المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024
بواسطة : 14-11-2015 12:20 مساءً 20.9K
المصدر -  
كتبة : ميس حمّاد (جدة) _هي

هي أم سعودية لأربعة أبناء، بنتان وولدان. هي مخترعة، ومحاضرة في الجامعة، وباحثة دكتوراه في جامعة لندن، عشقت خدمة الانسانية، لذلك اخترعت قفازاً ذكياً حمل اسم Sign Language Glove، تقوم* فكرته على تحويل لغة الإشارة إلى نصوص وكلمات، ونالت عنه جائزة في مسابقة ريادة الأعمال التي أقامتها جامعة أم القرى بالتعاون مع الملحقية الثقافية في لندن. تخرجت في جامعة دار الحكمة في جدة في تخصص التصميم الداخلي، وحصلت على درجة الماجستير في التصميم البرمجي الذكي من جامعة لندن، وتحضّر أيضاً الدكتوراه في المجال نفسه، وتعمل حالياً معيدة في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة. «لها» التقت الباحثة والمخترعة السعودية هديل أيوب التي حدثتنا عن فكرة اختراعها القفاز الذكي، ومميزاته ومواصفاته، والفئة التي يخدمها.

- ماذا تعنين بالتصميم البرمجي الذكي؟ خلال تدريسي في جامعة دار الحكمة لمدة ست سنوات، وبعد انتقالي منذ سنة للتدريس في جامعة الملك عبدالعزيز، كنت أقوم بتدريس مواد تخصص التصميم الرقمي، رغم أن برمجيات هذا التخصص صعبة جداً ومرهقة في التعامل معها. إذ كانت الطالبات يواجهن صعوبة في فهم هذه القوائم، وفي القدرة على تنفيذ مجسمات كاملة في برمجيات هذا التخصص، فبحثت عن مجال يُمكّنني من تصميم برمجيات رقمية بطريقة سهلة، وكأنني أوجّه الأوامر الى جهاز الكمبيوتر عِوضاً عن تلقيّ الأوامر منه فقط، لذلك ارتأيت إكمال دراسة الماجستير في هذا المجال، خصوصاً أن تخصص التصميم البرمجي الذكي حصل هذا العام على المرتبة الأولى في تصنيف «الغارديان» في لندن.

- ما هو القفاز الذكي؟ ولماذا استهدفتِ ذوي الاحتياجات الخاصة؟ سأجيب أولاً عن الجزء الثاني من السؤال. فكل تصاميمي تهدف الى خدمة الانسانية، وتطمح الى هدف معين. وهذه التقنية كانت مشروعاً خاصاً بي في مادة أخرى. وفي فترة الإجازة، بدأت البحث عما يمكن فعله من خلال هذه التقنية، ويصب في خدمة المجتمع. وبعد تفكير طويل، قررت أن أبتكر شيئاً أتحكم فيه بيدي من دون الحاجة الى لوحة مفاتيح، وكانت الحروف نقطة البداية ليتمكن القفاز من الكتابة. وبعدما بحثت عمّن يمكنه الاستفادة من هذه التقنية، وجدت أن مستخدمي الإشارة من فئة الصم والبكم هم المستفيدون الأوائل منها، خاصة أنني سبق وتعلمت لغة الإشارة في الصغر في المدرسة، فصممت في المرة الأولى قفازاً بدائياً جداً بحيث لا يُظهر سوى حروف قليلة على شاشة تحوي أربع خانات فقط، ويكتب حرفاً واحداً في كل مرة. حاولت مراراً إظهار الحروف الأربعة دفعة واحدة لتتكون كلمة من أربعة حروف، حتى أنني قدمتها في مسابقة ريادة الأعمال التي نظمتها جامعة أم القرى بالتعاون مع الملحقية الثقافية في لندن، ولم أكن أتوقع أن يلاقى هذا الاختراع صدى وقبولاً كبيرين، حيث تقدم الى المسابقة أكثر من 200 شخص، وأصبحوا في النهائيات 20 شخصاً، وقد حصلت على المركز الثالث بينهم وحزت الميدالية البرونزية، إضافة الى تسجيل براءة اختراع، ليتم التعاون في ما بيننا لتطوير الاختراع وتحويله الى منتج. وبعد فوزي، أيقنت أن أحداً لم يسبقني الى هذه التقنية، وقررت أن يكون هذا الاختراع مشروعاً خاصاً بيّ، فعملت على تطويره باستحداث شاشة* LCD صغيرة تضع جملاً كاملة وليس حروفاً فقط، ولتصبح الحروف*كلمات متداولة أكثر مثل: شكراً، جائع، المزيد، وأرجوك... وانتقلت من ثم الى تطوير آخر، وهو وضع السماعة التي تُحوّل الكلمات إلى نصوص مسموعة، وقدمته كمشروع تخرّج وحصلت على امتياز مع مرتبة الشرف.

