المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 28 نوفمبر 2024
قصة "حجرة بلا نافذة" الجزء الرابع
بواسطة : 28-05-2016 09:44 مساءً 12.2K
المصدر -  بقلم: سعاد سناكوا

أحقا تريدين معرفة سر هذا البيت ؟! في ذلك اليوم أتتني مريم كنت حينها أطلي أظافري ، أستأذنت بالجلوس ، ولم اهتم بها كثيرا ،وبعد صمت طويل منها سألتها ، مابك؟! أجابتني بسؤال وبنبرة إنكسار قالت : - هل تعتقدين حقا أن أمي تكرهني وتتمنى لي الموت؟ أجبتها .. - لماذا تقولين ذلك؟ قالت: - دائما تقول أمي ليتك من مات بدل محمد ؟ - لا هي تقول ذلك وقت غضبها فقط أمي تحبك ولا تستغني عنك - مالذي يجعلني أصدق حديثك ؟ - ذلك اليوم حين غبتي عن الوعي بعد نوبة السعال الشديدة ، ذعرت أمي كثيرا ولم تكن تعلم كيف تتصرف ، ثم وجدتها في غرفتها تبكي . - أحقا ؟! سميره هل تقولين الحقيقة ؟ هل تأثرت أمي حين غبت عن الوعي ؟ - نعم نعم كما أقول لك ، لذلك لا تقلقي أبدا ، هي فقط عصبية بعض الشئ لذا تعاملك بهذا الشكل .

نظرت سميرة لفاطمة ثم قالت ، لا تتصورين مدى فرحتها ذلك اليوم ،ولأول مرة أرى روحها منتعشة بهذا الشكل . إبتسمت ثم قالت: إسعادنا للغير لا يتطلب منا سوى تفاصيل بسيطة . ولكن بالفعل كانت والدتي دائما ماتردد على أسماعها تلك الجملة ( *ليت محمد عاش بدلا عنك* )

سألتها فاطمة : هل محمد أخوك الذي توفي في الطريق ؟ أجابتها سميرة : نعم هو نفسه ،دائما والدتي تحكي عنه بحسرة وغالبا ما تبكي حين تتذكر موقف موته ، تقول عندما غادروا موطنهم متجهين إلى هنا هي وأبي و مريم ورقية وكان آنذاك صغيرهم هو محمد ، كانت السيارات حينها تسير بسرعة كبيرة يحذر السائق منها مسبقا ويحثهم على الجلوس الجيد والتمسك بالمقاعد جيدا لأنه لن يتحمل مسؤولية أي خطأ يحدث ولا يتوقف عند سقوط أي شئ ، لأن لصوص الطريق لا ترحم أحدا فدائما مايستغلون المارة في الطرق الوعرة. انطلقو بسرعة هائلة والسيارة كبيرة نوعا ما تلك التي تحمل البضائع مكشوفة السطح وفي أطرافها حواجز حديدية قصيرة أكتمل إرتفاها بقطع من الكرتون . وجدوا لهم فيها مساحة صغيرة اضطروا لأخذها لأنهم لا يضمنون سيارة أخرى بتلك الفترة ، هي الوحيدة وكانت تهتز بشكل كبير بسبب الصخور التي تملأ الطريق. كان محمد طفل الثمانية أشهر ملتحف بقطعة من قماش أبيض ، وفي غفلة من أمي سقط من حجرها وقبل أن يمسكه أبي سبقه لخارج السيارة ، صرخ أبي حينها وطلب من سائق السيارة التوقف ولكن دون فائدة، فالنجاة بأرواح الجميع خير له من انقاذ روح واحدة . سقط محمد وبكى بأعلى صوته ، يبحث عمن ينقذه ويعيده لحضن أمه التي لا تفتأ تذكره حتى الآن ، ومازال صوته يتردد بأذهانهم ولا يعرفون له أثر، هل مات أم مازال على قيد الحياة.

استمع لها دائما وأحزن لتذكرها تفاصيل الموقف حتى اﻵن ثم أعود لأحدث نفسي واتساءل كيف لقلب أمي أن يصدر مشاعر متناقضة بهذا الشكل ،تحزن لفقد إبنا لها ثم تعود لتعنف أخرى ؟ وهل لمحمد إن كان على قيد الحياة أن يتحمل ماكانت تتحمله مريم ؟ سألتها فاطمة : ماذا بعد ؟ وحتى الآن لم تجيبي على سؤالي ، ماسر هذا البيت ؟ أجابتها : مازلت أجيب على سؤالك ،لو كانت مريم من ماتت كما تتمنى أمي دائما هل لنا أن نتقل لهذا المنزل الجميل؟ لأنها سبب تواجدنا هنا.

ولأول مرة تجولت فاطمة ببصرها في تفاصيل الغرفة بسرعة خاطفة ، كانت غرفة جميلة جدا ، أثاثها عصري ، يزين سقفها زخارف نباتية بارزة من الرخام مطلي بالأبيض والأزرق وللأصفر نصيب من بعض تفاصيلها كأوراق الأشجار المجسمة في أركان السقف ،التي توازي إحداها مكتبة صغيرة تحمل مجموعه من كتب ،يبدو انها روايات رومنسية . انتهت ببصرها حيث سميرة التي قالت:لم يسبق لك وأن تجولتي البيت صحيح؟ هزت فاطمة رأسها بإيجاب . أكملت سميرة قائلة : أعلم بأن والدتي كانت تمنع زيارة صديقات مريم ، ولكن قبل أن أخبرك بأمر هذا البيت إذهبي وتجولي فيه وتفقدي جميع الغرف ثم عودي إلي.

تجاوب فاطمة مع ماتقوله سميرة لأول مرة لشدة حاجتها لمعرفة ماكانت تحاول مريم إخفاءه عنها سابقا ، قامت واتجهت نحو الباب قاصدة الغرف لتتفقدها .