المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024

يرجع تركيز الحكومة العُمانية على حماية البيئة الطبيعية والحياة البرية إلى عقود مضت، ولكن التحول في السلطات قد يمس بتقدم البلاد نحو الارتقاء بالاستراتيجية الوطنية للمناخ.

#تحت_الأضواء   التقليد العُماني في حماية البيئة يصطدم برياح اقتصادية معاكسة
احمد المقبالي - سلطنة عمان
بواسطة : احمد المقبالي - سلطنة عمان 11-11-2020 01:54 صباحاً 8.0K
المصدر - متابعات  
لطالما كانت تُستثنى عُمان عن الدول المجاورة في ضمان عدم تحقيق التنمية الاقتصادية على حساب البيئة الطبيعية. وقد فعلت ذلك على الرغم من أن الاقتصاد العُماني يعتمد إلى حد كبير على استخراج وإنتاج الهيدروكربونات، مثل النفط الخام والغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال، الذي يحمل مخاطر بيئية كبيرة. ولكن، منذ وفاة السلطان قابوس بن سعيد في يناير/كانون الثاني، لم يتضح بعد ما إذا كان هذا التصور الواعي بيئياً سيستمر في نيل الأولوية إلى جانب أجندة التنمية الاقتصادية، حيث تمر عُمان بمرحلة انتقالية في القيادة، وتواجه ضغوطًا اقتصادية متزايدة.

عمل الانهيار المطول لأسعار النفط منذ منتصف عام 2014، الذي تفاقم بسبب جائحة فيروس كورونا، على وضع السلطان الجديد أمام خيارات محدودة لمواجهة الركود الاقتصادي غير المسبوق في عُمان. في أغسطس/آب، أصدر السلطان هيثم بن طارق آل سعيد 28 مرسوماً سلطانياً سعياً إلى إعادة هيكلة الحكومة من خلال إنشاء مؤسساتٍ وإزالة أخرى أو دمجها. على صعيد البيئة والتغير المناخي، استبدل المرسوم السلطاني رقم 106/2020 وزارة البيئة والشؤون المناخية بهيئة البيئة. وتم تحويل جميع الشؤون المناخية إلى هيئة الطيران المدني، في حين تشرف هيئة البيئة على القضايا المتعلقة بالبيئة. في الوقت الذي تعتبر فيه البيئة والموارد الطبيعية جزءاً لا يتجزأ من أولويات رؤية عُمان 2040، إلا أن التحول في السلطات يثير التساؤل عما إذا كان الركود الاقتصادي المتواصل في عُمان سيحول التركيز عن استدامة البيئية والأعمال المناخية.

يعود اهتمام الحكومة العُمانية بحماية بيئتها الطبيعية والحياة البرية إلى عام 1974، عندما تم إنشاء المكتب الاستشاري لحفظ البيئة في البلاط السلطاني، وتم توسيع ولايته في عام 1979 لتشمل الحد من التلوث، من خلال إنشاء مجلس حفظ البيئة ومنع التلوث. في عام 1985، تمت إضافة الحفاظ على الموارد المائية إلى ملف البيئة، وتم إنشاء أول وزارة للبيئة. ومع ذلك، بقي عمل الوزارة منفصلاً عن مجلس حفظ البيئة، الذي تم تعديله أيضًا في عام 1985 ليصبح مجلس حفظ البيئة والموارد المائية. في عام 1991، تم دمج وزارة البيئة ومجلس حفظ البيئة مع وزارة البلديات الإقليمية لتصبح وزارة البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه. ويتم تنظيم الملف البيئي العُماني في المقام الأول بموجب قانون الحفاظ على البيئة ومنع التلوث (المرسوم السلطاني 114/2001)، في حين تعمل ثلاثة مراسيم سلطانية وقراران وزاريان على مزيد من التنظيم لحماية الحياة البرية والحفاظ على الطبيعة.

