المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 28 مارس 2024
بواسطة : 05-07-2017 07:41 صباحاً 662.0K
المصدر -  مرفت محمود الطيب

يُعرف الفساد على أنّه ظاهرة من الظواهر الاجتماعية السلبية ، وهي منتشرة بكثرة في جميع المجتمعات ، وهي من الأساليب الخاطئة التي يتبعها فرد من أفراد المجتمع، من أجل تحقيق مكاسب ومصالح شخصية على حساب الآخرين، وبذلك فهي خروج عن النظام والعرف السائد في المجتمع الذي يعيش فيه بعض الأفراد الفاسدين، واستغلال للمناصب الرفيعة وذات السلطة والسيادة في الحصول على ممتلكات وحقوق الغير، سواء كان هذا الاستغلال لصالح فرد أو لصالح جماعة. الفساد ذلك العدو اللدود ، القديم الحديث ، الذي يعيش متطفلاً بيننا، يقضي على الأخضر واليابس، ذلك الغول الجبان الذي لا يعمل إلا في الظلام ، يُعمل معاول الهدم في نظام حياتنا، والويل لنا إن خرج إلى النور، ذلك العدو العالمي الذي يقف أمام التطور والبناء والنهضة والتقدم ، ذلك العدو الذي كان سبباً لكتابة هذا التحقيق الصحفي لبحثه والحوار حول أسبابه وسلبياته على الفرد والمجتمع وأنواعه وكيف يعيق عملية النمو والتطور ، وماهي سبل العلاج ؟ قال تعالى: ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) القصص (83)صدق الله العظيم . وسيشارك في هذا التحقيق عدد من الحقوقيين المختصين والملمين بموضوع الفساد وسيتناول كل مختص محور من المحاور السابقة الذكر لعلنا نعمل سوياً على طي صفحة سلبية تحاول أن تهدم مانريد بنائه في وطننا الغالي من قبل بعض المفسدين العابثين .

الأستاذ : راشد بن حسن اليامي تحدث *عن الفساد وآثاره على المجتمعات والأفراد وكيف سيكون أثره على عملية التطور والبناء في الوطن الغالي فقال :

إن عدم احترام القانون، والخروج على الأنظمة، وغياب ثقافة حقوق الإنسان من الأسباب الرئيسية للفساد الذي هو تدمير النزاهة بالرشوة والواسطة والمحاباة والمتاجرة بالنفوذ لذلك كان الفساد قائد سيء للمجتمعات فهو يقود المجتمع إلى حالة دون المثالية مما يرتب على ذلك آثار عديده فالفساد في رأيي كالشلل في عملية البناء والتنمية للوطن والمواطن فهو يحرف الأهداف ويبدد الموارد والإمكانات ويسيء التوجيه كما أنه يضعف فاعلية وكفاية الأجهزة ويتسبب في خلق حالة من التذمر والقلق فالفساد كالوباء إذا سكتنا عنه إنتشر، وإذا حاربناه انحصر، فكن شريكاً عزيزي القارئ في مكافحة الفساد بنبذه و إنكاره، وعدم التستر عليه، والإبلاغ عن متستريه.

وأضاف الاستاذ راشد ، فقال: الفساد سبب في تعقيد وظلم الكثير من الناس فالمفسدون لجؤوا إلى شتى الطرق والوسائل للوصول إلى مصالحهم على حساب غيرهم للأسف ليحققوا مايريدوه . وللفساد دورا مهما في تشويه العلاقات الاقتصادية والاجتماعية فمن أبرز الآثار الاقتصادية والاجتماعية للفساد على الفرد والمجتمع: 1 - خفض معدلات النمو الاقتصادي. 2 - تباطؤ مسيرة التنمية والتطور للوطن والمواطن. 3 - زيادة البطالة، تراجع معدلات نمو التوظيف. 4 - التعدي على القانون وحقوق الإنسان. 5- تراجع مستوى العدالة في المجتمع. فجميع هذه الآثار يترتب عليها نتائج تجعل عملية البناء والتطور والتقدم ضعيفة وبطيئة، كما تؤدي إلى انهيار القيم والمبادئ للفرد، وتسهم في انتشار شعور عدم المسؤولية والنوايا السلبية. فكان للمملكة العربية السعودية دوراً مهم وفعال في محاربة الفساد والقضاء عليها فأنشئت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بهدف حماية المال العام ومحاربة الفساد والقضاء عليه وتطهير المجتمع من آثاره الخطيرة كما تهدف إلى حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه.

