المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 6 مايو 2024
بواسطة : 06-03-2015 04:30 مساءً 7.5K
المصدر -  

عباد الله :

ابليس عدو مبين تنكر وجحد ولغواية بني آدم ترصد له مداخل ومخارج ليوقع ابن آدم في الخطيئة ومن غواياته الوسوسة فهيُ صنعته وشُغلُه يرةمِي بها من أطاعَه بالشُّكوك والأوهام والظُّنون، ويقذِفُه في الهواجِسِ والخيالات فعن أبي هريرة**قال: قال رسول الله*:*«يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقولُ: من خلقَ كذا؟ من خلقَ كذا؟ حتى يقولَ: من خلقَ ربَّك؟ فإذا بلغَ ذلك فليستعِذ بالله ولينتَهِ»*متفق عليه، وفي لفظٍ لمُسلم:*«فمن وجدَ من ذلك شيئًا فليقُل: آمنتُ بالله».

* * ومن كيدِه ومكرِه: الوسوسةُ في الوضوء والطهارة؛ فترى أحدَهم يغسِل ويُكرِّرُ كثيرًا، ويدلُك دلكًا عنيفًا، ويتشكَّكُ فيما غسَله، ويظنُّ أنه لم يغسِله، فيعودَ إليه مرَّةً بعد مرَّةٍ. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "لا يزيدُ على الثلاثِ إلا مُبتَلى". وعلاجُ ذلك: أن يُعرِضَ عن تلك الشُّكوك والأوهام، ولا يلتفِتَ إليها، ومن كيدِه بأهل الوسوسة في الوضوء والغُسل: أن جعلَهم يُنكِرون الموجودات، ويجحَدون الأمورَ المحسوسات. ذكرَ ابنُ الجوزيِّ عن أبي الوفاء ابن عَقيل أن رجلاً قال له: أنغمِسُ في الماء مِرارًا كثيرةً، وأشكُّ هل صحَّ لي الغُسلُ أم لا؛ فما ترى في ذلك؟ فقال له الشيخُ: اذهَب، فقد سقطَت عنك الصلاة، قال: وكيف ذلك؟! قال: لأن النبي**قال:«رُفِع القلمُ عن ثلاثة: عن المجنون حتى يُفيقَ، وعن النائمِ حتى يستيقِظ، وعن الصبيِّ حتى يبلُغ»، ومن ينغمِسُ في الماء مِرارًا ويشُكُّ هل أصابَه الماءُ أم لا فهو مجنونٌ. ومنهم من يُطيلُ المُكثَ في الخلاء بلا حاجةٍ؛ فتفوتُه الجماعة، وتضيعُ مصالِحُه، فكيف يليقُ بعاقلٍ أن يُطيلَ المُكثَ في حُشوشٍ مُحتضَرة تأوي إليها الشياطين والنفوسُ الخبيثة؟! ومن وسوسته أعاذنا الله وإياكم منه: الوسوسةُ في انقِطاع البول أو في التنجُّسِ به؛ لذا يُستحبُّ للمُسلم أن يرتادَ لبَوله مكانًا رِخوًا، وأن لا يبولَ واقِفًا ولا مُستقبِلا الريحَ؛ لئلا يرتدَّ عليه رشاشُ البول، فيُنجِّسَه ويُدخِلَ عليه العنَتَ، ويفتحُ عليه بابَ الوسواس ومن وسوسة إبليس: الوسوسةُ في الصلاة؛ فمن الناسِ من يجهَرُ بنيَّةِ الصلاة ويُكرِّرُها، ويُجهِدُ نفسَه في التلفُّظِ بها، ويرفعُ بها صوتَه بثُقلٍ ومشقَّة، ولربما دخلَ في الصلاة ثم قطَعها لشكِّه في النيَّة.

* * *والجهرُ بنيَّة الصلاة بِدعةٌ، وتكرارُها وسوسة، ورفعُ الصوت بها إيذاءٌ للناس ومنهم من يُعيدُ تكبيرةَ الإحرام كثيرًا، ويُردِّدُ الفاتحة مِرارًا. ومنهم من يُكرِّرُ بعضَ الحروفِ والكلمات، حتى ربما فاتَتْه الركعة وتخلَّفَ عن إمامه. ومنهم من يُوسوِسُ له الشيطانُ بانتِقاض طهارته أثناء الصلاة، فيُخرِجُه منها، ويصدُّه عنها. ويحرُم على المُصلِّي أن يُخرُج من الصلاة إذا لم يتيقَّن الحدَثَ؛ فعن أبي هريرة**أن رسول الله**قال:«إذا وجدَ أحدُكم في بطنه شيئًا، فأشكلَ عليه أخَرَج منه شيءٌ أم لا، فلا يخرُجنَّ من المسجدِ حتى يسمعَ صوتًا أو يجِد ريحًا»*أخرجه مسلم. فاقطَعوا الأوهام،عباد الله وادفَعوا الشُّكوكَ، وردُّوا وساوِسَ إبليس، ولا تُبطِلوا أعمالَكم، ولا تُفسِدوا عباداتكم، ولا تُضيِّعوا صلاتَكم. أعاذنا الله جميعًا من الشيطان وهمزِه ونفخِه أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ؛ فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورًا. الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقه وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رِضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله وراقِبوه، وأطيعوه ولا تعصُوه،"*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ*" أيها الأخوة في الله، كلما طرقَت وساوِسُ إبليس فادفعُوها بالاستِعاذة، واقهَروها بالمُخالفة والمُضادَّة، وحارِبوها بالعلم والسنَّة، وتحصَّنوا بالأذكار، وأكثِروا من الدعاء، واشتغِلوا بالتلاوة، وحافِظوا على الصلوات، واهجُروا مجالسَ المُنكر وجُلساء السوء ومزاميرَ الشيطان، وحاذِروا الروائح الخبيثة والأماكن المُنتِنة، واستجيروا بالله من إبليس ونزَغَاته، واستعِيذوا بالله من نفخِه ونفثِه وهمَزاته، ومن يعتصِم بالله فقد هُدِي.