المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 28 مارس 2024
#تحت_الأضواء  : #حماس تقامر بمستقبل #غزة
د.رشا عُمر باشا- امريكا
بواسطة : د.رشا عُمر باشا- امريكا 22-05-2021 12:55 صباحاً 9.1K
المصدر - نقلاً عن تلغراف  تخلَّت الجماعة الإرهابية عن البراغماتية لصالح القوة الصاروخية الخام

أصدر يحيى السنوار، المقاتل القديم في حماس، الحاكِم الفِعلي لغزة، عام 2018، إعلانًا غير عادي. قائلاً: بعد يومين من مقتل 60 متظاهراً فلسطينياً ومسلحاً، عند السياج الحدودي لقطاع غزة، على يد الجنود الإسرائيليين، إن جماعته ستواصل "المقاومة الشعبية السلمية". وكان أمراً لافتاً، أن يجنح إلى السِّلم في مواجهة المتشدِّدين أو المتطرِّفين الذين يطالبون بالثأر.

يُـعَـدُّ السنوار عقلاً سياسياً لامعاً، وعديم الرحمة، وأجاد اللغة العبرية بطلاقة، بفضل عقدين من السجن، وفهماً وثيقاً لسياسة العدو ومجتمعه، كما حقَّقت استراتيجيته في "التفاوض عبر الصواريخ" نجاحات ملموسة.

ونظر إلى تردُّده عام 2018، في السعي إلى الدَّم، كمؤشر على مرونته وسعيه إلى تحقيق الشرعية، لذلك شهدت السنوات التالية تخفيفاً للحصار على غزة، وتقديم الإغاثة الاقتصادية والإنسانية.

وقال نيري زيلبر، صحفي إسرائيلي أمريكي، يتابع الأحداث في غزة: "كانت حماس في الأساس، منذ السنوات الأخيرة، تنتهج استراتيجية أكثر براغماتية في ما يتعلَّق بإسرائيل".

في المقابل، خلال هذا الأسبوع، بدا الأمر وكأن حماس تضرب بهذه الاستراتيجية المهادنة عُرض الحائط، ولا أحد يعلم لماذا.

وبدلاً من إطلاق بضع عشرات من الصواريخ، رداً على قسوة الشرطة الإسرائيلية في القدس، أطلقت أكثر من ألف صاروخ، في وابل شرس وغير مسبوق، خلال ليلة واحدة.

وبدلاً من حصر القصف على جنوب إسرائيل، أطلقت النار على أهداف أعمق داخل إسرائيل، وأكثر من أي وقت مضى، بما في ذلك، ولأول مرة منذ عام 2014، قصفت القدس نفسها.

وبدلاً من التراجع السريع عن التصعيد، شجَّعت الاضطرابات في البلدات المختلطة، بين العرب واليهود داخل إسرائيل، على مواصلة الضغط.

جاء كل ذلك، على حساب الرد الإسرائيلي المكثَّف، الذي دمَّر غزة، وقتل العشرات من المدنيين الفلسطينيين، ووجَّه -على الأرجح- ضربات خطيرة لقوى حماس البشرية والبنية التحتية.

وقال مايكل ستيفنز، زميل مشارك في معهد رويال يونايتد سيرفيسز: "لا أصدِّق أنهم لم يفكروا في الأمر ملياً، أنا فقط لا أستطيع الفهم".

قد تكمن الإجابة، في التطورات السياسية الأخيرة داخل حماس، فربما تكون السلطة الفلسطينية وإسرائيل، قد أحدثتا خللاً في ذلك التوازُن الدقيق.

في مارس، اهتزت سُلطة السنوار، خلال الانتخابات الداخلية.

إلا أنه في النهاية، حقَّـق انتصاراً، لكن قوة التحدي، من جانب الخصوم التقليديين والمتشدِّدين، كشفت عن استياء متزايد، مع حكمه وعودة ظهور جناح الجماعة المتطرِّف، بأفكار تقليدية أقوى، بشأن تدمير إسرائيل.

ثم في 29 أبريل، أعلن محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، تأجيل الانتخابات الأولى، منذ 15 عاماً، على أساس أن إسرائيل ترفض السماح للفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية بالمشاركة.

كما يعتقد معظم المراقبين، أن السبب الحقيقي، هو أن حركة فتح المنقسمة، التي يتزعَّمها عباس، يُنظر إليها على نطاق واسع، من الفلسطينيين العاديين، كمجموعة من الفاسدين والسلطويين وغير الفاعلين، وكان من المتوقَّع أن يكون هناك دور لحماس حيال ذلك.

ولأن الشارع الانتخابي، الذي سيقود إلى هزيمة فتح، سيدَّعي أن القيادة غير فاعلة، فربما جادل المتشدِّدون داخل حماس، بأن هناك القليل لخسارته، بسبب التصعيد العسكري.

وتمثَّـل الدافع الانتخابي الثالث في إسرائيل نفسها...

إذ أن بداية الأسبوع الماضي، بدا أن السنوات الـ 12 التي أمضاها بنيامين نتنياهو رئيساً لوزراء لإسرائيل، قد ولَّت.

فقد كان هناك تحالف غير مرجّح، من الأحزاب الإسلامية اليمينية والوسطية واليسارية والعربية، لتولي السلطة مع "حكومة من أجل التغيير" تركِّز على المصالحة والشؤون المدنية.

وكانت هذه، هي المرة الأولى، التي يكون فيها أحد أحزاب الأقلية العربية في إسرائيل في الحكومة، إذ مثَّـلت فرصة مغرية، لإنهاء الوضع الراهن، الذي استفادت منه حماس، وإحياء قيم التعايُش والاندما،ج التي تعارضها، والتي طالما أهملتها.

وليس من الواضح، ما إذا كان هدف حماس، تخريب ذلك الائتلاف، وإنقاذ حكومة بنيامين نتنياهو، لكنها كانت بالتأكيد، إحدى عواقب التصعيد، الأسبوع الماضي.

مع المشهد السياسي غير المستقر، وتصاعُـد التوترات خلال شهر رمضان، بسبب قسوة الشرطة الإسرائيلية حول المسجد الأقصى، والمعركة القانونية التي تلوح في الأفق، لطرد العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح، قرَّر شخص ما داخل حماس، أن الوقت مناسب، لمحاولة إعادة إشعال الصراع.

قال يوسي ميكيلبيرج، الخبير في تشاتام هاوس: "لقد كانت فرصة ذهبية، لإقامة صلة بين الدفاع عن القدس وغزة".

كما أنهم ميَّزوا أنفسهم عن عباس، الذي يبدو أنه لا يفعل شيئًا، أو يساعد إسرائيل.

ورغم أن حماس لا تدير أعمال الشغب، في المدن العربية اليهودية المختلطة داخل إسرائيل، فإن قادتها يعتقدون أنهم ألهموها، ويعتبرونها إثباتًا لاستراتيجيتهم.

هل أخطأوا في التقدير؟

من الصَّعب في خِضَمِّ ضباب الحرب، معرفة ما إذا كان العمل الدموي سيكلِّف حماس، وبالنسبة لما يدفعه سكان غزة، سيجدون تبريراً لهذه المقامرة، حتى بشروط الجماعة الإرهابية الخاصة بهم.

ولكن إذا كان هدفهم، زرع الفوضى وإلقاء إسرائيل وفلسطين، في فكي الصراع، فبالتأكيد يمكنهم تهنئة أنفسهم.