الأستاذة المحامية : رزان طاشكندي تخصص أنطمة استهلت الاستاذة رزان حديثها بآية من القرآن الكريم ، فقالت: قال الله عزوجل في كتابه الكريم "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" سورة الروم آية 41 ،جميع التعريفات المذكورة اجتمعت على أن الفساد هو اساءة استعمال السلطة ، وأشكال الفساد كثيرة ومنوعة ولعل أبرزها ما يعرف بالفساد الاجتماعي التي تصيب شخص بعينه أو مجموعة أفراد ، وهناك ما يعرف بالفساد المالي ، وآخر يطلق عليه الفساد الإداري . نقتصر حديثنا على تلك الثلاث أنواع من الفساد المذكورة آنفا ، بداية الفساد الاجتماعي ، ما هو إلا علة تصيب فرد من المجتمع أو عدة أفراد ، فالفساد هو وصف مشين للسلوك الغير سليم ، وهو انتهاك لمنظومة القيم الاجتماعية وقد تتمثل في انتهاك لقيم المجتمع وهو قائم على تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة ، فالفساد الاجتماعي يؤدي إلى تخلخل المجتمع والمساهمة في انتشار التعصب والتطرف وانتشار الجرائم كرد فعل على انهيار القيم الاجتماعية والأخلاقية ، وعدم تكافؤ الفرص وكل ذلك يؤدي إلى فقدان قيمة العمل والتفريط في أداء الواجبات الوظيفية والشعور بالظلم لدى الغالبية بالتالي يؤدي إلى انتشار الحقد بين شرائح المجتمع وانتشار الفقر مما يترتب عليه نتائج كثيرة غير مبشرة . ننتقل بحديثنا الى الفساد المالي والفساد الاداري ، حيث انهما مصطلحان متداخلان جدا ويحملان الكثير من الصفات والعوامل المشتركة ،فالفساد المالي والذي يعرفه الكثير بأنه "الانحرافات المالية المبنية على مخالفة القوانين والقواعد ومختلف الاحكام المعتمدة في أي مؤسسة او تنظيم " . والفساد المالي في قواميس اللغة وفي القواميس الاقتصادية والمالية يعني الاعتداء على المال العام نهبا أو اختلاسا باستغلال النفوذ أو باستعمال وسائل وطرق خارج القانون . ويقصد بالمال العام هو المال الذي تملكه الدولة والامة ولا يحق للافراد العاديين او الشخصيات المعنوية كذلك التصرف فيه . فالمال في حاضرنا اصبح عند البعض هي الغاية المأمولة من هذه الدنيا بالتالي اصبح البعض يبرر الوسيلة التي يتخذها للوصول الى هذا المال ، حتى ولو كانت تلك الوسيلة لا يقبلها الدين ولا العقل . فهم يتبعون مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" . فالفساد المالي والاداري ليس ظاهرة او قضية تخص دولة معينة او مجتمع معين او جهة معينة بل هي ظاهرة متفشية في دول العالم جميعها وفي دول العالم الثالث فهي تحتل مكانة متقدمة ، اذ تستغل طبقة المفسدين مواقعهاومراكزها وتقوم تلك الطبقة بانحرافات وسرقات للحصول على الامتيازات والاراضي والصفقات وغيرها .من مظاهر الفساد المالي السيطرة على المال العام والتحكم به واختلاس التمويل الخارجي والداخلي وتسييره للصالح الشخصي والتهرب من دفع الضرائب ان وجدت وتخصيص الاراضي بالطرق المختلفة . وآخرا وليس أخيرا ، الفساد الاداري عرفه صندوق النقد الدولي (IMF) (علاقة الأيدي الطويلة المعتمدة التي تهدف إلى استحصال الفوائد من هذا السلوك لشخص واحد أو مجموعة ذات علاقة بين الأفراد) ، وكما عرفته موسوعة العلوم الاجتماعية (الفساد هو سوء استخدام النفوذ العام لتحقيق أرباح خاصة) ، الفساد الاداري برأيي هو اساءة استعمال المركز الوظيفي العام لتحقيق مصالح شخصية ، ولتوضيح تلك المفاهيم نطرح أبرز أشكال الفساد الاداري باختصار ، فأول أشكاله وأكثرها انتشارا هو الرشوة ، والرشوة تعني حصول الشخص على منفعة تكون مالية في الغالب لتمرير أو تنفيذ اعمال خلاف التشريع أو أصول المهنة . وتليها الوساطة والتي تعني تدخل شخص ذا مركز وظيفي لصالح من لايستحق التعيين أو إحالة العقد أو إشغال المنصب أو ... الخ . ومن أشكالها ايضا الابتزاز والتزوير ويلجؤون لها لغرض الحصول على المال من الأشخاص مستغلاً موقعه الوظيفي بتبريرات قانونية أو إدارية أو إخفاء التعليمات النافذة على الأشخاص المعنيين كما يحدث في دوائر الضريبة أو تزوير الشهادة الدراسية أو تزوير النقود. وأخيرا لابد من التكاتف لابعاد الفاسدين ومنعهم من الوصول الى مواقع المسؤولية ، فالسكوت عن الفاسد أسوا بكثير من الفساد ، وكل من يحترم الفاسد ويبجله ويصفق له فهو فاسد ومشارك بالجرم .

