بواسطة :
06-03-2015 12:37 صباحاً
10.2K
المصدر - متابعة -سلمان المالكي:
حصلت بحوث علوم الأعصاب على دفعة قوية مع خبر حصول البروفيسور جون أوكيف على جائزة نوبل عن البحث المسمى “نظام GPS الداخلي للدماغ”، وهي خطوة جديدة على طريق حل لغز الدماغ المحير. ولكن كيف يمكن ترجمة أبحاث علوم الأعصاب المتطورة إلى نصائح عملية حول كيفية اجتياز الامتحانات، وتذكر الأسماء، والعثور على السيارة في موقف سيارات مزدحم؟
مُنح أوكيف الجائزة بالاشتراك مع الفريق النرويجي إدفارد وماي بريت موزر لاكتشافهم الخلايا التي تسمح للفئران بتحديد موقعها. فعند وضع الفئران في بيئة جديدة، تُظهر هذه الخلايا زيادةً في النشاط. أثناء نوم الفئران، تظهر نفس الخلايا نشاطًا بسرعة أكبر حيث إنها تعيد مشاهدة المسار الجديد.
من المعروف أن جزءًا من الدماغ يعرف باسم الحُصَيْن hippocampus مرتبط بالوعي المكاني في الطيور والثدييات، ويلقي هذا البحث الأخير على الخلايا المكانية مزيدًا من الضوء على الكيفية التي نحدد بها موقعنا ومسارنا. في عام 2000، أثبت باحثون في جامعة لندن بقيادة الدكتورة إليانور ماغواير أن الحُصيْن لدى سائقي سيارات الأجرة في لندن قد تطور بعد سنوات من القيادة في الشوارع الخلفية للمدينة. وأظهرت فحوصات الرنين المغناطيسي أن سائقي سيارات الأجرة يمتلكون حُصيْنًا أكبر من المتوسط، وأن تلك المنطقة من المخ تكبر أكثر كلما طال استمرارهم بهذا العمل.
لكن الاكتشافات الكبيرة لا تترجم تلقائيًّا إلى فوائد عملية. تقول عالمة الأعصاب البارونة سوزان غرينفيلد:
“البحوث قد تعطينا أفكارًا عظيمة، ولكننا لم نتمكن من علاج مرض الزهايمر بعد. ما زلنا بحاجة إلى أن نعرف لماذا تموت خلايا معينة في حالات الخرف، وكيف يمكن أن يصاب المرء بسكتة دماغية كبرى وتتضرر العديد من الأعصاب، ومع ذلك لا يفقد ذاكرته؟ ما هو الرابط بين مرض باركنسون والخرف؟”.
أو بعبارة أخرى، لماذا تتلف بعض الخلايا دون غيرها؟
حتى فحوص الأشعة وفحص ما بعد الوفاة لأدمغة المصابين بالخرف تعتبر محدودة القيمة، كما تشير جرينفيلد، لأن التدهور يبدأ قبل ظهور الأعراض بعشر سنوات أو عشرين سنة. فماذا يخبرنا علم الأعصاب عن أساليب الحفاظ على الدماغ؟
1- استعمله أو اخسره
يبدو أنه كلما دربت واستخدمت دماغك، كلما تحسن أداؤه. هناك بعض الأدلة على أن الناس ذوي المستوى الأعلى من التعليم والمهارات تقل لديهم معدلات الخرف. ولكن الصورة معقدة. ربما كان الحاصلون على قدر أكبر من التعليم يتناولون غذاءً أفضل. أما ذوو المهارات الأعلى فقد يكونون مرشحين بنسبة أكبر للحصول على عمل، والاستفادة من التمرين، والتفاعل الاجتماعي والتحفيز الذهني. الحفاظ على النشاط الجسدي والعقلي والاجتماعي يؤدي إلى عمل المخ على نحو أفضل.
2- عقاقير مقوية للأعصاب
المنشطات العقلية أو Nootropics وتسمى أيضًا العقاقير الذكية، ومن أشهرها مودافينيل، وهو دواء “تعزيز اليقظة” الذي يحفز الجهاز العصبي المركزي ويوصف فقط في المملكة المتحدة لعلاج حالات النعاس المفرط أثناء النهار (الخدار). لا يمكننا التأكد إذا ما كان أكثر فعالية بكثير من فنجان من القهوة، ولكن تأثيره يستمر لفترة أطول. ويستخدم مودافينيل على نطاق واسع من قبل الطلاب لأنه يجعل الناس أكثر يقظة وانتباهًا. وجدت باربرا ساهاكيان، الأستاذة بجامعة كامبريدج، أن مودافينيل يساعد الجراحين الذين يعانون من الحرمان من النوم على القيام بعملهم بصورة أفضل، ويعتقد أنه قد يكون له دور كبير في تحسين الذاكرة والوظائف العقلية، ولكن لم يتأكد بعد مدى أمان استخدام هذه العقاقير على المدى الطويل، خاصة بالنسبة للأدمغة الشابة.
3- تجنب الضرر
إن بيئتنا مليئة بالسموم العصبية التي يمكن أن تؤثر على الجينات والبروتينات والجزيئات الصغيرة التي تتكون منها أدمغتنا. ويعتبر صغار السن أكثر عرضة لتأثيرات تلك السموم. يقول المجلس العلمي القومي الأميركي إن هناك أنواعًا من السموم العصبية قد تؤثر على الدماغ في مرحلة النمو: الرصاص والزئبق والفوسفات (المبيدات)؛ العقاقير المنشطة مثل الكحول والنيكوتين والكوكايين. وبعض الأدوية مثل روأكيوتان، الذي يستخدم لعلاج حب الشباب. يمكن لأدمغة البالغين أن تكون أكثر مقومة للملوثات، ولكن المخدرات والكحول والسجائر تسمم حتى أدمغة البالغين إذا ما استهلكت بكثرة.
4- الحفاظ على تدفق الدم
يحتاج المخ إلى تدفق الدماء بشكل جيد، ولكن التدخين، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، والسمنة، وارتفاع الكوليسترول في الدم تسد الشرايين وتعوق تدفق الدم. إذا كنت تهتم لسلامة دماغك فعليك تجنب عوامل الخطر هذه.
5- أثر النظام الغذائي
ثبت أن الأطعمة الغنية بالأحماض الدهنية أوميغا 3، ومضادات الأكسدة مثل فيتامينات C و E، والفيتامينات B و D تساعد على حماية الجهاز العصبي.
مستقبل الأبحاث
وقد حددت الأستاذة ساهاكيان خمسة مجالات في البحوث العصبية التي قد تساعدنا على الفهم على مدى السنوات الخمسة المقبلة:
– التكنولوجيا الذكية القابلة للارتداء لرصد صحة الدماغ، على غرار جهاز المعصم الذي يراقب معدل ضربات القلب.
– مسح الدماغ لرصد تطور الأمراض النفسية وتتبع التغيرات التي تطرأ خلال العلاجات مثل العلاج المعرفي السلوكي.
– تجربة عقاقير حماية الجهاز العصبي مثل solanezumab لمنع تدهور حالة المرضى الذين يعانون من مرض الزهايمر.
– Connectomics، دراسة وإنتاج الخرائط العصبية للدماغ، والجمع بين عدد من التقنيات لدراسة الاتصال connectivity في الدماغ.
• علم الوراثة، لفهم الطفرات الوراثية التي تسبب التوحد وغيرها من الحالات.