- ما هي مميزات القفاز الذكي؟ يتميز هذا القفاز بتقنيته المُدمجة في تصميمه، فهو عبارة عن جهاز لا سلكي، جميع الأسلاك فيه من البطارية والشاشة والسماعة، وكلها موجودة داخل البطانة، وهو يظهر للعيان أنه قفاز عادي، فهناك فتحة صغيرة للشاشة، وأخرى للسماعة. وعلى من يضعه أن يشغّل لغة الإشارة، وهي تحريك الأصابع ليظهر في الوقت نفسه الكلام على الشاشة كشريط يستمر بالدوران، هذا بالتزامن مع الصوت الذي ينطلق من السماعة لتترجم النص المكتوب إلى كلمات منطوقة، تصل الى الطرف الآخر. ومن الممكن تحديد الأصوات، إن كان صوت رجل أو إمرأة أو طفل، الى جانب تحديد سرعة الحديث. أيضاً، يستطيع مستخدم القفاز أن يحدد اللغة التي يرغب التحدث بها، لكن في هذه الحال، عليه أن يربط القفاز، من طريق فتحة صغيرة، بجهاز الكمبيوتر، لإضافة كلمات أخرى أو لبرمجة اللغة أو الصوت بما يتناسب مع حاجة المستخدم، كما يمكن شحن القفاز.

- هل لهذا القفاز وظائف أخرى غير الترجمة الى اللغة العربية؟ نعم، يتيح هذا القفاز ترجمة لغة الإشارة إلى كلمات باللغتين الإنكليزية والفرنسية، وأي لغة أخرى يريدها المستخدم من خلال ربطه بجهاز الكمبيوتر، مما يُسهل التواصل مع الأجانب وبالعكس، ليتمكن هذا الاختراع من الانتشار في العالم، وهو قابل للتطور ليترجم بكل لغات العالم. ورغم أن هذا القفاز صغير الحجم، لكنه أثبت كفاءته في التواصل. كما يمكن قراءة النصوص عبر تطبيق الهواتف الذكية الموصول بالقفاز، حيث يتم استخدام خمسة أجهزة استشعارية مرنة لكل أصابع اليد، تعمل على رصد انحناءات الأصابع وحركتها لتُترجم عبر برمجيات معينة تنقل لغة الاشارة إلى الطرف الآخر عبر الشاشات الخاصة.

- في أي سن يمكن استخدام هذا القفاز؟ هو مخصص حالياً لكل الأعمار والفئات. وقد ابتكرت قفازاً للأطفال، لكنني شعرت بأنه ثقيل ومعقد الاستخدام. وبعد انتهائي من ربط القفاز بالانترنت، سأصمم مقاسات مختلفة، تتراوح بين الحجم المتوسط والكبير للبالغين، وللأطفال الأحجام الصغيرة.

- كم يستغرق من الوقت العمل على القفاز الذكي؟ يستغرق حوالى السنة تقريباً، فقد بدأت العمل على تطويره في كانون الأول/ديسمبر العام الماضي، لينتهي أواخر هذا العام. ولكي يخرج بالصورة التي أرضى عنها، فهو يتطلب ستة أشهر من العمل الدؤوب، والبحث عن المستخدمين، بحيث أصمّم أكثر من نموذج ليستخدمها الأشخاص الذين يحتاجون إليه. والقفاز يعتمد على رأيي الشخصي فقط ورؤيتي في تطويره الى الأفضل، لكنني لم أقدمه بعد الى أي شخص ليستخدمه بصفة يومية ويقيّمه، فهو في النهاية لخدمة المستخدم.

