المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأربعاء 24 أبريل 2024
هل بٍرالأبناء أو العقوق نٍتاج التربية ؟ أم أن هناك خلل إجتماعي
بواسطة : 30-01-2017 04:41 صباحاً 41.1K
المصدر -  تقرير _الاستاذة نهاد قدسـي _العاصمة المقدسة قضية "بر الأبناء” قضية ٌيغفل عنها الكثيرين ولاتأخذ حيزاً مهماً كالذي تأخذه قضية بر الوالدين ، وقد يكون السبب وراء ذلك هو تسليم الأباء بأن الاهتمام بالأبناء يعتبر مسألة فطرية أقرب من كونها واجب تجاههم ، فالطفولة مرحلة خطيرة تحتاج إلى الصبر في التنشئة والتربية على أسس مستمدة من ديننا الحنيف التي تحتاج إلى الرعاية والاهتمام والإرشاد والتعليم والعطف والحنان. وإن مصطلح"بر الأبناء" يعد طرحاً جديداً وذلك انطلاقاً من مسؤلية الأباء تجاه الأبناء وذلك لما للأبناء من حق على أبائهم ، وكيف لا وهم هبة الله التي أودعها للآباء وجعلهم مسئولون عنها مسؤلية تامة أمام الله يوم القيامة حيث قال صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته'' فحتى يطيب العطاء يجب أن يطيب الغرس . وقد شاعت في الآونة الأخيرة "ظاهرة عقوق الأباء للأبناء وذلك بسلبهم أو حرمانهم من بعض أو كافة حقوقهم أو بفرض عقوبة عليهم دون سبب. فيا أيها الآباء : بروا أبناءكم صغاراً يبروكم كباراً .. فكما أن للوالد حقاً على ولده، فإن للولد حقاً على والده، ولو أن كليهما عرف حق صاحبه وأدّاه لازداد خيرهما وذهب عنهما ما يسوؤهما، وعمتهما رحمة الله في الدنيا والآخرة، وهذا ما دعا إليه ديننا الإسلامي . هذا لم ينتبه الكثير لظاهرة عقوق الآباء لأبنائهم، على الرغم من أنها ظاهرة قديمة وخطيرة ، غير أنها تأخذ صوراً وأشكالاً شتى ، بينما يصرخ العديد من الأبناء متذمرين بعقوق آبائهم لهم ، ونجد أن بعض الآباء يكذب أمام ابنه الصغير وهو لا يبالي، والبعض الآخر لا يهتم بابنه إلا في المأكل والمشرب والملبس، ولا يسأل ابنه هل صلى في جماعة، أم كم حفظ من كتاب الله، ومن هم أصدقاؤه، والبعض الآخر يتشاجر مع زوجته أمام ابنهما. وهذا كله عقوق للأبناء. لاأعلم كيف يمكن أن يتعامل الأبناء مع آباء وأمهات لا يخشون الله فيهم ويرتكبون في حقوقهم أموراً قد تستوجب غضب الله عزوجل. ولهذا الصدد قمنا بتقصي أراء عديدة بحثاً عن زوايا أكثر قربا. حيث أشارت معلمة اللغة الأنجليزية ومشرفة اللغة الإنجليزية سابقاً الأستاذه ليلى الشلوي تقول : من خلال ملاحظاتي كفرد من مجتمعي وعبر مسيرة حياتي التعليمية والعملية ، وجدت أن المجتمع يشترك في ظاهرة العقوق للجانبين ( عقوق الآباء لأبنائهم ، وعقوق الأبناء لآبائهم ) وهي علاقة طردية . الأسباب كثيرة جداً منها:علاقة الأب مع الأم إذا لم تكن فيها مودة ورحمة وإحترام وعنف الأب وعدم الرفق بأهله وأولاده وجهل الأم لحقوقها ومكانتها ومدى علاقتها بالأب والجهل بأصول التربية للنشء. وهذا جزء من الأسباب التي تسبب العقد النفسية التي تتطور مع الطفل إلى العدوانية تجاه أفرادالمجتمع إبتداءً من الوالدين إلى آخر فرد في المجتمع متى ماسنحت له الفرصة. هذا وقد أبانت معلمة رياضيات واختصاصية تقنيات تعليم مشرفة تخطيط وتطوير سابقا " هوازن زيد البراق " بأن بعض الأباء (هداهم الله) لا يكترثون للتوجيه الرباني حين قال الله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم ) ويتفننون في عقوق أبناءهم وذلك بمعاملتهم بكل أشكال العنف الجسدي واللفظي والدعاء عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم :(لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم) كذلك مانراه من استبداد للرأي من الوالدين هو صورة من صور العقوق والتي من شأنها أن تنشىء طفلاً عديم الثقة بنفسه وبمن حوله ولا يحسن التصرف في مواقف الحياة فأين نحن من توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم :(أعينوا