بواسطة :
18-12-2014 06:09 مساءً
10.4K
المصدر -
الغربية _ متابعة : أحمد البريدي
أكد عضو مجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث، خلال محاضرته التي استضافتها "غرفة أبها" بعنوان "الوطنية بين النظرية والتطبيق"، أهمية الاعتزاز بالوطن وتكريس مشاعر الوطنية في أنفس النشء.
وقدّم رئيس نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد آل مريع، "الغيث"، الذي تناول إشكاليات اضطراب مفهوم الوطنية، واعتزاز بعض الأشخاص بالأسرة، والقبيلة، وتجاهله للوطن، واعتبر هذا الأمر تجاوزاً لمفهوم الوطنية، وصرف النظر عنها ممن يجعلون من المفهوم الإسلامي سلماً لتخطي الوطنية إلى غيرها من الانتماءات والشعارات.
وأضاف: إننا في بلاد الحرمين ومعقل الإسلام، وحب الوطن والعيش فيه جبلة بشرية وغريزة خلقية، وهو يشمل الضرورات الخمس الخاصة بالإنسان.
وتابع: الوطنية هي مشاعر يجب أن يتم تأصيلها في النفوس، فالناس لا يخرجون من أوطانهم إلا للضرورة القصوى، ويرجعون ويحنون إليه، فهو ملاذهم ومسقط رؤوسهم، واستشهد بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم عندما خرج من مكة إلى المدينة، وتضحيات المهاجرين في تلك الفترة.
وأردف: يجب أن نخرج من حالة الفصام في مكوناتنا الاجتماعية تجاه الوطن، وأن نقتدي برسول الله في حبه لمكة.
كما شدد "الغيث" على أهم معاني الوطنية الحقة التي يجب ترسيخها في نفوس الأجيال، وأهمية التزام النقد الموضوعي البنّاء في كل القضايا الوطنية؛ لإيضاح الإيجابيات وتجاوز السلبيات وعلاجها بنظرة واقعية.
وأضاف أن حب الوطن ليس جاهلية، وهو أمر فطري ولازم، وتساءل قائلاً: هل من الوطنية أن تسكت عمن يهاجم وطننا وولي أمرنا؟ وهل من الوطنية تجاهل الإيجابيات الموجودة في هذا الوطن، وإعطاء الانطباع السيئ عن كل مقدراته، ومساندة القنوات الفضائية التي تهاجمه؟
واستنكر العديد من التصرفات السلبية والتي تعبّر عن عدم الانتماء للوطن من مذاهب النفاق والتطبيل أو التحريض على ولي الأمر ونقد الوزراء وولاة الأمر، ووضع "الغيث" العديد من التساؤلات حول مفهوم الوطنية عند البعض، وتحويلهم إلى أداة بيد منظمات إرهابية.
ولفت إلى وجوب ألا نكون قبليين ولا مناطقيين ولا طائفيين ولا مذهبيين، مستنكراً إشكاليات حقوق الناس والاعتداء عليهم بالسب والقذف، وحرمانهم من حقهم في التعبير.
وأضاف: كلنا مواطنون من الدرجة الأولى، ولدينا كامل الحقوق والواجبات وحقوق المواطنة، ويجب الابتعاد عن التصنيفات، وعلينا ترسيخ العلاقات الأخوية، فلا أحد يملك ميزان الإسلام؛ كي يكفّر هذا أو يُدخل هذا في الإسلام، داعياً إلى الأخوّة الإسلامية الحقة وإلى عدالة المنهج.
وطالب "الغيث" فقهاء الشريعة الإسلامية بتعليم فقه الخلاف وفقه المسائل ومقاصد الشريعة الإسلامية وتقبل الرأي والرأي الآخر، والتعريف بالمسائل الخلافية في المجتمع، وضرب بذلك مثالاً باختلاف المنطوق والمنظور في حديث بني قريظة، وتصرف الرسول صلى الله عليه وسلم عندما لم ينكر على أحد فعله، قائلاً: لكل مجتهد نصيب وليس كل مجتهد مصيب.
وتحدث "الغيث" عن مفهوم الأمن الفكري من الناحية الشرعية والارتباط بين الأمن والإيمان وأهميته، كما تناول خطورة الإخلال بالأمن الفكري، وما حصل للأمم السابقة الذين أصابهم انحراف في فكرهم.
وتطرق إلى وسائل حماية الأمن الفكري وعن وجوب إعادة النظر في طرق التربية سواء في البيت أو المسجد أو المدرسة، وقال إن وجود جيل يسأل ويناقش ويستفسر ويبحث عن المعلومة التي يؤمن بها مطلب وهدف من أهداف الأمن الفكري.
ونوّه "الغيث" على أن امتحان الوطنية يكون من خلال المواقف الإيجابية وممارسة الحرية التي تحتفظ بحقوق الله وحقوق الناس، وختم محاضرته بالرد على المداخلات، متناولاً العديد من القضايا الفقهية التي تطرق إليها الإعلام، مؤيداً فكرة توحيد خطب الجمعة في السعودية؛ وذلك لضمان طرح موضوعات قيمة تهم المسلمين.
وتحدّث عن أهمية مراعاة الشباب والاهتمام بهم؛ لكونهم يمثلون نسبة 75% من المجتمع، وأهمية توجيه الخطاب الوطني في الجامعات والمدارس والتربية المنزلية، وفقاً لمعاني الوطنية، والبعد عن تأصيل مبادئ الحزبية، محذراً من العديد من محاضن الفكر الإرهابي التي تستهدف أبناء السعوديين، وضرورة حماية الجيل الجديد من الانتماءات الفكرية.
وشدد على أهمية التزام المنهج العلمي القائم على التثبت وفحص الأقوال والأخذ والرد على هدى من الكتاب والسنة، مع ضرورة استخدام العقل والاستقلال.
وبيّن أن مجتمعنا يحتاج إلى وسطية تتسع للرأي والرأي الآخر وفق منظومة شرعية أخلاقية تستوعب جميع أبناء هذا الوطن وتحتوي اختلافاته التنوعية، مشيراً إلى أن فئتين تضران بمصالح الوطن: الفئة التي تبالغ في المدح وتدّعي الكمال والمثالية في المؤسسات والوزارات، والفئة التي تضخّم الأخطاء وتتخذ منها ذريعة للتعبئة ورسم صورة سوداوية غير واقعية.
وفي نهاية اللقاء كرم نائب رئيس مجلس إدارة غرفة أبها الدكتور زايد عسيري، الشيخ عيسى الغيث، وشكره على تجشّمه عناء السفر والحضور إلى مدينة أبها، وتلبية دعوة الغرفة التجارية الصناعية بأبها، مؤكداً دور الغرفة المهم في تكريس مفهوم الخدمة الاجتماعية وتعزيز الوطنية.