المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 23 نوفمبر 2024
خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
بواسطة : 23-12-2016 07:02 مساءً 17.9K
المصدر -  

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي المسلمين بتقوى الله في السر والعلن وفي الخلوة والجلوة فهي وصية للأولين والأخرين . وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام اليوم " اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقَى, ولم يجعل الله تعالى الدنيا مقرا دائما لعباده، ولا دار نعيم لأوليائه؛ ولكنه أرادها بحكمته دار ابتلاء واختبار، يمحصُ عباده فيها بالبلايا، ويختبرهم بالمحن والرزايا، وما من مؤمن بالله واليوم الآخر، إلا كان له نصيب من الابتلاء، كما أخبر بذلك رب الأرض والسماء، والابتلاء يكون على قدر العطاء. وأضاف فضيلته قائلا : لذا كان الأنبياء عليهم السلام، مع ما هم فيه من البلاء، أشرح الناس صدرا، وأعظمهم تفاؤلا، فخليل رب العالمين، إبراهيم عليه السلام، لما ألقي في النار قال: ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾، وهذا كليم الله موسى عليه السلام، حُصر مع قومه، بين بحر متلاطم، وعدوٍّ غاشم، فقال أصحابه: (( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ))، ﴿ قالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾، ولما فقد يعقوب عليه السلام، أحبّ أبنائه إليه، قال: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾، وأما نبينا صلوات ربي وسلامه عليه، فقد لقي من البلاء ما لقي، آذاه قومه، وطردوه من بلده، وتآمروا على قتله، فكان صلى الله عليه وسلم، أجمل الناس صبرا، وأحسنهم بالله ظنًا، مشيرا إلى أن الكُروبُ لا تنفرج إلا بالتوحيد، فكان صلى الله عليه وسلم حالَ حِصارهم بالمدينة في غزوة الأحزاب، يُكثِرُ من قول: (( لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلاَ شَيْءَ بَعْدَهُ ))، رواه البخاري ومسلم. وأوضح فضيلته أن المنافقين الذين في قلوبهم مرض، فحالهم كما هو في كل زمان ومكان، يرجفون ويخّذلون، لينشروا الخوف والضعف في صفوف المؤمنين، ويشككونهم في موعود الله لهم، فكان بعضهم يقول: يَعِدُنَا مُحَمّدٌ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَأَحَدُنَا لا يَأْمَنُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى حَاجَتِهِ، بل أخذ بعضهم يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى الدور، ويَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً وأما المُؤمنون الصادقون: فإنهم لا يفقِدون صِلتَهم بربِّهم، وثِقَتَهم بخالقهم، مهما أصيبوا في سبيلِ الله، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ثبتوا فنصروا، وأحسنوا الظن بالله وتوكلوا. وبين الشيخ المعيقلي أن حسن الظن بالله، عبادة قلبية جليلة، لا يتم إيمان العبد إلا بها، وهو ما تقتضيه أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، ومن أحسن ظنه بالله، آتاه الله إياه, وفي الحديث القدسي (يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ) ولئن كانت الحاجة إلى حسن الظن بالله مطلباً في كل الأحوال، ففي حال المصائب والشدائد، تعظم الحاجة وتتأكد واضاف و في تاريخ أمتنا الطويل، أحداثٌ جِسام، وواقِعاتٌ عِظام، كشفها الله تعالى بالتوبة إليه، والرجوع إلى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والمؤمن قد يشتد عليه الكرب والخطب، وتحيط به الفتن والمحن، ويخيّم عليه الهم والغم، ولكنه مؤمل في ربه، واثق بنصره، مستبشر بتأييده، مترقب لفرجه وكرمه، آخذٌ بأسباب النصر والتمكين كما أمره. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن المسلمين اليوم أحوجُ ما يكونون إلى الوقوف بحزمٍ وعزم، أمام كل ما يهدد استقرارهم، أو يعتدي على مقدساتهم، أو يسبب الفرقة بينهم, وما أحوجهم إلى التعاضد مع قادتهم وولاة أمرهم، لتجتمع كلمتهم، ويقفوا صفا واحدا أمام عدوهم وصدق الله إذ يقول ( ولا تنازعوا فتفشلوا فتذهب ريحكم وأصبروا إن الله مع الصابرين)

