المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 22 ديسمبر 2024
التهاب الجفون - الشحاذ
بواسطة : 05-01-2015 12:03 مساءً 27.4K
المصدر -  

اروى الخلف - متابعة

يقال في العامية عن أي التهاب في الجفون (شحاذ). وكان ولا يزال يعتقد في بعض الأوساط أن ظهور الشحاذ له علاقة بعوامل غيبية مثل الحسد وغيره أو أنه ينتقل عن طريق النظر، فإذا نظرت إلى شخص مصاب بالشحاذ تكون أنت الضحية اللاحقة. كما أن هناك عدة أساليب لمعالجة هذا المرض منها ما لها علاقة بالشعوذة ومنها ما لها علاقة بالطب الشعبي، كأن ينصح المريض بشحذ رغيف من الخبز أو أن يعصر الشحاذ ليخرج ما بداخله أو أن يضع على عينه بعض الثوم أو الشاي أو البابونج .. إلخ من الوصفات التي لا تنتهي، فما هي حقيقة هذا الشحاذ علمياً وما هي سبل علاجه؟

*

هنالك ثلاثة أنواع من التهاب غدد الجفون أو ما يسمى بالشحاذ، وهي التهاب الغدد الخارجية والتهاب الغدد الداخلية والتهاب الغدد الداخلية الانسدادي أو المزمن.

*

1- ****التهاب الغدد الخارجية: يوجد في الجفن من الناحية الخارجية القريبة من الجلد غدد لها مصارف عند الرموش وبين الرموش، ويتم عن طريق هذه المصارف أو الفتحات الدقيقة خروج إفرازات الغدد الخارجية والتي تحتوي على مواد معقمة كي تحمي العين من الجراثيم، فإذا التهبت هذه الغدد أو التهبت بصيلات الرموش وكوّنت خراجاً، فإنّ هذا يسمى شحاذاً خارجياً، وأعراضه هي انتفاخ في الجفن واحمرار وألم. وفي كثير من الأحيان يمكن رؤية كيس صغير أبيض مائل إلى الاصفرار عند الرموش، وأحياناً يكون الرمش خارجاً من نفس هذا الكيس القيحي وقد يكون هناك هبوط عام في الجسم وانتفاخ في الأوعية اللمفاوية القريبة.

*

2- ******التهاب الغدد الداخلية: يوجد في الجفن من الناحية الداخلية غدد لها مصارف وفتحات خلف الرموش مباشرة. يتمّ عن طريق هذه الفتحات خروج مادة لزجة، من وظائفها تكوين طبقة دهنية أمام العين تحمي الدمع من التبخر فتبقى العين رطبة باستمرار، وهذا مهم كي تبقى القرنية شفافة وصحيحة. أما إذا ما التهبت هذه الغدد وكوّنت خراجاً، عندها يكون هذا شحاذاً داخلياً وأعراضه هي أيضاً انتفاخ في الجفن واحمرار وألم، وقد يكون هناك هبوط عام في الجسم وانتفاخ في الأوعية اللمفاوية القريبة.

*

3- *****التهاب الغدد الداخلية الانسدادي أو المزمن: إذا تم انسداد للمصارف أو الفتحات التي يتم من خلالها تصريف إفرازات الغدد الداخلية للجفن فإنّ إفرازات هذه الغدد تبدأ بالتجمع حول الغدد نفسها، مما يؤدي إلى انتفاخ على شكل تدرّن صغير غير مؤلم في هذه المنطقة. يمكن لمس هذا التدرّن باليد وكأنه حبة عدس تحت الجلد، وأحياناً يكون كبير الحجم فيمكن رؤيته على شكل حبة تحت الجلد واضحة المعالم والحدود وليس انتفاخاً في كامل الجفن كما هو في الحالات السابقة. ومن الجدير بالذكر أن التهاب الغدد الداخلية -والذي سبق ذكره- إن لم يُعالج بشكل صحيح فإنه قد يتحول إلى النوع الثالث وهو الالتهاب الانسدادي أحياناً حتى مع المعالجة الجيدة.

*

أما بالنسبة للعلاج فإنه في جميع هذه الحالات واحد تقريباً، وهو استخدام المضادات الحيوية الموضعية أي قطرات ومراهم، ونادراً ما يحتاج المريض إلى استخدام مضاد حيوي عام عن طريق الفم. أما استخدام كمادات الماء الساخن على العين فهو غير محبذ وذلك لأن الماء يزيد الرطوبة من ناحية وهذا يزيد من فرصة تكاثر الجراثيم، حيث أنها تحتاج إلى رطوبة وحرارة وجوّ معتم كي تتكاثر، فالحرارة موجودة نتيجة الالتهاب، وإذا وضعنا كمّادات ماء فإننا نؤمن الجو الرطب للجراثيم. أما إذا غطّينا العين كما يفعل البعض من المشعوذين ومدّعي الطب فإننا نكون قد أوجدنا الجو المعتم، وعندها تبدأ الجراثيم بالتكاثر وتأخذ الحالة بالتدهور. أما من ناحية أخرى فإن وجود الماء في العين يقلل من تركيز إفرازات الغدد المضادة للالتهابات في الدموع، وهذا أيضاً يساعد الجراثيم على التكاثر.

