المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 22 نوفمبر 2024
ارحموا آباءكم وأدخلوا السرور عليهم فالحمل ثقيل
حامد محمد الطلحي الهذلي
بواسطة : حامد محمد الطلحي الهذلي 04-07-2021 12:27 صباحاً 32.5K
المصدر -  
دعا الداعية الدكتور بدر بن علي بن طامي العتيبي عضو هيئة التدريس بمعهد الأئمة والخطباء بالرياض الأبناء والبنات بالتخفيف عن كاهل آبائهم، وعدم الضغط عليهم في المصروفات، وألا يكونوا حملاً ثقيلاً عليهم مع ما يتحملونه من «قلة ذات اليد» و»غلاء الأسعار» بل العقل منكم وحسن البرِّ: طرح الكماليات، والاستغناء عن بعض الحاجات، وتخفيف الطلبات؛ كل ذلك لراحة بالهم، وسلامة حالهم.
وقال الدكتور بدر العتيبي في رسالة وجهها للأبناء والبنات: إن أعظم لَبِنَاتِ المجتمع هي الأسرة، وهي الرابط بين أحدية الفرد وكتلة المجتمع، ولا كينونة للفرد إلا بالأسرة، ومن الأسرة يُبنى المجتمع، ومن سنن الله الكونية أنه ما من جمع في الوجود إلا وقيام شؤونه لا يتم إلا تحت قائدٍ ومسؤول عنه، كلّ جمع كيفما كان، فالطير والظباء والسردين والنحل، وجموع من المخلوقات لكل جمعٍ منها قائد وملك يسيرون وراءه، ويقتدون به، ويجتمعون حوله، ويمشون بأمره، وكذلك في البشر، وبهم قوام الأرض، لا تصلح شؤونهم إلا بقائدٍ أو رئيس أو ملك يسوس شؤونهم، ومن هذا قول الله تعالى للملائكة: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً) أي يخلف الأمر في الناس، والأسرة من تلك الجموع، ولا قوام لها إلا بقائدها، ورئيسها، والمسؤول عنها: وهو الأب، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإمامُ رَاعٍ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، والرجلُ رَاعٍ في أهله، وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ..» الحديث.
وأكد الدكتور العتيبي أن على الأب الحمل الكبير في رعاية الأسرة، وتربية الأبناء، وطلب الرزق لهم، والاجتهاد على تربيتهم، غايتُه رعايتهم، وبغيتُه سعادتهم، وهمتُه غذاؤهم، وطموحُه الفخر بهم، وأملُه برّهم، يُفنِي نهارَه لراحتِهم، ويُسهر ليله لخدمتِهم، يتْعَب.. ويَنْصب.. ويُسافر.. ويَغترب؛ وربما ذاق من الهوان والمشقة الشيء الكبير، كل ذلك لك ابني العزيز، وابنتي العزيزة، فمثل هذا حقه عليكم أن يكون: الجهد منه مشكورا، والقليل منه متقبلا، والزهيد منه ثمينا، فإياكم أن يجني الثمار منكم مرارة، والجهد فيكم عقوقا، أدخلوا السرور عليه من حين دخوله، وقابلوه بالفرح حال رؤيته، يستحق منكم كلّ يوم: قبلة على الرأس واليد، الرأس الذي صار عليكم ظلاً ظليلاً، واليد التي كانت عليكم خيراً مدرارا، والحذر الحذر: من كسر المشاعر، وتدمير الكبرياء: بالاستخفاف به، واستحقار جهوده، والاستهانة بعطائه، كما إياكم وإياكم: من إلحاق المشقة به بطلب ما يثقل كاهله، ويدمي قلبه حرقة وهو يعجز عن تحقيقه لكم، فكم من ابنٍ يكثر الطلب، ويلح في السؤال، ويضاعف التأفف بين يدي والده يطلب منه سيارةً أو مالاً أو لعبةً يعجز الأب عن شرائها، وكم من ابنة تقابله بالهجر، وتصله بالإلحاح، وهي تريد منه ما يشق عليه ثمنه من لباس أو ذهاب أو هاتف جوال!
وشدد الدكتور بدر العتيبي في رسالته للأبناء والبنات بأن عليهم ألا يقيسوا حالهم بغيرهم، فالرزق قسمة من الله، والسعادة إنما هي القناعة بعطاء الله، والرضا به، واذكروا فضل الله عليكم على غيركم لتشكروا نعمة الله، وتعرفوا عظيم فضله عليكم، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدرُ أن لا تزدَرُوا نعمة الله عليكم»، فالله فضَّلكم على كثيرٍ ممن خلقَ تفضيلا كثيراً، والنعم تزيد وتنمى بالشكر والقناعة، والرزق يُمحق بالكفر والتسخُّط، مشيراً إلى ما صنعه الإمام البخاري في كتابه «الأدب المفرد» (ص: 20) حيث ذكر تحت (باب [الترهيب من] عقوق الوالدين)، هذا الحديث عن معاوية أنه كتب إلى المغيرة: اكتب إلي بما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال وراد: فأملى علي وكتبت بيدي: إني سمعته: «ينهى عن كثرة السؤال، وإضاعة المال، وعن قيل وقال»، مؤملاً تأمل ذكره لهذا الحديث في موضوع متعلق بالوالدين، وكأنه تنبيه لكم بألا تكثروا سؤال الوالدين، ولا تضيعوا المال بما لا يستحق ولا يفيد، فكذلك يجب أن يكون الأبناء مع الآباء، ألا يحملوهم المشقة بكثرة السؤال، ولا يتلفوا المال الذي تعبوا حتى جمعوه فيما لا نفع فيه ولا فائدة.