المصدر - "مدارات" هي حلقات متتابعة تتناول في كل لقاء ضيف من جميع بقاع العالم العربي والإسلامي وفي شتى بقاع الأرض لتلقي فيها الضوء على عدد من المواضيع الثقافية والعلمية والأدبية والسياسية وغيرها.
حيث نستعرض في أولى هذه الحلقات الخاصة على صحيفة "غرب الإخبارية" مع ضيفنا من جمهورية مصر العربية الكاتب المصري/ محمد عيد – أحد منسوبي الملحقية الثقافية السعودية في القاهرة والذي تناول في مقاله الحديث عن ( الإعجاز في الحديث النبوي ) وخصص فيه الشرح بإيجازعن حديث نبوي شريف : " لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً ".
وهنا تأتي معنا هذه المشاركة للكاتب المصري/ محمد عيد:
( الإعجاز في الحديث النبوي )
اعتاد القارئ على مسمى (الإعجاز في القرآن الكريم ) وهو مبحث كريم يؤكد على صدق هذا الكتاب العظيم ، منذ أول نزول له قبل خمسة عشر قرناً من الزمان .. ولكونه كذلك، ولحقيقة أن من أنزل عليه هذا الكتاب – وهو الرسول صلى الله عليه وسلم – لا ينطق عن الهوى، وإنما يبلغ ما يوحي إليه، فإن مبحث الإعجاز متسعاً لإضافة (الإعجاز في الحديث النبوي الشريف).
من هذا الإعجاز ما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً " حديث صحيح رواه مسلم.
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب: المَرْجُ: أرضٌ ذات كلأ ترعى فيها الدواب، وفي التهذيب أرض واسعة فيها نبت كثير تمرُجُ فيها الدواب، والجمع مروج.
* استوقفني ذلك الحديث الذي يؤكد على أن بلاد العرب كانت مروجاً وأنهاراً وأنها ستعود كما كانت قبل أن تنتهي الحياة على هذه الأرض ، وهو الذي أكدته الأبحاث الجيولوجية في القرن العشرين فسبحان القائل: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى . عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى).
والتفسير العلمي:
إن الحديث النبوي الشريف يشير إلى أن منطقة شبه الجزيرة العربية كانت فيما مضى مملوءة بالأنهار والبساتين، وأنها ستعود كما كانت قبل أن تنتهي الحياة على هذه الأرض. ترى ماذا يقول علماء الجيولوجيا عن هذا التقرير النبوي؟
يذكر العلماء الجيولوجيون أنه مر على كوكب الأرض عدة عصور جليدية كان آخرها منذ عشرة آلاف سنة، وهو زمن تحوّلت فيه كمية من البحار إلى ثلوج تراكمت في القطب المتجمد الشمالي. ثم أخذت هذه الثلوج بالزحف نحو الجنوب باتجاه أوروبا وأمريكا حتى وصلت إلى شبه جزيرة العرب، والتي أصبحت عندئذ أكثر مناطق العالم من حيث الأمطار والأنهار، فكثرت فيها البساتين والمروج. ويشير الجيولوجيون أيضاً إلى أن العواصف الثلجية التي تضرب أوروبا وأمريكا اليوم علامة على بداية عصر جليدي آخر، وأن هذا العصر الجليدي عندما يكتمل ستصبح البلاد العربية أكثر المناطق من حيث الأنهار والبساتين.
كما تم اكتشاف قرية الفاو في الربع الخالي بالصحراء السعودية، كما اكتشف بقا أن الرمال الموجودة في الصحراء العربية توجد تحتها أنهار و يا لحيوان فرس النهر والجاموس، حيث قدّر الجيولوجيون أشجار اندثرت بفعل تكاثف الرمال فوقها.
وقد استغرب الجيولوجي الألماني "كرونر(Kroner) "عندما عُرِضت عليه ترجمة هذا الحديث النبوي الشريف "لا تقوم الساعة حتى تعود بلاد العرب مروجاً وأنهاراً" وأنها ستعود كما كانت؟ فأجاب الدكتور كرونر: إن هذا لا يمكن أن يصدر إلا " بوحي" .
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الحديث النبوي هو قوله عليه الصلاة والسلام: "حتى تعود" والعودة لا تكون إلا بعد ذهاب أي كينونة سابقة، فبلاد العرب كانت مروجاً وأنهاراً وستعود كما كانت فما الذي يجعل النبي محمداً على يقين من ذلك ؟ صلى الله عليك وسلم يا رسول الله .