أبناءكم على بركم) هي رسالة انسانية اجتماعية يستطيع من خلالها الأباء بناء لبنة قوية فعالة في الأسرة والمجتمع وهي أبناءهم . ومن جهتها أضافت المعلمة هاجرة محمد الحربي بقولها : قد كان من هدي النبي صلي الله علية وسلم إذا انتشر مرض في المجتمع جمع الصحابة وخطبهم قائلا : (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا )حتي يلفت الانتباه إلى الخطر ويقدم العلاج للناس . وحتى نقف على الظاهرة من الناحية السلوكية في المجتمع يجب ألا نقف موقف الناظر الذي يقول هذا واجب وهذا حرام وهذا حلال وهذا خطأ وهذا عيب . بل نحن في حاجة إلى الغوص في حالات المجتمع حتي تتكون لنا صورة قريبة إلى الصورة الشاملة لهذة الظاهرة. ومن أهم صور عقوق الآباء للأبناء: التفرقة في المعاملة ، فبعض الآباء والأمهات يجد بعض الأبناء أقرب إلى قلوبهم فيظهرون هذا في معاملتهم ، وهذا وهو الذي يولد حقداً وكرهاً من الولد للأم والأب والأخوة ، ولايمكن لنا أن نحجر على الحب الزائد ، فقد كان يعقوب عليه السلام يحب ولده يوسف عليه السلام أكثر من إخوته ، وهو ماحدا بهم إلى محاولة قتله والتخلص منه، فرموه في البئر، غير أن يعقوب كان يدرك هذا تماماً ولم يكن يظهره ،ولما رأى يوسف عليه السلام الرؤيا .. (إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) قال له أبوه يعقوب عليه السلام (يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً، إن الشيطان للإنسان عدوٌ مبين ) سورة يوسف ثم فسر له الرؤيا، فأدرك خطر معرفة إخوته للرؤية وإن كيدهم سيزيد له ، فقدم الأهم على المهم ونصحه بإخفاء الأمر على إخوته أولاً ، وإن كنا لانستطيع مصادرة القلوب وأن نجعلها تقسم الحب بالتساوي ،فيجب أيضاً أن يظهرهذا في الأعمال المادية من التسوية بين الأبناء في العطية والابتسامة والقبلة وغيرها قدر الإمكان في طبيعة التعامل ، كمايجب على الآباء أن يدركوا طبيعة المرحلة التى يعيشها أبنائهم ويدركون أيضاً أن الأجيال مختلفة ، حيث أن هناك مقولة (علموا أبنائكم لزمان غير زمانكم) . لذلك يجب النظر لهذا الأمر بكل جدية واهتمام من قبل دور العلماء في الدعوة وخطب الجمعة ودروس العلم . أما المرشدة الطلابية مرام الجابري فتؤكد بقولها : أبنائنا نعمة وأمانة سوف نسأل عنها يوم القيامة ، فديننا الإسلامي جعل للإبن حقوق كما جعل للأباء حقوق من تقدير واحترام ورحمة ، ومن كمال الدين أنه اهتم بجميع مجالات الحياة التي يحتاجها الإنسان، ومن ذلك أنه أوجب على كل إنسان القيام بالمسئولية التي أنيط بها بحسب موقعه ومكانته، وقد اشتمل حديث: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) على جانب كبير من ذلك، بحيث ألقى المسئولية على كل مكلف فيما هو تحت رعايته، وبالتالي حمله إثم التقصير في رعاية ما استرعاه الله عليه. وإن جهل بعض الآباء لأسس التربية السليمة معتقدين أن تربية الأبناء تقتصر على المأكل والملبس والمسكن لها أكبر الأثر في تجاهل الحاجات العاطفية والنفسية والعقلية والجسدية التي يحتاجها الأبناء والتي وصى بها ديننا، فكما أنزل الله آيات تأمر ببر الوالدين كذلك أمر إسلامنا الوالدين بواجبات عديدة تجاه أبناءهم من حسن التربية والنفقة وتعليمهم محاسن الأخلاق وأن يكونوا قدوةً حسنةً لهم . وترى المعلمة أمل عزاب الثمالي من مدارس شعاع المعرفة الأهلية أنه شاعت في الآونة الاخيرة ظاهرة عقوق الآباء للابناء بما تنطوي عليه هذه الظاهرة من سلب الابن أو حرمانه من حقوقه دون أي سبب وذلك مايعرف بالحرمان التعسفي وهذا يتعارض مع ماتدعوا إليه قيم ديننا الحنيف السامي الذي يحرم انتهاك حقوق الأفراد حتى لو كانوا أبنائنا وإنما شرع لنا أساليب تحث على ديمومة العلاقة بين الآباء والأبناء مبنية على الود والتراحم وقد تناولت السنة النبوية الشريفة والقرآن الكريم وسيرة الصحابة والصالحين