المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأربعاء 24 أبريل 2024
السلوك الديني وأثره في المجتمع والدعوة
بواسطة : 02-09-2015 10:32 مساءً 15.1K
المصدر -  طرح محمد المالكي الدين هو عقيدة وعمل، ولا يتم إيمانُ المرء إلا بتضافر الجزأين في ذات الإنسان، بشكل مُتوافِقٍ ومتناسق، فالعقيدة الإسلامية هي الإيمان الموجود في عقل الإنسان الذي يُعبِّر عن اعتقاده بوجود "الله" الخالق، الذي أنزل "دينًا" و"نظامًا" يسير العالم على وفقه.   تعريف السلوك الديني: والسلوك الفردي هو المعبِّر عن مدى أثرِ الإيمان في حياة الشخص، وبِناء على ذلك، لا بد أن يكون السلوك الفردي الإنساني موافِقًا لمقتضى الإيمان العقلي، وعندما تنتج العقيدةُ الإسلامية القائمة على التفكير لا التقليدِ السلوكَ الإسلامي المطلوب، عند ذلك يَصِح لنا وصْف السلوك بأنه "سلوك ديني".   دعوة القرآن والسنة إلى السلوك الديني: وقَرَن الخطاب الإلهي في القرآن الإيمان بالسلوك الديني الصحيح، مُبيِّنًا أنه ينبغي ألا ينفصلا في أرض الواقع، وأنهما سبيل النجاة، فقال تعالى في مَعرِض الحديث عن (مواصفات أهل النجاة): ﴿ فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ .   وكانت دعوة النبي - عليه الصلاة والسلام - موجَّهة إلى تصحيح الأمرين معًا، العقيدة والسلوك، وكان يُلمِّح إلى أن صحة العقيدة مَنوطة بصحة السلوك قائلاً: ((مَن كان يؤمن بالله وباليوم الآخر، فليُكرِم ضيفه)) فالنبي - عليه الصلاة والسلام - في هذا الحديث يُحفِّز الإنسانَ على إكرام الضيف؛ ببيان أن الإيمان الكامل يقتضي حُسْن السلوك مع الضيف، يقول المناوي: "وهذا خطاب تهييج"*أي: تحريض وتحفيز.   في أثر "السلوك الديني" في المجتمع: وعندما تتحوَّل تعاليم الدين إلى سلوك في نِطاق المجتمع، يتفاعل الكل الاجتماعي في عملية مشتركة، مُتجِهة نحو هدف عامٍّ مشترك، وهو نجاح المجتمع، وعمرانه، ورُقيه، وحضارته، فيسعى كل فرد في مجاله الخاص الذي يُبدِع فيه، متبادلاً النصح والنقد البنَّاء مع أفراد المجتمع، متعاونًا ومشاركًا الحياة مع الجميع، فالتديُّن الصحيح، يُعطي للإنسان وجودَه الذاتي ضِمن الجماعة المتعاونة التي تُعطي الفرص لمستحقيها، دون أن تكون هناك اعتبارات طائفية، أو عنصرية، أو فئوية في هذا المجتمع.   كما أن السلوك الديني الصحيح يُخفِّف من غلواء "الأنا" النفسية؛ حيث يعمل الفرد المسلم من أجل المصلحة العامة، دون أن يعمل من أجلِ "شهرة" أو "منصب".   والسلوك الديني يجعل المسؤولَ يؤدي مسؤوليته بأمانة، متذكرًا حديث النبي - عليه الصلاة والسلام -: ((كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته)   في أثر السلوك الديني على الدعوة: عندما يتحوَّل المُعتقَد الديني إلى سلوك عملي واقعي متجسِّد في تصرُّفات أتباعه، فإنه سيكون في هذه الحالة أفضل طريقة لشرح الإسلام، وفي رسْم صورة إيجابية مُشرِقة عن الدين، وفي الدعوة إليه؛ فالحق عندما يكون مشاهَدًا في شكل أفعال قويمة، وعمران اجتماعي راقٍ، وأخلاق طيبة، فإنه يكون أفضل طريقة لكسب المؤيِّدين والمُتَّبِعين من كونه مجرد نظريات أو خُطب أو مواعظ.   فالسلوك الديني هو الأسلوب الأمثل للدعوة إلى الله، وفي شرح معتقدات الإسلام وأخلاقه، وكانت هذه الطريقة هي طريقة المصطفى - عليه الصلاة والسلام - فكان ((خُلُقه القرآن)) أي: إن تعاليم الإسلام متمثِّلة في خُلُقه وسلوكه الحياتي.   إن الإسلام دين يطلُب من أتباعه السلوك السليم كمكوِّن أساسي في صحة المُعتقَد، وبالتالي لضمان النجاح الدنيوي والأخروي؛ ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا ﴾ .   والمجتمعات الإسلامية اليوم مُطالَبةٌ بحسن السلوك؛ كي تُبرِز إيجابية الإسلام بشكل عملي، وهي بهذا تكون قد دعت إلى الله بـ"الحكمة والموعظة الحسنة".