الاستاذ : بندر العكشان محامي ومستشار قانوني سيتحدث عن الفساد الإداري الفساد الاداري وأسبابه وطرق الوقاية منه ، بدأ بتعريفه وقال : هو استغلال منصب ما من أجل القيام بأعمال وخدمات لشخص او لمجموعة من الأشخاص سواءً كان هذا الاستغلال من اجل الحصول على مقابل مادي او بسبب صلة قرابة بين الموظف والمستفيد ، كما ان الفساد ذُكِر في مواضع كثيرة في القرآن الكريم وقضى تبارك وتعالى بعدم صلاح أعمال المفسدين، وبَيَّن بغضه للفساد وأهله، فقال سبحانه : ﴿وَلَا تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ﴾ .

وذكرالأستاذ بندر أن اكثر صور الفساد انتشارًا (الرشوة) وهي جريمة يُعاقب عليها القانون السعودي كما نصت عليه المادة الاولى من نظام مكافحة الرشوة : "كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم أنه من أعمال وظيفته ولو كان هذا العمل مشروعا، يعد مرتشيا ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد عن مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يؤثر في قيام الجريمة اتجاه قصد الموظف إلى عدم القيام بالعمل الذي وعد به" والرشوة محرمة شرعاً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام (لعن الله الراشي والمُرتشي)

ومن صور الفساد الاداري ايضاً المحاباة والمحسوبية ، ويقصد بالمحاباة تفضيل جهة على اخرى في الخدمة بغير حق للحصول على مصالح معينة ، اما المحسوبية فهي تنفيذ عمل مخالف للقانون لصالح فرد او جهة ينتمي اليها الشخص كحزب ، او عائلة ، او منطقة دون ان يكونوا مستحقين له.

واوضح الاستاذ بندر أسباب إنتشار الفساد الاداري أنها كثيرة ومنها:

1- أسباب بيئية داخلية ( قانونية ) : وقد يرجع الانحراف الإداري إلى سوء صياغة القوانين واللوائح المنظمة للعمل وذلك نتيجة لغموض مواد القوانين أو تضاربها في بعض الأحيان , الأمر الذي يعطي الموظف فرصة للتهرب من تنفيذ القانون أو الذهاب إلى تفسيره بطريقته الخاصة التي قد تتعارض مع مصالح المواطنين .