عن عقوبة عقوق الوالدين فماذا عن عقوق الأبناء ؟! وإن ديننا الإسلامي الحنيف يتناول في هذا الصدد حلول متباينة لهذه المشكلة حيث تتعدد جوانب هذا النوع من العقوق كممارسة التميز والتفرقة في المعاملة بين الأبناء فحذر الشرع من ممارسة هذه التفرقة التي من شأنها أن تورث الشحناء والبغضاء بين الإخوة. كذلك الحال عندما يسئ الأهل تسمية الأبناء بأفضل الأسماء أو عدم اختيار الأم الصالحة التي تربي أبناءها على مخافة الله عز وجل. أو ممارسة بعض السلوكيات التي تستوجب غضب الأبناء وكرههم لآبائهم كالضرب المبرح والتعذيب دون أي ذنب أو فرض عقوبات وحرمانهم من الطعام والشراب أو الاستبدادوفرض الرأي على الأبناء. في المحصلة فإن الدين الاسلامي جاء بالترغيب وليس بالترهيب وفرض قيود معينة وأمر أن تكون العلاقة بين الآباء والأبناء وطيدة ذات ركائز سامية تبنى على الإقناع والحب وأوجب للابناء حقوقاً فلنتقي الله في فلذات أكبادنا. وقد قالت الأكاديمية إيمان كرم (بكالوريس تجارة بأكاديمية الدراسات المتخصصة بالقاهرة) :من هدي إسلامنا أن حفظ كرامة الأبناء وصان حقوقهم وحذر من المعاملة السيئة لهم حيث يعد ذلك بلاء كبير وشر مستطير ، وإن من أدب ابنه صغيراً قرت عينه كبيراً وقد ذكر في كتب السير بأن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه غضب ابنه يزيد مرةً، فأرسل إلى الأحنف بن قيس ليسأل عن رأيه في البنين فقال هم ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة فإن طلبوا فاعطهم وإن غضبوا فارضهم فإنهم يمنحوك ودهم ويحبونك جهدهم ولاتكن عليهم ثقيلاً فيملوا حياتك ويتمنوا وفاتك . ومن جانبها تشير منيرة كلنتن بأنه من باب البر للوالدين لا نقل عقوق الأباء لإبناءهم بل نقول صور القصور من الأباء لأبناءهم والتي يتمثل بعضاً منها في التفرقة في المعاملة فبعض الآباء والأمهات يجد بعض الأبناء أقرب إلى قلوبهم، فيظهر هذا في معاملتهم وهو ما يولد حقداً وكرهاً بين الإخوة . وإظهار الأباء أنهم يملكون الحق وأنهم دائماً على صواب والأبناء دوماً على خطأ وهو ما يحدث فجوة كبيرة بين الآباء وأبناءهم، فاحترام آراءهم وسماعهم والتحاور معهم وإقناعهم هو السبيل للتربية الصالحة . وكثير من الآباء يعتقدون أن دورهم محصور في توفير الطعام والشراب والكسوة للأبناء فالاستثمار الحقيقي للآباء يكمن في تعليم أبناءهم واكتشاف ميولهم وتعزيز هواياتهم ومساعدتهم في ممارسة مايعود عليهم في أوقات فرافهم بالنفع والفائدة . أما رهام موسى تضيف بقولها : إن ظاهرة عقوق الأباء لأبناءهم تكمن تماماً في حرمانهم من حقوقهم التي أوصانا الله بأداءها وإعطاءهم إياها ، موضحةً بأن ذلك يتعارض مع ما تدعو إليه قيم ديننا الحنيف السامي الذي يحرم انتهاك حقوق الأفراد حتى لو كانوا أبنائنا وإنما شرع لنا أساليب تحث على ديمومة العلاقة بين الأباء والأبناء مبنية على الود والتراحم. وقد تناولت جميع النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية وسير الصحابة عن عقوبة عقوق الوالدين فماذا عن عقوق الأبناء ؟ . وإن هناك الكثير والكثير من الأمور التي توجب غضب الأبناء وكرههم لأبائهم كالضرب أو حرمانهم من الطعام أو تشريدهم أو طردهم من المنزل أو دعوة الأبناء لطرق الشر والرذيلة التي لا ترضي الله عزوجل وإلزام فتاة بالزواج من شاب لا يخاف الله مجرد أنه يملك مال وقصر، أو أن يجبر الأب ابنه دخول تخصص معين في الجامعة أو مسار معين في المرحلة الثانوية أو إلزامه بعمل معين أو مهنة بحد ذاتها لا يرغب بها أو أن يكره الأب ابنه لأنّه يشبه خاله أو عمه، أو تكره الأم ابنتها لأنّها تشبه عمتها، فهنالك العديد من الآباء والأمهات الذين يمارسون أسلوب قمع ودكتاتورية وفرض سياسة معينة، كفرض عليهم حب شخصية معينة أو مجتمع معين أو عائلة معينة أو غيرها من السياسات الرادعة.