المصدر -
الكاتبة / وسيلة الحلبي
إن العمل الأدبي هو التعبير عن تجربة شعورية ونقلها في صور موحية ، وهذه التجربة بحاجة إلى إبداع حقيقي وإحساس غني وثقافة . والأدب في الأساس ليس مهنة يعتاش منها الإنسان ، وإنما هو موهبة ، فكثير من الأدباء يمارسون عملاً في الحياة إضافة إلى الكتابة والتأليف ، فهذا طبيب ، وذاك مهندس ، وتلك معلمة. ولو أردنا أن نسبر عالم الأدب والأدباء على امتداد الساحة لوجدنا أن أكثر من (70%) ممن يكتبون في مجال القصة والرواية والنقد والمسرح والبحث هم في واقع حياتهم يعملون في إحدى الوظائف الحكومية أو الخاصة أو يزاولون صفقة ما، وأن أكثر الأسماء التي لمعت في الفترة الأخيرة لم يتعب أصحابها ولم يدفعوا ضريبة هذا الاسم . ولم يقرأوا ، أو يسهروا ، أو يطلعوا ، بل من فراغ , وخلال فترة قصيرة تطالعنا الصحف بأسمائهم الجديدة . المؤلفة فلانة ، الشاعرة فلانة ، الكاتب فلان ، فوالله إني أرثي لحال دور النشر لكثرة ما يزج فيها* من غث وسمين *ولو استطاعت هذه الدور أن تقول : *أبعدوا عني كل غث أرجوكم ، لا تدخلوا حرمي , إلا بالنظيف الجميل النفيس. فالأقلام الحقيقية تكاد تضيع في زحمة الزيف ، والخوف أن يبقى الزمن لمن اتخذ من الأدب حرفة واستمرأ اللقب متكئاً على ما قيل (أدركته حرفة الأدب.( إن التعدي على الأدب والإبداع صعباً للغاية ، فكلنا يلاحظ أن كتابة الشعر والرواية والقصة القصيرة أصبحت عمل من لا عمل له. فالموهبة تولد طيعة مع الإنسان، وتنمو لديه كما تنمو الأعضاء الأخرى والحواس، وتصقل هذه الموهبة فيما يسمى بالتجربة ضمن إطار محتواها الفكري والأدبي شعرا، أم قصة ، أم رواية ، وأستطيع القول إن وسائل النشر التي تفتح ذراعيها للقاصي والداني تحفز الكثيرين على ركوب خيول الكتابة ، ومن المفارقات العجيبة أن هذه الوسائل لا تمنع هؤلاء.- لحظة عطاء