2- مستوى الجهل والتخلّف والبطالة وقلة الوعي الحضاري وضعف الأجور والرواتب واختلاف الدخل بين القطاعين العام والخاص كلها تتناسب طرديا مع ظاهرة الفساد.

3- أسباب إجتماعية : وتتمثل في التركيبة السكانية والولاء العائلي، مما يؤثر على انتشار "الواسطة" وهي تنتشر في مجتمعات البلاد العربية وذلك لان الحياة الاجتماعية تتقبلها ولا تعتبرها فساداً ، بل يتم تقديم العون على استمرارية مثل هذا النوع من الآفات وإيجاد المبررات الشرعية لها.

4- ضعف الدور الرقابي على الاعمال : يظهر الفساد في حالة ضعف الدور الرقابي وعدم القدرة على ممارسته ، وعدم تطبيق القانون بالإضافة الى عدم تفعيل صلاحيات الأجهزة الرقابية على أعمال الجهاز التنفيذي ومحاسبة المخالفين وضعف المسؤولية الإدارية عن الأعمال الموكلة لها أو المحاسبة عليها ، والقصور الحاد في استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة في نظم الرقابة.

5- ضعف دور وسائل الإعلام ومحدوديتها وعدم قدرتها على فضح الفساد ، وعدم وجود الشفافية في بيئة العمل وعدم الحرص على المعلومة الصحيحة وكشفها.

ولكن هناك طرق عديدة لمحافحة الفساد الاداري ومنها :

1- تفعيل القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد على جميع المستويات، كقانون الإفصاح عن الذمم المالية لذوي المناصب العليا، وقانون الكسب غير المشروع، وتشديد الأحكام المتعلقة بمكافحة الرشوة والمحسوبية واستغلال الوظيفة العامة في قانون العقوبات.

2- رفع مستويات الأجور ووضع حد أدنى لها حتى تتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة ومتطلبات الحياة ، حتى تغنيهم عن اللجوء إلى الأساليب المنحرفة ، وترفع معنوياتهم ، وتساعد على الاستقرار ، وتجعلهم في موقع اجتماعي مقبول.

3- تنمية الدور الجماهيري في مكافحة الفساد من خلال برامج التوعية بهذه الآفة ومخاطرها وتكلفتها الباهظة على الوطن والمواطن.

4- قيام أجهزة الرقابة المركزية وأجهزة الرقابة الداخلية في الوزارات والمصالح الحكومية بالدور المطلوب منها وذلك بالكشف عن مرتكبي أنماط الفساد الإداري وتطبيق الأنظمة واللوائح بحقهم بدقة وعدالة، وعدم التساهل معهم وتقديمهم للجهات المعنية بالتحقيق في هذه القضايا تمهيداً لمحاكمتهم ومن ثم معاقبتهم أذا ثبت الجرم بحقهم.

5- إعطاء الحرية للصحافة وتمكينها من الوصول إلى المعلومات للقيام بدورهم في نشر المعلومات وعمل التحقيقات التي تكشف عن قضايا الفساد ومرتكبيها، وفق المسموح به دون تجاوز سقف الحرية المعمول به .

وأختتم مشاركته بقول الله تعالى: ( وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ المُفْسِدِينَ) .

