بواسطة :
27-02-2015 04:55 مساءً
20.6K
المصدر -
محمد سعيد الغامدي -جدة*
ألقى فضيلة الشيخ*الشيخ الدكتور رائد بن فواد باجوري عضو هيئة التدريس جامعة أم القرى وامام وخطيب جامع الفيصلية بجدة - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: " خطورة الدُين"، والتي تحدَّث فيها باسهاب وذكر حرمة اكل الاموال بالباطل*لان ذلك يتنافى والتعاليم*الاسلامية قال فيها :*-
*المقدمة :
عباد الله:
* قضية من القضايا التي أرسى الإسلام أصولها، ونظم قواعدها، وجعل لها من الأسس والضمانات ما يكفلها،إنها قضية الديون المتعلقة بالآدميين. نعم، إن الإسلام حذر كل الحذر من التهاون في أداء الدين، أو المطل والتأخير في قضائه، أو التساهل وعدم الاكتراث في أدائه.
* *إن دين الآدمي في نظر الإسلام أمانة عظمى، ومسؤولية كبرى، بل ويجيء التشديد من الشرع في آثار انتهاك تلك الحقوق أو الإخلال بها، يقول نبي الإسلام محمد**فيما يرويه البخاري*((من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلل منها، فإنه ليس ثَمَّ دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات أخيه، فطرحت عليه، فطرح في النار)). إن نظرة الإسلام لدَيْن الآدمي عظيمة، ولآثاره كبيرة، حتى استثناه الله جل وعلا من قاعدة المكفرات، وأصول الماحيات، يقول*صلى الله عليه وآله وسلّم:*((القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين) وفي حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله**قام فيهم فذكر أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: فإن جبريل قال لي ذلك)رواه مسلم ومن منطلق هذا المنهج الرباني، كان رسول الله**لا يصلي على جنازة من عليه دين، عن جابر قال: توفي رجل منا، فغسلناه وحنطناه وكفّناه، ثم أتينا رسول الله**فقلنا له: تصلي عليه، فخطا خطًى ثم قال:((أعليه دين؟))*قلنا: ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: هما عليّ، فقال رسول الله*:((حقَّ الغريم، وبرئ منهما الميت))*قال: نعم، فصلى عليه رسول الله**. قال أهل العلم: وامتناعه**من ذلك لأن صلاته شفاعة، وشفاعته لا تردّ، بل هي مقبولة، والدَّين لا يسقط إلا بالتأدية. أيها الجمع المبارك المماطلة من الغني في أداء الدين ظلمٌ شنيع، والتسويف والتأخير في توفية الحق عند الوجدان اعتداء فظيع، قال*:((مطل الغني ظلم))*[متفق عليه وفي حديث آخر:*((لَيُّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته) قال أهل العلم: المطل هو المدافعة، والمراد في الحديث تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر من قادر على الأداء إن ثمة توجيهات ربانية ووصايا نبوية في قضايا الدين، تنظر من واقعية لا مثالية، وتنطلق من قاعدة الإحسان والرحمة والشفقة منها الحرص على أن ينطلق العبد في الدين عند الحاجة إليه من مقاصد حسنة، وعزيمة صادقة على الوفاء، ومن نية طيبة في القضاء، لا يبيِّت نية سيئة، ولا يخفي مقصداً خبيثاً، قال صلى الله عليه وآله وسلّم*:*((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله)رواه البخاري قال أهل العلم: وتأدية الله عنه تشمل تيسيره تعالى لقضائه في الدنيا، وأداءه عنه في الآخرة بأن يرفع دينه بما شاء الله إذا تعذَّر على العبد والحذر الحذر - إخوة الإسلام- من تبييت نية سيئة أو مقاصد خبيثة، بعدم الوفاء بحقوق العباد، فمن وقع في ذلك عرض نفسه للإتلاف الوارد في الحديث الآنف:*((ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله)). قال أهل العلم: والإتلاف هنا يشمل إتلاف النفس في الدنيا بإهلاكها، ويشمل أيضاً إتلاف طيب عيشه وتضييق أموره، وتعسّر مطالبه، ومحق بركته، فضلاً عما يحصل له من العذاب في الآخرة. عباد الله: ومن تلك التوجيهات أمر الشريعة النبيلة بحسن الأداء، والإكرام للدائن عند القضاء، جاء في حديث أبي رافع، أن النبي**استسلف من رجل بكراً فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فلم يجد إلا خياراً، قال*:*((أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاءً)رواه مسلم وإن من وصايا الشريعة المحمدية التيسير على أهل الإعسار والفاقة، والتسهيل لأهل الفقر والحاجة، فمن واجبات الإسلام إمهال المعسر عن أداء الدين، والإلزام بإنظار المدين إلى ميسرة، قال تعالى:*وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ* والعسرة هي ضيق الحال من جهة عدم المال والتيسير على المعسرين فضله كبير، وأجره عظيم، جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي*:*((ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) ومن أعظم أنواع التيسير الحط من الدين كلا أو جزءاً، قال تعالى:*وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ* جاء في الصحيحين*عن النبي*:*((كان تاجر يبايع الناس، فإذا رأى معسراً قال لفتيانه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه))، وفيهما*عن حذيفة وأبي مسعود الأنصاري رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله*يقول:*((مات رجل، فقيل له: بم غفر الله لك؟ فقال: كنت أبايع الناس، فأتجاوز عن الموسر، وأخفف عن المعسر.
* *فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الدين هم بالليل وذل بالنهار فلا تلجوا ساحاته إلا في أضيق الحدود.