- هل تتواصلين مع من يرغبون في الحصول على القفاز؟ وصلتني رسائل كثيرة عبر البريد الالكتروني، من عائلات أحد أفرادها من الصم أو البكم، ووعدتهم بتصميم قفازات لأبنائهم فور عودتي إلى لندن، كما أرسلوا إلي صور طبعة اليد بالجبس casting، لأصمم القفاز على المقاس المطلوب، وسألتهم عن اللغة التي يستخدمونها لأتمكن من برمجته وفق لغتهم، وطلبت منهم تصوير الاستخدام اليومي وتوثيقه من خلال الفيديو وتسجيل رأيهم باستخدام القفاز ومدى فاعليته لأبنائهم. ولعل أكثر ما حفزني على المضي في تطوير هذا القفاز، الفيديوات المرسلة من عائلات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصاً أن في مقدوري مساعدتهم وتسهيل حياتهم من خلال دراستي وعلمي. كما تلقيت ردود أفعال المشاهدين في الخارج ممن يستخدمون لغة الإشارة بضرورة دمج حركة الجسم والعين، وحركة الذراع بأكمله، مما يُسهّل عليهم التواصل مع الآخرين، فحرصت على أن يكون استخدام القفاز سهلاً وأكثر دقة.

- هل هو الاختراع الأول لهديل أيوب؟ هو اختراعي الأول، وباكورة تواصلي مع المجتمع السعودي لمعرفة مدى تفاعلهم مع هذه الاختراعات لخدمة الإنسانية. وأثناء وجودي في لندن، شاهدت العديد من الاختراعات الحديثة التي يتم توظيفها لخدمة المحتاجين، مثل الأيدي الاصطناعية، والوجوه الاصطناعية. وهناك أشخاص مختصون في مجال medical technology، لمساعدة المرضى لديهم، وأسعى للتعاون مع مثل هؤلاء الأشخاص، لأستعين برؤيتهم المختلفة في تطوير القفاز ومدى فاعليته، وتحمله، والوصول من خلاله الى شريحة أكبر.

- هل تتعاونين مع جهات سعودية مختصة بذوي الاحتياجات الخاصة؟ تلقيت الكثير من طلبات التعاون من جهات مختصة، في مقدمها وزارة، ومركز لذوي الاحتياجات الخاصة، ومركز أبحاث في الجامعة، ومصرف يتبنى المشاريع الصغيرة. وفي الحقيقة، اتفقت مع إحدى هذه الجهات، لكن ليس بشكل نهائي، ففضلاً عن اهتمامي بالجانب البحثي، أرغب في ايجاد من يدعمني مادياً. لذلك فضلت التعاون مع إحدى الجامعات التي تملك مركز تخصص كالذي أعمل فيه، وتخرج مؤسّسوه في بريطانيا في التخصص نفسه، كما يتعاونون مع جهات تمول أبحاثهم. ورغم ذلك، أطمح للتعاون مع جهات سعودية مختصة بهذه الفئات، وأرغب في تصنيع كل القطع الخاصة بالقفاز في السعودية، خصوصاً أنني نلت جائزتي من جامعة أم القرى في مكة، لذا فالأفضلية أن يكون البحث، وحقوق الملكية الفكرية سعودية 100 في المئة.

- كم هو سعر القفاز الذكي؟ لا أعرف إن كنت أملك حرية تحديد سعر القفاز، بما أنني تعاونت مع أشخاص لديهم خبرة في هذا المجال، وغالباً سيتولون هم مهمة تحديد الأسعار وليس أنا. شخصياً، يُكلفني صنع القفاز الواحد 1500 ريال سعودي، فهناك قطع مستوردة من بريطانيا، وأخرى من أميركا، لكنني أسعى إلى اعادة تصميم كل القطع، من خلال التعاون مع جهات مبرمجة تُساعدني في أن أكتب على الجهاز: «صنع في السعودية».

- الدعم المادي ذاتي، لكن ماذا عن الدعم المعنوي؟ لقد موّلت مشروعي من مصروفي الخاص، لذلك أتمنى أن أجد جهات تمويلية تساهم في تطوير بحثي. أما الدعم المعنوي فكان قوياً جداً، إذ تلقيته من عائلتي وزوجي وأبنائي الذين شجعوني على المضي في تطوير هذا الاختراع، الذي يستغرق الكثير من وقتي. ورغم مشاركتي أولادي أفكارهم وتصوراتهم حول القفاز، لكنني كنت أعمل على الأجزاء التقنية البحتّة بمفردي وبشكل متواصل. وأذكر جيداً كيف انقطعت عن العالم الخارجي مع اقتراب موعد التسليم فقضيت وقتي بين المعمل والجامعة فقط. فالفضل بعد الله يعود الى زوجي فهد قامة الذي هيّأ لي الظروف، واهتم بالأبناء، كما ساعدني عمله في مجال البرمجة في طرح الأفكار، وتطوير المعلومات، وهو من أوحى بفكرة جعل القفاز ناطقاً.