الأستاذ : فراس خالد اليحي باحث قانوني ، تخصص أنظمة تحدث الاستاذ فراس عن رقابة القضاء على الفساد والرقابة على المشروعية فقال : إن من الاهداف العامة للجهة الادارية بمنسوبيها هو تحقيق هدف من أهم الأهداف المجتمعية والنظامية وهو ( المصلحة العامة ) أي مصلحة الجميع والعموم ، ولكن مع ذلك الهدف النبيل الذي تضعه الجهة الادارية نصب عينها فإن الجهة الادارية ملزمة بتحقيق ذلك الهدف وفق مبدأ مهم جداً هو مايسمى ب( المشروعية ) أي صحة أو موافقة أعمال الجهة الإدارية لصحيح النظام وبالتالي نصل إلى التحصين والصحة ، ومع ذلك فإن الجهة الإدارية قد يشوب بعض أعمالها وقرارتها عيب وهو ( عدم المشروعية ) وبلا استثناء فإن الجهات الادارية من هيئات عامة وجهات حكومية ... الخ ملتزمة بحدود مشروعية العمل أو القرار. وتلك الاعمال التي ذكرناها سلفاً لابد عند حمايتها وضع جهات رقابية لمراقبة سلامة وصحة الاعمال والقرارات. والرقابة أنواع من ضمنها رقابة إدارية ورقابة قضائية وهي ماسوف نوضح كيفية اللجوء اليها حال مخالفة المشروعية من الجهة الادارية. نستطيع القول أن عدم تحقق المشروعية أو مخالفة هذا المبدأ لا يعني الفساد في كل الأحوال فهناك أخطاء تقع من موظفين وعاملين وغيرهم قد لا يعنى بها قصداً مخالفة النظام ولكن نحن نعي تماماً أن الصمت عن الحقوق يولد فسادًا ومثلما ندعوا للعفو عند المقدرة فإننا تماما ندعو للتمسك بالحقوق وعدم التفريط بها كون ذلك يرفع من القيمة الحقوقية للفرد والمجتمع وبالتالي فإننا نساعد تلك الجهات في تحقيق مشروعية وصحة وسلامة أعمالها وقراراتها كما نساعدها على تقديم الافضل للفرد والمجتمع من خلال هذه القيمة التي تقوم على حفظ الحقوق كما وأننا من خلال ذلك نقف سداً منيعا لذلك الفاسد الذي يحاول خرق النظام وعدم الالتزام ونقوم ذلك المخطئ عن غير قصد . وقد وضع المشرع الطرق المناسبة للفرد لاستيفاء الحق حال عدم مشروعية القرار ،و ذلك بلا شك رقابة صارمة وتامة لمنع ومحاربة الفساد الاداري من خلال الفرد خاصة والمجتمع عامة ولنستعرض بإيجاز الطرق التي نستطيع من خلالها مكافحة الفساد من خلال الوقوف على الاخطاء الادارية الغير مشروعة وتصحيحها عن طريق الجهات المختصة . فعند صدور قرار إداري غير مشروع أو مخالف لصحيح النظام أو عند ممانعة الموظف المختص عن تقديم خدمة كان من الواجب عليه تقديمها هنا يجب على الفرد أن يرفع التظلم ابتداءً لنفس هذه الجهة وهذ التظلم هو إلتماس لجهة الإدارة لمراجعة قرارها فقد تصحح ذلك ونكون بصدد تحقيق النتيجة المرجوة ويكون ذلك خلال (60) يوماً من تاريخ العلم بالقرار وذلك حسب الفقرة (4) من المادة الثامنة من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم فديوان المظالم هي المحكمة صاحبة الاختصاص في حال عدم قبول الجهة الادارية للتظلم خلال تلك الفترة وتمثل رقابة الديوان ( رقابة قضائية ) خلاف رقابة جهة الادارة وهي ماتسمى ( رقابة إدارية ) ، فبعد تقديم التظلم أمام الجهة الإدارية وعدم قبوله كما ذكر سلفاً فعلى الفرد أن يرفع الدعوى ضد الجهة الإدارية أمام ديوان المظالم وتصنف هذه الدعوى أنها دعوى ( إلغاء القرار) أو الطعن بالقرار ، كما وأنه يوجد نوع آخر من أنواع الدعاوى الإدارية وهي الناشئة نتيجة التعاقد مع جهة الادارة أي الدعوى الناشئة عن العقد وهي ما يطلق عليها فقهاء القانون الاداري ( القضاء الكامل ) ويجب التنويه في مثل هذه الدعاوى العقدية أن المحكمة لا تسمع الدعوى بعد مضي عشر سنوات من تاريخ نشوء الحق وذلك وفقاً للفقرة ( 6 ) من المادة السابعة من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم .

الاستاذ المستشار القانوني والمحامي : خالد اليحيى بدأ حديثه قائلاً : قال تعالى : ( ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ) وسيلقي الاستاذ خالد الضوء على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد . فقال : تأسست الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) بالأمر الملكي رقم أ/65وتاريخ 13/4/1432هـوترتبط مباشرة بخادم الحرمين الشريفين وجاء في معرض الأمر الملكي أهم أهدافها هو حماية المال العام ومحاربة الفساد والقضاء عليه . وجاء في رؤية الهيئة أن رسالتها هي العمل على حماية النزاهة ومكافحة الفساد في الأجهزة المشمولة باختصاصات الهيئة لخلق بيئة عمل تتسم بالنزاهة والشفافية والصدق والعدالة والمساواة , وإنها تنفذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وحماية النزاهة ومن أهم المعايير قواعد السلوك الوظيفي في الهيئة مايسمى بـ (إقرار الذمة المالية) للعاملين في الهيئة حيث أن المصلحة تتجلى في أن يبوح الموظف بذمته المالية باعتبار ذلك من الشروط الواجب توافرها لمباشرة الوظائف المتعلقة باختصاصات الهيئة وتقرير السرية والشفافية . وهذا الإقرار له مثيلا في تراثنا حيث كان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أراد أن يولي أحدا كتب ماله قبل أن يبعثه الى مكان ولايته. وجاء في تقرير أداء الهيئة للفترة (1432 – 1435هـ) إن أهم انجازاتها نشر الوعي بمفهوم مكافحة الفساد وتنمية الشعور بالمواطنة وبأهمية حماية المال العام والمرافق والممتلكات العامة ومراجعة أساليب العمل الحكومي وإجراءاته واقتراح الأنظمة اللازمة لمكافحة الفساد وعقدت أكثر من 23 ورشة عمل في هذا الخصوص , كما أن لديها مجموعة من الإصدارات والمطويات التعريفية والمشاركة في المهرجانات والفعاليات والندوات والدراسات الميدانية وخصصت الهيئة رقم (19991) لتلقي بلاغات المواطنين بالإضافة الى خمس قنوات أخرى وهي : البريدية والبرقية والفاكس والموقع الالكتروني والحضور الشخصي . وبلغ عدد البلاغات المشمولة باختصاص الهيئة خلال الفترة محل التقدير 6905 بلاغ وغير المشمولة باختصاص الهيئة 15130بلاغ , ومنها فساد مالي وإداري 34% , وتدني مستوى الخدمات والمشاريع 58% , وقصور في الأنظمة وإجراءات العمل 8%. ويقترح المستشار خالد : توسيع مفهوم الذمة المالية : نتيجةً لتعاظم الاقتصاد الوطني والتوسع في المشاريع وزيادة عدد السكان فإن جهد الهيئة يجب أن يكون مضاعفاً , ونؤكد في هذا الصدد على أهمية إن يخرج مفهوم إقرار الذمة المالية من داخل الهيئة (خاص بموظفيها) الى آفاق واسعة ليشمل كافة المسئولين بالدولة دون استثناء وتطبيقه بأثر رجعي , حيث الشفافية والدقة في الإقرار من لحظة دخول الوظيفة حتى لحظة الخروج منها . كما نؤكد على أهمية وجود جهاز فعال داخل الهيئة لكشف الخلل والفساد في تنفيذ مشاريع الدولة من أشغال عامة وصيانة وتشغيل وغيرها من العقود الإدارية حتى تكون ذراعا آخر لديوان المراقبة العامة , وإلا تكتف الهيئة بتلقي البلاغات بل تمد يدها الى داخل أروقة الجهات الحكومية ومشاريعها في حدود اختصاصها ونظامها.