وفي المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم عن فضل لزوم المساجد وإعمارها بالعبادة والدعاء وذكر الله وتعلّم القرآن والسنة, مبرزا عظم فضلها وشرفها وقدسيتها وأجر من عمرها عند الله عز وجل. وقال في خطبة الجمعة اليوم, إن الله تعالى فاضل بين خلقه واختار ما شاء بفضله, وتعبدنا بمعرفة ما جاء النص بتفضيله والامتثال بالمشروع فيه, وهذا يبعث المسلم على السبق إلى الفضائل والتنافس إلى أعلى المراتب, كما أن منشأ التفاضل بين الخلق التقوى وتحقيق العبودية, مشيرا إلى أن أفراد الجنس الواحد يتفاوتون في ذلك تفاوتاً كبيراً, لقوله عليه الصلاة والسلام " هذا خير من مثل الأرض من مثل هذا" رواه البخاري وبيّن القاسم أن الناس في منازلها على قدر ذلك, وأحبها إلى الله مواطن عبوديته, فقال عليه الصلاة والسلام : "أحب البلاد إلى الله مساجدها" وذلك لما خصّت به من العبادات والأذكار واجتماع المؤمنين وظهور شعائر الدين, وأشرف المساجد وأعظمها المسجد الحرام, أول مسجد وضع في الأرض, وهو منارة هداية للناس " إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ". وبيّن أن الله أوجب حج البيت والطواف به, وجعله قبلة لعباده المؤمنين, والصلاة فيه بمائة ألف صلاة, وثاني المساجد فضلاً مسجده عليه الصلاة والسلام, مسجد أسس على التقوى من أول يوم, وصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه, إلا المسجد الحرام, وهو آخر مسجد بناه نبي, والمسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع في الأرض بعد المسجد الحرام, وإلى هذا المساجد الثلاثة تشدّ الرحال دون سواها, قال عليه الصلاة والسلام : "لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى" متفق عليه وأورد في ذلك قول شيخ الإسلام رحمه الله ( وما سوى هذه المساجد لا يشرع السفر إليه باتفاق أهل العلم) ومسجد قباء أسس على التقوى من أول يوم, وكان عليه الصلاة والسلام يأتيه كل سبت ماشياً وراكباً, "من تطهّر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة" رواه ابن ماجه . ولفت إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أنه ليس في الأرض مسجد له مزيد فضل سوى الثلاثة المساجد ومسجد قباء, وما سوى ذلك فلها حكم سائر المساجد, فالمساجد بيوت الله أضافها لنفسه تشريفاً وتكريماً, وأكثر من ذكرها, عمارها هم صفوة الخلق من الأنبياء وأتباعهم, قال سبحانه " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل" وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما وصل إلى قباء بنى مسجدها, ولما وصل إلى المدينة بنى مسجده, وجعل الله من مقاصد سنة التدافع بين الناس سلامتها وحفظها, قال تعالى " ولولا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ". وأشار إلى أن بناء المساجد فيه قربة وعبادة, إذ وعد الله من بناها بالجنة, قال عليه الصلاة والسلام " من بنى مسجداً لله بنى الله له في الجنة مثله" متفق عليه, ولقاصدها أجره عظيم, "له بكل خطوة يخطوها حسنة, ويرفعه بها درجة, ويحط عنه بها سيئة" رواه مسلم كما قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي, قال عليه الصلاة والسلام : قد جمع الله لك ذلك كله"، وقوله عليه الصلاة والسلام "ومن غدا إلى المسجد أو راح أعدّ الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح" متفق عليه . وبيّن الشيخ القاسم أن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى, مستدلاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم "الذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصلي ثم ينام" متفق عليه وقوله عليه الصلاة والسلام : "من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر الله له ذنوبه" رواه مسلم فلزومها ومحبتها من أسباب الهداية والصلاح, ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله, رجل تعلّق قلبه في المساجد, قال النووي رحمه الله ( معناه شديد الحب لها والملازمة للجماعة فيها)، و" إذا دخل المؤمن في المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه, وتصلي عليه الملائكة, ما كان في مجلسه الذي يصلي فيه تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه) رواه البخاري. وقال