*

أما بالنسبة للشاي فقد وجد أنه يحتوي على مواد مضادة للالتهابات، ويمكن استخدامه على أن يوضع بشكل يكون فيه الماء قليلاً والشاي كثيراً كي يكون تركيزه عالياً. ولكن هذا ما كان يُستخدم في الحقبة التي لم تكن بها مضادات حيوية. أما الآن ومع وجود آلاف المضادات الحيوية والتي تعطي مفعولاً أقوى بآلاف المرات من الشاي، فإنّ استخدامه يصبح عديم الجدوى مع أن غالبية المرضى لا زالوا يحبذون استخدام كمادات الشاي جنباً إلى جنب مع المضادات الحيوية. والطبيب لا يمانع لأنه كما سبق وذكرنا فإن الشاي يحتوي على مواد معقمة وليس منه ضرر.

*

أما علمياً وعملياً فإن استخدام الحرارة الجافة يعتبر أفضل في تسريع عملية الشفاء، ويُقصد بالحرارة الجافة إما قطعة قماش ساخنة أو في أغلب الأحيان وضع قارورة صغيرة بها ماء ساخن على الجفن وهذا يفي بالغرض، ويمكن إجراؤه حتى في مكان العمل دون الإحراجات التي تسببها كمّادات الشاي. أما إذا كان الالتهاب من النوع الأول فأحياناً يكفي قلع الرمش الموجود في وسط الكيس الالتهابي لكي يخرج الصديد ويتمّ الشفاء.

*

والجدير بالذكر أنه في كثير من الحالات وخاصة إذا كان الالتهاب في بداياته، فإنّ الجفن يزداد انتفاخاً بعد استخدام العلاجات والحرارة فيعتقد المريض أن هناك خطأ ما في العلاج. والحقيقة أن ذلك ما هو إلا مرحلة من مراحل الالتهاب ويجب ألا تخيف المريض. أما إذا انتفخ الجفن العلوي والسفلي وما حول العين واتخذ لوناً أحمراً فهذا غالباً ما يكون نتيجة حساسية من المضادات الحيوية، وعندها يجب وقف العلاج فوراً ومراجعة الطبيب لتغيير نوع المضاد الحيوي.

*

أما بالنسبة لعصر (الشحاذ) أو الضغط عليه بشدة لإخراج الصديد منه فهو من أخطر الأمور، يكمن الخطر في أن الجراثيم ممكن أن تنتقل عن طريق أوردة الجفن مع هذا الضغط القوي إلى أوردة محجر العين ومن ثم إلى الوريد الرئيسي الموجود في الدماغ. وما يساعد على ذلك أن أوردة محجر العين هي الأوردة الوحيدة التي لا تحتوي على صمامات، ووصول الجراثيم إلى الوريد الرئيسي قد يؤدي إلى التهاب في السحايا الدماغية أو التهاب وتجرثم عام في الدم، ولذلك يجب عدم عصر (الشحاذ) نهائياً وتركه يشفى باستخدام العلاجات، وعادة ما يتمّ الشفاء خلال فترة تتراوح من يومين إلى أسبوعين، مع العلم بأن مرضى السكري يحتاجون إلى وقت أطول للاستشفاء.

*

بالنسبة للعدوى فهي أمر وارد لكنها لا تنتقل عن طريق النظر كما يعتقد البعض بل عن طريق التلامس، لذلك يجب على المريض ألا يستخدم مناشف غيره وأن يغسل يديه جيداً إذا لامس عينيه. أما بالنسبة إلى النوع الثالث من الشحاذ وبالنسبة للالتهابات التي لا يتمّ شفاؤها تماماً بل تتحوّل إلى درنات صغيرة في الجفن، فهناك طريقتان لعلاجها:

  1. حقن مادة ستيرويدية في الشحاذ نفسه.

  2. الجراحة، فبعد إعطاء مخدر موضعي يتمّ شق الجفن من الجهة الداخلية وإخراج محتويات الكيس الصديدي بالإضافة إلى الكيس نفسه، وهذا لا يترك أثراً نهائياً على الجفن.

*

أما إذا أخذ الشحاذ يتكرّر باستمرار وينتقل من عين إلى أخرى، فيجب إجراء فحص نظر* *للمريض حيث أن المرضى الذين يعانون من بعد نظر أو اللابؤرية (استجماتزم) هم أكثر الناس عرضة لهذا المرض، لذلك إذا وجد أنّ هناك أي خلل في النظر يجب على المريض استخدام نظارة طبية، كما يجب أن يتمّ فحص نظارة المريض -إذا كان يستخدم نظارة- فقد تكون غير ملائمة له. كما يجب فحص السكر في الدم حيث أن مرضى السكري معرّضون للالتهابات أكثر من سواهم. وأخيراً، فإن الأشخاص الذين يعانون من نقص في التغذية أو الذين يمتنعون عن الأكل لتخفيف الوزن هم أيضاً معرّضون لمثل هذه الالتهابات، لذلك يجب أن يكون هناك برنامج تغذية متكامل إذا أراد الإنسان تخفيف وزنه.