عادت فاطمة بعد أن تفقدت البيت والإستياء باد عليها سألتها مريم قائلة : - ماذا وجدتي ؟ أجابت: - تفقدت الغرف فكانت كل غرفة أجمل من الأخرى سوى واحدة وجدتها بالقرب من الباب الخلفي من البيت تشغل حيزا من صالون إضاءته شبه معدومة، غرفة بابها مهترئ، للوهلة الأولى ظننت أنها مهجورة لولا أني لمحت فوق الفراش الأخضر الباهت الذي يتوسط الغرفة قطعة من قماش كانت تتلحف به مريم عندما نلتقي في زيارت خاطفة ، تقدمت خطوات لداخل الغرفة وكنت حينها أقنع نفسي بأنها ليست لمريم ولكن ما قطع شكي باليقين وجود مسبحتها وحقيبتها الجلدية التي دائما ماتصاحبها ، تمعنت تفاصيل الغرفة فكانت مساحتها ﻻ تتعدى الثﻻث أمتار وليست بمشكلة رغم أنها أصغر المساحات إﻻ أن المشكلة تكمن في أنها وكما رأيتها من أسباب مضاعفة مرضها. فالآونة اﻵخيرة كانت تجد صعوبة في التنفس ويغمى عليها بعد نوبة السعال دائما كنت أنصحها بفتح نوافذ غرفتها كل صباح لتستنشق هواءا جديدا. كنت أﻻحظ عدم تجاوبها مع ما أقوله ، فلم تكن توافقني وﻻ تعارضني ودائما تلتزم الصمت . أنسابت دمعة من عينيها وأردفت : لم أكن أعلم بأن حجرتها بﻻ نافذة. قطبت جبينها ثم قالت صارخه :أتعلمون كم يؤثر عليها ذلك ، وكم يضاعف من مرضها؟ أي قلب تملكون؟ولم اخترتم لها هذه الغرفة ؟أﻵ يحق لها أن تعيش مثلكم؟ﻻ أفهم حقيقة تصرفاتكم معها ثم بدأت تبكي.
نظرت اليها سميرة والحزن مرتسم عليها قائلة : - أتعلمين بأن هذا البيت ملكها وكان السبب في حرمانها من الزواج . لم تعلق فاطمة بكلمة ولم تهتم سميرة بذلك وأكملت قائلة :
- كانت تعمل مريم عند إحدى السيدات وكانت ثرية جدا وكبيرة في السن، ودائما ماكانت تقول بأنها لم تر فتاة صبورة ولديها قوة تحمل كمريم ،هي تعترف بعصبيتها وعدم صبرها كما تقول ولكن مريم كانت تمتص غضبها وتحاول الإبتسامة في وجهها دائما، قائمة بعملها على أكمل وجه.
وفي يوم قررت تلك العجوز السفر للخارج والإستقرار عند أحد أبناءها المقيمين هناك وكان الأصغر بينهم لتتلقى العﻻج ،وأحبت أن تكافئ مريم على صبرها،فقررت أن تهديها هذا المنزل وأرفقت معه مبلغا ماليا ليس بقليل لتقوم بترميمه أخذت والدتي كل المبلغ من مريم وقامت بترميم البيت كله سوى غرفتها، مبررة مافعلته بأن مريم تمضي معظم وقتها في العمل..ولا تسكن الغرفة إلا نادرا مما يجعل ترميم الغرفة خسارة مادية بلا جدوى. أما بالنسبة للحجرة فمنذ أن أنتقلنا هنا لم تكن بها نافذه لذلك أختارتها والدتي لها وبنفس المبرر .
سألتها فاطمة : وماعﻻقة هذا بالزواج ؟ أجابت: في تلك الفترة تقدم لها شاب مقارب لها بالعمر وأرادها زوجة له ولكن والدتي رفضت بحجة أنه يريد الإرتباط بها طمعا في البيت وبأن مريم عندما تتزوج سنفقد من يعولنا ، ولكن مريم حاولت بشتى الطرق أن تقنع والدتي بتزويجها ولأول مرة أراها تحاول الدفاع عن حقها ،تنازلت عن البيت وعن كل شئ مقابل أن توافق أمي ولكن بﻻ جدوى . أنهت والدتي الموضوع بقولها أنها ستتبرأ منها إن تزوجت،وأظنك تعلمين مدى خوف مريم من والدتي،واضطرت المسكينه للخضوع لرغبة أمي. تعدت العقد الثالث من عمرها ولم تتزوج وقد شهدت زواجنا جميعا انا ورقية وأحمد. قالت فاطمة لسميرة : - مسكينة مريم تعذبت من الجميع وحتى زوجك لم تسلم منه. - ماذا تقصدين؟!أعلم تماما أنها تحملت مصاريف زوجي بالسابق وكنت أشكل لها عبئا بمصاريفي حتى وقت قريب لكن والدتي هي من أجبرتها على ذلك وكنت أنوي أن ... قاطعتها فاطمة قائلة :لم اقصد من هذا الجانب دهشت سميرة مما قالته فاطمة قائلة : - *ماذا تقصدين* ؟
يتبع