إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا . نَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) .
وبين فضيلته أن الاستغفار لازم التوبة وبابها قال عزوجل ((رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) .
وأفاد إمام المسجد النبوي ان النبي صلى الله عليه وسلم استغفر لأمته ففي الحديث عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : ( لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طِيبَ نَفْسٍ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِي ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ ، وَمَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ " . فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ . قَالَ : فَقَالَ : لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيَسُرُّكِ دُعَائِي " قَالَتْ : وَمَا بِي لَا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ . قَالَ : " وَاللَّهِ إِنَّهَا لَدَعْوَتِي لِأُمَّتِي فِي كُلِّ صَلَاةٍ ) .
أضاف إمام وخطيب المسجد النبوي أن الاستغفار استرسال للسماء وإمداد بالمال والبنين ومتاع حسن وقوة في البدن وتودد للرحيم قال جل من قائل (( فَقُلْتُ سْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا )) .
وفي الخطبة الثانية بين إمام وخطيب المسجد النبوي ان الله تعالى كريم رحيم يحب توبة العبد ويردها له ورحيماً بصعف الإنسان قال تعالى ((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ? وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا )) .
وتابع فضيلته أن الله تعالى قرن ربوبيته للعالمين برحمته فرحمته تنال بطاعته والتوبة من معصيته فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ( لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ) .
وأضاف ابن طالب أن اعظم الناس رحمة من صان نفسه عن مساخط الله وتعرض لنفحاته ورحماته عن ابنِ عمرَ، قالَ: ( إن كنَّا لنعدُّ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في المَجلِسِ الواحدِ مائةَ مرَّةٍ: ربِّ اغفر لي، وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ ) .
وختم فضيلته بأن ليس بين الله تعالى وأحد من خلقه قرابة ولا رحم ولكنه قائم بالقسط حاكم بالعدل يبين في ميزانه مثقال الذرة وأن العارفون علموا أنه ما استدر بمثل الاستغفار ولا استنزل مثل لسان الاضطرار ولا عرج مثل الصلاة والسلام على الصفي المختار .