من خلال ما تقدم ومن خلال رؤية المملكة العربية السعودية 2030 والتي تتطلب من الجميع عملاً وطنياً متناغماً ومتكاملاً مع تطلعات القيادة الرشيدة، فهذه الرؤية ركزت على مفاهيم إصلاحية راسخة للمساهمة في محاربة الفساد والحد من تأثيره على مسيرة التنمية. ولقد حرصت المملكة منذ قيامها على العقيدة الإسلامية وفق منهج الاعتدال والوسطية بما يحقق بناء المجتمع تنموياً وحضارياً وثقافياً مع المحافظة على الثوابت التاريخية الراسخة. أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تؤمن أن هذه الرؤية تضعهم أمام مسؤولية وطنية مهمة . أن منهج الرؤية الرئيس هو الشفافية ومحاربة الفساد للعمل على تعزيز مبادئ المحاسبة والمساءلة في القطاعين العام والخاص . كذلك تم تفعيل منظومة من المفاهيم والإجراءات المرتبطة بمكافحة الفساد والحوكمة والشفافية بالإضافة إلى تحقيق معدلات عالية من النزاهة في جميع القطاعات من خلال بناء شراكة حقيقية مع المجتمع ومساهمة فاعلة لتطوير الانظمة والقوانين المؤدية إلى التضييق على كل محاولات الإساءة إلى المال العام. أن هذه الرؤية هي مرحلة انطلاق جديدة في تاريخ الوطن بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز عبر صياغة مجموعة من التحولات في البناء الهيكلي والتنظيمي لتحقيق هذه الرؤية. بالتالي فإن مكافحة الفساد ومحاربته من أهم الخطوات لتحقيق البرامج وخطط الرؤية بمعنى انه سوف يكون هناك محاربة للفساد خلال هذه الانظمة التي ليست بها ثغرات ، بمعنى إعادة هيكلة الأجهزة الإدارية وحوكمتها والتي سوف تحارب الفساد حتى يكون التصدي للفساد دائماً وليس مؤقتاً مما يعطي طمأنينة الخدمات المقدمة والأعمال المنجزة بدرجة عالية وما يحقق هذه الأهداف بأقصر وقت وبأعلى كفاءة ممكنة. كذلك هناك الكثير من الاجهزة التي تكافح الفساد كل جهاز من هذه الاجهزة له نظام يسعى من خلاله إلى تصحيح الاوضاع ومكافحة الفساد. ان تقليص الفساد سوف يساهم في خفضه والطريقة الفعالة لمكافحة الفساد تكون عن طريق المراقبة الذاتية من داخل الاجهزة ولا تقتصر فقط على المراقبة الخارجية وكل الجهات نفسها هي مراقبة ذاتية . أن تكامل الأجهزة المعنية في مكافحة الفساد مع بعضها البعض سيحقق النزاهة بالإضافة إلى وضع معايير معينة للرقابة والنزاهة والشفافية من خلال اختبار الخلل او الفساد ومن ثم تطبيقها، وكذلك العمل على تعزيز النزاهة وإعادة صياغة بعض الأنظمة الحكومية وشبه المؤسسات والقضاء على الثغرات. يجب العمل بشفافية ومصداقية لنسعى لتحقيق المكاسب الممكنه . أن انظمة الفساد مفعلة عن طريق هيئة مكافحة الفساد ولكن مكافحة الفساد تبدأ بالوقاية والتي هي الأفضل، فإن كان لديك محاسبة داخلية وخارجية وتدقيق وتخصيص فهذا حتماً سيحمي من الفساد وانتشاره . نحن نعلم أنه لا يمكن القضاء على الفساد بشكل نهائي وللأبد بأي بلد كان ، ولكن نهدف للحد من الفساد لأدنى مستوى ممكن وهذا ليس صعب إن تضافرت الجهود وتعاون الجميع على الحفاظ على خيرات هذا الوطن من عبث العابثين وفساد المفسدين ، حمىٰ الله وطننا قيادةً وشعب، وأدام علينا نعمة الأمن والآمان والإستقرار .