بواسطة :
14-03-2015 01:44 صباحاً
9.0K
المصدر -
الغربية ـ جدة*
*عباد الله *: ـ
ربنا ذو الجلال والكبرياء، ذلَّ له كلُّ شيءٍ، وأسلمَ طوعًا وكرهًا، قال عز وجل "وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ*" خضع الجميعُ لله، فمَن في السماوات والأرض والطيرُ كلُّها تُصلِّي لله وتعبُده بحسب حالِها قال عز وجل:*"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ*" وعند ربنا بيت معمورتدخلُ الملائكةَُ تُصلِّي فيه لله، قال عليه الصلاة والسلام في حديث الإسراء:«فرُفِع لي البيتُ المعمور، فسألتُ جبريلَ، فقال: هذا البيتُ المعمورُ يُصلِّي فيه كلَّ يومٍ سبعون ألف ملَك، إذا خرَجوا لم يعودوا إليه آخرَ ما عليهم»*متفق عليه.. وكل الكائنات تسجُد خاضِعةً ذليلةً لله، قال عز وجل:*أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ*" قال ابن تيمية رحمه الله: "ولا يجبُ أن يكونَ سجودُ كل شيءٍ مثلَ سجود الإنسان". والدوابُّ والملائكةُ تسجُد خوفًا من الله، قال تعالى":*وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ**يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ*" والشمسُ تذهبُ كلَّ يومٍ تحت العرش وتسجُد لله، قال عليه الصلاة والسلام لأبي ذرٍّ حين غربَت الشمسُ:«أتدرِي أين تذهب؟»*قلتُ: الله ورسولُه أعلم، قال:*«فإنها تذهبُ حتى تسجُد تحت العرش»*متفق عليه. قال ابن العربي رحمه الله: "ولا مانعَ من قُدرة الله أن يُمكَّن كلُّ شيءٍ من الحيوان والجمادات أن يسجُدَ له". بل كلُّ ما له ظلٌّ في الكونِ يسجُد لله، قال سبحانه:*أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ*" ومع صلاةِ المخلوقاتِ لله وسُجودِهم له فإنهم يُسبِّحونه، قال تعالى:*تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ*". والرعد يُسبِّح بحمده وجلاً منه. والنملُ يُقدِّسُ الله ويُنزِّهُه عن الشريك والمثيل، قال عليه الصلاة والسلام:*«قرصَت نملةٌ نبيًّا من الأنبياء، فأمرَ بقريةِ النمل فأُحرِقَت، فأوحَى الله إليه: أن قرصَتك نملةٌ أحرقتَ أمةً من الأمم تُسبِّح؟!»*متفق عليه. والنباتُ يُسبِّح الله وحده، قال ابن القيم رحمه الله: "فتبارك الله ربُّ العالمين الذي يعلمُ مساقِط تلك الأوراق ومنابِتها، فلا تخرجُ منها ورقةٌ إلا بإذنه، ولا تسقُط إلا بعلمِه، ومع هذا فلو شاهَدَها العبادُ على كثرتها وتنوُّعها وهي تُسبِّح بحمد ربِّها مع الثمار والأفنان والأشجار لشاهَدوا من جمالِها أمرًا آخر، ولرأوا خِلقتَها بعينٍ أخرى، ولعلِموا أنها لشأنٍ عظيمٍ خُلِقَت". والطعام يسبح لله كان الصحابةُ رضي الله عنهم وهم مع النبي**يسمَعون تسبيحَ الطعام، قال ابن مسعود*: (ولقد كُنَّا نسمعُ تسبيحَ الطعام وهو يُؤكَل) رواه البخاري. وكلُّ ذرَّةٍ في الكون تُوحِّدُ الله، قال تعالى:*وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ*" قال ابن كثيرٍ رحمه الله: "وهذا عامٌّ في الحيوانات والجمادات والنباتات". وكيفيةُ التسبيح لا يعلمُها إلا الله، قال عز وجل:*وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ*" والحجارة تسبح ربها ومع تسبيحها لله تهبِطُ من علوِّها خشيةً من الله خاضعةً مُنكسِرةً له، قال عز وجل:*وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ* والسماءُ والأرضُ مُطيعةٌ لله قال لهما ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين والشركُ بالله أعظمُ الذنوب، وإذا سمعَت الجمادات شركًا به تعالى فزِعَت عظمةً لله لانتِقاص حقِّه في العبودية قال سبحانه:*وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا**لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا**تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا*" وبعد: أيها المسلمون، فالكلُّ من الملائكة والجمادات والنباتات والحيوانات نطقَ بتنزيه الله وتوحيده، وسجدَ لله وأطاعَه، وحقيقٌ ببني آدم أن يكون كذلك. وإذا حقَّق الإنسانُ العبوديةَ كان أشرفَ المخلوقات، ومن أشركَ به كانت الدوابُّ أتمَّ منه، قال سبحانه:*أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ*" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،*وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وتعالى عما يشركون"
*