على الرغم من أن عُمان كانت منذ أمد بعيدٍ طرفًا في العديد من المعاهدات المناخية الدولية، مثل ميثاق الأمم المتحدة الهيكلي الخاص بالتغير المناخي، الذي تم توقيعه عام 1992 وتمت المصادقة عليه في عام 1994، إلا أن تضمين سياسات التغير المناخي المحلية إلى جانب السياسات البيئية قد أثارتها بشكل أساسي الآثار المدمرة لإعصار جونو، الذي ضرب البلاد في عام 2007. بعد الإعصار، تم فصل العمل البيئي عن وزارة البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه من خلال إنشاء وزارة البيئة والشؤون المناخية بموجب المرسوم السلطاني 90/2007. وتم تفصيل مسؤوليات الوزارة في المرسوم السلطاني 18/2008، وتم إنشاء مديرية عامة للشؤون المناخية لتقييم المخاطر الناجمة عن التغير المناخي، وتكثيف العمل في مجالات التأقلم والتخفيف من تأثير التغير المناخي على المستوى الوطني والدولي. صدر القرار الوزاري رقم 18/2012 بشأن اللوائح الخاصة بإدارة الشؤون المناخية، على أن تشرف عليها المديرية العامة للشؤون المناخية. وتتطلب هذه اللوائح من مشغلي المشروع تضمين فصل خاص بشؤون المناخ حول تقييم الأثر البيئي، حيث يوضحون بالتفصيل كيفية مواءمة عملية المشروع مع اللوائح المناخية من حيث التخفيف والتأقلم.

في عام 2019، صادقت عُمان على اتفاقية باريس للمناخ، وأصدرت استراتيجية وطنية للتخفيف من التغير المناخي والتأقلم معه. في حين تعتبر هذه خطوة تقدمية نحو تنفيذ السياسة المناخية على مستوى يقوم فيه العمل المناخي بدعم النمو الاقتصادي، إلا أنه لم يتم الإعلان عن هذه الاستراتيجية للجمهور، ما يثير الشكوك حول مصداقيتها وشفافيتها. بالإضافة إلى ذلك، لم يتم تحديد الجدول الزمني لتنفيذها. وعلاوة على ذلك، فإن دمج وزارة البيئة والشؤون المناخية مؤخراً في هيئة البيئة، ونقل الشؤون المناخية إلى هيئة الطيران المدني قد يعرقل تقدم الدولة نحو النهوض وتنفيذ استراتيجيتها المناخية الوطنية. وفي حين أن هيئة الطيران المدني معروفة جيداً بكفاءتها في المراقبة وتقديم التحذيرات المبكرة حول الأنواء المناخية، مثل الأعاصير، فإن مسؤولياتها الجديدة تشير إلى دور موسع ليشمل القضايا الأوسع المتعلقة بالمناخ، بما في ذلك التخفيف من التغير المناخي والتأقلم معه.

وعلاوة على ذلك، فإن حل وزارة البيئة والشؤون المناخية، التي كان لها تمثيل في مجلس الوزراء، قد يعرض عملية التقدم في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للمناخ في عُمان للخطر، ويعرقل تحقيق طموحات رؤية 2040 للبلاد، المتمثلة في مواءمة السياسات المناخية والبيئية مع غيرها من سياسات التنمية الاقتصادية نتيجة لعدم تمثيل هيئة البيئة على مستوى مجلس الوزراء. بالإضافة إلى ذلك، فإنه إذا لم يتم التنسيق بشكل صحيح، فإن تقسيم الإشراف على القضايا البيئية والشؤون المناخية بين هيئتين مختلفتين قد يشجع على التداخل أو التفكك في السياسات المتعلقة بالبيئة والمناخ والطاقة، لا سيما أن قضايا سياسة الطاقة، مثل مصادر الطاقة المتجددة، تخضع لإشراف هيئة ثالثة، وهي وزارة الطاقة والمعادن (وزارة النفط والغاز سابقًا).

وفي الوقت نفسه، فإن التقليل من مكانة وزارة البيئة والشؤون المناخية إلى هيئة البيئة، وتحويل واجباتها المتعلقة بالشؤون المناخية إلى هيئة الطيران المدني قد يساعد في تقليل الضغط على الميزانية الحكومية على المدى القصير أثناء الأزمة الاقتصادية. ومع ذلك، فإن السلطنة ستواجه تحديات لضمان ألا يأتي إنعاش اقتصادها على حساب حماية بيئتها الطبيعية، أو وضع شؤون المناخ في أدنى مستوى على جدول أعمال الحكومة. يمكن التغلب على هذه التحديات من خلال تعزيز التنسيق بين هيئات الطاقة والبيئة والمناخ لتحاشي عدم الإنتباه لمعالجة القضايا البيئية والمتعلقة بالمناخ أو معالجتها بطريقة غير لائقة. وعلاوة على ذلك، فإن احتواء مجلس الوزراء ممثلين عن هيئة البيئة وهيئة الطيران المدني سيضمن مشاركتهما في عمليات صنع القرار على أعلى مستوى، بحيث تكون التنمية الاقتصادية في عُمان مستدامة من الناحية البيئية، وقادرة على الصمود في وجه المناخ على المدى الطويل.