فضيلته أن المساجد معظّمة في سالف الأمم, أمر الله إبراهيم وإسماعيل بتطهير المسجد الحرام, فقال سبحانه " وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ "، وامرأة عمران ما في بطنها لخدمة المسجد الأقصى, " رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا "، مؤكدا أن الإسلام أعلى مكانتها وعظّم من يقوم بخدمتها, فقد سأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن امرأة كانت تقوم مسجده فقالوا ماتت, فقال دلوني على قبرها, فدلّوه فصلى عليها) رواه البخاري، ولما بال أعرابي في المسجد أمر عليه الصلاة والسلام بدلوا من ماء فهرق عليه, ثم علّمه حرمتها, وقال له إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول, رواه مسلم . وأشار إلى أن من أدب المساجد أخذ الزينة لها, لقوله سبحانه " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ"، ومن عظيمها لزوم السكينة والوقار في الهيئة والمشية إليها, قال عليه الصلاة والسلام " إذا أقيمت الصلاة لا تأتوها تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" متفق عليه وإذا وصلها تشريفاً لها يقدّم رجله اليمنى عند دخولها, ولكونها موطن عبادة ورحمة ودعاء, قال اللهم افتح لي أبواب رحمتك, وإذا خرج قال اللهم إني أسألك من فضلك" رواه مسلم وتحية لها, من دخلها لا يجلس حتى يصلي ركعتين, والأذان فيها عصمة وأمان, كان عليه الصلاة والسلام يستمع للأذان في الغزو, فإذا سمع الأذان أمسك وإلا أغار. وبيّن فضيلته أن الصفوف المقدمة يتنافس إليها السابقون, قال عليه الصلاة والسلام : " لو يعلم الناس ما في النداء والصفّ الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" رواه مسلم واحتراماً للفريضة فيها, إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة, وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من عمارة المساجد بقوله (إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن" رواه مسلم وإحياؤها يكون بالذكر والعلم, قال سبحانه " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"، وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ من مسجده موطناً للتعليم, فأثمر جيلاً لا كان ولا يكون مثله, فكان يحثّ على الإقبال على حلق الذكر والعلم فيه, فقال عن ثلاثة نفر, أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله, وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه, وأما الثالث فأعرض, فأعرض الله عنه، وتعظيماً لشأن المتعبد فيها, لا يؤذى ولو باللمس, فقد جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اجلس فقد آذيت، رواه أبو داوود ، بل لا يؤذى بشمّ رائحة يكرهها, وعاقب من كان ذا رائحة كريهة بأن لا يدخل المسجد, قال عليه الصلاة والسلام : "من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو يعتزل المسجد وليقعد في بيته". وأكد الشيخ القاسم, أن المساجد موطن الراحة وتدبّر الآخرة وتقوية الصلة بالله والبعد عن الدنيا بنهي عن البيع والشراء فيها, وزجر عن ذلك, قال عليه الصلاة والسلام : "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك" رواه الترمذي ولكون المسجد منطلق السعادة والسداد كان عليه الصلاة والسلام إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد ثم صلى فيه. وأوضح أن أول واجب على العبد إخلاص الدين لله وألا يدعو في المساجد إلا الله, وهي محل انتفاع الأحياء بها, وإدخال القبور فيها ينافي ذلك ووسيلة لعبادة غير الله, والمعصية قبيحة في كل زمان ومكان, وتزداد قبحاً في بيوت الله, كالغيبة والنظر إلى الحرام وسماع أصوات المعازف في وسائل الاتصال, مشيرا إلى أنه من مقاصد الشريعة في المساجد ائتلاف القلوب واجتماع الكلمة, فلا يجوز أن يتخذ فيها أو منها فرقة أو اختلافاً. وبين فضيلته الخطبة أن المساجد عزّ المسلمين وشرفهم وشعار دينهم, وممن عمرها بالصلاة فيها والذكر رفعه الله وأسعده وشرح صدره, وتعليم الكتاب والسنة فيها امتثال لأمر الله ببنائها وإحياء لسنة المرسلين فيها, وبركة في الوقت والعمل وصلاح للنفس والولد, ومن حرم ما فيها من الخير وصد عنه فقد فاته خير عظيم